«يازا» تصف الوضع بـ {الـكارثي».. والهواتف الذكية أبرز عامل للتلهي
 

بغياب الأرقام والإحصاءات الصادرة عن الأجهزة والمؤسسات اللبنانية الرسمية والمرتبطة بأعداد قتلى حوادث السير في لبنان، تتولى جمعية «يازا» المتخصصة بتوعية الشباب للوقاية من حوادث السير وبتوعية اللبنانيين حول المخاطر الداهمة على الطرقات، إصدار بيانات بهذا الخصوص كل فترة، وكان آخرها ما صدر نهاية شهر أغسطس (آب) الماضي، والذي سُجل خلاله مقتل 52 شخصاً وجرح 600 على الطرقات اللبنانية. ويصف رئيس «يازا» زياد عقل هذه الأرقام والواقع الحالي المتعلق بأحوال الطرقات وحوادث السير بـالـ«كارثي وغير المقبول»، معتبراً أن عدم تطبيق قانون السير الذي صدر في عام 2012، والاكتفاء بتطبيق الغرامات المالية على المواطنين، يساهم بارتفاع نسب القتلى، «وهو أمر محبط جداً».

وتتولى صفحة «غرفة التحكم المروري» التابعة لقوى الأمن الداخلي على موقع «تويتر»، إبلاغ المواطنين بحال الطرقات، وبخاصة بما يتعلق بزحمة السير، التي تشكل أحد أبرز الأزمات التي يعاني منها اللبنانيون. كما تُحدد الصفحة بين الحين والآخر حصيلة لعدد القتلى خلال 24 ساعة إذا كان هذا الرقم كبيرا. وقد وثقت قبل أيام 19 حادثا في يوم واحد قضى خلالها 3 أشخاص وجُرح 21. ولعل الأرقام الكبيرة التي تسجلها الغرفة هي تلك المرتبطة بمخالفات السرعة، باعتبار أنها لا تسجل خلال اليوم الواحد أقل من 1000 مخالفة.

وتتعدد الأسباب التي تؤدي لارتفاع نسبة حوادث السير في لبنان، وهي وبحسب أحد الخبراء في أمانة سر المجلس الوطني للسلامة المرورية، عبارة عن مجموعة عوامل تتلاقى لتتسبب في حادث ما. وأبرز هذه العوامل: أحوال الطرقات، غياب الإنارة، ميكانيك السيارات، الكحول، المخدرات، السرعة الزائدة، التعب، والتلهي بالهواتف الذكية. وبحسب الخبير، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فإن الهواتف الذكية رفعت لا شك نسبة الحوادث. ففي الدول المتقدمة كفرنسا وأميركا ارتفعت النسبة ما بين 25 و30 في المائة بسبب هذه الهواتف. ولا شك أنها أكبر بكثير في بلد كلبنان بغياب التوعية اللازمة والضوابط المرتبطة بتطبيق القانون. ويضيف الخبير في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف ليس لدى القوى الأمنية أو المجلس الوطني للسلامة المرورية أرقام دقيقة و(داتا) يمكن الاعتماد عليها، فآخر إحصاء لقوى الأمن الداخلي في عام 2015 أشار إلى وجود معدل عام لـ650 قتيلاً بسبب حوادث السير سنوياً. بالمقابل تحدثت منظمة الصحة العالمية عن مقتل نحو 1190 شخصاً سنوياً على طرقات لبنان، وهذا المعدل هو من أعلى المعدلات في العالم».

ويشير زياد عقل، رئيس جمعية «يازا» إلى أنه عمل مع لجنة الأشغال العامة النيابية أكثر من 10 سنوات على قانون السير، «وبعد صدوره، تم الاكتفاء بتطبيق الغرامات المالية من دون الانصراف لتطبيق باقي البنود، وأبرزها تشكيل وتفعيل المجلس الأعلى للمرور، واللجنة الوطنية للسلامة المرورية، وامتحانات السوق، ومبدأ النقاط وسحب الإجازة». وشدد عقل في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن الاكتفاء بنشر رادارات السرعة غير كاف على الإطلاق، باعتبار أن السرعة الزائدة ليست وحدها السبب الأساسي للحوادث، والمطلوب من وزارة الداخلية ووزارة الأشغال، حتى ولو كنا في حكومة تصريف أعمال، القيام بمهامها لوقف ما يحصل على الطرقات لأنه أمر لا يحتمل الانتظار».

ولا يبدو الحد من حوادث السير على الطرقات ملفا بسيطا، إذ يتبين أن هناك تضاربا في الصلاحيات بين الأجهزة والمؤسسات ما يعيق تطبيق القوانين ووضع استراتيجية وطنية يلتزم بها كل المعنيين. هذا ما أشار إليه مدير الأكاديمية اللبنانية الدولية للسلامة المرورية كامل إبراهيم، مشددا على وجوب أن ننطلق في معالجة الملف من باب تفعيل إدارة السلامة المرورية عبر تفعيل دور المجلس الوطني، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «كل وزارة أو إدارة أو مؤسسة تقوم بمهام معينة من دون التنسيق مع باقي المؤسسات وبغياب خطة موحدة، ما ينعكس تخبطاً على الأرض، وبالتالي الفشل في الحد من حوادث السير».

وحددت الأمم المتحدة السلامة المرورية هدفا من أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 في إطار محوري الصحة والتنقل المستدام. وكان عقد عمل الأمم المتحدة من أجل السلامة المرورية 2011 - 2020، حدد هدفا للعقد خفض الوفيات الناجمة عن الصدامات المرورية إلى النصف بحلول عام 2020، نظراً إلى سقوط ما يقدر بمليون و300 ألف قتيل و50 مليون جريح في العالم على الطرق سنويا.