الإنتصار الحقيقي هو معالجة الألم المتجدد اليوم مع صرخات المواطنين من البقاع إلى الجنوب إلى بيروت وكل لبنان
 

ُتصادف اليوم ذكرى  14 آب الذكرى السنوية للإنتصار "الإلهي" على العدو الصهيوني عام 2006 حيث أعلن في مثل هذا اليوم عن انتهاء الأعمال العسكرية وفقا للقرار الدولي 1701 .

الحرب الإسرائيلية على لبنان في العام 2006 تجاوزت في حجم التبعات والأضرار المادية والمعنوية والإقتصادية كل الحروب الإسرائيلية ضد لبنان، حيث كانت نسبة تدمير البنى التحتية والإقتصادية هي الأعلى في تاريخ لبنان، وكشفت هذه الحرب بعد انتهائها الحجم السلبي الهائل للتداعيات على كل المستويات بالرغم من اعتبارها بالمصطلحات الحزبية الرائجة اليوم "انتصارا إلهيا"
وبعيدا عن النقاش في مفهوم النصر أو الهزيمة لأن هذا النقاش لن يقود إلى نتيجة في ظل الخطاب التعبوي والجماهيري الذي يصور أحيانا الهزائم كانتصارات بعيدا عن الوقائع، وانسجاما مع الرغبات والتمنيات، وانسجاما أكثر بسياسة التحريض الجماهيري الحزبي الشعبوي  وخطاب التعبئة السياسي، أضف إلى ذلك خطاب "الكرامة" و"الشرف" .

على هذه القاعدة ينطلق في ذهن الحزبية السياسية خطاب الإنتصار وبالتالي فإن المقصود إغراق الشعب بنشوة الإنتصار لتطغى وحدها على أذهان الناس والمجتمع كوسيلة للهروب من المحاسبة والرقابة من جهة، وكوسيلة إضافية للهروب من معالجة القضايا المعيشية الملحة لهذا المجتمع نفسه من جهة ثانية،  فيرضى هو بذلك تحت هذه الشعارات، الإنتصار، الكرامة، فائض القوة، والسلاح وغيرها.

12 سنة على حرب تموز والإنتصار -حسب المفهوم الحزبي-  وما بعدها "الإنتصارات"  الأخرى في سوريا وغيرها كانت كفيلة بتخدير المجتمع بالصمت عن كل ما يجري بحقه من إهمال واستغلال، إلى البطالة والأزمات المعيشية، إلى الأوضاع الإقتصادية المتردية، إلى أزمات النفايات والكهرباء والماء والصحة، إلى دوامة الفساد المالي والإداري التي تستبيح البلاد طولا وعرضا.

استسلم المواطن كضحية لهذا الخطاب الذي انتزع حقوقه في المطالبة والإعتراض على التقصير والوجع الذي ضرب كل بيت شيعي خصوصا ولبناني عموما، وقد غاب عمدا عن ذهن الحزب وأدبياته أن الإنتصار الحقيقي هو الوقوف إلى جانب الناس، والإنتصار الإلهي هو مقاربة هموم الناس وأوجاعهم والحد من أزماتهم ومعالجة قضاياهم المعيشية والصحية والمطلبية والخدماتية .

لقد اُتخم هذا الشعب بالإنتصارات وقد آن له أن يرتاح، وأتخم هذا الشعب بمفاهيم الكرامة والشرف والتضحية وقد آن له أن يشعر بكرامته الحقيقية والأخلاقية، الكرامة التي تضمن له حقوقه المشروعة بالحياة الكريمة .

الإنتصار الإلهي هو بالإنتصار على الذات وتكريس التواضع وتسخير السلطة والقوة لتكون في خدمة الضعفاء من المواطنين الذين لا حول لهم ولا قوة.
والإنتصار الحقيقي هو معالجة الألم المتجدد اليوم مع صرخات المواطنين من البقاع إلى الجنوب إلى بيروت وكل لبنان