على المسؤولين شرح ملابسات الحادثة الخطرة، وتبيان ما اعتراها من أخطاء وارتكابات، ومن ثمّ الاعتذار من الأبرياء وتضميد الجراح والاستمرار في معالجة الفلتان الأمني
 

هذا البقاع، بسهله ومنعرجاته وجباله وأنهاره، هذا البقاع بأهله الطيّبين الصابرين، الذين خبرتُهم عن قُرب خلال خمسة وعشرين عاماً في التدريس الجامعي بين ظهرانيهم، والذين ما زالت في صدورهم وحناياهم وضمائرهم النخوة القبلية العربية، وشهامة البدو وكرمهم وإقدامهم، هذا البقاع الذي يزخر بالطاقات العلمية والأدبية والاجتماعية والدينية من مختلف الطوائف. هذا البقاع الذي يعتزّ بتنوعه الديموغرافي، وتعايش طوائفه، وغنى مُكوّناته المختلفة، هذا البقاع الذي أعطى للبنان ولم يبخل، وجاد بكلّ ما يختزنهُ من خيراتٍ في الأرض والمياه والبشر، هذا البقاع تُرك وحيداً خلال عقودٍ طويلة (بعد التجربة الشهابية قليلة اللّبث) فريسةً للفقر والحرمان والإهمال المتمادي في كافة قطاعاته، من البُنى التّحتية إلى مشاريع المياه والكهرباء والزراعة، إلى المؤسسات التعليمية والمهنية، إلى غياب التنمية المستدامة بإقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتقاعس الدولة في دعم قطاعات الإسكان والتوظيف الإداري والانتظام في الأسلاك العسكرية والأمنية.

 

إقرأ أيضا : إرحموا البقاع

 

 

هذا البقاع المُمزّق بين الولاء للدولة وشرعيتها، والخروج على الدولة والشرعية لاقتناص لُقمة عيشٍ مُرّة من براثن اللاشرعيات، ليجد الشابُّ نفسه في مطلع حياته بين القضبان، أو في قائمة "الطُّفار" ، عالمه محصورٌ بين السهل الفسيح والبيت الضيّق، البقاع الذي تُدغدغ أحلام أبنائه شعارات الأحزاب الطنّانة، ودعاوى السياسيّين الفارغة، والذي تقول له الدولة صباح مساء: العين بصيرة واليد قصيرة، يتعرض منذ فترة طويلة لحالة فلتان أمني خطيرة، ساهمت الأحزاب مع الأوضاع المعيشية والحياتية في تفاقمها، وهذا لا يعفي الدولة اليوم من الإسراع في معالجتها، إلاّ أنّه وللأسف الشديد، لم تنته اليوم العملية الأمنية في قرية الحمودية على خير، وارتفاع عدد القتلى والجرحى والمعتقلين يشي بذلك، لذا بات من الواجب على المسؤولين شرح ملابسات الحادثة الخطرة، وتبيان ما اعتراها من أخطاء وارتكابات، ومن ثمّ الاعتذار من الأبرياء وتضميد الجراح والاستمرار في معالجة الفلتان الأمني ومكافحة جرائم المخدرات، وذلك بالطُّرق الناجعة، وهي كثيرة ومُتاحة، مع الاحتراس الشديد في سفك الدماء ونشر الخراب وزرع الأحقاد.