أوضح مصدر سياسي لصيق بمفاوضات تأليف الحكومة أن فكرة خفض عدد وزراء الحكومة من 30 إلى 24 وزيراً طرحت في اليومين الماضيين لعلها تكون مخرجاً لمطالب التمثيل المسيحي والتمثيل الدرزي لأنها تؤدي تلقائياً إلى خفض أعداد وزراء الطوائف الست الرئيسة، لكن سرعان ما تراجعت بحجة أن التمثيل الجامع في الحكومة يوجب الإبقاء على خيار الحكومة الثلاثينية.

وقالت مصادر معنية بتأليف الحكومة لـ «الحياة» إن الرئيس المكلف سعد الحريري لقي تفهماً وتأييداً لتصوره في شأن تمثيل «القوات اللبنانية» وحصر التمثيل الدرزي بمن يسميهم رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، من قبل رئيس البرلمان نبيه بري قبل سفره يوم الثلثاء الماضي، في مقابل تباين موقفه مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في صدد ما بات يعرف بعقدتي التمثيل المسيحي والتمثيل الدرزي.

وعلمت «الحياة» أن بري لم يخف أمام زواره قبل سفره أنه يساند موقف الحريري من هاتين النقطتين، ونقل الزوار عن بري قوله إن لا بد من الاعتراف بأن «القوات اللبنانية» حققت تقدماً ملموساً في الانتخابات النيابية الأخيرة لا بد من أن ينعكس على حجم تمثيلها في الحكومة التي لا يجوز أن يخضع تشكيلها لمنطق تصفية الحسابات بسبب التنافس الذي حصل أثناء الحملة الانتخابية. وقال زوار بري إنه لا يستطيع أن يقبل بحصول التفاف على نتائج الانتخابات في وقت تحتاج البلاد إلى حكومة جامعة تضم المكونات السياسية كافة.

أما بالنسبة إلى مطلب جنبلاط حصر التمثيل الدرزي بمن يسميهم (3 وزراء إذا كانت الحكومة ثلاثينية) فإن زوار بري نقلوا عنه تأكيده أنه يجب تفهم الوضع الذي نشأ عن الانتخابات ليس فقط لأن جنبلاط حصل على الأكثرية الساحقة من النواب الدروز، بل لأن الوزير أرسلان تجاوز الخطوط الحمر في علاقته مع جنبلاط الذي بقي حتى اللحظة الأخيرة يطرح صيغ تعاون مع الأخير الذي أصــر على خوض مــعارك ضده في إطـــار تحـــالفات كانت تســتهدف إضــعاف جنبلاط في الجبل، ومع ذلك ترك رئيس «الاشتراكي» مقعداً شاغراً له في دائرة عاليه- الشوف.

ويقول مرجع سياسي إن تفهم موقف الحريري من حصة «القوات» لا يقتصر على موقف بري، بل إن «حزب الله» نفسه، ومن دون إعلان ذلك للملأ، وعلى رغم التباعد السياسي بينه وبين «القوات اللبنانية»، أبلغ من يعنيهم الأمر أنه يرى أن «القوات» تمكنت من رفع عدد نوابها في الانتخابات وبالتالي لا بد من أخذ ذلك في الاعتبار في تشكيل الحكومة وهذا حق لها أن تسعى إلى رفع عدد وزرائها، لا سيما أن الاتجاه هو نحو حكومة وحدة وطنية. ويشير المرجع إلى أن الحزب لا يعارض التصور الذي اقترحه الحريري في شأن تمثيل «القوات» في الحكومة، خصوصاً أنه يهمه عدم تأخير ولادتها كما أعلن أكثر من مرة أمينه العام السيد حسن نصرالله.

أما بالنسبة إلى التمثيل الدرزي، فإن الحزب، المحرج مع حليفه أرسلان، لا يستطيع المجاهرة بتفهمه لمطلب جنبلاط حصر التمثيل الدرزي به، وفقاً للأرقام الانتخابية. وتحدث المرجع عن هذه المعطيات في معرض رده على افتراضات بأن الحزب منشرح للخلاف بين حليفه «التيار الوطني الحر» وبين «القوات» وأنه مع تحجيم الأخيرة في التمثيل الوزاري. وأكد المرجع نفسه أن هذه الانطباعات غير صحيحة.

وفي المقابل تقول مصادر أخرى متابعة لاتصالات تأليف الحكومة إن الحزب لا يخفي تأييده تمثيل حلفائه من النواب السنة خصوم تيار «المستقبل»، لكنه «لا يقاتل من أجل حصولهم على مقعد وزاري في ظل معارضة «المستقبل» ذلك، لأنه لا يريد التسبب بمشكلة تؤخر التأليف. ولفتت المصادر إلى أن موقف الحزب هذا هو وراء انتقادات يوجهها عدد من النواب السنة المعارضين للحريري «للحلفاء الذين لا يضغطون كفاية» من أجل تمثيلهم.