تكشف مصادر ديبلوماسية واسعة الاطلاع على العلاقات اللبنانية - الاميركية، ان التصعيد داخل الكونغرس بالنسبة الى الربط بين تسليح الجيش اللبناني ونزع سلاح "حزب الله"، لا يؤثر على توجيهات الادارة الاميركية، وهي تمضي ببرامجها لدعم الجيش. ولم يتبلغ لبنان عن وجود تغيير في السياسة الاميركية حيال الجيش تحديداً، على الرغم من وجود الاصوات التي تطالب بهذا الربط في الكونغرس.

وأوضحت المصادر، ان وزارة الدفاع الاميركية على تواصل مع الجيش اللبناني وقيادته. والادارة متفهمة جداً لوضع الجيش، ولبنان يسعى لشرح موقفه دائماً والتخفيف من احتمال وجود شروط تعجيزية مطروحة لا سيما نزع سلاح الحزب. والادارة تنظر الى الجيش كمؤسسة مستقلة، لكنها تنبه بين وقت وآخر بالنسبة الى سلاح الحزب وضرورة نزعه.

والادارة الاميركية تريد تسليح الجيش، انطلاقاً من اهتمامها القوي باستقرار لبنان، ومن مبدأ ان لا استقرار دون الجيش اللبناني. ويُعدّ تسليم الجيش الاسبوع الماضي اربع طائرات حديثة، نقلة نوعية. وفي الاسبوع المقبل سيرأس قائد الجيش العماد جوزف عون وفداً عسكرياً رفيعاً في زيارة رسمية الى واشنطن للاجتماع بالمسؤولين في البنتاغون وقيادة الجيش الاميركي، بناء على دعوة من وزارة الدفاع الاميركية.

وليس من خوف بالنسبة الى موضوع تسليح واشنطن للجيش . والمسؤولون اللبنانيون المعنيون يعملون لتسهيل امور الجيش في الولايات المتحدة، من خلال توجهات الحكومة عبر دعم الجيش واحتياجاته، ودعم ذلك في السياسة.

والولايات المتحدة تتطلع في هذه المرحلة الى تأليف الحكومة اللبنانية، بعدما ابدت ترحيبها بالعملية الديمقراطية من خلال الانتخابات النيابية، ولا شك ان لديها تساؤلات، لكن لبنان يجيب ضمن سياسة الحكومة. واذا وجدت ضغوط ما تتم ازالتها، وهذا لا يعني ان لبنان يمتثل للضغوط. لا بد ان هناك تفاهماً لبنانياً - أميركياً على العديد من الامور، في مقدمها الاستقرار، وان لبنان يهم جداً واشنطن وهذا اساسي بالنسبة اليها.

ولا تزال الادارة تعتبر ان لبنان يفترض ان يطبق سياسة النأي بالنفس، ويتوقع ان تكون هذه سياسة الحكومة الجديدة.

واية تساؤلات اخرى، يتم التعامل معها بشرح وجهة نظر لبنان، وفقاً للمصادر، وليس من الضروري لدى سماع صوت ما في الكونغرس ان يكون هذا الصوت يمثل سياسة الادارة. ومن واجب لبنان حماية مصالحه من خلال سياسة الحكومة وبيانها الوزاري والتعليمات التي تصدر عن الحكومة. كما يشرح لبنان وجهة نظره بالنسبة الى عودة النازحين السوريين، وهو يلقى تفهماً من الاميركيين الذين يعتبرون انفسهم الداعم الاكبر للبنان في قضية النازحين. ولبنان، بحسب المصادر، يطلب مساعدة الاميركيين للضغط على الدول الاخرى للمساعدة المالية لأن ما يصل الى المفوضية، اقل بكثير مما هي كلفة ايوائهم. كلفة الايواء بحسب المفوضية ٢,٨ مليار دولار، وهي تمنح ١,٢ مليار دولار، اي ان هناك عجزاً قيمته ١,٦ مليار دولار، يعني ان هذا العجز يسدده لبنان بطريقة من الطرق. هناك كلفة مادية على الاقتصاد، لا يدركها احد، تتجاوز ٢,٨ مليار دولار، بما في ذلك البنى التحتية والخدمات الاساسية، في التعليم والصحة والطرقات والمياه والكهرباء، يجب تقاسمها. وبالتالي، ان اللغة المباشرة لا تغطيها الدول، فكيف بغير المباشرة، وهذا ما يتم بحثه مع الاميركيين.

ويتبلغ لبنان، وفقاً للمصادر، ان لدى الاميركيين هواجس بالنسبة الى عودة النازحين، بحيث يشددون على ان لا يطبق ارجاعهم بالقوة الى بلدهم. ولبنان اصلاً غير موقع على اتفاقية ١٩٥١ الدولية، اي ليس لديه التزامات دولية، لكنه استضافهم طوعاً وبكل محبة وهذا ما يبلغه للاميركيين، وانه آن الاوان ان يعود من يريد العودة. ولبنان ابلغ الاميركيين ان من يتجول بين لبنان وسوريا ليس نازحاً، بل انه في المنظار الاقتصادي غير نازح. وان المساعدة الاميركية والدولية تؤدي الى احراز فارق كبير اذا تمت داخل الاراضي السورية، لان الكلفة في لبنان اغلى، ومع الوقت تصبح المساعدة داخل بلده دائمة وتطال اعادة اعمار المنازل.

كما لدى الاميركيين اشكالية حول ما اذا كان هناك مناطق آمنة في سوريا. ولبنان ابلغ الاميركيين ان هناك مناطق آمنة، يجب ان تبدأ اعادة النازحين اليها. ومن يعبر ذهاباً واياباً لا خطر عليه، ويجب على لبنان البدء باعادة هؤلاء لتخفيف العبء عن لبنان. وطلب لبنان من واشنطن البدء بتوجيه المساعدات في اطار الحل الدائم في سوريا. وهذا يفترض ان يتم عبر مساعدة من يريد العودة بدلاً من الضغط على النازحين للبقاء في لبنان، مع الاشارة الى ان ليس في لبنان من يريد ان "يدفش" السوريين للعودة وحياتهم مهددة بالخطر. وبالتالي يجب على كل الدول ان تضغط لتأمين مساعدات تسهِّل العودة، وليس مساعدات تعرقلها.

والولايات المتحدة تشكر لبنان، كونه اكثر بلد ساهم في ايواء النازحين سواء مادياً او انسانياً. وواشنطن تعتبر انها المساهم الاول في دعم لبنان بالنسبة الى النازحين، وتأتي مساهمتها في المرتبة الاولى بعد مساهمتها في المساعدة داخل الاراضي السورية، ولبنان يقدم الشكر للولايات المتحدة التي لديها اولوية استثناء لبنان من السياسة الجديدة للادارة وهي قطع المساعدات الخارجية او تخفيفها الى حد كبير. ولا تزال المساعدات العسكرية للجيش او بالنسبة الى النازحين كما هي من دون اي تعديل.