عشية المؤتمر الوزاري لمنظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» الذي يعقد في فيينا بعد غد، عاد الكلام عن شن الكونغرس الأميركي والرئيس دونالد ترامب حرباً كلامية على أوبك.

فبعد حرب ترامب التجارية على أوروبا والصين وكندا ها هو يعود بتغريدة يلوم فيها «أوبك» على رفع الأسعار كما عاد بعض أعضاء الكونغرس إلى إحياء القانون الذي يمنع تكتل منتجي ومصدري النفط المعروف بـ «nopec» الذي يقاضي التكتلات وقد أعيد إدخاله للمناقشة الأسبوع الماضي ويسمح للحكومة الأميركية بملاحقة «أوبك» قضائياً للتلاعب بسوق الطاقة ومحاولة ابتزاز الولايات المتحدة ببلايين الدولارات، فـ»أوبك» تعقد اجتماعها في هذه الظروف إضافة إلى أن هناك توقعاً بانخفاض المعروض النفطي مع بدء تنفيذ العقوبات على إيران في تشرين الثاني (نوفمبر) والانخفاض المستمر للإنتاج الفنزويلي وأيضاً للصادرات النفطية من أنغولا. وعلى رغم أن إيران تطالب «أوبك» لأسباب سياسية واضحة بعدم زيادة الإنتاج، تتجه دول المنظمة إلى زيادته تدريجياً وهذا ما سبق وقاله وزير النفط السعودي خالد الفالح.

ولكن السؤال ما هو مستوى الزيادة التي تقررها دول «أوبك» وخارجها التي كونت مجموعة الدول الأربع والعشرين المنتجة التي تعاونت لتخفيض الإنتاج بمعدل ١٫٨ مليون برميل في اليوم لإزالة الفائض في العرض النفطي ومنع تدهور الأسعار. فنتيجة هذا التعاون بقي معدل سعر برميل البرنت لهذه السنة قريب من ٧٦ دولاراً، أي ما يمثل زيادة ١٤ دولاراً عما كان سعر النفط في السنة الماضية. والآن، مع انتقادات الولايات المتحدة وقلق مستهلكي الصين والهند إزاء ارتفاع أسعار النفط ومطالبتهم بضمان العرض الكافي من النفط، من المؤكد أن دول الخليج، وفي طليعتهم أكبر منتج نفطي في أوبك السعودية، ستعمل مع روسيا على التوصل إلى زيادة الإنتاج. وعلى رغم أن دولا مثل إيران والجزائر تعارض زيادة الإنتاج، وحدها دول الخليج (السعودية والكويت والإمارات) لديها القدرة النفطية الزائدة للقيام بذلك. لكن الصعوبة ستكون في توحيد المواقف كي لا ينهار التعاون الماضي بين جميع الدول الـ24 داخل «أوبك»، ما يعرض مستقبل هذه المجموعة إلى فشل مستقبلي في التصدي مجدداً لانخفاض الأسعار.

ولكن الأوضاع السياسية السيئة بين دول الخليج وايران ستكون لها تأثير كبير في اتخاذ القرار، علماً أن جميع الدول المنتجة لا ترغب في انخفاض كبير في الأسعار، لأن جميع هذه الدول لديها خطط اقتصادية تتطلب بقاء سعر برميل النفط بمستواه الحالي على الأقل. لذا سيكون اتخاذ قرار «أوبك» صعباً، لأن الحذر سيبقى القاعدة، كي لا تنهار الأسعار إذا زاد العرض النفطي بشكل كبير، خصوصاً أن هناك زيادة في الطلب متوقعة. إن مواقف ترامب من أوبك معروفة منذ قبل أن يصبح رئيساً. فكان باستمرار مؤيداً لمشروع قانون «nopec»، وقد قال في كتابه في ٢٠٠١: «بإمكاننا أن نبدأ بمقاضاة أوبك لخرقها القوانين التي تمنع التكتلات».

واليوم لا يستبعد البعض أن يمر مشروع القانون الذي عاد إلى الكونغرس لمقضاة أوبك، إذ إنه لم يتمكن الكونغرس في الماضي، بسبب اعتراض الرؤساء الأميركيين السابقين عليه، من إقراره.

أما اليوم، مع ترامب وحربه التجارية على العالم، يبدو كل شيء ممكناً، ومقاضاة «أوبك» لم تعد مستحيلة مع رئيس أولويته هي أميركا أولاً. فلا شك في أن مثل هذه الظروف الدولية، إضافة إلى العقوبات الأميركية على فنزويلا وإيران تفرض توقع زيادة إنتاج السعودية وشركائها في الخليج وروسيا وربما تكون زيادة بنحو مليون إلى مليون ونصف برميل في اليوم لمنع حدوث أي نقص نفطي في الأسواق.