في مؤشر جديد إلى تفاقم التوتر في العلاقات الروسية – الإيرانية حول ترتيب الأوضاع في سورية، رفعت موسكو غطاءها الجوي عن القوات الإيرانية المتمركزة غرب نهر الفرات، ما أثار مخاوف طهران من خسارة طريقها الإستراتيجي إلى بيروت، والذي قاد عملية تحريره أواخر العام الماضي قائد «فيلق القدس» الإيراني قاسم سليماني.
 

 وعُد الإجراء ضغطاً روسياً لحسم صفقتي «تل رفعت» مع تركيا، و «الجنوب السوري» مع إسرائيل، واللتين تعرقل إيران حسمهما.


وفي ما يمثل إحياءً لمسار جنيف ومعه دور الأمم المتحدة في التسوية السورية بعدما كان توارى لمصلحة مسار «آستانة»، ووسط انقسامات في المعارضة حول تشكيل لجنة الدستور، تستضيف العاصمة السويسرية الإثنين المقبل اجتماعاً لممثلي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والأردن والسعودية، بعد اجتماع تستضيفه اليوم الدول الثلاث الضامنة لعملية «آستانة»، روسيا وتركيا وإيران، مع المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا.

إلى ذلك، نقل المرصد السوري لحقوق الانسان عن مصادر مطلعة أن تنظيم «داعش» الذي خسر أمس آخر معاقله في جنوب الحسكة (شرق سورية)، يعزز قواته لتنفيذ هجوم ضد القوات النظامية والإيرانية غرب الفرات. وأفادت بأن «داعش» عمد إلى حشد عناصره وآلياته في المنطقة الممتدة بين البوكمال والميادين، بعدما تمكن من الاستيلاء على أسلحة وذخيرة ومعدات خلال هجماته ضد قوات النظام، بالإضافة إلى تمكُن المئات من عناصره من عبور نهر الفرات، والانتقال من الضفة الشرقية إلى الغربية. وأشارت إلى تخوف القوات الإيرانية من تمكن التنظيم من قطع الطريق الإستراتيجي الأهم لديها، طهران – بيروت البري، خصوصاً في ظل غياب الغطاء الجوي الروسي عن دعم الإيرانيين في عملياتهم، وعدم مساندتهم في صد هجمات التنظيم التي تصاعدت منذ الشهر الماضي.

وعزّز تلك المخاوف هجوم نفذه «داعش» فجر أمس، استهدف مواقع لميليشيات إيرانية في البادية السورية، مخلفاً في صفوفها خسائر بالعتاد والأرواح. وذكرت وكالة «أعماق» الناطقة بلسان «داعش» أن التنظيم تمكن من أسر ثلاثة من ميليشيات «فيلق القدس» الإيراني.

بالتزامن، عززت «قوات سورية الديموقراطية» (قسد) والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة من نفوذهما شرق الفرات، بعدما تمكنوا من طرد «داعش» من قرية رئيسة جنوب الحسكة متاخمة للحدود مع العراق. وفي مؤشر إلى استتباب الأمن على الشريط الحدودي، تفقد عدد من جنرالات «التحالف» القوات المتمركزة هناك، والتي تشارك في العمليات العسكرية.

وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «قسد» مدعمة بالقوات الأميركية والفرنسية والإيطالية وقوات أخرى غربية، تمكنت صباح أمس من فرض سيطرتها على قرية الدشيشة بعد اشتباكات عنيفة جرت مع «داعش»، وأجبرت خلالها عناصر التنظيم على الانسحاب من البلدة، مضيفاً أن معارك الحسكة أوقعت 49 قتيلاً من عناصر «داعش».

وعلى وقع ترجيح فشل تسوية ملف الجنوب السوري، عززها استمرار التحشيد العسكري بين النظام والفصائل المسلحة، جدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو مطالبة طهران بالانسحاب من الأراضي السورية، مؤكداً أن إسرائيل ستمنع أي محاولات إيرانية للتموضع عسكرياً قرب حدودها.

وعزز وصول قائد «قوات نمر» العميد سهيل الحسن صباح أمس إلى جبهة درعا (جنوب سورية) توقعات بقرب انطلاق المعركة. لكن مصادر مطلعة تحدثت إلى «الحياة» أمس «استبعدت فتح النظام معركة الجنوب قبل انتهاء المواجهات التي فتحها في جبهة غرب الفرات لإنهاء وجود داعش من البادية السورية». وقالت: «النظام يريد إفساح مزيد من الوقت لحل ملف الجنوب عبر المفاوضات، خصوصاً أنه مرتبط بمصالح دول عدة، كما أن قواته منقسمة بين الجبهة الجنوبية وغرب الفرات التي تشهد في شكل شبه يومي تعزيزات لإنهاء وجود داعش».