حَكَمَ الغموض والالتباس وعدم دقة المعلومات المسرّبة موضوعَ مرسوم تجنيس 369 شخصاً (264 مسيحيون و105 مسلمون) من جنسيات مختلفة في لبنان، ما دفع إلى مطالبة بعض القوى السياسية، وبخاصة تلك المعارضة لـ"التيار الوطني الحر"، بتوضيحات حول تفاصيل المرسوم، وأسماء المجنسين، وأوضاع كل واحد منهم... وغيرها، ووصل بعض آخر إلى حد المطالبة بالطعن بالمرسوم أمام مجلس شورى الدولة، وهو الأمر الذي أكدت مصادر رسمية رفيعة المستوى لموقعنا أنه لن يتم، فمنح الجنسية لأي شخص، كائناً من كان، حق دستوري حصري برئيس الجمهورية، طالما لم يشمل مطلوبين ومحكومين ومتهمين بقضايا كبرى، عدا عن أن عدم وجود متضرر شخصي من مرسوم التجنيس كافٍ لعدم الطعن به.

وأوضحت المصادر أن مراسيم منح الجنسية لعدد من الأشخاص عام 1994، سبق أن ألغيت بعد ثبوت وجود أحكام بحقهم، أو أنهم مطلوبون بجرائم معينة، ولذلك أصدرت رئاسة الجمهورية بياناً دعت فيه من يملك معلومات تتعلق بالمجنسين الجدد، إلى إبلاغها لمديرية الأمن العام أو لوزارة الداخلية صاحبتَي الصلاحية في ملاحقة هذا الأمر والتحقق من سلامة أوضاع المقترَحين للتجنيس.


وعن سبب منح الجنسية لهؤلاء الأشخاص دون غيرهم، ذكرت المصادر أن لا سبب مباشراً أو خاصاً غير وجود مصلحة لبنانية عامة في تجنيس بعضهم، أو ظروف حياتية وإنسانية لبعض المستحقين منهم، وخصوصاً مكتومي القيد اللبنانيين، موضحة أن الذين وردت أسماؤهم من رئاسة الجمهورية وشملهم مرسوم التجنيس هم بأغلبيتهم الساحقة من المسيحيين، بينما وردت أسماء الآخرين، لا سيما الذين أثيرت حولهم علامات استفهام ونشرت صورهم في بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، من رئاسة الحكومة ووزارة الداخلية.


أما المعترضون على صدور المرسوم، من "القوات اللبنانية" إلى "الكتائب" و"الحزب التقدمي الاشتراكي"، فكان جلُّ احتجاجهم على صدور المرسوم في شكل فجائي ومن دون إعلان مسبق، وعلى الغموض الذي أحاط به، فطلبوا توضيحات تفصيلية حوله، وبخاصة حول رجال الأعمال السوريين فيه، وهل هم من المستحقين للجنسية فعلاً أم أن هناك "تنفيعة" أو "صفقة ما" وراء الكواليس، وإلا فسيتقدمون بطعنهم، ولو من باب تسجيل موقف اعتراضي مبدئي، علماً أن القانون السوري يمنع ازدواجية الجنسية، ويقضي بسقوط الجنسية السورية تلقائياً عمن يستحصل على جنسية ثانية.


وهناك من يتوقع في الأوساط السياسية برود "عاصفة" مرسوم التجنيس تدريجياً بعد توضيحات سيتم تقديمها من المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، أو طي صفحتها في حال سقوط الطعون، إذا ما قُدمت، ليصار إلى التفرغ لمسألة تشكيل الحكومة، وهي القضية الأكثر إلحاحاً وأهمية في حياة اللبنانيين اليوم.