لا ينسى رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري عندما دخل إلى البيت الأبيض في العام 2011 رئيساً لحكومة لبنان وخرج مواطناً عادياً، بعدما استقال 11 وزيراً محسوباً على (حزب الله)، وباتت حكومة الحريري الأولى بحكم المستقيلة.

يعلم الحريري تماماً أن ما أصابه يومها كان بسبب لعنة ما يسمى الثلث المعطل أو كما يفضل حزب الله تسميته الثلث الضامن، واليوم يخاف الرجل تكرار التجربة، مع الحجم النيابي الكبير للثنائي الشيعي وحلفائه.

يتردد في الصالونات السياسية أن حزب الله سيعمل خلال مشاورات التأليف على ترجمة عديده النيابي الجديد في الحكومة المقبلة، في محاولةٍ منه للحصول على الثلث المعطل وذلك تحسباً للتطورات المرتقبة اقليميا ودوليا، ما يعزز قدرته على حماية نفسه من أي استهداف. 

ويؤكد مصدر مقرب من حزب الله لـ"ليبانون ديبايت" أن الثنائي الشيعي لن يرفع الصوت للمطالبة بالثلث الضامن، أولاً لأن التوازنات اليوم تختلف عن توازنات 2009، إذ إن "رئاسة الجمهورية معنا، ونتمتع وحلفاؤنا بأكثرية نيابية مريحة جداً". وثانياً "لأننا حصلنا على الثلث الضامن حتى من دون مطالبة، الثنائي الشيعي حصد 26 مقعداً شيعياً من أصل 27، ومن حقه أن تكون له الحصة الشيعية، أي 6 مقاعد في حكومة ثلاثينية، ومن حق حلفاؤنا 4 مقاعد".

وإذا سرت الأمور كما جرت العادة أي حقيبة واحدة لكل كتلة مؤلفة من 4 نواب مع مراعاة الكسر الأعلى، ستحصل كتلة المردة على مقعدين كونها أصبحت مؤلفة من 7 نواب، وسيحصل باقي نواب 8 آذار المحسوبين على حزب الله على حقيبتين، ما يؤمّن ثلثاً ضامناً في حكومة مؤلفة من 30 وزيراً.

لكن "هل سيلجأ حزب الله للاستقالة على غرار ما فعل العام 2011 إذا ما صدر موقف من الحريري لا ينسجم ومصالحهم"، يقول المصدر نفسه "لن يلجأ الحريري إلى إغضاب 8 آذار هذه المرة لأنه يعلم أن عودته للحكومة كانت مرتبطة برضى معظم نواب 8 آذار، إذ سمته حركة أمل وعدد كبير من مستقلي 8 آذار. حتى أن حزب الله لم يسمِ شخصاً آخر لرئاسة الحكومة ما يعكس رضى ضمنياً من الحزب على عودة الحريري".

يعود تاريخ الثلث الضامن لاتفاق الدوحة الذي طالبت به المعارضة يومها قوى 8 آذار، وحصلت على ثلث أعضاء الحكومة زائد واحد ما يعطيها إمكانية تعطيل القرارات الكبرى التي تحتاج لثلثي الأصوات. ويرى المحلل السياسي الكاتب راجح خوري في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن الثلث الضامن هو بدعة لبنانية لم نسمع به إلا في لبنان، وهو هرطقة في الديمقراطية البرلمانية، تكسر المبدأ الديمقراطي الذي يقوم على اساس التصويت بين أكثرية وأقلية وضرب لمفهوم الديمقراطية بأساسها وفلسفتها.

يجزم خوري أن المقاعد البرلمانية التي أفرزتها نتائج الانتخابات النيابية لصالح حزب الله وحلفائه تمكنه من الحصول على الثلث الضامن في الحكومة المقبلة. ويقول إن حكومة بثلث ضامن لفريق معين لا يصح تسميتها بحكومة وفاق وطني، لأن هذا التصنيف يجب أن يقوم على المبدأ الديمقراطي لا على مبدأ حصول فريق على حق الفيتو على كل قرار يتم اتخاذه.

ومن انعكاسات الثلث الضامن أنه يصادر الحياة الديمقراطية، ويمكن أن يؤخر ولادة الحكومة ويجعل من الحياة السياسية رهناً لمزاج فريق معين، وفقاً لخوري. فهل سيكون لبنان أمام حكومة "مكبلة" بثلث ضامن؟