خسر حزب الكتائب مقعدين نيابيَين في البرلمان الحالي المنتخب، وتحولت هذه الخسارة إلى مادة دسمة لتبادل النكات بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي، وتعرّضت كتلة الكتائب الجديدة إلى الانتقاد من قبل شعبٍ تنكّر لفضلها بالدفاع عن حقوقه طوال السنوات الأخيرة.
تناسى هؤلاء أن حزب الكتائب بحلته الجديدة لا يزال رقماً صعباً في المعادلة السياسية. ولو كان لديه كتلة بنائب واحد، لا شك أن هذا المعارض الشرس كفيل بفضح الكثير من صفقات الفساد، وكشف الغطاء عن كثير من سمسرات السلطة. ومن المنتظر أن يكون فدائيّ ساحة النجمة الذي له أن يؤرق بشغبه النيابي النظيف ثبات طباخي السم التشريعي.

أسئلة كثيرة تدور في فلك خسارة الكتائب، أبرزها؛ هل كان التحاق نواب الكتائب بالمعارضة خطأ في بلدٍ غير مهيّأ للتغيير بعد؟ أم كان صواباً رجمه اللبنانيون لأنه لا يشبه وساخة الواقع الذي يعيشون به؟

يحاول بعض الكتائبيون الجدد رمي اللوم على قانون الانتخاب الذي فصلته القوى السياسية على مقاس مصالحها، ويرفعون الرأس بكتلتهم ويقولون "العبرة في النوعية لا في الكمية"، ويربطون من حين لآخر خسارتهم بخياراتهم ومواقفهم الأخيرة التي كانت سبباً لمحاربتهم من أحزاب السلطة.

أما قدامى الكتائب، مقاربتهم للنتيجة مختلفة، إذ يربط الوزير السابق إدمون رزق خسارة اليوم بفشل الأمس، ويؤكد في حديثه لـ"ليبانون ديبايت" أن كل ما وصل إليه الكتائب نتيجة الأداء "القيادات فشِلت وأفشلت الحزب معها، لأن شهوة السلطة هي التي تغلبت على القضية، حتى بات الحزب رهينة مصالح وأهواء أخرجته من المعادلة".

ويرى رزق أن الأداء الجديد للحزب لم يكن كافياً لإخراجه من الماضي، إذ "لا زال الحزب يتخبط في ذيول الفشل بالرغم من بعض لحظات الصحوة على مستوى محدود، ومرد ذلك لرفض إجراء النقد الذاتي والمراجعة الموضوعية منذ العام 1982 لغاية اليوم".

وعن النائب سامي جميل، يقول رزق "كان لدي أمل بسامي كون لديه المؤهلات والأخلاقية لتغيير الصورة، ولكن أداءه خيب أملي، فهو مكبّل بالحمل الثقيل الذي ورثه عن والده، ولذلك يجب أن يعرف ضرورة القيام بالمراجعة كي لا يبقى يتخبط في الدوامة نفسها، فلا أفق من دون نقد ذاتي".

ويوجه نصيحة لرئيس الحزب قائلاً "عليه أن يتعظ من الماضي، ويدرك خصوصا أن الغدر بالرفاق ونكران الجميل والعقوق تفقد المصداقية ولا يمكن أن تنتج غير الفشل، عليه أن يستعيد ثقة مفقودة ويتحاشى ردود الفعل الارتجالية والقرارات الكيدية".

من جهته، يؤكد النائب المنتخب الياس حنكش في حديث لـ"ليبانون ديبايت" أن حزب الكتائب خاض معركة تأسيسية وحده، "كان لدينا خمس نواب بتحالفات كبيرة من قبل، واليوم لدينا ثلاث نواب بأصوات الكتائبيين وبأرقام مشرفة، بالرغم من أن المعركة كانت صعبة ووقف بوجهنا جحافل من المال والخدمات والابتزاز والترهيب والترغيب، وبالرغم من إقبال الناس الخفيف على الاقتراع".

لم يندم الحزب على الأداء المعارض الذي اختاره لنفسه في السنوات الماضية ولو كان هو السبب الذي أوصله لهذه النتيجة، ويقول حنكش في هذا السياق "فخورون لأننا قمنا بما يتناسب مع مسارنا النضالي وقناعاتنا، لأن الشأن العام بالنسبة لنا ممارسة لا لعبة سياسية، بل شأن وطني يصب بمصلحة الناس".

في حسابات الربح والخسارة يمكن اعتبار هذه النتيجة خسارة، لكن "لو كان الكتائب يهتم لمنصب وزاري أو نيابي لما كان استقال من الحكومة"، وفقاً للنائب المنتخب الشاب. وعن النهج الذي سيتبعه الكتائب في مجلس النواب، يؤكد حنكش أن "هذا رهن قراءة معمقة لنتائج الانتخابات، وعلى هذا الأساس سيقرر الحزب والمكتب السياسي موقعنا، أما نهج مكافحة الفساد والنضال من أجل الناس فلا نعرف أن ننتهج غيره".

وحول كيفية المواجهة بثلاثة نواب المشاريع المشبوهة والطعن يحتاج إلى عشر نواب، معظمهم صار خارج المجلس، يقول حنكش "لدينا قناعة أن في هذا المجلس مستقلين معارضين لكثير من الأمور، والذي يرغب أن يقف بوجه تجاوز أو ينتج معنا اقتراح قانون أو نطعن وقت اللازم سنكون أمامه في المجلس".