إستفاقت طرابلس على مفاجأة من العيار الثقيل. فالتسونامي السنّي عاكس تياره «الرياح الريفية» ليسقطها بالضربة القاضية، على رغم من انّ أوساط اللواء أشرف ريفي أوحَت قبل المعركة الانتخابية وخلالها بإمكانية بلوغ لائحة «لبنان السيادة» حاصلين. الّا انّ حسبة ريفي لم تنطبق مع حسبة البيدر الطرابلسية، ليطرح السؤال: من أسقط زعامة ريفي الشعبية التي اكتسحت طرابلس في الانتخابات البلدية؟
 

البعض ردّها الى المال الإنتخابي الذي نشط في الساعات الأخيرة قبل إقفال أقلام الإقتراع، وبعضٌ آخر ردّها الى الحالة العامة المُمتعضة من الأداء البلدي الفاشل، وبعض ثالث ردّها الى الظروف السياسية الراهنة التي تتجنّب اليوم الخطاب المتطرّف، فيما لفتَ البعض الآخر الأمر الى الحالة الشعبية المتعاطفة مع أزمة الرئيس سعد الحريري السابقة، خصوصاً بعد عودته الشعبوية المُحبّبة الى طرابلس قبل يومين من المعركة ليجول في أسواقها ويلامس وجع أبنائها فيكثر من الوعود.

لكنّ غالبية الاستطلاعات الطرابلسية وغيرها اعتبرت أنّ السبب المباشر كمَن في عزم الرئيس نجيب ميقاتي، لا سيما بعد النكسة البلدية، على تسجيل رقم صعب ليثبت نفسه رقماً سنيّاً أوّلاً في المعادلة الجديدة، فيما لمّح عارفون من المخضرمين من أبناء الفيحاء الى أنّ السبب هو قرار سياسي بَحت جاء من الداخل والخارج.

طرابلس ميقاتية؟

اليوم، وبعد تَمكّن الرئيس سعد الحريري من بلوغ خمسة حواصل ونجيب ميقاتي أربعة حواصل، لا يمكن حصر زعامة المدينة بالقيادات التقليدية السابقة كعائلة كرامي أو غيرها، فالبعض من أبناء المدينة يتهامسون حول تَمكّن الوزير السابق فيصل كرامي من حَصد حاصلين بعدما كان الحديث المتداول في الصالونات الطرابلسية أنّ وصوله شخصياً الى المجلس النيابي مهدّد بحدّ ذاته لولا سندان مهمان:

الأول: الحاصل الذي أمّنه له تيار «المردة» وزيارة رئيسه النائب سليمان فرنجية فيصل كرامي قبل المعركة لمساندته شعبياً ومعنوياً، وتوجّها معاً الى جبل محسن الذي يكنّ لفرنجية «معزّة خاصة»، فشَكّل رافعة حقيقية لنيابة فيصل كرامي.

الثاني: الإيعاز العلوي والسوري المباشر بمنح الاصوات العلوية لـ»لائحة الكرامة» التي يترأسها فيصل كرامي.

وانطلاقاً من هذا الواقع يؤكّد البعض أنه لا يمكن إدراج زعامة كرامي السنية الطرابلسية ضمن الحالتين الحريرية والميقاتية، اللتين تنافستا عملياً على الزعامة السنية للمدينة في هذه الإنتخابات.

ميقاتي زعيم طرابلس؟

يقول البعض انّ حصول لائحة «المستقبل» على 5 حواصل أعاد تتويج الحريري زعيماً سنياً على طرابلس وأثبت انها حريرية الهوى، خصوصاً انه استطاع إيصال 5 نواب سنة الى سدة البرلمان، وهي اشارة الى قوة الزعامة وقدرة الزعيم التجييرية.

في حين انّ ميقاتي حصد 4 حواصل تمثّل الاقليات في المدينة، الموارنة والارثوذكس والطائفة العلوية، وهذا لا ينصّبه زعيماً سنياً على طرابلس لأنه لم يستطع إيصال نواب من الطائفة السنيّة الى المجلس، فكيف يكون زعيم السنّة في طرابلس؟

لكنّ أنصار ميقاتي لهم رأي معاكس، إذ يعتبرون انّ من يقرأ في الحسبة السنية الطرابلسية يعلم انّ ميقاتي فاز بأكثرية الاصوات السنية في المدينة، وهي التي رفعت حاصِله فأوصلت مرشحي الاقليات على لائحته، أي جان عبيد ونقولا نحاس وعلي درويش، علماً أنّ قاعدة عبيد الشعبية السنيّة لا يمكن الإستهانة بها، الّا انّ القانون الجديد هو الذي صنّفَ وفرزَ ترتيب المرشحين وليس التصويت السني.

في المقابل تَصَدّر المرشحين السنة على لائحة الحريري وفوزهم لم يُستَحَق بأصوات سنّة طرابلس، بل بأصوات سنّة الضنية والمنية، وبذلك يكون التصويت السني الطرابلسي صَبّ لمصلحة ميقاتي وليس الحريري، فيما الاخير حصد فوز المرشحين السنة على لائحته من التصويت السني غير الطرابلسي.

وبذلك، لا يمكن حصر الزعامة الطرابلسية السنية بعد المعركة الانتخابية لمصلحة الحريري حتى ولو فاز بأكثرية الحواصل، لأنها لميقاتي بحسب الوقائع والحسبة طرابلسياً ولو عملياً تراءى للبعض الذي لا يجيد القراءة بين السطور الطرابلسية انّ الزعامة السنية في طرابلس حريرية.

ويتساءل بعض أركان المدينة ما اذا كانت «القطبة المخفية» والتسويات الانتخابية قد حضرت فعلاً كلوازم إسعافات كرامية حريرية وميقاتية، قبل إعلان النتائج النهائية.