تابع رئيس الحكومة سعد الحريري جولته الإنتخابية شمالاً أمس السبت، فزار منطقتي المنيّة والضنية، ليختم مهمته في دائرة الشمال الثانيّة. ومثلما كانت الحال في طرابلس، بدا خطاب الحريري في هذين القضاءيّن عاطفيّاً أيضاً، بعد غيابٍ طويلٍ عنهما شهدا فيه تحولات كبيرة.

 

البداية كانت من المنية، وتحديداً من دير عمار، التي خذلت الحريري بعض الشيء، ولم تكن الحشود الشعبيّة على قدر توقعاته، خلافاً للمناطق المناويّة الأخرى. ففي دير عمار، بدا المشهد ضعيفاً، ولم يستطع الأزرق أن يكتسح الساحة عند استقباله، لا سيما أنّ هذه البلدة ينقسم فيها تيار المستقبل إلى جناحين: عائلة الدهيبي وعائلة عيد، مع ارتفاع أسهم مرشح العزم النائب كاظم الخير أسهمه في داخلها، نتيجة العلاقة التاريخية التي تجمعه بها.

 

أفضل شيءٍ في المنية، بالنسبة إلى الحريري، هو أنّ صوت المستقبل التفضيلي سيصب لمصلحة مرشحه على المقعد السني الوحيد عثمان علم الدين. ورغم أنّ المستقبل لن يواجه في المنيّة "حرب" الصوت التفضيلي داخل تيّاره، إلا أنّه يواجه معركة أصعب وأكثر تعقيداً مع الخير، المستقلبي سابقاً والعزمي حاليّاً. وحتّى إن لم يستطع الخير أن يفوز على علم الدين، إلّا أنّ مجرد وجوده مع العزم، يشكل استفزازاً صريحاً ومباشراً للمستقبل الذي يخوض معركته الشمالية ضدّ زعامة رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي.

 

وما يشكل إحراجاً واضحاً للمستقبل في المنيّة، هو أنّ العزم الذي افتتح مؤخراً مكتباً إنتخابياً وخدماتياً خاصاً به، سجّل نشاطاً واسعاً ومفاجئاً بفترةٍ قياسيّة استطاع أن يستقطب فيها كثيراً من أبناء المنية. وهو ما دفع بعض أنصار المستقبل، إلى تمزيق صورةٍ عملاقة تجمع الخير وميقاتي. وقد تضاربت شائعات عن قدوم مناصرين للمستقبل من عكار وطرابلس والقلمون، كي تسهم في توسيع رقعة الحشود.

 

في الضنيّة، لبّى كثيرون دعوة زعيمهم واستقبلوه بالهتافات العالية "سعد سعد" ونشر الأرز. لكنّ معركة المستقبل في الضنية، تبدو أشدّ شراسة، مع وجود مرشحين وازنين للائحة العزم هما محمد الفاضل وجهاد اليوسف دخلا حلبة المنافسة، إلى جانب المرشح "القوي" الذي لا يمكن تجاوزه، وهو النائب السابق جهاد الصمد على لائحة الكرامة الوطنية.

 

يدرك الحريري أنّ لا مجال له للفوز بالمقعدين السنيين في الضنية، في ظلّ ترشح الصمد، وأنّ معركته هي على مقعدٍ واحد، وبدا بموقع ردّة الفعل. من جهة، اتهم ميقاتي تلميحاً أنّ لائحته تمثل مشروع بشار الأسد ونظامه، وأنّ الخلاص من هذا المشروع يستدعي إقبال الضناويين للتصويت بكثافة في 6 أيّار، بالتالي إفشال مخططات تحجيم تيار المستقبل ومسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. ومن جهةٍ أخرى، تتعاظم أزمة الصوت التفضيلي في الضنية بين سامي فتفت وقاسم عبدالعزيز. وتشير الأجواء عن أزمةٍ داخلية في التيار وسعي الحريري إلى تجيير الصوت التفضيلي في الضنيّة لمصلحة عبدالعزيز. وفيما يسعى الحريري لنفيها وإنكارها كي لا يتسبب بإشكالِ مع فتفت، كان ملحوظاً عدم تطرق الحريري إلى الشقّ الإنمائي أو المشاريع التي من المفترض أن يحملها لهذه المنطقة المنسيّة، إذا يبدو مشغولاً إلى جانب إلتقاط السيلفي، بالخطاب العطافي والتخويني.