ورقة النوايا بين القوات اللبنانية والوطني الحر في مهب الانتخابات النيابية
 

تشهد كافة القوى السياسية اللبنانية حالة فصام كاملة عن مساراتها القديمة التي ظهرت داخل اصطفاف أفقي ما بين معسكري 8 و14 آذار، والحالة الجديدة تزداد كثافة وتفاقمًا بمناسبة الإنتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في 6 آيار المقبل، لكنها بدأت تظهر منذ نجاح التسوية السياسية التي أنتجت انتخاب ميشال عون رئيسًا للجمهورية، وتأسست التسوية السياسية على مصالحة مسيحية كانت شبه مستحيلة قبل ذلك بين التيار الوطني الحر بزعامة ميشال عون وحزب القوات اللبنانية بزعامة سمير جعجع.
في هذا السياق، يجمع السياسيون نقلًا عن صحيفة "العرب اللندنية" على أن المصالحة المسيحية بين التيار والقوات لم تكن لتحمل عون إلى بعبدا لولا ذهاب زعيم تيار المستقبل سعد الحريري إلى دعم عون منهيًا بذلك فراغًا رئاسيًا مؤلمًا بعد نهاية ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان عام 2014.
وفي السياق ذاته، يعتقد هؤلاء أن خيار جعجع في دعم عون لم يكن ليحصل لولا ارتفاع حظوظ خصمه الوزير الأسبق سليمان فرنجية في الوصول إلى سدة الرئاسة بعد أن نال دعم الحريري، وبالتالي فإن أوساط عون اعتبرت أن موقف الحريري هو من حسم الجدل لصالح الرئيس الحالي وليس موقف جعجع والقوات، ووفق هذه الرؤية تتضح طبيعة بعض التحالفات الإنتخابية الحالية.
من جهة أخرى، كان التيار والقوات قد توصلا إلى "ورقة نوايا" عام 2015 تؤسس للمصالحة والتحالف بما يضمن هيمنة الثنائي المسيحي على التمثيل السياسي للمسيحيين في لبنان على منوال الثنائي الشيعي الذي يهيمن على التمثيل الشيعي في البلد، غير أن وصول عون إلى بعبدا وفق تفاهم مع الحريري أطاح بما كان القوات يعوّل عليه من تحالفات تجمعه مع التيار العوني، ما قلب قواعد هذه الإنتخابات وفق مصالح كل تيار الإنتخابية كما وفق تصادم طموحات جعجع ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل والمتعلقة بالإنتخابات الرئاسية المقبلة بعد نهاية ولاية الرئيس عون.
وتضيف "العرب اللندنية" أنه وعلى الرغم من سعي العونيين والقواتيين إلى تأكيد متانة المصالحة وفق شعار "أوعا خيك"، إلا أن الحزبين الأساسيين المسيحيين يتعايشان مع حالة التنافر المضمر بين الطرفين والتي تمنع تحالفاتهما الإنتخابية داخل المناطق المسيحية وتدفعهما نحو خيارات سياسية متناقضة.
بدوره، يعتبر وزير الإعلام اللبناني ملحم رياشي أن الخلاف الإنتخابي مع التيار هو تقني وليس سياسيًا، بيد أن تباعد الطرفين يفسر أن يلتقي القوات وتيار المستقبل في بعض الدوائر الإنتخابية، فيما يلتقي التيار مع المستقبل في دوائر انتخابية أخرى.
يذكر، أن كافة الدوائر الانتخابية تكاد تخلو من لوائح مشتركة تجمع العونيين والقوات على نحو يطرح أسئلة حول مستقبل "ورقة النوايا" ومدى صمود المصالحة بعد إجراء الإنتخابات، خصوصًا أن تشكيل حكومة ما بعد الإنتخابات، والتي يعتبرها العونيون "أولى حكومات العهد"، ستشهد سجالات كبرى متعلقة بالحصة التي تريدها القوات، إضافة إلى أن تصاعد التنافس بين جعجع وباسيل باتجاه منصب الرئاسة عام 2022.
من جهتها، تقول أوساط القوات اللبنانية إن حزبهم سيقدم مفاجئة انتخابية توسع من حجم حضوره البرلماني بما سيفرض تمثيلًا وازنًا صاعدًا داخل المشهد السياسي في البلد.
من ناحية أخرى، تقول بعض الأوساط إن القوات بات يحظى بشعبية متصاعدة بسبب أدائه السياسي الرصين في السنوات الأخيرة وبسبب أداء وزرائه المشهود له داخل الحكومة اللبنانية الحالية، وتضيف هذه المصادر أن القوات يعتمد براغماتية داخلية للتأقلم مع المزاج المسيحي الداخلي كما مع المزاج اللبناني العام بما يجعله حزبًا متواصلًا مع كافة التيارات اللبنانية.