للأسبوع الثاني على التوالي سيُلازم نحو 75 ألف طالب، مسجّلين في كلّيات الجامعة اللبنانية ومعاهدها، منازلهم، بعدما أخذت رابطة الأساتذة المتفرغين في «اللبنانية» قرار تمديد الإضراب، وذلك بعدما أمطرهم المعنيون بوعود فارغة: «حقوق القضاة والأساتذة تترافق»، ونتيجة إستخفاف السلطة بحقوقهم وتجاهل قضيتهم في جلسة مجلس الوزراء التي عُقدت في قصر بعبدا أمس، رغم اعتصامهم على طريق القصر قبيل الجلسة، وإطلاقهم صرخة مدوّية
 

«الله يطوّلك يا روح!» ردّدها الأساتذة المتفرغون في الجامعة اللبنانية الذين اعتصموا على طريق القصر الجمهوري أمس، مطالبين بسلسلة عادلة تضمن كرامتهم، وشاركهم في التحرك الأساتذة المتعاقدون وعلى أكتافهم عبء ملف التفرغ. وعلى بعد سنتيمترات من تجمّع الأساتذة، خط من فرقة مكافحة الشغب تفصل «ع صحة السلامة» بين الأساتذة، وتظاهرة لمياومي شركة كهرباء لبنان وجباة الإكراء.

في التفاصيل

وسط تدابير أمنية مشددة، وإنتشار كثيف لملّالات الجيش، وللحواجز، وفرق مكافحة الشغب، وبعدما كادت الكلاب البوليسية تُغربل الرمل في محيط القصر الجمهوري وهي تُمشّط الأروقة قُبيل انعقاد الجلسة الوزارية، بدأ أساتذة «اللبنانية» يتوافدون إلى طريق القصر الجمهوري ونتيجة تدابير السير المتخذة، وقطع عدد من الشوارع الداخلية، أجبر معظمهم على ركن سياراتهم بعيداً، والتوجه إلى الإعتصام سيراً على الأقدام.

بدت اليافطات خجولة وسط المتظاهرين، ومنها: «لن نرضى إلّا بسلسلة عادلة تحافظ على كرامة الأستاذ الجامعي»، «صندوق التعاضد حق مكتسب للأستاذ الجامعي حافظوا عليه»، إذ حرص الأساتذة على إظهار أعلى مستوى من الإنضباط، مردّدين: «تلاميذنا عم يِحضرونا»، فاكتفوا بالوقوف نحو الساعة يتبادلون أطراف الكلام، ويعدّون المرات التي أصيبوا بها بالخيبة نتيجة الوعود الفارغة.

في هذا السياق، قال رئيس رابطة الأساتذة د. محمد صميلي لـ«الجمهورية»: «بدأنا التعبير عن سخطنا منذ عقدنا المؤتمر الصحافي، رغم أننا كنا في فرصة أعياد الفصح، وذلك حرصاً على عدم إهدار أي لحظة من العام الجامعي، ولكن وصلنا والسلطة إلى حائط شبه مسدود، نطالب ولا من يصغي لنا، نحذّر ولا من يستجيب، إعتصمنا أمام وزارة التربية من دون جدوى، واليوم (أمس) أمام القصر الجمهوري، وأكثر من 75 ألف طالب في منازلهم، والدولة لا يرفّ لها جفن».

ويضيف بنبرة غاضبة: «وجدنا أن الفرصة سانحة لنعبّر عن غضبنا بالتزامن مع إنعقاد جلسة مجلس الوزراء، لنبلّغ كل المسؤولين أن الإستثناء الحاصل بحق أساتذة «اللبنانية» على مستوى الراتب غير مقبول، ولم يحصل في تاريخ الجمهورية اللبنانية أن تفصل فئة واحدة عن القطاع العام، خصوصاً بعدما مُنح القضاة حقوقهم، نحن والقضاة لنا إستقلالية معيّنة، وخصوصية محدّدة، وسلاسل منفصلة لا يمكن تجاهلها».

د. الحاج موسى

من جهته، أوضح أمين سر الهيئة التنفيذية في رابطة الأساتذة المتفرّغين د. إيلي الحاج موسى أن «وقفتنا اليوم ضمن سلسلة التحركات التي سبق وانطلقنا بها لإحقاق الحق، وتصحيح الخطأ الذي تعرّضنا له، والظلم الذي لحق بنا». لا بد من حماية الجامعة اللبنانية، والعمل على تعزيز وضع الجامعة بكل طاقمها التعليمي بما فيه المتعاقدين والمتفرغين.

وأضاف في حديث لـ«الجمهورية»: «للأسف بطريقة خفية تم تمرير الدرجات الثلاث للقضاة، ما جعلنا نشعر بالظلم الشديد الذي لحق بنا. فيما نحن نطالب، ونحذّر، دفعوا بنا إلى الإضراب، بعدما أظهرنا كل حسن نية ونفد صبرنا».

ورداً على سؤال: «هل طار العام الجامعي؟ يجيب الحاج موسى: «نأمل ألّا تدفعنا السلطة إلى مزيد من التصعيد، ولكن الطلاب كأولادنا ولن نفرّط بمستقبلهم، وسنكون على استعداد لأي تعويض حتى في الصيف، ولكن طبعاً نتمنى أن تُحلّ القضية في أسرع وقت ممكن».

«العمالي العام»

وحضر إلى الإعتصام، رئيس الإتحاد العمّالي العام الدكتور بشارة الأسمر، وأعلن دعم الإتحاد لتحرُّك الأساتذة، قائلاً: «من الأولى إنصاف الأساتذة من دون اللجوء الى الشارع. نحن نرى أن هناك إشكالية كبيرة من العامل الى أستاذ الجامعة، مروراً بالقاضي. هل من المعقول أن كل مُطالب بحقّه لا يُسمع له إلّا في الشارع. لقد قضينا مدّة سنة في الشارع».

.. وللمتعاقدين حصة

وشارك في الإعتصام الأساتذة المتعاقدون في الجامعة اللبنانية، مُطالبين بمطالب الرابطة نفسها، بالإضافة إلى حقهم في التفرغ. وفي هذا السياق، إعتبر المنسّق الإعلامي للجنة متابعة الأساتذة المتعاقدين المستحقين التفرّغ الدكتور يوسف سكيكي في حديث لـ«الجمهورية»: «مشاركتنا اليوم إلى جانب رابطة الأساتذة المتفرغين، بعدما تطوّر الوضع، ونتيجة الإجحاف بحق المتعاقدين. ولبّينا نداء الرابطة لأننا نعتبر أنفسنا تحت جناحها، ولو كنا متعاقدين».

وأضاف: «للأسف، إن أساتذة اللبنانية ضحية كباش سياسي، ومطلبنا عدم المساس بصندوق التعاضد بشكل يؤثر على مكتسبات الأستاذ الجامعي، بعد مسيرة نضالية طويلة، وأعرب عن أسفه لتجاهل مطالب الأساتذة، وقال «من المعيب، لأننا في موسم إنتخابات، تمّ الإسراع في تلبية مطالب القضاة، وتمّ تجاهُل الأساتذة، علماً أنهم من يعلّمون القاضي والطبيب والمحامي وغيرهم من خميرة المجتمع، فكيف يمكن القبول بهدر حقوق الأساتذة سواء المتفرغين أو المتعاقدين»؟.

وكان قد صدر بيان عن الأساتذة المتعاقدين، ذكّروا فيه «بضرورة إقرار حقِّنا في التّفرّغ، والعيش الكريم، وهو مطلبٌ نهيب بالرابطة أن تتبنّاه، وتجعله في سُلَّم أولويّاتها».

تمديد الإضراب

حتى اللحظة الأخيرة بقي الأساتذة يقولون: «انشالله ما يدفعونا للإضراب أكثر»، إلى أن انتهت الجلسة، ولم يتبيّن أيّ إشارة إيجابية أو حسن نية من المجتمعين. فتداعت الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرّغين للإجتماع برئاسة صميلي في مقر الرابطة. وأكّدت في بيان لها «الاستمرار في التحرّك لحين تلبية مطالب الأساتذة، ولا سيما مطلب إعادة التوازن الى رواتبهم»، مُبقية «إجتماعاتها مفتوحة لمواكبة مختلف التحركات التصعيدية»، طالبةً «من الأساتذة البقاء على أهبة الإستعداد لأيّ تحرُّك مُقبل»، وواعدة «الطلاب بعدم التفريط في حقوقهم والتعويض عليهم ما فاتهم وما قد يفوتهم في دراستهم».