يدور صراع سياسي خفي منذ فترة طويلة بين الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، والتيار الوطني الحر الذي يرأسه وزير الخارجية جبران باسيل، خرج إلى العلن مع حماوة الانتخابات النيابية واقتراب موعد هذا الاستحقاق في 6 مايو (أيار) المقبل.
ويظهر جلياً الآن أن الزعيم الجنبلاطي يحيد العماد عون عن تغريداته التي تحمل انتقادات لاذعة للوزير باسيل وللتيار الوطني الحر، على خلفية ملف بواخر الكهرباء، وصولاً إلى الانتخابات النيابية المقبلة في ظل التنافس بينهما، وتحديداً في دائرة الشوف - عاليه، حيث الحضور الجنبلاطي هو الأبرز في الدائرة المذكورة.
وفي هذا السياق، قالت مصادر سياسية مواكبة للمسار الراهن بين الفريقين، إن «القلوب مليانة» بين العونيين والاشتراكيين، خصوصاً أن الاتصالات التي سبقت ولادة اللوائح الانتخابية بين مقربين من النائب جنبلاط والوزير باسيل، لم تؤدِ إلى أي توافق، رغم أن رئيس اللقاء الديمقراطي كان يرغب في حصول ائتلاف انتخابي من شأنه أن يخفف من حدة المعركة وتشنجاتها وقدم عرضاً للتيار الوطني الحر لم يوافق عليه، على قاعدة أنه «تيار سياسي أساسي، وهو من يشكل اللوائح ولا أحد يفرض عليه هذا المقعد أو ذاك».
وقالت المصادر: «إضافة إلى ذلك، أدى تفاهم التيار الوطني الحر والوزير طلال أرسلان إلى ارتفاع حدة الخلافات على خط المختارة مقر الزعامة الجنبلاطية والتيار الوطني الحر، ومن هنا كثرت في الأيام القليلة الماضية التغريدات من قبل النائب جنبلاط التي تنتقد سياسة وزير الخارجية جبران باسيل وإملاءاته».
المعركة الانتخابية في دائرة الشوف - عاليه، مرشحة لأن تشهد مواجهة بين 4 لوائح ولا سيما بين لائحة مصالحة الجبل التي يرأسها تيمور جنبلاط، ولائحة تفاهم الوزير أرسلان والتيار الوطني الحر، ناهيك بلائحة الوزير السابق وئام وهاب وأخرى للمجتمع المدني، وبالتالي فإن المعركة ستكون على الصوت التفضيلي الذي يعتبر الصوت المرجح.
وبمعزل عن الاستحقاق الانتخابي، فإن اصطفافات سياسية ستظهر فيما بعد الانتخابات النيابية، في ظل فرز للقوى والتيارات السياسية من خلال التطاحن والمواجهات التي ستحصل في 6 مايو المقبل، وخصوصاً في دائرة الشوف - عاليه، فقد بدأ الخلاف يستعر بين دارة خلدة حيث زعامة الوزير أرسلان، والمختارة مقر زعامة جنبلاط.
وفي الوقت نفسه، قال مرجع سياسي لـ«الشرق الأوسط»، إن التباعد والخلاف بين الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر قد يكون عنوان المرحلة المقبلة في إطار سعي الوزير باسيل لفرض سياسته ومشاريعه في الجبل، وذلك يعتبر دخولاً مباشراً إلى معقل الزعيم الجنبلاطي، ما ستكون له تداعيات وانعكاسات سلبية على عناوين كثيرة.
وفي هذا الإطار، يقول عضو اللقاء الديمقراطي النائب نعمة طعمة لـ«الشرق الأوسط»، إننا «في اللقاء الديمقراطي ولائحة مصالحة الجبل لم ولن ندخل في أي مواجهات سياسية أو تصعيد لهجتنا الانتخابية تجاه أي طرف، ذلك أن هذا الاستحقاق يتسم بمنحى ديمقراطي والناس تختار من يمثلها»، مضيفاً: «في المحصلة نحن نحترم خياراتها وتوجهاتها وهذه اللعبة الديمقراطية التي يتميز بها لبنان».
ولفت النائب طعمة إلى أن اللقاء الديمقراطي وخلال الاتصالات السياسية مع هذا الطرف، وذاك بغية الوصول إلى ائتلاف انتخابي «كان يهدف وما زال إلى تحقيق كل ما يحصن مصالحة الجبل وتفعيل الإنماء والتنمية في الجبل، وهذه الأمور قمنا بها منذ سنوات طويلة وليست وليدة الاستحقاق الانتخابي، وهذا ما يدركه كل أهل الجبل»، متمنياً على الجميع أن «يعتمدوا الخطاب العقلاني الهادئ حفاظاً على وحدة الجبل وأهله ولا سيما في هذه الظروف الحساسة التي نمر بها في لبنان والمنطقة، وفي خضم الأزمة الاقتصادية المستشرية وأن نتطلع إلى أمور وقضايا الناس وكل ما يجمع ولا يفرق».
وأضاف طعمة: «كل ما يسعى إليه النائب وليد جنبلاط وتيمور جنبلاط يتمحور حول الحفاظ على مصالحة الجبل وهذا التاريخ الناصع في التعايش والتلاقي بين جميع مكوناته، بعيداً عن أي تحديات ومواجهات، فنحن منفتحون على جميع القوى والتيارات السياسية والانتخابات كما أسلفت هي خيار ديمقراطي، ويجب أن يبقى في هذا الإطار».