اتهامات لرئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالوقوف وراء استطلاعات تضعه بمرتبة أولى
 

تشهد العاصمة العراقية نشر نتائج استطلاعات للرأي بشأن نتائج الانتخابات العامة المقررة في مايو القادم، تصب في معظمها في صالح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وسط استفهامات كثيرة بشأن الجهات التي تنفذ هذه الاستطلاعات وأجنداتها.

ونشر مركزا “أفكار عراقية”، و”الدراسات الاستراتيجية والدولية” نتائج استطلاعين، شمل الأول ألف عينة، فيما لم يكشف الثاني عن تفاصيل في هذا المجال، ولكنهما اتفقا على أن قائمة النصر، التي يقودها العبادي ستحقق فوزا مريحا في الانتخابات.

وقال مركز “أفكار 1001 عراقية”، الذي لا تعرف الجهة التي يتبع لها، إنه أجرى استطلاعه بين 17 و21 مارس، مشيرا إلى أن قائمة العبادي حصلت على تأييد 15 في المئة من أفراد العينة المستطلعة، فيما حلت القائمة التي يدعمها مقتدى الصدر في المركز الثاني، وتحالف “فتح” بزعامة هادي العامري، المدعوم من إيران، ثالثا.

أما استطلاع “مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية”، فكان أكثر تفصيلا لجهة النتائج، إذ يقول إن العبادي سيحصل على مقاعد يتراوح عددها بين 72 و78، بينما سيحصل المالكي على نحو 20 مقعدا.

ولا تشبه نتائج هذه الاستطلاعات توقعات أكثر المتفائلين من مقربي العبادي، الذين يرون أن رئيس الوزراء سيحصد 60 مقعدا في البرلمان القادم.

مراقبون يرجحون أن تتركز المنافسة على المركز الأول في الدائرة الشيعية بين العبادي والصدر والعامري

ويشكك خصوم العبادي ومنافسوه في هذه النتائج، ويقولون إنها جزء من دعايته الانتخابية الموجهة، لكن مسؤولا في مكتب العبادي نفى وجود أي صلة بهذه المراكز.

وقال مسؤول مقرب من العبادي لـ”العرب” إن “الحديث عن صلة مكتب رئيس الوزراء بهذه الاستطلاعات أمر يفتقر للأدلة”، مشيرا إلى أن “هذه الاستطلاعات تنشر على مواقع إلكترونية باللغة الإنكليزية، تتبع مراكز دراسات معروفة، ويمكنكم التثبت منها”.

ويحتاج العبادي إلى أن يفوز بفارق مريح من المقاعد عن أقرب منافسيه في الدائرة الشيعية، حتى يتمكن من ترجمة طموحه في الولاية الثانية إلى واقع.

ويعتقد منافسون للعبادي أن نتائج 3 قوائم شيعية في الأقل، ستكون متقاربة، إلى درجة يصعب معها الحديث عن فائز في هذه الانتخابات.

ويرجح مراقبون أن تتركز المنافسة على المركز الأول في الدائرة الشيعية بين العبادي والصدر والعامري، فيما يأتي ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم في المرتبة الثانية.

ويقول القيادي في تحالف “الفتح” نعيم العبودي إن “عملية تشكيل الحكومة القادمة ستكون صعبة، لأن الفائزين في الانتخابات ستكون نتائجهم متقاربة”.

ويقول متابعون للشأن العراقي إن العبادي في حال لم يتخط حاجز الخمسين مقعدا في البرلمان المكون من 329 مقعدا، فإن حظوظه في الولاية الثانية ستكون محدودة.

ويشيرون إلى أن العبادي يعتمد في جزء كبير من أصواته المنتظرة على الجمهور الغاضب من المالكي، إذ يتشارك الزعيمان في قاعدة المؤيدين نفسها، إذ سبق لهما الترشح في قائمة واحدة عن العاصمة بغداد مرتين، كان الفارق خلالهما كبيرا بينهما.

ويفسرون حصول المرشح الذي يشغل منصب رئيس الوزراء على تأييد شعبي واسع، في أي انتخابات يخوضها، كما هو الحال مع إياد علاوي والمالكي في ما سبق، بـ”ميل العراقيين عموما نحو التصويت للسلطة”، وهو ما يعزز حظوظ العبادي في هذه الانتخابات.

متابعون للشأن العراقي يرون أن نتائج تلك الاستطلاعات قد لا تعبر عن قرار شعبي ثابت في بلد تلعب به الأهواء مثل العراق

وحصل علاوي والمالكي، اللذان شغلا منصب رئيس الوزراء في العراق، على ما يزيد عن مليون صوت، مجتمعين، خلال انتخابات 2010، بالرغم من ترشحهما في دائرة واحدة، هي العاصمة العراقية.

ولكنها المرة الأولى التي تشهد فيها ساحة الانتخابات الشيعية هذا العدد الكبير من الزعماء المتنافسين، ما يعقد عملية التنبؤ، ويفتح الباب على “فوز متقارب” لقوائم العبادي والعامري والصدر.

واعتبر مراقب سياسي عراقي أن نتائج تلك الاستطلاعات قد لا تعبر عن قرار شعبي ثابت في بلد تلعب به الأهواء مثل العراق، مشيرا إلى أن الدعاية الانتخابية لم تبدأ بعد، وأنها حين تبدأ ستكون هناك صور كثيرة لتغيير توجهات الرأي العام سواء من خلال توزيع العطايا والمكرمات والأموال أو عبر استعمال المؤسسة الدينية التي لا يزال ممثلوها يملكون سلطة غير محدودة في الأرياف والمناطق ذات الطابع العشائري والمدن المغلقة طائفيا.

وقال المراقب في تصريح لـ”العرب” إنه من المحتمل أن يميل الرأي العام العراقي إلى العبادي كونه الأقل فسادا نكاية بسلفه المالكي الذي صار رمزا للفساد وخوفا من مشاريع العامري الميليشياوية التي تنطوي على رغبة مؤكدة في الانتقال إلى مرحلة دولة الحشد الشعبي.

لكنه لفت إلى أن السببين الأخيرين قد لا يقاومان إغراءات الأموال التي ستنفق من جهة، ومن جهة أخرى الدعاية الطائفية التي قد يرفعها رجال الدين في وجه العبادي كونه رجل الشيعة الضعيف الذي قد يسمح وجوده بهدر مكتسبات الطائفة.

وشدد على أن الأغلبية المريحة، التي تتوقع الاستطلاعات أن يحصل عليها العبادي، قد لا تؤهله للفوز بمنصب رئيس الوزراء ثانية إذا ما تحالفت القوى الشيعية ضده. وهو ما يتيحه قانون الانتخابات في العراق، مؤكدا أن العبادي لن يكون أمامه إذا ما أراد الاحتفاظ بمنصبه سوى أن يضع الأصوات التي سيحصل عليها في سلة التحالف الوطني الشيعي الذي سيعاد ترميمه ما إن تنتهي عملية الانتخابات، وبذلك يعود كل شيء إلى المربع الأول.