تعاظم دور الشركات الأمنية والعسكرية الخاصة بعد غزو أميركا العراق عام 2003، وحققت مئات الشركات أرباحاً خيالية، من خلال توقيع عقود مع حكومات دول عديدة، مقابل القيام بأعمال أمنية وعسكرية فيها، خاصة في أفغانستان والعراق وغيرهما
 

وبحسب دراسة للكونغرس الأميركي نشرتها صحيفة "نيويورك تايمز" عام 2009، فإن 65% من القوات التي ترسلها وزارة الدفاع الأميركية إلى أفغانستان تابعة لشركات أمن خاصة، كما كشفت أن شركات الأمن الخاصة تشكل نسبة 29% من قوة وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي إيه"، وتقتطع ما بين 50 إلى 60% من ميزانيتها. وجاء ضمن الدراسة ذاتها، أن وكالة الأمن القومي توظف نحو 480 شركة أمن خاصة.

وفي هذا التقرير، عرضٌ لميزانيات أهم الشركات الأمنية الخاصة، وعدد موظفيها، وقيمة بعض العقود التي وقّعتها مع الحكومات العالمية، ما يشير إلى حجم هذا القطاع.

"بلاك ووتر" أو Xe Service أو "أكاديمي"

تعتبر شركة "بلاك ووتر" من أهم الشركات العالمية في مجال تقديم خدمات أمنية وعسكرية. تأسست عام 1997 وفق القوانين الأميركية التي تسمح بإنشاء مصانع وشركات عسكرية خاصة، على يد الضابط السابق في القوات البحرية الخاصة "المارينز"، إريك برنس. وغيرت "بلاك ووتر" اسمها مرات عدة، بسبب الفضائح التي لاحقتها، خاصة خلال قيامها بمهامها الأمنية في العراق.

وبحسب الموقع الإلكتروني للشركة، فهي تمتلك أكبر موقع خاص للتدريب والرماية في الولايات المتحدة، والذي يمتد فوق مساحة 28 كيلومترا مربعا ويقع في ولاية كارولاينا الشمالية.

وتملك الشركة قاعدة بيانات لنحو 21 ألف جندي سابق من القوات الخاصة، تستطيع الاعتماد على خدماتهم، ولديها تجهيزات عسكرية متطورة، لا تقل عمّا تمتلكه الجيوش النظامية، بحسب بيانات للشركة موجودة على موقعها الإلكتروني.

وتجند "بلاك ووتر" مئات من المواطنين، سواء من الولايات المتحدة أو من دول أخرى، وفق عقود يتم توقيعها معها، للقيام بمهام أمنية خاصة.

وبحسب موقع الشركة أيضاً؛ هناك نوعان من العقود: عقود طويلة الأمد نسبياً، تتمُّ مع مرتزقة يمارسون أعمالاً أمنية وعسكرية، وعقود قصيرة الأمد، تتعلق بالقيام بأعمال إدارية وفنية، وغيرها.

وبحسب موقع "بيزنس إنسايدر"، يقوم مرتزقة "بلاك ووتر" بشنّ هجمات على العديد من المواقع حول العالم، بطلب من حكومات الدول. واليوم، وبعد أكثر من 21 عاماً على تأسيسها، تنشر "بلاك ووتر" قواتها في عدد كبير من الدول، إذ يتوزع مرتزقتها في أكثر من 40 دولة.

وبحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية، فقد وقّعت هذه الشركة 45 ألفا و592 عقداً لتقديم خدمات أمن وحماية في دول الشرق الأدنى، وحققت أرباحاً مالية تقدر بنحو 1.8 مليار دولار، عن طريق عقود تم توقيعها مع حكومات دول العالم.

ففي عام 2009، وقعت الولايات المتحدة الأميركية عقداً مع "بلاك ووتر" لإرسال نحو 28 ألف مرتزق إلى العراق. وفي عام 2012، وقعت الولايات المتحدة عقداً مع "بلاك ووتر" لإرسال نحو 15 ألف مرتزق إلى أفغانستان. وقد وصلت نسبة المهام العسكرية التي قام بها مرتزقة "بلاك ووتر" في أفغانستان إلى نحو 62% من مجموع العمليات العسكرية التي تمت في البلاد.

جي فور إس (G4S)..سابقاً (Group 4 Securicor)

تعتبر الشركة من أكبر الشركات الأمنية في العالم، وتنتشر في معظم دوله. تصف نفسها بأنها "المجموعة العالمية الرائدة في مجال الأمن"، وهي متخصصة بإدارة القطاعات ذات المخاطر العالية.

أنشأ العملاق الأمني البريطاني متعدد الجنسيات في عام 2004، ويقع مقرّها الرئيسي في لندن. توظف G4S أكثر من 620 ألف شخص، من حول العالم.

وصفتها صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير عن الشركات الأمنية العالمية، بأنها "أكبر جيش خاص"، وتمّ تصنيفها بأنها أكبر شركة أمنية في العالم من حيث العوائد والعمليات التي تشمل 125 دولة، وقدّر دخلها السنوي في عام 2014 بنحو ستة مليارات و848 مليون جنيه إسترليني، أي ما يقارب الـ9.6 مليارات دولار.

تتولى "جي فور إس" مسؤولية الأمن في أكثر من 150 مطاراً في العالم، كما يتولى عناصرها وظيفة رجال شرطة في بريطانيا، وحماية العديد من السجون. ورغم ارتفاع إيراداتها وانتشار حجم أعمالها، إلا أن الشركة فشلت في تنفيذ العديد من العقود.

في عام 2012، وبحسب صحيفة "ذا غارديان" في تقرير نشرته في 2017 بعنوان "جي فور إس شركة أمنية فاشلة"، فازت الشركة بعقد بقيمة 244 مليون جنيه إسترليني، لتأمين الأمن والحماية في أولمبياد 2012، إلا أنها لم تتمكن من تأمين الحماية، ما اضطر الحكومة إلى التدخل وإرسال عناصر أمنية من قبلها، وتغريم الشركة نحو 88 مليون جنيه إسترليني.

داينكورب Dyncorp

تستقبل شركة "داينكورب" أكثر من 96% من إيراداتها السنوية من الحكومة الفدرالية الأميركية.

تأسست الشركة في عام 1946، وهي واحدة من أكبر الشركات الأمنية الخاصة في العالم. توظف نحو 17 ألف شخص، وقدرت عائداتها في عام 2010 بنحو أربعة مليارات دولار، وهي جزء من "الرابطة الدولية لعمليات السلام" التي تمثل مصالح اللاعبين الرئيسيين في صناعة السلام والاستقرار والعمليات الإنسانية في مناطق النزاع في العالم.

تستقطب الشركة العديد من طلبات التوظيف سنوياً، وهي تعتمد في هيكليتها الإدارية والعسكرية، على استقطاب المتقاعدين من ضباط أميركيين، وجنود سابقين، كان لهم دورٌ في معارك عديدة، كما تستقطب مرتزقة من دول فقيرة، بحسب ما جاء في تقرير "واشنطن بوست".

وكانت الشركة قد اتُهمت بسوء إدارة الأموال من قبل وزارة الخارجية الأميركية. وأشارت الصحف الأميركية، إلى أن الشركة بددت أموالاً بعد توقيع عقد بقيمة 1.2 مليار دولار، لتدريب الجيش العراقي منذ سنوات.

وأثارت هذه الفضيحة ضجّة كبيرة في الولايات المتحدة، إذ سلًّطت الضوء على مشكلة، هي واحدة ضمن سلسلة من الفضائح المرتبطة بعقود سخيّة مُنحت للشركات الخاصة العاملة في العراق. وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن مدققي الحسابات لم يتمكنوا من معرفة الطريقة التي أنفقت بها الأموال.

لكن رغم هذه الفضيحة، إلا أن الشركة تمكنت، العام الماضي، من الفوز مجدداً بعقد بقيمة 30 مليون دولار، لتنفيذ خدمات صيانة وتطوير لأسطول الطائرات الأميركية في العراق والكويت وأفغانستان.

كونترول ريسك control risk

"كونترول ريسك" هي شركة دولية متخصصة في مجال الخدمات الأمنية، ومكرسة لمساعدة المنظمات والحكومات، على إدارة المخاطر السياسية والأمنية. يقع مقرها في لندن، ولها أكثر من 36 مكتباً حول العالم. بدأت السيطرة على المخاطر كقسم من شركة التأمين "هوج روبنسون" في عام 1975، ثم أصبحت مستقلة في عام 1982.

وفي بيانٍ لها على موقعها الإلكتروني، تفتخر "كونترول ريسك" بأنها توفر "الاستشارات الاستراتيجية، والتحقيقات المعمقة من خلال التعامل مع القضايا السياسية الحساسة وتوفير الأمن على الأرض".

من أهم العقود التي وقعتها الشركة، تلك المتعلقة بتأمين أصول شركات النفط العراقية، وتأمين الحماية للحقول النفطية بعد السقوط. وبحسب صحيفة "ذا غارديان"، فقد بلغت إيراداتها نحو 223.32 مليون دولار في عام 2010.

Kbr (كيلوغ براون رووت)

من كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال الأمن، تقع في مدينة هيوستن الأميركية. تأسست عام 1998 عبر عملية دمج بين "أم.دبليو.كيلوغ" و"براون أند رووت" للهندسة والبناء، وتعمل في العديد من الدول، ولها تواجد كبير في كل من كوبا وكوسوفو وأفغانستان.

وبحسب تقرير صادر عن موقع securitydegreehub.com والذي تناول أقوى الشركات الأمنية في العالم، وقعت الشركة عقدا مع الولايات المتحدة لإرسال نحو 14 ألف مرتزق إلى العراق، بقيمة تخطت 100 مليون دولار.

وفي عام 2008، وبحسب التقرير ذاته، فإن الشركة وقعت عقداً مع الحكومة الأميركية أيضاً بلغت قيمته نحو 550 مليون دولار، للقيام بأعمال أمنية. في عام 2011، حصلت الشركة على 540 مليون دولار، نظير القيام بأعمال لوجستية في العراق.

وبحسب بيانات الشركة، فهي توظف أكثر من 27 ألف شخص في أكثر من 70 بلداً في جميع أنحاء أوروبا والأميركتين وأفريقيا وآسيا وأستراليا والشرق الأوسط. وتعرضت الشركة لسلسلة من الفضائح، خاصة في العراق. أما أهم الاتهامات الموجهة لها، فهي الاعتداءات الجنسية على موظفين ومسؤولين نيجيريين، بحسب ما جاء في التقرير.

شركات عربية أيضاً

سمح غزو العراق بارتفاع نسبة استخدام شركات الأمن الخاصة من قبل العديد من الدول العربية. ووقعت حكومات عربية، منها خليجية، عقوداً بمئات ملايين الدولارات، بهدف تأمين بعض المرافق الهامة لديها، وصدّ أي هجمات إرهابية. ورغم أن العديد من العقود الموقعة كانت بين شركات عالمية وحكومات، إلا أن ذلك لا يعني غياب أدوارٍ لشركات عربية، تمّ تأسيسها للقيام بأدوار أمنية، وأبرزها شركة "فالكون" المصرية.

تأسست الشركة عام 2006 كشركة مساهمة مصرية من "البنك التجاري الدولي" أكبر بنك خاص في مصر ومستثمرين مصريين. وتمكنت منذ التأسيس من تحقيق نسب نمو قياسية، حتى أصبحت إحدى أكبر الشركات التي تقدم خدمات أمنية متكاملة، ويشمل نشاطها 28 محافظة.

وبحسب البيانات الصحافية، فقد تعزز وجود الشركة بشكل كبير بعد الانقلاب العسكري ضد الرئيس المصري المنتخب مدنياً محمد مرسي، في عام 2013، بقيادة وزير الدفاع آنذاك والرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، ووسعت أنشطتها للوصول إلى المناطق غير الآمنة.

بدأت الشركة مهامها عن طريق تقديم ثلاث خدمات رئيسية، هي الأمن، نقل الأموال، والأنظمة التقنية والأمنية. وبدأ دورها يتعاظم بعد انقلاب الثالث من تموز 2013، ومن أهم الأدوار التي قامت بها تأمين حملة المرشح الرئاسي في انتخابات عام 2012، اللواء أحمد شفيق، وحملة عبد الفتاح السيسي في انتخابات عام 2014.

وبحسب البيانات، فقد تم تكليف شركة "فالكون" لتأمين 9 جامعات في جميع أنحاء مصر، منها جامعتا القاهرة وعين شمس، بالإضافة إلى تأمين الحماية للبنوك والمؤسسات المالية والمصرفية ولعشرات الشخصيات العامة من دبلوماسيين وكبار مسؤولي الدولة وبعض مكاتب الأمم المتحدة والسفارات الدولية في القاهرة.

يبلغ عدد موظفيها نحو 22 ألفا، معظمهم من كتائب الشرطة والجيش السابقين. ووقعت عقوداً بمئات الملايين، منها عقدٌ مع وزارة الكهرباء، بقيمة تفوق خمسة ملايين دولار.