يجزم خبراء الاقتصاد أن الاستحقاق النيابي يشكل محطة نوعية في الوضع الاقتصادي اللبناني،الذي يعاني من التأزم. وذلك بعدما بات مؤكداً أن حجم الانفاق الانتخابي سيتجاوز المليار دولار. 

ويأتي هذا الانفاق بمثابة دعماً مالياً له أن يحرك عجلة الاقتصاد، لا سيما ان المبالغ المرصودة للانتخابات النيابية وفق القانون الجديد تتجاوز بنسبة كبيرة الاعتمادات التي كان يقرها القانون السابق.

حدد قانون النسبية سقف الانفاق بمبلغ 150 مليون ليرة لكل مرشح و150 مليون ليرة للمرشح ضمن اللائحة، اضافة الى مبلغ متحرك هو عبارة عن خمسة الاف ليرة عن كل ناخب مسجل في الدائرة الانتخابية الكبرى. 

يؤكد الخبير الاقتصادي غازي وزني لـ"ليبانون ديبايت" أنه لا شك أن الإفادة الاقتصادية حاصلة من الانفاق الانتخابي الذي بدأت مؤشراته بالظهور في عدة قطاعات. وهو الانفاق الذي حصل بشكل ملفت في الاسابيع الماضية ويستمر حتى ايار المقبل، موعد الانتخابات النيابية، وسيتجاوز حتماً سقف المليار دولار.

ويميز وزني بين نوعين من الانفاق الانتخابي، الأول استهلاكي وهو الجزء الاكبر من الانفاق ونسبته 80 في المئة، والثاني للإدخار ونسبته 20 في المئة المتبقية.

اما لجهة القطاعات المستفيدة من الانفاق الانتخابي فهي الاعلام والاعلان، والمطاعم والفنادق في ضوء الاحتفالات والمهرجانات، بالاضافة الى افادة قطاعات اخرى بطريقة غير مباشرة مثل صناعة الأعلام والمحروقات واستئجار السيارات، وقطاع النقل العام لا سيما يوم الانتخابات.

ويصف الانفاق في القطاعات السابقة الذكر بالانفاق المقونن أو المعلن، يقابله انفاق غير مقونن وغير معلن وهو ما يدخل في باب الفساد والرشوة عبر شراء الأصوات وغيرها من الطرق الملتوية لتجيير الأصوات الانتخابية.

ويرى وزني بما أن الانفاق بغالبيته استهلاكي فهو يحرك الدورة الاقتصادية، وينعكس ايجابا على النمو الاقتصادي.

"في العام 2009 قارب الانفاق الانتخابي المليار دولار وساهم يومها نصف في المئة في النمو الاقتصادي الذي كان يسجل يومها 8 في المئة بسبب السياحة والفورة العقارية. أما اليوم وإن كان الانفاق الانتخابي سيتجاوز المليار دولار إلا أنه لن يساهم في النمو الاقتصادي بأكثر من نصف في المئة أي بنسبة مشابهة للعام 2009 وذلك لأن النمو الاقتصادي لهذا العام ضعيف ويسجل 1.75 في المئة".

ينظر وزني بإيجابية لهذا النمو وإن كان بسيطاً نظرا لحاجة الاقتصاد اللبناني له، ويصفه بالانتعاش المؤقت، إذ يبقى مفعوله في الدورة الاقتصادية 3 أشهر كحد اقصى كونه انفاقاً استهلاكياً غير منتج.

إذاً يمكن وصف الفورة التي ضربت لبنان أخيراً بحمّى الشفاء المؤقت التي ستعود من بعدها العجلة الاقتصادية لتراوح مكانها، ويعود الجمود للقطاعات المستفيدة إلى ما كان عليه قبل العاصفة النيابية. والسؤال الذي يطرح نفسه أيّ ذنبٍ اقترفه المجلس النيابي الحالي بحق الاقتصاد عبر تأجيل الانتخابات على مدى 9 سنوات وحرمان الاقتصاد من نموٍ هو بأمس الحاجة له وإن كان وقتياً؟