تطلّ قضية تغيّرِ المناخ فارضةً نفسَها في مختلف دول العالم، بما فيها لبنان، لتصبح الشغلَ الشاغل للّبنانيين نظراً للتأثيرات السلبية، لا سيما على على صحة الكبار عموماً والصغار خصوصاً. فهل صحيح طبّياً أنّ لهذا التغيّرِ تأثيراً مباشراً على الإنسان؟ وماذا عن الوقاية ؟
 

أكّدت الدراسات والأبحاث العلمية الصادرة عن منظمات دولية على أنّ التغيّرات المناخية والكوارث الطبيعية زاد حدوثها خلال السنوات العشرِ الماضية، ما ساهم في زيادة انتشار عددٍ من الأمراض الميكروبية المعدِية. وفي ظلّ تفاوتِ درجات الحرارة، وتبدّلِ المناخ وغيرها من التغيّرات، نجد الكثيرَ من الأشخاص يشتكون من انتشار الأمراض بينهم ويربطونها مباشرةً بالمناخ.

ولمعرفة إذا كان لهذا التبدل تأثيرٌ مبَرهنٌ طبّياً على الإنسان حاورَت «الجمهورية» الاختصاصي في الأمراض المعدِية والجرثومية ونائب لجنة العلمية والأمراض المعدية في لبنان الدكتور زاهي الحلو الذي قال: «بالطبع إنّ هذه التبدّلات المناخية تُسهّل انتقالَ الفيروسات، ولكن يلعب تلوّث الطبيعة؛ كالبحر والهواء وغيرهما، الدورَ الأكبر بالتأثيرعلى صحة الناس. فتنتشر الأمراض بيننا، لا سيّما مع تنشّقِ الهواء الملوّث. وتظهر عندها بعض العوارض أبرزُها ارتفاع في درجات الحرارة، سَيلان في الأنف والغثيان والتقيُّؤ... وبالطبع تختلف حدّيتُها بحسب حالة كلّ مريض».

الرياح والميكروبات
قد يكون الربيع، الفصلَ المفضّل لدى معظمِ الناس، ولكنّه يحمل العدد الأكبرَ من الأمراض والأوبئة. وبحسب د. الحلو «مع بداية هذا الفصل تزيد الأوبئة كون الرياح تحمل عدداً كبيراً من الفيروسات، ما يجعل الإنسانَ عرضةً للتأثر بها، ولكن لا يوجد أيّ دراسة تربط مباشرةً تغيُّر الطقس بهذه الأمراض، ويمكن القول إنّه يمكن أن تحمل الرياح معها الميكروبات، ما يجعل التلوّث السببَ الإساسي للإصابة. كما أنّ الرشح والإنفلونزا هما من أكثر الأمراض انتشاراً حالياً».

لا يتأثر الجميع بهذه الفيروسات بالدرجة نفسِها، بل يوجد مَن هُم الأكثر عرضةً للإصابة بهذه الأمراض، ويوضح د. حلو أنّ «المسنّين والمصابين بالحساسية، وأصحاب المناعة الضعيفة ومرضى السرطان هم الأكثر عرضةً، إضافةً إلى الأطفال الذين تنتشر هذه الأمراض بينهم بكثرة في المدارس»، مضيفاً: «رغم الانتشار الواسع لهذه الامراض، يُعتبر الاهتمام بالنظافة الخاصة والعامة مِن أهمّ الأساليب الوقائية مع انتشار كلّ هذه الأوساخ والتراب من حولنا».

إصابة الأطفال
مِن جهةٍ أخرى، تؤثّر التبدّلات المناخية على بعض الفئات العمرية أكثرَ مِن غيرها، لا سيّما الأطفال، هذا ما أكّده لنا الاختصاصي في أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتغذية لدى الأطفال الدكتور فيراس سمعان قائلاً إنّه «مع تفاوتِ درجات الحرارة، يصبح من الأسهل تعرُّض الجسم إلى الفيروسات والبكتيريا. ويمكن أن نضيفَ إلى هذه المعادلة التلوّثَ الموجود، ما يَجعل الإنسانَ أكثرَ عرضةً للأمراض، خصوصاً الأطفال. وففي هذه الفترة تُلاحَظ إصابة الصغار بعددٍ من الفيروسات أبرزُها الـ»VRS»، «Rotavirus»، «Adenovirus»، الانفلونزا «أ» و»ب».

إرشادات وقائية
يعاني القليل من الأطفال من المضاعفات إثر الإصابة بالأمراض المتنوّعة الآنفِ ذكرُها، وتختلف إمكانية حصول ذلك بحسب كلّ حالة. أمّا عن الوقاية فبشكلٍ عام ينصح د. سمعان: «التأكّد من النظافة الشخصية، غسلُ اليدين جيّداً، عدم إرسال الطفل المصاب إلى الحضانة أو المدرسة كي لا ينقل العدوى إلى رفاقه. كما على الأهل اصطحاب طفلِهم إلى طبيب الأطفال، إذا استمرّ ارتفاع حرارته لأكثر من يومين، بدل استشارة الجيران أو أخدِ المضادّات الحيوية عشوائياً».