اذا كانت أخبار العنف ضد المرأة تتصدر عناوين الاخبار، فإن عبد الله ع، قلب المفاهيم في الأمس بعدما تلقى ضربة على رأسه بملعقة كبيرة "كفكير" من زوجته. وعلى الرغم من نقله الى مستشفى الهمشري في صيدا لتلقي العلاج، الا انه رفض الادعاء على شريكة حياته، مفضلاً التكتم على الأمر.

رفض الإضاءة على الحادثة

عبد الله الذي يحمل الجنسية الفلسطينية ويسكن في محلة البركسات – عين الحلوة، واحد من مئات الرجال المعنفين داخل جدران منازلهم، الا ان طبيعة مجتمعنا الشرقي تحول دون تمكنهم من الافصاح عن معاناتهم، وما يتعرضون له على أيدي زوجاتهم. ابنته، وبعد ان طمأنت "النهار" على وضعه الصحي، علّقت قائلة "ما بتستاهل القصة تطلع على الإعلام". في حين أكد مصدر في مستشفى الهمشري - صيدا، ان "عبد الله البالغ من العمر 70 عاما وصل الى قسم الطوارئ وهو بوعيه الكامل، مصاباً بجرح في رأسه، أطلعنا انه نتيجة خلاف عائلي مع زوجته. تلقى العلاج وغادر الى بيته، رافضاً الادعاء أمام القوى الامنية".

تأكيد ورفض الادعاء

مخفر صيدا الجديدة باشر التحقيق في الحادثة. وقد اكد مصدر في قوى الامن الداخلي لـ"النهار" ان "عبد الله ضرب بالفعل بملعقة من قبل زوجته، الا انه رفض الادعاء عليها"... وبحسب ما قالته اختصاصية علم النفس هيفاء السيّد لـ"النهار" فإن "العنف هو أحد انماط السلوك العداوني الذي ينتج عن وجود علاقات غير متكافئة داخل الأسرة، ما يجعل الطرف الأقوى ينتهك بدنياً أو لفظياً حقوق الطرف الأضعف". وعن أشكال العنف شرحت "أنها متعددة لكن قليلا ما نسمع عن العنف ضد الرجل لأننا غالبا ما نسمع أن العنف موجه ضد المرأة، وهذه الظاهرة هي ظاهرة متخفية وغير متفشية في مجتمعاتنا، وتتضمن استخدام القوة بالاعتداء على الرجل دون إرادته، ما يسبب له ضررا أو اذى بدنيا أو نفسيا أو إجتماعيا، ما يترك أثراً على شخصيته بالشعور بالدونية والإحباط والتوتر والخوف والتشوه الجسدي وفقدان الثقة بالنفس وتقليل الاحترام للذات الذي قد يتطور إلى أمراض نفسية وعقلية".

تتعدد الأسباب والعنف واحد

يخفي عادة الرجل الاعتداء عليه من قبل زوجته، لأننا كما قالت السيد" مجتمع ذكوري، والمجتمع الشرقي دائما ما ينظر إلى أن الرجل هو المسيطر، اضافة الى حفاظه على كبريائه، ومنعا للإحراج الذي قد يظهره بمظهر الرجل الضعيف". وعن الأسباب النفسية التي تدفع المراة لارتكاب العنف ضد الرجل فهي "صراعات نفسية مكبوتة باللاشعور نتيجة عقدة نفسية تعرضت لها في مرحلة الطفولة مثل تفضيل الذكر على الانثى، النظرة الدونية للمرأة والتعامل معها بقسوة والاحتقار وعدم الاهتمام ما يولد في داخلها شعوراً بالنقمة والعنف الموجه ضد الرجل، اضافة الى اسباب اجتماعية تتمحور حول التفكك وضعف الروابط الاجتماعية وخصوصا مايخص العلاقات الزوجية".

حين يكون للمرأة نفوذ أكثر من الرجل سواء على الصعيد التعليمي أو العملي أو الاقتصادي،  هنا تصبح كما قالت السيد "متسلطة نوعا ما وتتحكم بالمنزل بكل جوانبه، يصبح هناك خلط بالأدوار بينها وبين زوجها، وهذا يولد خضوعه لها. الا ان ذلك يتعلق بطبيعة الرجل. وأيضا من الحالات الاجتماعية الأخرى، الطلاق، العلاقات الزوجية المنهارة أو معاناة الأنثى من العنف الأسري منذ الطفولة الذي يترك لديها شعورا بعدم الأمن والطمأنينة، باختصار نتاج مجتمع عاشت فيه تتوالد لديها أعراف وقيم مخالفة لقوانين المجتمع".

آثار ووقاية

وكذلك تلعب التربية دورا في هذا الامر، فقد تكتسب المرأة كما لفتت السيد "هذا السلوك العدواني من البيئة المحيطة بها كنوع من الحماية الذاتية تتطور لتصبح وسيلة لحل المواقف الصعبة،  أو قد تعود إلى التمزق العاطفي وعدم الانسجام النفسي بين الزوجين وعدم حصول الزوجة على الحنان والمحبة الكافية". وفي ما يتعلق بالآثار النفسية على الأطفال شرحت "اهتزاز دور المرأة الذي يتمثل بالعطف والحب والحنان ودورها المساند للرجل، ودور الرجل الذي يكون عادة دوراً سلطوياً موجهاً إلى الولد، قد يسبب اختلافا في الأدوارر بحيث يقوم الرجل بدور المرأة والمرأة بدور الرجل، وفي هذه الحالة سيأخذ الأطفال صورة الأم المعنفِة التي قد تنتقل وتتواتر عبر الأجيال المتعاقبة" .

وختمت "الاستقرار الزوجي والتماسك الأسري، ووجود أسرة متكاملة متحابة أمر ضروري لبناء مجتمع خال من الأمراض النفسية والعقلية، ولا بد من نشر الوعي والتوجه إلى مراكز الإرشاد النفسي لتخطي الآثار النفسية السلبية والوقاية من جرائم العنف الأسري".