في مقابل تراجع التحالف الانتخابي بين التيار الوطني الحرّ وحزب الله في عدد من الدوائر، وتثبيته في بيروت2 وبعبدا فقط، سجّلت العلاقة بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية مزيداً من التراجع. سئمت القوات لعبة المستقبل الاستثمار بالوقت، فيما سئم الثنائي الشيعي من "طمع" الوزير جبران باسيل، والمطالبة بكل المقاعد المسيحية في الدوائر المشتركة. تباعد كل من التيارين، الوطني الحر والمستقبل، عن حليفه يقودهما إلى تعزيز تحالفهما أكثر فأكثر.

لم تثبت بورصة التحالفات الانتخابية على صيغة واضحة. ما يُتفق عليه اليوم قابل للنقض غداً. لكن البورصة الحالية أسهمت في مزيد من التباعد بين حزب الله والتيار الوطني الحر في البقاع الغربي. إذ رفض الرئيس نبيه بري، بالاتفاق مع الحزب، تسمية التيار مرشحين، كاثوليكي وماروني، في البقاع الغربي، وأبدى بري قبولاً بإيلي الفرزلي فقط، بحكم العلاقة الشخصية بينهما، وليس لكونه مرشح التيار الوطني الحر. ينسحب هذا التباعد على دائرة الجنوب الثالثة، خصوصاً أنها تشهد مزيداً من التقارب العوني المستقبلي، في ظل استبعاد القوات اللبنانية من هذا التحالف. وإذا ما وصل التوافق بين المستقبل والتيار إلى خواتيمه في هذه الدائرة، ستكون معركة مواجهة مباشرة بين هذه اللائحة ولائحة حزب الله وحركة أمل.

في مقابل المعلومات التي تؤكد التوافق بين التيار الوطني الحر والثنائي الشيعي بشأن التحالف في بيروت2، وبنجاح حزب الله في إقناع الحزب السوري القومي الاجتماعي بسحب مرشحه لمصلحة مرشح التيار عن مقعد الأقليات ادغار طرابلسي، تستمر مصادر أخرى في الإشارة إلى أن التوافق لم يحصل، خصوصاً أن باسيل لا يزال يراهن على الوقت، ولن يفصح عن تحالفاته ومرشحيه، قبل الرابع والعشرين من الشهر الحالي. وهذه التوافقات ستكون مرتبطة بخيار باسيل في البقاع الشمالي، لناحية الانضمام إلى لائحة حزب الله وحركة أمل والتخلي عن المطالبة بالمقعد الكاثوليكي، بالإضافة إلى إيجاد حلّ لمرشح الحزب في جبيل الشيخ حسين زعيتر. فصعوبة توفير الحزب لائحة تؤمن حاصلاً انتخابياً لتأمين فوز زعيتر، ستدفعه إلى تقديم تنازل لباسيل مقابل انضمام زعيتر إلى لائحة التيار.

فيما لا يزال الخلاف الانتخابي قائماً بين المستقبل والتيار في دائرة عكار، يتمسك باسيل بترشيح شخصين عن المقعد الماروني والأرثوذكسي. الأمر الذي يرفضه المستقبل مع موافقته على منح باسيل المقعد الأورثذكسي. وفيما يفضّل باسيل الذهاب إلى لائحة 8 آذار، يرفض أفرقاؤها حتى الآن منحه المقعدين.

على خطّ منفصل، كانت المفاوضات بين المستقبل والقوات تصطدم بحائط، وكل التحالفات التي عقدت بين الطرفين، أصبحت عرضة للانفراط، بما فيها في دائرة بعلبك الهرمل، حيث تتهم مصادر قواتية المستقبل بالتراجع عن تعهداته، وبمخالفة الإتفاق السابق. وتقول المصادر أنه بعدما جرى التوافق بين القوات والمستقبل على التحالف في هذه الدائرة، عاد المستقبل وطالب بسحب مرشّح قواتي لمصلحة انضمام التيار الوطني الحر إلى اللائحة المشتركة. ما تعتبره القوات لزوم ما لا يلزم، لا سيما أن التحالف بينهما لا يحتاج إلى أصوات العونيين. وترى القوات أن المستقبل يعتمد هذا الأسلوب للإطاحة بكل التحالفات بينهما لمصلحة تحالفه مع التيار. ويرفض القواتيون الأسلوب المستقبلي في الهروب إلى الأمام، وفي عدم وضوح الطروحات، وفي ما يصفونه محاولات دفع القوات إلى التخلي عن مرشحيها لمصلحة مرشحي التيار.

هذا الخلاف إذا ما استمر، سيفاقم المشكلة وقد ينسحب على الدائرة التي جرى فيها التوافق بين القوات والمستقبل عبر الحزب التقدمي الاشتراكي، أي دائرة الشوف- عاليه. وهناك من يعبّر عن خشيته من انعكاس سلبي لهذه الخلافات على الوضع في تلك الدائرة. ويلقي المسؤولون القواتيون مسؤولية تراجع التفاهم بينهما على مدير مكتب الرئيس سعد الحريري، نادر الحريري، الذي كان قد عقد اجتماعاً ليل الأربعاء الخميس في بنشعي مع النائب سليمان فرنجية، جرى البحث خلاله في تبادل الأصوات بينهما في دائرة الشمال الثالثة وخصوصاً في زغرتا.

هذه الخيارات المستقبلية ستدفع القوات إلى التحالف مع اللواء أشرف ريفي وغيره من الشخصيات المناهضة لسياسة المستقبل، وستعزز التحالف بين القوات والكتائب في دائرتي بيروت1 وزحلة، خصوصاً أن المستقبل يذهب إلى التحالف في تلك الدائرة مع التيار الوطني الحر والطاشناق. ويستعد حزبا القوات والكتائب لتشكيل لائحة مشتركة في تلك الدائرة تضم النائب ايلي ماروني عن المقعد الماروني، أحمد ميتا عن المقعد السني، جورج عقيص وميشال فتوش عن المقعدين الكاثوليكيين، سيزار معلوف عن الروم الأرثوذكس، بوغوس بورجيان عن الأرمن أرثوذكس، وعامر صبوري عن المقعد الشيعي.