شبهات تحوم حول صلاحية جهاز الفرز الإلكتروني، وقيادي في تيار الحكمة يؤكد أن شيئا ما يطبخ في مفوضية الانتخابات يتعلق بالتزوير
 

تواجه مفوضية الانتخابات في العراق اتهامات متزايدة، بشأن نيتها تزوير نتائج الاقتراع العام، الذي سيجرى في 12 مايو القادم، في وقت يحذر فيه البرلمان من إمكانية أن تؤدي هذه الشكوك إلى عزوف الناخبين عن المشاركة في العملية.

وقال سياسي عراقي بارز، مقرب من زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم لـ”العرب”، إن “شيئا ما يطبخ في مفوضية الانتخابات، ربما يتعلق بتزوير نتائج الاقتراع″.

وأضاف، رافضا الكشف عن اسمه لحساسية المعلومات التي يدلي بها، أن “أحزابا متنفذة في مفوضية الانتخابات تناقش فعليا فرص التأثير في النتائج”.

وتابع “ليست لدي تفاصيل حول هذا الموضوع، ولكن البعض من كبار الموظفين في المفوضية يتعرضون لضغوط حاليا، من جهات سياسية يخشون الكشف عنها”.

وعمليا، لمعظم الأحزاب العراقية الكبيرة ممثلون في مجلس إدارة المفوضية، لكن تأثيراتهم تتفاوت بحكم المسؤوليات المناطة بهم.

نيازي معمار أوغلو: تزوير نتائج الانتخابات وارد لعدم تمكّن المفوضية من السيطرة على بطاقات الناخبين
وما زال ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، يسيطر على أهم موقع تنفيذي داخل المفوضية، وهو منصب “رئيس الإدارة الانتخابية”، الذي يشغله رياض البدران المقرب من حزب الدعوة.

ويقول الباحث العراقي باسل حسين إن “مفوضية الانتخابات تكذب بشأن الجهة المصنّعة لجهاز العدّ والفرز الإلكتروني”، مشيرا إلى أن “الجهاز سبق وأن فشل في إحدى الدول عام 2015″.

ويضيف “سألت رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات، عن رقم جهاز العدّ والفرز التجاري أو أي رقم آخر، وردّ البدران بأن الجهاز صنع خصيصا للعراق وبالتالي فليس له أي رقم”.

ويحذّر حسين من أن هذا الجهاز عرضة للتزوير، مستعرضا عددا من الأدلة التي تدعم فرضيته.

ويقول إن هذا الجهاز “هو نفس الجهاز الذي تمّ بيعه إلى قيرغيزستان في انتخابات 2015 الرئاسية، وثبت فشله، وتوقفت الشركة عن بيعه، بل إن آخر تحديث للشركة التي تبيعه كان في عام 2016، ولم نشهد للشركة تلك أي نشاط تجاري بعد هذا العام.. وبالتالي فهذا المنتج موجود وتمّ بيعه لدولة سابقة قبل العراق”.

ويضيف أن “الغريب في الأمر أن هذه الشركة أغلقت موقعها الرسمي لسبب ما، وعادة الشركات حينما تفلس وتغلق مصانعها أو تتوقف عن ممارسة نشاطاتها فإنها تغلق موقعها الإلكتروني أو تلغيه”، لافتا إلى “مقولة صُنع خصيصا للعراق ليست إلا جزءا من صناعة الوهم في العراق”.

واتهم ائتلاف سائرون، الذي يقوده التيار الصدري، مفوضية الانتخابات بـ”السعي إلى إجراء الاقتراع يدويا رغم صرف الملايين من الدولارات على شراء الأجهزة”.

وعقد التحالف مؤتمرا صحافيا جمع أبرز قياداته، للتعليق على الشكوك المحيطة بعمل المفوضية والشركات العاملة فيها وآلية العدّ الإلكتروني وتحديث سجل الناخبين وتوزيع البطاقة البايومترية، مشيرا إلى أن “المفوضية تريد الاستغناء عن الأجهزة التي صرفت على اقتنائها الملايين”.

ويقول عضو لجنة النزاهة البرلمانية أحمد المشهداني، إن “هواجس تراود الكتل السياسية من تدخلات لتحريف الانتخابات القادمة”.

وبالرغم من حجم الاتهامات الموجّهة إلى المفوضية، إلا أن الأطراف المختلفة تحجم عن تحديد الجهة التي يمكن أن تستفيد من هذا التزوير.

ويقول مراقبون للشأن العراقي إن ما تتطلبه العملية الديمقراطية ينفيه واقع مفوضية الانتخابات في العراق، فهي ليست مؤسسة مستقلة أو محايدة تعمل لخدمة الناخبين، بل هي موزعة الولاءات بين الأحزاب والكتل السياسية الحاكمة التي تقاسمت مقاعدها حصصا بينها.


وأشار مراقب سياسي عراقي في تصريح لـ”العرب” إلى أن المفوضية ومنذ أيامها الأولى وحتى الآن تحوم حولها شبهات الفساد، كما أن هناك تقارير رسمية محكمة قُدمت إلى مجلس النواب تدين بالوثائق فسادها، وما أجهزة العدّ الإلكتروني الفاشلة إلا واحدة من صفقات الفساد التي أديرت لحساب الأحزاب التي تشرف على عمل المفوضية.

وأضاف المراقب أنه إذا ما كانت مفوضية الانتخابات تكلف الخزينة العراقية أموالا باهظة، فإن الشك في نزاهة العاملين فيها يدفع بها إلى أن تكون مؤسسة افتراضية على مستوى العمل، مثلها في ذلك مثل الكثير من المؤسسات في العراق.

واعتبر أن الإشارة إلى إمكانية اللجوء إلى العدّ اليدوي ضربة مسبقة لآمال الناخبين، فإضافة إلى ما يشكله من عبء مالي مضاعف فإن ذلك الإجراء سييسّر عملية التزوير، الأمر الذي صار بالنسبة إلى عدد كبير من العراقيين سببا مقنعا لامتناعهم عن المشاركة في الانتخابات القادمة.

ويخشى مقرر البرلمان العراقي، النائب نيازي معمار أوغلو، من تزوير نتائج الانتخابات “لعدم تمكن المفوضية من السيطرة على بطاقات الناخبين”.

ويقول معمار أوغلو إن “المفوضية لم تتمكن من السيطرة على بطاقات الناخبين حتى في الانتخابات السابقة وما قبلها، والكل يعلم ماذا حدث في المدة المتبقية لإجراء هذه الأمور اللوجستية، وكان هناك إرباك يرجع سببه إلى تأخر إقرار قانون انتخابات مجالس المحافظات وتشكيل المفوضية الجديدة”.

وأضاف أن “هناك مخاوف من كيفية تطبيق النظام البايومتري للبطاقات الإلكترونية في الانتخابات، كما أن هناك إهمالا وعزوفا من الناخبين أنفسهم عن مراجعة مراكز التحديث وتسلم البطاقة”.

وتتداول وسائل إعلام محلية أنباء تشير إلى أن “العشرات من الأجهزة التي تعاقدت مفوضية الانتخابات على شرائها لن تصل في الوقت المناسب”، موضحة أن “المفوضية بدأت في الاستعداد لاحتمالات العدّ والفرز اليدوي، بعدما وعدت بإجراء هذه العملية إلكترونيا، لتسريع إعلان النتائج، وقطع الطريق على التلاعب بها”.

وفي محاولة لطمأنة الجمهور، زار رئيس البرلمان سليم الجبوري ونائباه، مقر مفوضية الانتخابات، واطلعوا على شرح تفصيلي لآلية عمل النظام الإلكتروني لعدّ الأصوات.