تترقّب القوى السياسية انتهاءَ المناورات وشدّ الأحجام الجارية في اللحظات الأخيرة لمرحلة ما قبل إعلان اللوائح النهائية التي يُنتظر أن تذهب على شكل ألوان متعدّدة قبل 27 الجاري وهي مهلة قصيرة ستحدّد طبيعة التوازنات والتحالفات
 

فباستثناء «الثنائي الشيعي» الذي كان الاول والأسرع في تحديد اسمائه وحلفائه، تتخبّط القوى الأخرى في سلسلة طويلة من الأخذ والرد بين هذه الدائرة وتلك، حيث تتراوح حظوظ التحالف بين تفاؤل وتشاؤم، تبعاً لتقدير كل طرف لقوّته وحجمه.

الأبرز في هذا الأخذ والرد التحالف «المستقبلي» - «القواتي» الذي تبيّن أنه بعد عودة الرئيس سعد الحريري من السعودية، لم يصبح اكثر حظوظاً، فتيار «المستقبل» اختار أن يكون بمفرده مع حلفاء مستقلّين في اكثر الدوائر حساسية أو مع «التيار الوطني الحر» في دوائر قاتلة كالأشرفية، التي ذهب فيها الى التحالف مع التيار وحزب «الطاشناق»، وهذا يعني أنّ لائحة «الكتائب» و«القوات اللبنانية» والنائب ميشال فرعون باتت في خطر الاختراق الكبير، إذ تتميّز اللائحة العونية ـ «المستقبلية» والطاشناقية بكتل أصوات ثابتة ستهدّد أكثرَ من مقعد.

أما في زحلة فقد ترك الحريري «القوات اللبنانية» متّجهاً نحو تحالف مع السيدة ميريام سكاف، وهو ما يعني أيضاً أنّ الكتلة السنّية الكبيرة ستفيض عن المقعد السنّي لترجّحَ اكثر من مرشح في هذه اللائحة ولتترك لائحة «القوات» و«الكتائب» في دائرة الخطر، علماً أنّ المقعد الذي يُفترض أن تناله هذه اللائحة مرجّح لـ«القوات اللبنانية»، في حين يراهن النائب إيلي ماروني على أن يكون هو المرشح الفائز، هذا في وقت يحتفظ اللواء أشرف ريفي بخياراته في هذه الدائرة وهو الذي يحتفظ بقاعدة أصوات في معظم بلدات البقاع الاوسط.

أما في البقاع الغربي فقد تكرّر السيناريو ذاته حيث اختار تيار «المستقبل» المرشّح هنري شديد للمقعد الماروني، وتجاوز التحالف مع «القوات اللبنانية» التي تُركت وحيدة لكن من دون أن تأخذ أيّ خيار آخر منتظِرة الوقت القصير المتبقّي قبل أن تعلن انتهاء المفاوضات مع «المستقبل».

المناورات وشدّ الحبال «القواتي» ـ «المستقبَلي» لم ينتهِ عند هذه الدوائر الحسّاسة، بل تعدّاها الى معقل «القوات» في دائرة الشمال المسيحية، التي بات واضحاً فيها أنّ «المستقبل» سيعزّز فرص الوزير جبران باسيل بالفوز حيث سيجيّر له الاصوات التفضيلية في البترون، تماماً كما سيجير للنائب سليمان فرنجية الاصوات التفضيلية في زغرتا، في حين لا يُعرف حجم الاصوات التي سيعطيها للائحة «القوات اللبنانية» في كل الدائرة، علماً ايضاً أنّ هذه الدائرة التي تحتوي على عشرة آلاف صوت سنّي يدخل ريفي في دائرة التأثير فيها من خلال لائحة سيتمّ التوافق على دعمها مع حزب الكتائب ومستقلّين ومع رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض متى حسم خيار تحالفاته.

الواضح انّ العلاقة «المستقبلية» ـ «القواتية» لم تصل بعد الى برّ الأمان، وهذه العلاقة المتأرجحة صعوداً وهبوطاً، والتي لم تعد تحتاج الى منجم مغربي لتبيان مدى تأثّرها بما جرى قبل الاستقالة وبعدها، تنتظر إعلان الحسم، فإما أن يذهب كلّ في طريقه وهذا امر محتمَل سيتبعه فتح الاوراق والخيارت، خصوصاً في الوسط السنّي الذي تحاذر فيه «القوات» التفكير في أيِّ تحالف آخر قبل استنفاد فرص البقاء مع «المستقبل»، أو أن يتراجع «المستقبل» خطوة الى الوراء ويوسّع تحالفه مع «القوات» ليشمل الدوائر الحسّاسة التي يمكن أن ترفع نسبة التمثيل وعدد النواب، وفي الحالتين فإنّ مهلة زمنية قصيرة تفصل عن حسم الخيارات التي يُتوقع أن تؤدّي الى تكريس واقع سيترجم نفسه في الحكومة المقبلة.