لو صدق فعلاً قول رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل انه “اذا لم تقر خطة البواخر فلن نسير بالموازنة”، فيعني ذلك ان الموازنة سقطت لان مشروع استئجار بواخر الكهرباء التركية من شركة محددة سلفا من دون اجراء مناقصات، بات معقّدا بعد انضمام “حزب الله” الى المعترضين على المشروع.

الاعتراض “القواتي” الطويل الامد، ازعج “التيار” والحكومة معاً، لكنه لم يبلغ حد التعطيل في ظل غطاء وزاري واسع سابق، او توافق على عدم الاختلاف والتصادم أخّر اقرار المشروع من دون ان يطيحه، قبل ان تتسع دائرة المعارضة لتشمل حلفاء “التيار”، وتصبح كرة ثلج كبرت وتدحرجت فجعلت امرار المشروع – الصفقة صعب المنال، ولو طيّرت الموازنة بحجته.

فقد أكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم ان الحزب “غير موافق على صفقة البواخر”، قائلا: “أقولها علناً، نحن مع انشاء معامل انتاج لبنانية، لكنهم يضعوننا امام معادلة إما بواخر او لا كهرباء، وأتوقع ان تمر الصفقة في مجلس الوزراء رغم اعتراضنا”.

وعندما خرج وزير الطاقة سيزار ابي خليل مستغربا الموقف ومؤكدا انه نسّق مع الوزير محمد فنيش، رد الاخير: “موقفنا واضح في ملف الكهرباء، ونحنا مش ماشيين بالبواخر”، ناكراً على ابي خليل موافقة الحزب، وانضم الى جبهة معارضة تضم حركة “امل” والكتائب و”القوات” و”المردة” … فمن اين يأتي “التيار الوطني الحر” بأكثرية وزارية عند التصويت على المشروع بناء على رغبة رئيس الجمهورية ميشال عون؟ وهل ان الرئيس مستعد للتصويت على مشروع يخضع للتحقيق والتفتيش بعدما امتنعت الدوائر المختصة عن الموافقة عليه؟

مشروع الوزير ابي خليل هدف الى زيادة ساعات التغذية لصيف 2017. انقضى الصيف، وعشرات الفصول منذ تسلّم “التيار” الوزارة، ولم يتم انشاء معامل للطاقة، بل تم الاكتفاء بحلول “ترقيع” والادعاء بان المعطلين لا يريدون لـ “التيار” ان يحقق نجاحات في هذا القطاع. ولا توضيح اذا كانت البواخر تعتبر انجازات او نجاحات في غياب مشروع جدي لانشاء معامل او تخصيص هذا القطاع المرهِق للخزينة.

يذكر ان مشاريع عدة كانت ممولة من جهات دولية وصناديق عربية لانقاذ القطاع طرحت منذ العام 2000 وفي العام 2010، لكنها جبهت بالرفض لان تمويلها خارجي وتنفيذها يتم تحت رقابة خارجية تمنع السرقات والسمسرات، بخلاف التمويل الداخلي الذي يبيح كل انواع المنافع والتعاقدات والتوظيفات.

مراجعة محاضر مجلس النواب تذكّر بالجدالات التي اسقطت كل المشاريع الممولة خارجيا، والتي تؤكد عدم وجود نيات حقيقية لمعالجة هذا النزف، وتركه مفتوحا على خيارات غير قانونية. والصراعات الحالية ستبقي الملف مفتوحا من دون حلول، وستحوله مادة مزايدة اعلامية انتخابية بشعارات شعبوية، ومن غير الواضح هوية الجهة التي ستدفع التعويضات للشركة التركية اذا صدقت المعلومات التي تتحدث عن عقود موقعة قبل الموافقة الرسمية، وفيها بنود جزائية، تدفع الى الاستبسال في الدفاع عن المشروع.