حلّق كمال بيروتي الى السماء، ليرى العالم للمرة الأولى بعينيه بعد تسع سنوات امضاها على الارض كفيفاً بنظره مبصراً بقلبه وبصيرته، رحل الصبي المتفوق والذكي بعد معاناة لثلاثة اشهر من مرض نادر، طرحه في الفراش وهو الذي اعتاد تمضية وقته في الضحك واللعب، وعندما بات الشفاء أمراً مستحيلاً سلّم الروح مفضلا الابتعاد.

حلاوة قبل المرارة

في الصيف الماضي اصرّ كمال على عائلته المؤلفة من شقيقه ووالديه القيام برحلة الى تركيا، وكأنه كان يشعر ان فراقهم بات قاب قوسين أو ادنى، وبالفعل كما قال والده محمد" لبيّنا رغبته، امضينا اسبوعا في تركيا من اجمل الايام معه، لنعود بعدها الى بيروت وتبدأ عوارض مرض نادر تظهر عليه، بداية في كليته حيث اصيب بجلطة، خضع للعلاج واجرى الطبيب له فحوصات لتشخيص حالته، لكنه انتكس من جديد بعدما اصيب بنزيف في الدماغ في التاسع عشر من الشهر الماضي، الامر الذي استدعى خضوعه لعملية جراحية ادت الى مضاعفات ليمضي باقي ايامه على التنفس الاصطناعي وقبل يوم من وفاته اجمع الاطباء على تشخيص حالته بشكل اولي على انها مرض AHUS و للتاكد من ذلك ارسلنا الفحوصات الى الخارج قبل يوم من وفاته"، في حين اكد الطبيب الذي تابع حالة كمال، البروفسور شبل موراني الأخصائي في أمراض الكلى انه " الى الآن لم يتم تشخيص مرض بيروتي"، مضيفا" ما هو اكيد انه عانى من multi organ failure بدأ بنزيف في الدماغ وانتقل الى توقف باقي الأعضاء وحتى طبيبة الدم لم تعط تشخيصاً له على انه AHUS، ننتظر النتيجة النهائية كي تصلنا من الخارج والتي من المرتقب ان تعطى لنا خلال شهر".

تميّز وذكاء

لم يعانِ ابن جبشيت (سكان بيروت) من اي مرض منذ نشأته الى ان اصابه ما لا يخطر على بال انسان، ولفت الوالد المفجوع بهول خسارته "كان من التلامذة المميزين في مؤسسة الهادي حيث دخل المدرسة في عمر 3 سنوات. لمس الجميع ذكاءه الحاد اجتماعياً وفي المهارات التي يمارسها في اللمس والسمع وغيرها، وعلى الرغم من روح الدعابة التي صبغت شخصيته، الا انه اعتمد على ذاته منذ صغره في أبسط الامور، اذ لم يكن يوافق أن يعلمه احد، يطبق طريقة المناهج الحديثة الا وهي تعلم الاكتشاف وابتكار الطرق، فقد كان يستفسر عن الاشياء بطريقه غير مباشرة كي لا نشعر بالحزن".

طير الجنّة

"ما يزيد على الشهر وهو بين الوعي واللاوعي، كنا نحدثه عند استيقاظه عن الامور التي يحبها ونسمعه الاغاني التي يفضلها، كان يتجاوب معنا في بعض الاحيان، الى حين شاء الله ان يصبح طيرا من طيور الجنة"، يقول الوالد المفجوع بأعظم الخسارات.