الانتخابات على وقع التهديدات والوساطة الاميركية

 

الاخبار :

قبل أيام، توجه مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد ساترفيلد إلى فلسطين المحتلة، آتياً من لبنان. عقد سلسلة لقاءات مع مسؤولين إسرائيليين، سياسيين وعسكريين، في مسعى منه لإيجاد صيغة حل بين الاحتلال ولبنان لأزمة الحدود البرية والبحرية، وما يتصل بها من خلاف على النفط والغاز قرب الحدود. وعلى هذه الخلفية، التقى المسؤول الأميركي وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شتاينتس، الأحد الماضي، وعاد والتقاه أول من أمس، في موازاة لقاءات جمعته في الأيام الماضية مع مسؤولين رفيعي المستوى في الجيش الإسرائيلي. أما بقية جدول أعماله في كيان العدو ولقاءاته، طوال الأيام الماضية، فبقي عمداً طي الكتمان، بلا إعلان ولا تسريبات.

اللافت أن أخبار لقاءات ساترفيلد في إسرائيل ومضمونها، وكذلك التصريحات والتعليقات المتعلقة حولها، مقلصة جداً إلى حد تكاد تفتقر فيه إلى التغطية الاعلامية، إلا ما يتعلق بتسريب أو خبر في أحد المواقع الإخبارية العبرية، أو تغريدة لأحد المراسلين على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما معظم المقاربة والتغطية الخبرية هي نقل عن وسائل الإعلام في لبنان.
الواضح أن السلطات الإسرائيلية رفعت موضوع الخلاف بينها وبين لبنان ومستواه، إلى موضوع أمن قومي (وهو كذلك)، ما يفسر «شبه السكوت» حوله رغم أهميته وحضوره الكبير في التداول (غير المعلن) في تل أبيب. يُضاف إلى ذلك أن الأيام والأسابيع الماضية، حملت الكثير من التهديدات المباشرة لإسرائيل من لبنان، كان أهمها ما ورد على لسان الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، فضلاً عن تصريحات المسؤولين اللبنانيين. لكن يبقى الأساس من ناحية إسرائيل، وفي مقدمة اهتماماتها، تهديدات حزب الله بإمكان حرمانها (إسرائيل) التنقيب عن الغاز واستخراجه.


 

 


للدلالة على الحد الذي وصلت إليه الرقابة، أو في حد أدنى «التمنيات» على الإعلام العبري، صدرت تقارير صحفية إسرائيلية بعد عودة ساترفيلد إلى تل أبيب، أشارت إلى أنه «وفقاً لتقارير صدرت في لبنان، ساترفيلد موجود في إسرائيل لإجراء لقاءات مع المسؤولين الإسرائيليين من أجل التوصل إلى حل في موضوع الخلاف على الغاز مع لبنان». وهي رقابة أو «تمنيات»، انصاعت لها وسائل الإعلام العبرية، إلا ما ندر. الأمر الذي يعني أن إسرائيل لا تريد تصريحات أو تعليقات من شأنها أن تفسر في الجانب الثاني تهديدات، أو أي تفسيرات أخرى، تضرّ بإرادة التسوية التي تسعى إليها في الموضوع الغازي، لتعذّر حلول متطرفة غير متاحة عملياً لديها.
من ناحية ثانية، واضح جداً غياب التهديدات من الجانب الإسرائيلي. مع التشديد من تل أبيب، على «التفاؤل» الموصوف بالنسبي، وعلى «الحل السلمي»، وعلى «ضرورة مراعاة مصلحة الطرفين». وهي إشارات وردت حصراً في الأيام القليلة الماضية، ضمن تصريحات مقتضبة صدرت عن وزير الطاقة، يوفال شتاينتس.
في سياق ذلك، لا يعدّ موقف وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، تهديداً أكثر منه دعوةً للتسوية من موقع مَن يحاول الإيحاء بالاقتدار، وإن كان الموقف في معانيه المباشرة يحمل قدراً من التهديدات. ليبرمان أشار، وكما جاء في الإعلام العبري رداً على تهديدات صدرت من لبنان تتعلق بالبلوك 9، إلى أن «هناك طريقة مقبولة لحل سجال من هذا النوع. وإذا كان اللبنانيون لا يريدون الحل ويريدون مواصلة الجدال، فهم بلا شك سيخسرون من ذلك».
بناءً على لقاءات ساترفيلد في تل أبيب، كما يرد عنها من تسريبات وتعليقات عبرية محدودة جداً، تتضح جملة من الحقائق التي تحكم الموقف الإسرائيلي، وتحكم أيضاً «تفاؤله» المعلن:
موقف العدو «أضعف» من الموقف اللبناني. فأي تهديد إسرائيلي سيرتد أضراراً على مصالح إسرائيل، بما يتجاوز الرقع الجغرافية موضع الخلاف بين الجانبين. فالعدو بات يملك قطاعاً نفطياً ناشطاً، تقدّر قيمته بمليارات الدولارات، في مقابل صفر دولار في لبنان. وبناءً على ذلك، أي معركة عسكرية تلجأ إليها اسرائيل أو تهدّد بها، ستؤدي إلى خسارة هائلة لديها، في ظل قدرة المقاومة على إجبار العدو على وقف أنشطته النفطية والغازية في البحر الفلسطيني.
قراءة متأنية لتصريحات وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، قبل أسابيع حول أحقية إسرائيل بكامل البلوك 9 واستناداً إلى «كل المعايير»، تطرح أسئلة كبيرة عن سبب العدو وامتناعه طوال الأشهر الماضية، عن التصريح والجهر بموقفه و«حقوقه غير القابلة للجدال»، وذلك كله في موازاة استكمال دورة التراخيص في لبنان وإعلان تلزيم البلوك 9، وكذلك توقيع الاتفاق بشأنه بين لبنان والشركات النفطية.
ويمكن الاستنتاج أن إسرائيل درست خياراتها جيداً، إلى حد الإفراط، إلى أن توصلت إلى نتيجة مفادها أن استخدام القوة العسكرية ــ أو التهديد باستخدامها ــ لن تجدي نفعاً، وإلا كانت عمدت إلى المواقف المتطرفة بلا إبطاء، دون أن تعمد إلى طلب «الحلول السلمية والتسويات»، على غير عادة، وخاصة أن البلوك 9، كما يقول ليبرمان: إسرائيلي بكل المعايير.
واضح أيضاً وجود التزام أميركي بالتوصل إلى «تسوية سلمية» للخلاف القائم، ربطاً بالإدراك الأميركي ــ الإسرائيلي، أن لا حل مغايراً بمقدور إسرائيل اتباعه في وجه اللبنانيين. وهو ما يفسر، كما يرد في تغريدة لموقع قناة «كان» العبرية (شبه الرسمية)، أن ساترفيلد سيبقى في المنطقة إلى حين التوصل إلى تسوية ترضي الطرفين، فيما أضافت القناة السابعة العبرية، في تقرير لها، أن المبادرة الأميركية لإيجاد تسوية بين لبنان وإسرائيل على خلفية الخلاف الغازي، تتحرك منذ أشهر وليس منذ أسابيع. وهذه الحقيقة معطوفة على الحقيقة الأولى (غياب التهديدات)، تعني بداهة أن الموقف الإسرائيلي المتخذ قضى بضرورة «التسوية» وليس استخدام القوة أو التهديد بها، لتعذّر الخيار الأخير (القوة). ويشير أيضاً إلى أنه قرار اتخذ منذ أشهر، أي ما قبل التوقيع على الاتفاق بين لبنان وائتلاف الشركات الدولية الثلاث، مع إشراك الأميركيين، كما يبدو، في الترويج للحل التسووي، وتسويقه لدى لبنان.
وكانت قناة «كان» قد أشارت في تقرير مختصر عن ساترفيلد في تل أبيب، بعد أيام على زيارته، إلى أنه «فيما تعرب إسرائيل عن تفاؤلها النسبي بإيجاد حل للخلاف مع لبنان على خلفية الغاز المتنازع عليه، إلا أن لبنان من جهته، ما زال يطلق التهديدات بأنه سيواجه العدوان الإسرائيلي على حدوده». لكن بحسب ما يرد في التقرير نفسه، فإن الوساطة الأميركية ما زالت تتحرك رغم هذه التهديدات، و«المتوقع أن يواصل ساترفيلد رحلاته المكوكية في المنطقة، ومن المتوقع أن يعود إلى لبنان قريباً، لمواصلة الوساطة».
ويلفت تقرير القناة إلى أنه في إطار «جهود الوساطة المحمومة» بين إسرائيل ولبنان على خلفية النزاع الغازي بينهما، قابل ساترفيلد للمرة الثانية الوزير شتاينتس وكبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي، في محاولة للتوصل إلى حل بشأن هذه المسألة، فيما أكدت القناة السابعة العبرية، نقلاً عن مصادر شددت على أنها مطلعة، أن «رحلات ساترفيلد المكوكية بين إسرائيل ولبنان، تهدف إلى إيجاد حل دبلوماسي للخلاف، على أن يكون حلاً يجري التوصل إليه، في مدة زمنية قصيرة».


وزير إسرائيلي: إن نشبت الحرب... لا سمح الله!

نفذت وزارة التربية والتعليم في إسرائيل، مناورة لفحص جاهزية الدور والمؤسسات التربوية لمواجهة سيناريوهات حرب مفترضة، في كل أنحاء فلسطين المحتلة. المناورة، التي ليست الأولى من نوعها للجبهة الداخلية، قد لا تشير بذاتها إلى تطور أو تصعيد ما، أو حتى إلى ما يتعلق بجاهزية وتوثب مفترضين للحرب المقبلة. بل اللافت هو تصريح صدر عن وزير التربية والتعليم، عضو المجلس الوزاري المصغر، نفتالي بينيت، الذي يظهّر نفسه على أنه الصقر الأول في الحكومة الإسرائيلية. أشار بينت إلى «أن مستوى التهديد على الإسرائيليين قد ازداد، ونحن نتنبأ بأنه إذا اندلعت الحرب، لا سمح الله، فسنتعرض لأضرار لم نشهدها من قبل». وأضاف: «إسرائيل هي الدولة الأقوى في الشرق الأوسط ومستعدة لكل سيناريو، وسنقوم بكل ما يمكننا لمنع وقوع الحرب، لكن الأمر لا يتعلق بنا. إذا وقعت الحرب، لا سمح الله، فإن البلاد والبيوت قد تتضرر بصورة أشد من السابق». وتجدر الإشارة إلى أن وزير الأمن الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، سبق أن استخدم عبارة التمني نفسها، «لا سمح الله»، في حديثه عن احتمال الحرب على الجبهة الشمالية.


ضابط إسرائيلي: لا نيات لشنّ الحرب شمالاً... ولكن

أكد رئيس شعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، اللواء نيتسان ألون، أن جميع الأطراف غير معنية بنشوب حرب على الجبهة الشمالية، رغم أن التقديرات تشير إلى ارتفاع معقولية نشوب الحرب في عام 2018. وبحسب الضابط الإسرائيلي، فإن هذه الحرب، إن نشبت، فستكون على خلفية التغيير الاستراتيجي مع بداية نهاية الحرب في سوريا، وليس نتيجة إرادة الأطراف. وأضاف أن «الحرب المقبلة التي ستكون قاسية على كل الجهات التي ستخوضها، ستكون أكثر قسوة على اللبنانيين، لافتاً إلى أن هذه الحرب لن تقتصر بالضرورة على حزب الله في لبنان، بل يمكن أن تجرّ إليها جهات أخرى، نتيجة إرادة جهات مقابلة توسيع المعركة»

 

 

اللواء :

مع ارتفاع بورصة الترشيحات، وأبرزها ترشيح الرئيس نبيه برّي، بدأ في البلد همس دبلوماسي، وحراكات تتابع المشهد ضمن أسئلة عادت تطرح حول طبيعة التنافس والخيارات، حيث تقلصت احتمالات التحالف الانتخابي بين حزب الله والتيار الوطني الحر، وبدا «المناخ الارثوذكسي» يطغى على قانون النسبية الذي اعتبر اختباراً لدخول قوى تغييرية ومدنية إلى برلمان عام 2018، المرسوم من الآن كيف ستكون رئاسته وهيئة مكتبه، وربما اللجان ورؤسائها.. وكل العدة التي تعقب تشكيل المجلس الجديد، ودائماً إذا جرت الانتخابات!

في الأفق، وعلى وقع إيقاع حرارة اللقاءات والاجتماعات، المنظورة وغير المنظورة، والارباكات والصعوبات، لدى كتل وتيارات وازنة، عاد السؤال يطرح: هل فكرة تأجيل الانتخابات ستة أو سبعة أشهر ما زالت واردة حتى يتزامن تاريخ انتهاء ولاية المجلس الجديد مع إنتهاء ولاية الرئيس ميشال عون؟

وبصرف النظر عن التقديرات ان حزب الله وحلفاءه، سيصل إلى المجلس النيابي بكتلة وازنة تخوله الضغط لإعادة انتخاب الرئيس برّي لولاية جديدة في رئاسة المجلس، وفتح الطريق امام النائب الحالي سليمان فرنجية (الذي سيترك المقاعد لنجله طوني) للوصول إلى قصر بعبدا.. فإن المسار الانتخابي يسجل خطوات على طريق انتخاب الطوائف لنوابها، على طريقة مجالس المبعوثين في حقبة ما بعد إعلان دولة لبنان الكبير في 1 أيلول 1920، من قصر الصنوبر، وبلسان الجنرال المفوض غورو..

إرباك انتخابي

انتخابياً، ارتفعت بذلك بورصة الترشيحات الرسمية إلى 73 مرشحاً، قبل أسبوعين من اقفال باب الترشيحات في 6 آذار المقبل.

وفيما لم ترشح أية معلومات عن اللقاء الذي جمع الرئيس سعد الحريري ليل أمس الأوّل، برئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل، بخصوص مسألة التحالفات بين «المستقبل» و«التيار»، رأت مصادر نيابية متابعة لملف الانتخابات ان الوقت ما يزال متاحاً امام القوى السياسية لاعلان برامجها الانتخابية ومرشحيها، متوقعة ان تحسم هذه القوى خياراتها نهاية الشهر الحالي.

وقالت ان الرئيس الحريري ما يزال في صدد جوجلة تحالفاته وخياراته قبيل الإعلان النهائي عنها وعن أسماء مرشحيه، وهو يتمسك بعدم الإفصاح حتى لأقرب المقربين منه عن هوية هؤلاء المرشحين، الأمر الذي ترك نوابه الحاليين في كتلة «المستقبل» في حالة من «حبس الانفاس» بانتظار القرار الذي قالت معلومات انه لم يعد بعيداً.

ومساءً، عقد اجتماع مطوّل امتد 4 ساعات بين الرئيس سعد الحريري والوزير القواتي ملحم رياشي، بحضور الوزير غطاس خوري في بيت الوسط، تخلله عشاء لمتابعة النقاش في إشكالية العلاقة بين تيّار المستقبل والقوات اللبنانية، وامكانيات التحالف في بعض الدوائر الانتخابية.

كما ان «الجماعة الاسلامية» التي أطلقت أمس حملتها الانتخابية في بيروت، في حضور أمينها العام عزام الأيوبي، لم تحسم أمر المشاركة بعد في لوائح «المستقبل» أو غيرها من اللوائح في انتظار الانتهاء من المشاورات التي لا تزال مفتوحة بينها وبين القوى السياسية السنية من دون استثناء.

وكشفت مصادر الجماعة لـ«اللواء» عن أسماء المرشحين التي حسمت موضوع ترشيحهم حتى الآن وهم: النائب عماد الحوت عن بيروت الثانية، أسعد هرموش عن منطقة الضنية ومحمّد شديد عن عكار، ووسيم علوان عن طرابلس وبسام حمود عن صيدا، من دون ان تستبعد ان تقفل بورصة ترشيحات الجماعة على 9 مرشحين، خصوصاً وان هناك أسماء ستعلن قريباً لتمثيل البقاع وإقليم الخروب.

من ناحية ثانية، يزور اليوم وفد من الحزب التقدمي الاشتراكي يضم النائب اكرم شهيب والمرشح عن منطقة بعبدا هادي أبو الحسن والقيادي هشام ناصر الدين رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل للتشاور في إمكان التحالف ضمن لائحة الشوف - عاليه التي يريدها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط انعكاساً للرغبة بتعزيز المصالحة التاريخية في الجبل.

وأشارت معلومات إلى ان الوفد سينقل إلى الجميل رغبة جنبلاط بضم النائب فادي الهبر إلى اللائحة الجاري العمل على تشكيلها مطعمة بمختلف القوى السياسية الفاعلة في المنطقة، في حين ان الحزب لم يحسم حتى الساعة ترشيح الهبر، ويميل رئيسه إلى خوض الانتخابات خارج لوائح السلطة.

يُشار إلى ان الاشتراكي كان طرح على «التيار الوطني الحر» عرضاً يقوم على حصول التيار على ثلاثة مقاعد (مقعدان في عاليه ماروني وارثوذكسي، وواحد ماروني في الشوف)، لكن التيار رفض هذه الصيغة المغرية، مع انها تتناسب مع طموحه في هذه الدائرة. وتردد ان العونيين مثل «القوات اللبنانية» يرفضون ترشيح الوزير السابق ناجي البستاني في الشوف والذي يعتبره جنبلاط من الثوابت الانتخابية.

غير ان مصادر مطلعة استدركت ان المفاوضات لم تنته بعد، رغم ان العرض الاشتراكي يعني اقصاء «القوات» والكتائب عن اللائحة التوافقية، وهو ما يتناقض مع الرغبة الجنبلاطية بتمثيل الجميع، حيث ستكون اللائحة على الشكل الآتي:

في عاليه: سيزار أبي خليل وهنري الحلو عن المقاعد المارونية، ومرشح ارثوذكسي يسميه «التيار»، إضافة إلى اكرم شهيب عن المقعد الدرزي، ومقعد يترك مراعاة للنائب طلال أرسلان.

وفي الشوف: ماريو عون وناجي البستاني وايلي عون عن المقاعد المارونية، نعمة طعمة عن المقعد الكاثوليكي، تيمور جنبلاط ومروان حمادة عن المقاعد الدرزية، إضافة إلى محمّد الحجار وبلال عبد الله عن المقاعد السنية.

الموازنة

وتعقد اللجنة الوزارية المنبثقة عن جلسة مجلس الوزراء اجتماعاً اليوم برئاسة الرئيس الحريري في السراي الكبير، على ان يليه اجتماع آخر غداً الخميس، في إطار الإسراع بإنجاز المشروع واحالته إلى المجلس النيابي لاقراره قبل نهاية ولايته.

وعشية الاجتماعات الوزارية برز موقفان: الأوّل لكتلة المستقبل التي شددت على «الانضباط المالي» والتأثير الإيجابي، الذي ربما يمكن لبنان من الحصول على الدعم من الدول الشقيقة والصديقة والمؤسسات العربية والدولية.. والثاني من تكتل الإصلاح والتغيير الذي طالب بـ5 إصلاحات ضرورية: خفض الفوائد وكلفة الدين العام، وتخفيض الانفاق في الوزارات وتخفيض المساهمات عبر التحقق من الجمعيات المستفيدة منها والكهرباء والسلفة التي تغطي الفارق بين التعرفة المخفضة والكلفة، والاصلاحات كزيادة التطويع والتوظيف وضبط الهدر وتفعيل الجمارك.

وقال وزير الاقتصاد رائد خوري: إذا لم تحصل تغييرات في الموازنة سيكون هناك عجز يزيد عن 10 آلاف مليار ليرة لبنانية.

واستغربت مصادر وزارية ما أعلنه وزير المال علي حسن خليل، بعد جلسة مجلس الوزراء، في ما خص نسبة العجز الكبيرة في مشروع الموازنة.

وقالت: ان وزير المال كان قد استرد مشروع الموازنة، قبل حوالى الشهرين، ليتم تخفيضها بنسبة 20٪ من موازنات الوزارات والإدارات العامة، كما كان تمّ الاتفاق عليها في جلسات سابقة للحكومة لتقليص نسبة العجز فيها، ولكنه أعاد المشروع الى رئاسة الحكومة، من دون ان يضمنه التخفيض، وقدمها كما كانت في حين ان إنجاز المشروع يصبح في صيغته النهائية، مطروحاً على الحكومة، وهو من مهامه، وليس من مهام اللجنة الوزارية.

مؤتمر باريس في 6 نيسان

وانعقد في السراي لقاء تحضيري لمؤتمرات الدعم الدولي للبنان، حيث حسم ان مؤتمر «سيدر-1» (باريس-4) سيعقد في 6 نيسان المقبل، على ان يسبقه اجتماع تحضيري في بيروت في 6 آذار المقبل، برعاية الرئيس الحريري.

وكشف مستشار الرئيس الحريري نديم المنلا، على هامش مؤتمر الاستثمار في البنى التحتية، عن ان الرئيس الحريري سيقوم بجولة خليجية قريبا تحضيرا لمؤتمرات الدعم الدولية للبنان، وأعلن ان السفير الفرنسي المكلف رئاسيا الاعداد للمؤتمرات بيار دوكان الموجود في بيروت، أبلغ الجانب اللبناني انه جال على أربع دول خليجية مستطلعاً مدى  استعدادها للمشاركة في المؤتمرات فأبدت اثنتان تأييدهما ودعمها فيما وعدت الأخريان بمراجعة قيادتها والعودة بالجواب قريباً، وشدّد المنلا على ان الإصلاحات وإقرار الموازنة مطلوبة ولازمة دوليا، الا انها ليست شرطية لعقد المؤتمرات.

عون في بغداد

في هذا الاثناء، بدأ الرئيس ميشال عون زيارته الرسمية للعراق، حيث فاجأه الرئيس العراقي فؤاد معصوم بالاحتفال بعيد ميلاده، أثناء مأدبة الغداء، في لفتة رئاسية معبرة تجاه لبنان، مؤكدا حرص العراق على المحافظة على استقرار لبنان وازدهاره وسلامة أراضيه، وان لبنان نموذج ليس فقط في التعددية والعيش المشترك، بل ايضا كونه البلد الأوّل في العالم الذي نجح جيشه في دحر المنظمات الإرهابية على أراضيه وتطهيرها من الاجرام التكفيري، مبديا استعداد بلاده لتعزيز التعاون وتطويره في كافة المجالات.

وجدّد الرئيس عون من جهته على أهمية توحيد الموقف العربي، على أبواب انعقاد القمة العربية المرتقبة في السعودية، وعلى ضرورة الدفع باتجاه المصارحة الجدية بين الدول الشقيقة تمهيدا لتحقيق المصالحة الحقيقية بينها، لافتا إلى ارتفاع حدة التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان بوتيرة متسارعة في الفترة الأخيرة، مؤكدا موقف لبنان الموحّد والصارم إزاء التهديدات والاستفزازات المرافقة لها.

وأكّد عون، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس معصوم قبل الغداء، ان لبنان يقف بقوة مع وحدة العراق وضد كل المشاريع والنزاعات التي تهدف إلى تهديد وحدة كيانه.

اما رئيس الوزراء العراقي الدكتور حيدر العبادي الذي زاره الرئيس عون في قصر «سندباد؛ مقر رئاسة الحكومة العراقية في بغداد، انعقدت محادثات موسعة بين الجانبين اللبناني والعراقي، فقد رأى ان الزيارة ستعزز العلاقات بين البلدين وتفتح مجالات التعاون، لا سيما وان لبنان والعراق واجها ظروفا مماثلة في مكافحة الإرهاب وحققا انتصارات.

وجدّد الرئيس عون وقوف لبنان إلى جانب وحدة الدولة العراقية ارضا وشعبا ومؤسسات ورفض كل ما يُمكن ان يمس بهذه الوحدة، مشددا على أهمية تبادل المعلومات والخبرات المتعلقة بمكافحة الإرهاب.

ويستكمل عون زيارته الرسمية لبغداد اليوم بلقاء رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري ونائب الرئيس العراقي اياد علاوي، قبل ان يتوجه إلى أرمينيا في زيارة مماثلة تستمر إلى الغد.

جولة اليعقوب

تزامناً، سجل سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد اليعقوب تحركا باتجاه المرجعيات الدينية ولا سيما المسيحية، حيث زار البطريرك الماروني بشارة الراعي في بكركي، ثم متروبوليت بيروت للروم الارثوذكس المطران الياس عودة.

ومن بكركي أطلق السفير اليعقوب موقفا لافتا إذ قال انه أكّد للبطريرك الراعي وقوف المملكة إلى جانب الشرعية اللبنانية المنبثقة من الدستور والطائف ودعم المؤسسات في لبنان، مؤكداً إن ما يربط المملكة بجميع المرجعيات الروحية اللبنانية عميق وأساسي، وما يربطها بهذا الصرح الوطني الكبير استثنائي، مشدداً على ان لبنان وطن نهائي لجميع اللبنانيين.

ساترفيد في بيروت

إلى ذلك، ذكرت معلومات ان نائب مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد سيعود إلى بيروت اليوم لوضع المسؤولين في نتائج الاتصالات التي أجراها في تل أبيب في شأن النزاع النفطي بين لبنان وإسرائيل، في وقت زار فيه قائد قوات «اليونيفل» في الجنوب الجنرال مايكل بيريي المدير العام للأمن العام  اللواء عباس إبراهيم المكلف بملحق الجدار الاسمنتي على الخط الأزرق الذي تبنيه إسرائيل، وجري بحث في الأوضاع على الحدود النوبية، وموضوع الجدار، وعرض سبل تعزيز التعاون والتنسيق بين الأمن العام و«اليونيفل» لترسيخ الاستقرار في المناطق الحدودية.

 

 

الجمهورية :

قالت مصادر مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ وساطة ساترفيلد «فاشلة سلفاً، لأنّ بدايتها تتطلّب قبول الفريقين بها، في حين أنّ لبنان يرفض المفاوضات السياسية مع إسرائيل خشية أن يُستدرج إلى مفاوضات سلام لاحقة، الامر الذي يثير انقساماً داخلياً، ولكن هذا لا يعني أنّ الولايات المتحدة الاميركية لا تستطيع أن تبذل جهداً لحلّ هذا النزاع الموضعي بين لبنان واسرائيل، خصوصاً وأنّ هناك القرار 1701 الذي يفترض أن يكون مرجعية التسوية لموضوع الجدار، والقوانين الدولية المرجعية لتسوية ملف النفط (البلوك 9)».

وتشير المعلومات، حسب هذه المصادر، إلى «أنّ الجانب الاسرائيلي متمسّك بموقفه حيال تقاسُم «البلوك 9» مع لبنان، إذ يعتبر أنّ جزءاً منه يقع في المياه الاقليمية الاسرائيلية، وهذا ما ترفضه السلطات اللبنانية».

وحسب المعلومات المتوافرة فإنّ المساعي الاميركية ستشهد تباطؤاً في هذه المرحلة حيال موضوع الملف النفطي لأنّ لا مؤشّر إلى تراجع لبنان أو اسرائيل عن موقفيهما، في حين أنّ طرفاً في الادارة الاميركية يرعاه وزير الخارجية ريكس تيلرسون يفضّل أن يستمرّ الدور الاميركي، فهو وإنْ لم يحقّق نجاحاً على صعيد الملف النفطي، فعلى الأقلّ يستطيع أن يعالج احتمال حصول تدهوُر أمني بين البلدين سبق أن أشار اليه في الأيام الماضية مسؤولون اسرائيليون ومسؤولون دوليون، وفي طليعتهم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس».

لبنان: لا تنازُل

وعلمت «الجمهورية» أنّ حركة الاتصالات بين الرؤساء الثلاثة والمعنيّين في لبنان أفضَت إلى اتّفاق نهائي حول موقف لبنان من اقتراحات ساترفيلد وهو عدم القبول بأيّ تنازل وأي تغيير في ترسيم الحدود البرّية والبحرية على حساب خسارة لبنان من حقوقه. وكلّ الاقتراحات التي حملها ساترفيلد حتى الآن يتعامل معها لبنان كأنّها لم تكن.

ولفتت أمس حركةُ المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم المكلّف متابعة الملف في اتّجاه كلّ من الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري واستقبالُه قائدَ قوات «اليونيفيل» مايكل بيري لمتابعة ملفّ التفاوض. وقالت مصادر متابعة لـ»الجمهورية» إنّ الدولة اللبنانية بدأت التفكيرَ في العمل على اكثر من خط دولي إذا ما فشلت الوساطة الاميركية. ودعت هذه المصادر إلى «انتظار ما في جعبة ساترفيلد اليوم ليُبنى على الشيء مقتضاه».

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قال «إنّ هناك طريقة لحلّ السجال في شأن البلوك 9». مضيفاً: «إذا كان اللبنانيون لا يريدون الحلّ، بل مواصلة الجدل، فسيَخسرون بلا شكّ».

مؤتمرات الدعم

إلى ذلك، وفيما الآمال معقودة على مؤتمر» روما 2 « لدعم الجيش والقوى الأمنية، نَقلت وكالة «رويترز» عن مصدر حكومي لبناني إنّ «مؤتمر سيدر» المسمّى أيضاً «باريس 4» للمانحين سيَنعقد في باريس في 6 نيسان المقبل. أحد ثلاثة اجتماعات دولية متوقَّعة هذه السنة سيَسعى لبنان فيها للحصول على دعمٍ لاقتصاده وجيشِه ومساعدةٍ في التعامل مع نحو مليون لاجئ سوري يستضيفهم على أراضيه.

وكانت اللجنة المكلّفة تنظيمَ المؤتمر الصحافي الذي عُقِد قبل ظهر أمس في السراي الحكومي والمخصّص للإعلان عن «مؤتمر الاستثمار في البنية التحتية في لبنان» برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري في 6 آذار المقبل، قد فوجئت بغياب الموفد الفرنسي بيار دوكازن المكلّف التحضيرات الجارية لتنسيق العلاقات بين الإدارة الفرنسية لمؤتمر «سيدر 1» والشركات الدولية العابرة للقارّات التي تتعاون مع البنك الدولي والاتّحاد الأوروبي وتلك التابعة للدول المانحة.

وقالت مصادر السراي الحكومي «إنّ المنظمين تلقّوا تأكيداً بحضور الموفد الفرنسي عند تحديد موعد المؤتمر، غير أنّه لم يصل من دون أيّ إشارة إلى سبب غيابه».

وتزامُناً مع عدمِ صدور أيّ توضيح عن إدارة المؤتمر، قالت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» إنّ الموفد الفرنسي لم يصل إلى بيروت، من دون تحديد الأسباب التي دفعته إلى تأجيل الزيارة أو الغائها». وأبدت خشيتَها من اعتبار الموفد الفرنسي أنّ مهمّته ليست عاجلة، وخصوصاً إذا صحّت المعلومات بأنّ زياراته لبعض العواصم الخليجية لم تكن مشجّعة لئلّا يُقال إنّها لم تكن موفّقة وبالحجم الذي أرادته الإدارة الفرنسية.

في الموازاة، تحدّثت مصادر أخرى لـ«الجمهورية» عن احتمال تأجيل المؤتمرات الدولية لأسباب تقنية وسياسية، منها ما هو خارجيّ ومِن بينها تدهوُر علاقة لبنان مع دول الخليج التي عادةً ما تكون في طليعة المانحين، ومنها ما هو داخلي وعلى علاقة برغبة دول عربية وغربية عدمَ تحويلِ المؤتمر ورقةً لمصلحة أفرقاء السلطة عشيّة الانتخابات النيابية، بالإضافة إلى متطلبات تقنية على علاقة بملفات إصلاحية يفترض بلبنان اتّخاذها ولم يعُد هناك متّسَع من الوقت لإنجازها».

السفير السعودي

وفي ظلّ الحديث عن زيارة مرتقبة لموفد سعودي إلى لبنان للاطّلاع على الوضع الانتخابي، واصَل السفير السعودي وليد اليعقوب جولاته على المراجع اللبنانية، والتقى أمس كلّاً مِن البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، وميتروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة.

وقالت مصادر بكركي لـ«الجمهورية» إنّ «جوّ اللقاء بين الراعي واليعقوب كان ممتازاً، وأثنى السفير السعودي على زيارة البطريرك التاريخية للسعودية وتداعياتها الإيجابية جداً، والأصداء التي ترَكتها، فضلاً عن مساهمتِها في حلحلةِ بعضِ العقَد التي كانت تفرض نفسَها أثناء توقيتِ تلك الزيارة. وأكّد اليعقوب الرغبة في استمرار علاقات السعودية مع البطريركية المارونية، وتبادلِ زيارات دورياً».

وأوضَحت المصادر أنّ «اليعقوب أكّد للراعي على متانة العلاقات بين لبنان والسعودية وعلى استمرار التواصل بين المسؤولين، وكذلك أكّد أنّ المملكة لا تكنّ للبنان إلّا الخير، وهذا ما عبّرت عنه منذ فترة طويلة عبر دعمِه سياسياً وإنمائياً واقتصادياً، ودعم القضايا اللبنانية من أجل تثبيتِ سيادته واستقلاله».

وكان اليعقوب قد أوضَح بعد زيارته بكركي «أنّ ما يَربط السعودية بجميع المرجعيات الروحية اللبنانية عميقٌ وأساسي، وما يَربطها بهذا الصرح الوطني الكبير استثنائي».

وأضاف: «يعود لهذا الصرح الفضلُ في تأسيس فكرة دولة لبنان الكبير المبني على العيش المشترك الإسلامي - المسيحي، كذلك يعود له دورٌ كبير وفضلٌ في تثبيتِ «اتّفاق الطائف» الذي أعاد الأمنَ والسلام إلى لبنان وأكد أنّ لبنان وطنٌ نهائي لجميع اللبنانيين». وأضاف «سيكون لي زيارات عدة في إطار متابعة زيارة البطريرك الراعي التاريخية للرياض بغية استكمالِ المساعي الرامية إلى تثبيت سيادة لبنان واستقلاله».

وأكّد اليعقوب للراعي «وقوفَ المملكة إلى جانب الشرعية اللبنانية المنبثقة من الدستور واتّفاق الطائف، ودعمَ المؤسسات الدستورية في لبنان.

ريفي

وفي المواقف، قال الوزير السابق اللواء أشرف ريفي لـ«الجمهورية»: «أدعو إلى استقالة الحكومة وتشكيلِ حكومة حيادية تدير الانتخابات». وحملَ بعنفٍ على السلطة واتّهمها «باستعمال كلّ الأدوات غيرِ المشروعة من خلال تسخيرِ الوزارات والخدمات للتأثير في نتائج الانتخابات، وتحويل المقارّ الرسمية غرفَ عملياتٍ انتخابية لتشكيل اللوائح، وكذلك زجِّ الأجهزة الأمنية في عملية الضغطِ على الناخبين، عبر سَوقِ عددٍ كبير من مناصِريَّ وبنحوٍ يوميّ ومتكرر إلى المقار الأمنية والضغط عليهم بغية تبديل خياراتهم السياسية، ولكنّنا نؤكّد أنّ السلطة بهذه الاساليب البالية التي تعود إلى عصرٍ مضى لن تستطيع تغييرَ قناعات الناس، ونحن على موعد معها في 6 أيار». وختم: «إنّنا نضع ما يَجري برسمِ الرأي العام اللبناني، ونطالب برقابةٍ دولية على مسار الانتخابات».

الموازنة
مِن جهةٍ ثانية، تبدأ «جلجلة» مناقشة مشروع قانون موازنة 2018 من خلال الاجتماع الأوّل الذي ستعقده بعد ظهر اليوم في السراي اللجنةُ الوزارية التي شكّلها مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة، برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري .

وبدا للمراقبين محاولاتُ اللجنة الوزارية لتغيير بعضِ الأرقام في الموازنة، في محاولةٍ لخفضِ العجز الذي شكّلَ فضيحةً ببلوغِه حوالي 6,2 مليارات دولار، لن تكون سهلةً لاعتبارات عدة، مِن أهمّها أنّ أسباب ارتفاع العجز غيرُ قابلة في معظمها للخفض.

وفي هذا السياق، عدَّد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري لـ«الجمهورية» خمسة أسباب لارتفاع الإنفاق في موازنة 2018، وهي:

أوّلا- سلسلة الرتب والرواتب التي كانت كِلفتها مقدّرة بمليار و200 مليون دولار، تبيّن أنّ الكلفة ستكون أكبر من ذلك، وستبلغ ملياراً و900 مليون دولار. ومن المرجّح أن ترتفع اكثر في حال أضفنا إليها المؤسسات التابعة للدولة.

ثانياً - إستمرار التوظيف وزيادة الإنفاق في الدولة، عكس ما كان مقرّراً، إذ لم يكن وارداً ضِمن الموازنة توظيفُ هذا العدد، سواء في الإدارة، أو في الأجهزة العسكرية.

ثالثاً - إرتفاع كلفة خدمة الدين العام، بسبب ارتفاع حجم الدين، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة.

رابعاً- إرتفاع فاتورة الكهرباء بسبب ارتفاع أسعار النفط.

خامسًا- لم تسجّل الإيرادات المتوقّعة الناتجة من الضرائب التي فرِضت لتمويل السلسلة، المبلغ المتوقّع منها».

واعتبَر خوري «أنّ خطوة فصلِ عجزِ الكهرباء عن عجزِ الموازنة لا معنى لها، وعلينا أن نواجه الواقعَ كما هو. عجز الموازنة المقدّر كما هو وارد اليوم يبلغ 9 آلاف مليار و500 مليون ليرة لبنانية، وهذا العجز قد يرتفع أكثر في حال لم نُنجز الإصلاحات والإجراءات التي يتمّ طرحُها». 

القمّة اللبنانية - العراقية
إلى ذلك، استأثرَت زيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون للعراق باهتمام المراقبين لجهة الخلفيات الاقتصادية التي تحملها، على وقعِ الحديث عن برودةٍ في علاقات لبنان مع بعض دول الخليج، وضرورةِ البحثِ عن أسواق عملٍ وأسواق تجارية بديلة. ورأى المتابعون أنّه قد يكون أسهلَ على الشركات اللبنانية المشاركةُ في عملية إعادة إعمار العراق من المشاركة في إعادة إعمار سوريا لأسباب سياسية وأمنية. كذلك يعوّل لبنان على زيادة أعداد السيّاح العراقيين بعدما أظهَرت الأرقام ارتفاع عددِ هؤلاء في الفترة الأخيرة.

 

 

الديار :

الايرانيون واقعيون، ويراقبون ما يجري حولهم بدقة وبحسابات «حياكة» السجاد الايراني الدقيقة والمعقدة والتي تحتاج الى «نفس طويل»، وليس كما يتصور البعض في الخارج، ان اياديهم على «الزناد» دائما، وصواريخهم  جاهزة، و«يهوون الحروب» والحصار والتنقل من ساحة الى ساحة. ولذلك، من يزور طهران وما يسمعه من المسؤولين الايرانيين وبعض النخب الايرانية ووسائل الاعلام يخرج بتصور مغاير، وبانطباع واقعي، فالايرانيون ليسوا مغامرين مطلقاً، يعرفون بدقة المرحلة وخطورتها، والاهم يعرفون ماذا يريدون، واسباب الحصار على بلدهم منذ اليوم الاول لثورة الامام الخميني، ويعرفون ان الايام المقبلة صعبة جداً بسبب سياسات الرئيس الاميركي ترامب وولاءه المطلق لاسرائيل، كونه لا يرى الا بالعين الاسرائيلية، لكن المسؤولين الايرانيين وفي مختلف توجهاتهم الاصلاحية والراديكالية والوسطية، متفقون على التمسك بدور ايران ومكانتها وموقعها في المنطقة، فلا خلاف بين المسؤولين الايرانيين على التمسك بالاتفاق النووي كما وقع عليه بين ايران ومجموعة الدول الخمس + المانيا، ويدركون ان المأزق عند الاخرين وتحديداً عند السعودية وواشنطن واسرائيل ودول الخليج، وان الضغوط لن تبدل في الموقف الايراني، فلا انسحابات او تراجع عن الدعم لمحور المقاومة من لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والبحرين وهذا الامر موضع اجماع ايراني.
فايران تدرك مدى حجم الضغوط على دولة اشبه «بقارة» مساحتها مليون و300 الف كلم2، وكل «جيرانها» لديهم مشاكل من افغانستان الى الدول الاسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً، الى العراق وتركيا وقطر ودول الخليج، واهمية المنطقة الاستثنائية، المنتج الاول للنفط في العالم ومحاولات الهيمنة عليه، وتدرك بان قرارها المستقل بشأن نفطها السبب الاساس للضغوط وكذلك مواردها الطبيعية من الحديد والخام، وهذا يشكل الهدف الاساسي لاميركا واسرائيل ودول الخليج لهز استقرار ايران واخضاعها ومصادرة قرارها المستقل، لكن ايران نجحت من خلال المواجهة  في العراق وسوريا ولبنان واليمن والبحرين بتحصين موقعها وها هو محور المقاومة يحقق الانتصارات. لكن النصر النهائي يحتاج الى مواجهات اصعب واشمل، وهذا الامر يعرفه الايرانيون جيداً، لكنهم يدركون انهم نجحوا بسحب الاتراك من الحضن الاميركي، كون الهم الكردي يجمعهما، والعراق اليوم دولة حليفة، وقطر لا ننسى «افضال» طهران بعد الهجوم الخليجي. كما استطاعت «فكفكة» مشاكلها مع افغانستان والدول الاسلامية في الاتحاد السوفياتي سابقاً، ولكن ذلك لا يعني زوال الخطر بل المطلوب زيادة الحيطة والاستنفار لمنع هز الاستقرار الداخلي الايراني، وهذا له اثمان على الدولة الايرانية واقتصادها.
وفي موازاة ذلك، بذلت الدولة الايرانية جهوداً كبيرة في تحسين البنية التحتية من كهرباء ومياه وطرقات، وازالة الفوارق الاجتماعية بين شمال طهران الغني والجنوب الفقير، حيث اسعار الشقق في الشمال خيالية، لكن الدولة الايرانية انجزت ضماناً صحياً شاملاً، وتعليماً مجانياً، و«مترو» يؤمن الخدمات لـ 12 مليون ايراني. حيث يعيش في ايران اكثر من 15 مليون مواطن كما ان شبكة الانترنت مفتوحة لجميع الايرانيين، ولعبت دوراً سيئاً في الاحداث الاخيرة، ويعترف المسؤولون الايرانيون بتقصير الدولة في تأمين الشقق السكنية للشباب، وهي الطامة الكبرى بالاضافة الى الدخل المحدود، كما يعترف المسؤولون الايرانيون بوجود فساد في العديد من مفاصل الدولة ولا يمكن مقارنته بلبنان او بالسعودية او اي بلد عربي آخر وحتى اوروبي، ويعرفون مدى التلوث في بعض القطاعات،  وضعف الاعلام مقارنة باعلام المحور المضاد.
النقاشات في ايران مفتوحة، وكل النخب الايرانية تشارك بما يتعرض له بلدهم، وقد نجحت الدعاية الخارجية الى حد ما في اثارة اسئلة لدى بعض الجمهور الايراني بان سبب مشاكل ايران انغماسها بمشاكل المنطقة ودعمها لحركات التحرر الوطني في لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والبحرين وغيرها من دول العالم، رغم ان هذا الدعم يشكل جزءاً بسيطاً جداً من موازنة ايران.
ايران التي تدرك هذه المخاطر، حصنت نفسها داخلياً، وهناك اجراءات انفتاحية داخلية قريبة، والنقاشات تتقدم باتجاه التخفيف من الاجراءات على الشباب والنساء، مع العلم ان المرأة الايرانية تأخذ حقوقها الافضل بين كل دول المنطقة.
ورغم كل هذه الصعوبات والمشاكل، فالاحداث الاخيرة كشفت مدى التفاف الشعب الايراني حول قيادته وحرصه على بلده، والتحركات ضد الدولة بقيت محصورة بشوارع معينة وافراد قليلون،رغم ان «الشائعات» التي بثت حول افلاس احد البنوك، حركت مشاعر الغضب في ايران وتحديداً في اصفهان.
اهتمام المسؤولين الايرانيين بالشؤون الداخلية، يوازي الاهتمام الخارجي، فايران دولة لها مشاكلها كأي دولة في العالم، لكن الحصار على ايران كان مكلفاً جداً منذ 40 سنة، وحرمها من كل المواد الاولية، باستثناء الدعم الصيني والروسي، والعقل الايراني لعب دوراً اساسياً في حل مشاكل الكهرباء وتأمين المواد الاولية من انتاج محلي، لكن الصعوبات كانت كبيرة، ونتيجة الحصار حرمت ايران من كل التكنولوجيا الغربية، وصرفت مليارات الدولارات لحصارها وتشويه صورتها.
وفي الشق الخارجي ايضا، يعترف المسؤولون الايرانيون ان وقوف ايران الى جانب لبنان وسوريا وفلسطين والعراق واليمن والبحرين، هو السبب الاساسي لكل الضغوط عليها بالاضافة الى قرارها المستقل بشأن مواردها الطبيعية. ويعتبر المسؤولون الايرانيون خلال النقاشات ان محور المقاومة بات حلقة واحدة متراصة، واي خلل في حلقة منه يطال الحلقات كلها، «كطبق النحاس» ويعترفون ان المواجهات بين محور المقاومة والممانعة والمحور الاميركي - الاسرائيلي  - السعودي كانت صعبة ومستمرة، لكن اي محلل واقعي ينظر الى المواجهات يكتشف بالدليل الحسي، ان محور المقاومة ينتصر في لبنان وفلسطين، وان سوريا تجاوزت اخطر مرحلة في تاريخها، ولو سقطت سوريا لسقط محور المقاومة وتفكك كلياً، كما ان الفلسطينيون مستمرون بالمواجهات البطولية، ومأزق المحور الاخر وتحديداً السعودية في اليمن كبير جداً، وينظر المسؤولون الايرانيون الى الدخول الروسي بارتياح كبير جداً، والعلاقات الروسية - الايرانية في افضل ايامها، والروس والايرانيون متفقون ان سبب المشكلة في سوريا هي واشنطن بالدرجة الاولى. وعندما تتراجع واشنطن يتراجع الاخرون. وهذا لا يعني عدم وجود تباينات على التفاصيل وليس على المبدأ الذي هو ضمان امن سوريا واستقرارها ومنع تقسيمها. والزائر لايران يلاحظ مدى النشوة الايرانية بفتح طريق ايران - بغداد - دمشق - بيروت، مع قناعتهم بان هذا الانجاز يجب ان يستكمل باجراءات اقتصادية وخطوط سكك حديد لتحصين المحور اقتصادياً.
الايرانيون يعترفون بأن دعمهم اللامحدود منع سقوط بيروت ودمشق وبغداد بيد الارهابيين، وهذا الدعم لم يتوقف ولن يتوقف. وغرفة العمليات المشتركة الايرانية - الروسية - العراقية - السورية - حزب الله تناقش كل التفاصيل، وما تحتاجه ارض المعركة، وتوقيت فتح هذا المحور او ذاك، كما ينقل عن بعض المتابعين الايرانيين ان الجبهة السورية جعلت الجنرالات الروس والايرانيين والعراقيين والسوريين وحزب الله يفهمون على بعضهم جيداً وباتوا حلقة واحدة. وعالجوا مشكلة اللغة وهذا لمصلحة محور المقاومة، واسقط الكثير من التباينات، وقد نقل ضباط روس اعجابهم بشباب حزب الله الى الرئيس بوتين وكذلك بالحرس الثوري.
ويدرك المسؤولون الايرانيون ان جنون ترامب ونتنياهو ومحمد بن سلمان قد يفتح المنطقة على كل الاحتمالات. لكن مسؤولا ايرانياً يستبعد قيام اسرائيل بشن حرب شاملة في سوريا او توجيه اي ضربة لايران، وهذا مستبعد كلياً، لان اسرائيل تعرف مدى الرد الايراني جيداً، وهذا قد يؤدي الى مواجهة كبرى لا تريدها الدول الكبرى، كما انهم لا يسقطون من احتمالاتهم اي قرار اميركي او تصرف ضد طهران مع استبعاد هذا الامر لانه سيؤدي الى حرب كونية.
لكن المسؤولين الايرانيين يجزمون ان الضغوط على طهران ستتصاعد، وهم ينتظرون قرارات الرئيس ترامب بشأن الاتفاق النووي في شهر اذار، وهل التزمت ايران بالشروط، كما ان الموقف البريطاني الاخير بضرورة تبديل ايران لسياساتها امر لافت، وهو قرار اميركي بامتياز وسيزيد من الضغوط، وفي المقابل هناك دول كبيرة اوروبية متمسكة بالاتفاق النووي وبمصالحها في ظل هجمة الدول الاوروبية والاسيوية على الاستثمار في السوق الايراني. وهناك عقود لالاف الشركات، مع اعتقاد بان ترامب لن يذهب الى الاخر بنسف الاتفاق النووي بل سيكتفي بزيادة العقوبات على ايران.
اما بشأن التهديدات الاميركية - الاسرائيلية لطهران، فهي ليست بالجديدة مطلقاً، ومنذ قيام الثورة الاسلامية - الايرانية لم تخلو الصحف من تصريح اسرائيلي ضد ايران واسقاطها. وكذلك من قبل المسؤولين الاميركيين.
فالانتصار في سوريا ينظر اليه الايرانيون بمنظار مختلف كلياً عن الاخرين، وهم يقرون بالانجازات في سوريا، وانتصار الرئيس بشار الاسد، وهذا سيؤدي الى صفحة جديدة لصالح محور المقاومة في المنطقة، واسرائيل تعيش في قلق حقيقي نتيجة وصول مقاتلين ايرانيين وعرب وغيرهم الى حدود القنيطرة،  واسرائيل ابلغت روسيا بهذا القلق وطلبت الانسحاب بحدود الـ50 كلم. كون المنطقة حالياً تحولت الى خطوط تماس بين هؤلاء المقاتلين والجيش الاسرائيلي. وستواجه اسرائيل «جهنماً» في هذه المنطقة اذا تجا<