جمعهما موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، دق قلبها له، سنة من تبادل الاحاديث معاً، الى ان اتخذت قرراها، وضبت حقيبتها. ودعت اهلها في لبنان، تخطت الحواجز، هشّمت المسافات، لتصل الى حضنه وتعيش الى جانبه في سوريا... لم تعر روان قرنفل اهمية للحرب الدائرة والصواريخ الحارقة هناك، سكنت مع حبيبها في قلب النار من دون ان تتوقع انه سيأتي اليوم وتَحرِق قصتها وتدفنها تحت الانقاض.

قرار الحياة والموت

صمت يسود منزل عائلة روان (21 سنة) في الطريق الجديدة - بيروت، حيث سكنت مع امها مريم وجدتها وشقيقاتها الثلاث قبل ان تنتقل منذ نحو سنتين الى ادلب، الوالدة المفجوعة بهول خسارتها روت لـ"النهار" حكاية ابنة ربّتها بدموع العين بعد مقتل والدها في اشكال لا علاقة له فيه قبل سنوات طوال، حيث قالت: "كانت بالنسبة لي صديقتي لا ابنتي، زهرة تفيض عطراً على حياتي، شاء القدر ان تتعرف إلى شاب بفايسبوك، لم تكن تعلم انه مقاتل لا بل احد كوادر جبهة النصرة، اغرمت به، الى ان جاء اليوم واطلعتني انها تنوي السفر الى ادلب للزواج منه، عارضتها بداية الا انها انحنت وقبلت قدماي طالبة مني الا اقف في وجه حبها، لم استطع حينها ان اقاوم نظرات رجائها لي، وافقت مسلّمة امرها الى الله".

سعادة رغم الصدمة

سافرت روان التي تحمل الجنسية السورية لكنها ولدت وترعرعت في لبنان الى ادلب، آملة الانتقال الى تركيا كما وعدها حبيبها من دون ان يفي بعهده. هناك عقدت قرانها عليه بحضور اعمامها، ولفتت مريم "كنت على تواصل دائم معها، شعرت انها سعيدة مع زوجها، حملت منه وانجبت مولودا لكنه فارق الحياة بعد 25 يوماً من ولادته لعدم وجود اطباء يعالجونه من معاناته من الجفاف". وتابعت "اطلعتني مع الايام انه يمنع على النساء في المنطقة ان يخرجن من دون خمار او جوارب، وان الرجال يطلقون لحاهم، وكانت الصدمة عندما اخبرتني ان زوجها من كوادر جبهة النصرة، طلبت منها العودة مرارا الى لبنان لكنها رفضت قائلة انها تريد ان تبقى الى جانبه".

مرارة الفراق

قبل ساعتين من وفاة روان الحامل بشهرها الاول تحدثت مع والدتها عبر "الواتساب" اخبرتها ان الطائرات الحربية تحلّق بكثافة في الاجواء، طلبت منها مريم الانتباه إلى نفسها، اما اخر عبارة قالتها لها "الله يرضى عنك"، واشارت كان ذلك في الرابع من هذا الشهر، تلقيت في مسائه اتصالا من اقربائي في سوريا اخبروني ان المبنى الذي تسكن فيه ابنتي قد تهدم ولم يبق له اثر، جن جنوني، تمنيت لو انني هناك، احفر بيدي وارفع الانقاض عنها، لكن للاسف يومان وهي مدفونة تحت الركام الى ان أخرج جثمانها لتوارى الثرى قبل ان المحها واقبل جبينها واحضنها بين ذراعي... اشعر ان جبلا سقط على كتفي وان سكينا غرزت في قلبي اذ كيف لي ان اكمل حياتي من دون فلذة كبدي".

اتهام وعلامات استفهام

ما يزيد من حزن مريم ان "امن الدولة السوري طلب منذ شهر اخلاء منطقة وادي النسيم من المدنيين لانه سيتم قصفها" كما قالت، مضيفةً "لا بل انا على يقين ان زوجها وجميع الكوادر الذين يسكنون معه في المبنى نفسه خرجوا منه لانهم على علم انه سيقصف تاركين نساءهم واولادهم يواجهون الموت وحدهم". ولفتت "في المبنى نحو 5 عائلات لم يبق لهم اثر"، متسائلة "ماذا فعلت ابنتي ومن استشهدوا معها كي لا يحرك ازواجهم ساكناً وينجون بأنفسهم من دونهم"؟!