يُستدعى المواطنون لتقديم واجب الطاعة، واختيار اللائحة كما صمّمها مهندسو الطوائف ودهاقنة الأحزاب
 

 

أولاً: الانتخابات من دون ديموقراطية

 

تغيب عن الإنتخابات النيابية في معظم المناطق الشيعية ملامح الديمقراطية، وتبقى في مراحلها ترشيحاً واقتراعاً مشوبة بنواقص عدّة واختلالاتٍ فاضحة، فقُطبا الثنائية الشيعية (حزب الله وحركة أمل) يختاران المرشّحين في اجتماعاتٍ مغلقة، تطغى على مداولاتها المعايير الشخصية والحزبية، وولاءات المرشحين لأرباب نعمتهم، دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح المواطنين المنتخبين، أو في بعض الأحيان مراعاة مشاعرهم، خاصةً بعد إنزال بعض المرشحين بالمظلات كما يقال، في دوائر لا ينتمي إليها هؤلاء، ممّا أثار ويُثير ردود فعلٍ مستنكرة ومستهجنة، ذلك أنّ هذه المناطق تحفل بالمرشحين ذوي الكفاءات العالية، والاستعدادات اللازمة لخدمة مواطنيهم.

إقرأ أيضا : بري نائب والآخرون نوّاب

ثانيا: الانتخابات "المبايعة"

 

عندما تُفرض اللوائح من دون استشارة، أو محاولة الوقوف على احتياجات المناطق، أو محاسبة من ثبت تقصيره وفساده، بل يُستدعى المواطنون لتقديم واجب الطاعة، واختيار اللائحة كما صمّمها مهندسو الطوائف ودهاقنة الأحزاب، فإنّ الإنتخابات تتحول إلى ما يشبه "المبايعة" طوعاً أو كرهاً، ومن يخرج على ذلك فلن ينال سوى الخيبة والخذلان، مع ما يلزم من أوسمة "الخيانة والعمالة"، وما يتبعها من إهانات الارتزاق والضلالة.

إقرأ أيضا : لوائح الثنائي الشيعي إصرار على تجاهل الإنتقادات الشعبية!

ثالثاً: المبايعة المُضنية

 

ليست المبايعة بالأمر الهيّن، فلا بدّ من التحضير والاستعداد والمجاهدة في سبيل ذلك، ولا يخطُرنّ ببال أحدٍ أنّ أرباب الثنائية كانوا غافلين عن جماهيرهم طوال السنوات التي تفصل استحقاقين انتخابيّين، ولهم في سيرة معاوية بن أبي سفيان في التمهيد لبيعة ابنه يزيد خير مثالٍ وقدوةٍ حسنة، فلم يزل معاوية يروض الناس لبيعة يزيد سبع سنين، يُشاور، ويعطي الأقارب ويداني الأباعد، حتى استوثق له من أكثر الناس.

قال للأحنف بن قيس: ما ترى في بيعة يزيد؟

قال: نخافكم إن صدقناكم، ونخافُ الله إن كذبنا.

فلما كانت سنة خمسٍ وخمسين كتب معاوية إلى سائر الأمصار أن يفدوا عليه، وكان فيمن وفد عليه من المدينة محمد بن عمرو بن حزم، فخلا به معاوية وقال له: ما ترى في بيعة يزيد؟

فقال: إنّ يزيد أصبح غنيّاً في المال، وسطاً في الحسب، وإنّ الله سائلُ كلّ راعٍ عن رعيته، فاتّق الله وانظر من تُولّي أمّة محمد. فأخذ معاوية بهرٌ  حتى تنفّس الصعداء، ثمّ قال: يا محمد، إنّك امرؤ ناصح قلت برأيك، ولم يكن عليك إلاّ ذاك، ثم قال: إنّه لم يبق إلاّ ابني وأبناؤهم، فابني أحبُّ إليّ من أبنائهم؛ اخرج عنّي.

ثمّ جلس معاوية في أصحابه وأذن للوفود ،فتكلّم الخطباء حتى وصل الأمر إلى يزيد بن المقنّع فقال قوله المشهور: 

أمير المؤمنين هذا- وأشار إلى معاوية- فإن هلك فهذا- وأشار إلى يزيد- فمن أبى فهذا- وأشار إلى سيفه.

فقال معاوية: اجلس، فإنّك سيد الخطباء.

لا خيار...هذه هي اللائحة...فمن أبى أو كره، فلن يجد أمامه إلاّ ما قاله معاوية لرجُلٍ قال: إنّي أُبايع وأنا كارهٌ للبيعة، فقال معاوية: بايع أيها الرجل: (فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا) .