يراود المجتمع المدني في طرابلس، منذ فترة، طموح ليس خافياً في تكرار ″إنجاز″ الإنتخابات البلدية التي جرت عام 2016، عندما استطاع المجتمع المدني، متحالفاً مع الوزير السابق أشرف ريفي، الفوز في انتخابات بلدية طرابلس، ملحقاً هزيمة مفاجئة وغير متوقعة بتحالف سياسي عريض، ما تزال أصداؤها مستمرة حتى الآن.

هذا الطموح يسعى ناشطون من داخل المجتمع المدني إلى ترجمته على الأرض في الإنتخابات النيابية المقبلة، وتحويل حلمهم إلى حقيقة، والخروج من تحت ″عباءة″القوى والإحزاب والتيارات السياسية التقليدية والموجودة في السلطة، وكسر احتكارها للتمثيل النيابي والوزاري المستمر منذ عقود، وما يزال.

ولا شك في أن ما حصل في الإنتخابات البلدية قبل أقل من عامين، جعل من يدورون في فلك المجتمع المدني، من شخصيات ووجوه ومناصرين، يراهنون على احتمال تكرار ″الإنقلاب″ مجدداً في الإنتخابات النيابية المرتقبة في 6 أيار المقبل، معتبرين أن الفرصة أكثر من مؤاتية الآن لهم لتحقيق حلمهم وطموحهم.

ولذلك، بادرت شخصيات كثيرة منضوية ضمن مجموعات وحراك المجتمع المدني، في إعلان ترشحها للإنتخابات المقبلة، يأتي على رأسها نقيب المعلمين السابق نعمة محفوض، والدكتور محمد سلهب وجمال بدوي وسواهم، على أن ينضم إليهم مرشحون من قضاء المنية ـ الضنية أبرزهم حتى الآن سامر فتفت، كون القضاء يشكل وطرابلس دائرة إنتخابية واحدة.

ومع أنه ليس معروفاً حتى الآن إن كان المجتمع المدني سيتحالف مع ريفي مرة ثانية، على غرار تحالفه البلدي معه عام 2016، أم لن يكرر هذا التحالف معه، لأن التحالف النيابي مختلف شكلاً ومضموناً عن التحالف البلدي، فإن الأوساط السياسية في طرابلس تتداول سيناريوهات أن يتحالف المجتمع المدني مع قوى سياسية أخرى، كالنائب السابق مصباح الأحدب أو الجماعة الإسلامية وسواهما.

لكن إمكانية التحالف مع سياسيين في طرابلس قوبلت باعتراض من قبل المجتمع المدني، أو بالأحرى من بعض وجوهه والقوى داخله، لأن قيام تحالف بينهم وبين السياسيين سوف يلغي برأيهم التأييد الذي حصلوا عليه من فئات واسعة من المواطنين، الذين بسبب نقمتهم على السياسيين لن يؤيدوا المجتمع المدني في حال توجهه للتحالف معهم إنتخابياً.

هذا الإنقسام في الرأي بين مكونات المجتمع المدني حول هذه النقطة، ليس الوحيد الذي أدى إلى بروز تباين داخله، وظهور أكثر من وجهة نظر، إذ يضاف إلى ذلك أن إنجاز 2016 فتح شهية كثير من ناشطي المجتمع المني على دخول المعترك النيابي، ما أدى بدوره إلى ظهور “نواة” أكثر من لائحة للمجتمع المدني، ما قد يهدد في بعثرة أصوات كتلة شعبية وازنة.

يضاف إلى ذلك أن حضور المجتمع المدني في قضاء المنية ـ الضنية ضعيف جداً إذا ما قورن بطرابلس، لأسباب مختلفة أبرزها حضور العائلات والقوى السياسية الأخرى فيه، ما قد يؤدي إلى ضياع أصوات المجتمع المدني بين مرشحيه الكثر في حال بقي منقسماً ولم يتوحد ضمن لائحة واحدة، وتفويت فرصة نادرة قد لن تتكرر في المستقبل القريب.

وبرغم ذلك، فإن المجتمع المدني ما يزال أمامه فرصة ومتسع من الوقت، وإن ليس كبيراً، لتوحيد صوته وتكرار إنجازه وحضوره في صناديق الإقتراع في 6 أيار المقبل، وإلا فإن إنقسامه سيؤدي إلى تمزقه وتضييع الفرصة، واعتبار ما حصل في إنتخابات بلدية طرابلس عام 2016 “فلتة شوط” مرت في غفلة من الزمن، ولن تتكرر.