روايات متعددة حول أدوار لقيادات أمنية وسياسية ساهمت في إقناع عون بإجراء الإتصال
 


 أربعة  أيام  مرت على تسريب فيديو الوزير جبران باسيل الذي أساء فيه إلى الرئيس نبيه بري ، وما رافق هذا التسريب من حالة غضب عارمة في صفوف مناصري حركة أمل جعلتهم  ينزلون إلى الشارع ويقطعون الطرقات ويحرقون الدواليب ، حيث جرى إطلاق للنار من مجهولين في بلدة الحدث كاد يتحول إلى معركة حقيقية تهدد السلم الأهلي ، وسبقها  تعدي على مركز التيار  الوطني الحر في سن الفيل .
وحتى ليل ما قبل الأمس ، كان التوتر في العالمين الإفتراضي والواقعي سيد الموقف ووصل التشنج إلى أقصى درجاته ، حيث تحركت الإتصالات بين حزب الله والتيار الوطني الحر وحركة أمل لضبط الشارع .
وصدر بيان سريع عن حركة أمل نفت فيه علاقتها بما جرى ودعت مناصريها إلى الخروج من الشارع ووجهت دعوة للجيش اللبناني والقوى الأمنية للقيام باللازم .
وبالأمس تفاجأ اللبنانيون بخبر إتصال الرئيس ميشال عون بالرئيس نبيه بري .
وبحسب البيانين الصادرين عن بعبدا وعين التينة ، تم التأكيد على ضرورة طي صفحة ما حصل والهدوء الإعلامي واللقاء يوم الثلاثاء المقبل . حيث من المقرر  أن يجري إجتماع  لمجلس الدفاع الأعلى سيحضره الرؤساء الثلاثة لمناقشة التهديدات الإسرائيلية التي أطلقها وزير الدفاع الإسرائلي أفيغدور ليبرمان .
لكن ما طرح علامات إستفهام هو سرعة تجميد مفاعيل الأزمة الحاصلة والتجاوب الذي أبداه كل من عون وبري مع الوساطات.
وفِي هذا المجال ، تعددت الروايات حول من حرك هذه الوساطات وجعل الأمور تصل إلى هذه المرحلة المتقدمة التي جعلت عون يبادر إلى الإتصال ببري.
والمؤكد حتى الآن أن عون لم يفعل ذلك من تلقاء نفسه لأنه لو صح ذلك لكان بادر إلى هذا الفعل في اليوم التالي لأزمة التسريبات لا الإلتزام بالصمت لمدة يومين قبل إصدار بيان ساوى بين القتيل والقاتل بحسب ما وصفته أوساط حركة أمل.

إقرأ أيضا : بري : إتصال عون «منيح» ولا علاقة للحريري بمبادرة الإتصال
ومن الروايات المتداولة أن اللواء عباس إبراهيم هو من حرك المياه الراكدة بين بعبدا وعين التينة بعد إستشعاره خطر لعبة الشارع.
حيث كثف إبراهيم إتصالاته بالقيادات والأحزاب ذات الصِّلة بالأزمة لإيجاد خاتمة للموضوع .
فيما ذهبت رواية أخرى للقول أن الرئيس سعد الحريري هو من أقنع العماد عون بالإتصال الذي جرى بعد مغادرته قصر بعبدا.
لكن هذا الأمر نفاه الرئيس نبيه بري جملة وتفصيلا أمام زواره وأكد أنه كان على إطلاع على نية عون قبل زيارة الحريري لقصر بعبدا.
وكان لافتا إصرار بري على نفي أي دور للحريري  في حل الأزمة والذي يؤشر إلى أن بري غاضب جدا من أداء الحريري وتصرفاته، وهذا ما ظهر جليا في الهجوم الذي شنه ضيوف بري بالأمس على الحريري من على منبر عين التينة ، وعادة بري لا يسمح لأحد أن ينتقد الحريري من منبره.
رواية ثالثة تحدثت عن دور أساسي لعبه الوزير السابق جان عبيد مع أصدقاء مشتركين بين بري وعون وساهمت في تخفيف التشنجات والتحضير لهذا الإتصال.
أما الرواية الأبرز فتكلمت عن دور للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في دفع عون لإجراء الإتصال.
وأكدت المعلومات أن نصر الله إستشعر خطرا حقيقيا مما جرى في بلدة الحدث وتحرك سريعا بين عين التينة وبعبدا لإجراء اللازم.
وقدم نصر الله حلا شاملا على أساس أن يبادر عون إلى الإتصال ببري والإتفاق على إجتماع والتركيز على التهديدات الإسرائيلية ، مع تنظيم وقفة تضامنية مشتركة تضم حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر في بلدة الحدث . أما مسألة حل أزمة فيديو باسيل فتحل لاحقا .

إقرأ أيضا : اللواء إبراهيم : مهمّتي اقتصَرت على تنفيس الاحتقان والتقريب بين الرئيسَين عون وبري
لكن معلومات أخرى نفت أي دور لحزب الله في هذه الوساطة لكون الحزب يعتبر نفسه طرفا في النزاع إلى جانب بري وأكدت أخرى أن جميع هذه الأطراف كان لها دور في الوساطة كل حسب موقعه ونفوذه.
هذه الروايات المختلفة  تؤكد على حجم التخبط الذي عاشته الطبقة السياسية بالأمس وتظهر حجم الأزمة بين عون وبري .
إلا أن ما هو شبه محسوم هو دور حزب الله في حلحلة الأمور مع تحفظاته الجديدة على أداء الوزير باسيل.
وإذ ساهم هذا الإتصال بسحب فتيل التفجير من الشارع ، إلا أنه لم يقدم بعد حلولا جذرية للملفات العالقة بين عون وبري وهذا ما تحرص عين التينة على التأكيد عليه والتي تعتبر الإتصال أمرا جيدا لكنه لا يعني نهاية الأزمة فالملفات العالقة ما زالت كما هي ولم يحصل تقدم فيها سوى أن الخلاف سحب من الشارع إلى أروقة السياسة.
والحلول مرتبطة بما سيجري بين اليوم والثلاثاء المقبل وربما تمتد إلى ما بعده ، فجوهر المشكلة بالأساس هي شكل النظام السياسي ومستقبل إتفاق الطائف .