تقترب الانتخابات النيابية من ساعة الصفر، ومعها يتحضّر "بيْكان" ورثا الزعامة "أباً عن جد" (نجلا النائبين وليد جنبلاط وسليمان فرنجية). شُبّعا بالسياسة "عَ السكت" لعدة سنوات، وها هما يرثان النيابة عن والداهما، كما ورثا عنهما الأيديولوجية الحزبية، ولكن بأفكار يُعوّل عليها أن تكون أكثر تحرراً من أحقاد الماضي، وأكثر انفتاحاً على المستقبل، وأكثر تبرؤاً من الفساد. حاملان معهما دماء جديدة، وإن بجينات قديمة، إلى الندوة البرلمانية، متأبطّان بمشاريع نعلّق عليها آمالنا بأن تكون مشابهة لربيع عمرهما.

في أحد المجالس الدرزية في المختارة قال أحد صحافيي الطائفة البارزين لجنبلاط الأب "أن يكون تيمور جنبلاط ابن وليد جنبلاط هذا لا يخرجه من المنافسة بل عليه أن يفرض نفسه". فما مدى صحة هذه المقولة؟ وكم يشبه بيك المختارة الصغير البيك الكبير؟

حتى المقربون من محيط المختارة لا يعرفون الكثير عن بيك المختارة الثلاثيني وكل ما يستطيعون الجزم به أنه شخصية هادئة، قليلة الكلام، وجل ما صرّح به في إحدى المناسبات "نحن موجودون وسنبقى موجودين". واللافت أنه، على عكس والده، قليل التغريد، وأخيراً، وبطلب من عدة أشخاص فتح حساباً له عبر تويتر. كما أنه رجل أعمال ناجح ويصفونه بأنه "مخ اقتصادي". 

وتؤكد أوساط قريبة من المختارة لـ"ليبانون ديبايت" أن تيمور اتخذ قراراً بعدم الكلام قبل أن يأخذ وكالة نيابية من الناس، إلا أنه يقوم بواجباته السياسية في منطقته على أكمل وجه. وتوضح أن تيمور لا يحب العمل السياسي بل فُرض عليه كونه وريث المختارة، بينما هو يفضل الحياة البسيطة الهادئة خارج إطار المنافسة السياسية، ولكنه خضع لهذا التقليد التاريخي والعائلي، وهو شبه مسلّم بأن العمل السياسي هو قدر آل جنبلاط.

يخوض تيمور الانتخابات عن المقعد الدرزي في دائرة الشوف – عاليه، ويترأس لائحة الحزب الاشتراكي، كان حلمه بحلف شامل يصعّب على الباقين الوصول للحاصل الانتخابي إلا أن ذلك لم ينجح حتى الساعة.

تصف الأوساط معركته الانتخابية بـ"السهلة نسبياً"، فهو غير مستهدف حتى من قبل أخصامه في السياسة، وحتى الوزير السابق وئام وهاب (أكبر أخصام التقدمي الاشتراكي) سيترك مقعدا درزيا شاغرا ضمن لائحته في الشوف، وهو دائم القول "أنا لست مرشحا ضد تيمور جنبلاط".

والأرجح أن يحصّل تيمور أعلى نسبة أصوات تفضيلية، إلا أن لديه تحدٍ وحيد يتمثل بقانون الانتخابات الجديد الذي يسهل خرق لائحته، ويقلّص حتما عدد نواب كتلة التقدمي الاشتراكي التي لن تبقى على حالها في المجلس المقبل.

وتجدر الإشارة أن لتيمور رفيق ظلّ، ورفيق درب، لا بد أنه ساهم بصقل شخصية تيمور على النحو الذي سنكتشفه في المرحلة المقبلة، وهو الوزير السابق وائل بو فاعور.

كما المختارة، كذلك في بنشعي، هناك بيك صغير يخوض الانتخابات النيابية عن والده للمرة الأولى. وتؤكد مصادر مقربة من تيار المردة لـ"ليبانون ديبايت" أن فرنجية الابن يشبه والده في العناوين العريضة، والانتماء للخط السياسي. أما في طريقة تعاطيه مع باقي الأمور، لدى طوني شخصيته المستقلة غير المنصهرة بشخصية والده. وفي أي موضوع سياسي آني قد يكون له فيه مقاربة مختلفة عن مقاربة والده، وقد تكون مشابهة في بعض الأحيان.

تؤكد المصادر نفسها أن السياسة لم تُفرض على طوني بل توجّه في سن مبكرة للتعاطي بالأمور اليومية السياسية وكان موجود بين الناس. والترشح للنيابة كان برغبة مزدوجة بين الأب والابن واتخذ القرار في 2013 ويومها تم تأجيل الانتخابات.

ومن ذلك الوقت بدأ طوني بتسلّم الأمور بطريقة يومية ضمن قضاء زغرتا الزاوية كمرشح للانتخابات النيابية ويتعاطى بأمور التيار الأساسية في كثير من الأوقات.

وتلفت المصادر إلى أن فرنجية الأب لم يورّث ابنه النيابة، ولم يعينه في مركز أو منصب معين في الدولة، بل عرضه على الشعب كمرشح ليختاره الرأي العام، لأنه ارتأى وجوب مروره على معمودية السياسية وهي الانتخابات النيابية وتمثيل الشعب.

معركة انتخابية "سهلة" ستكون على بيك بنشعي البالغ من العمر 30 سنة، وترى مصادر زغرتا أن في هذه المعركة مؤشران إيجابيان وهو أنه يخوض الانتخابات في دائرة كبيرة تضم أربعة أقضية، وبذلك سيكون له فرصة لعرض برنامجه الانتخابي وأفكاره على شريحة كبيرة جدا، يضاف إلى ذلك برنامج انتخابي جيد، سيزيد من حظوظ المردة بزيادة عدد مقاعدها في المجلس النيابي في كافة دوائر الشمال.

وعن حجم قبوله في دائرته، تقول المصادر "لمسنا أنه مقبول لدى كثير من الشرائح البشرانية، والزغرتاوية، والبترونية، والكورانية، نتيجة احتكاكه اليومي وصداقاته في مجمل هذه الدائرة وهو القبول الذي بناه لجانب الاستفادة من حضور المردة التاريخي في هذه المناطق من خلال علاقاته التي لم تكن ظاهرة للإعلام خلال 5 سنوات الماضية.

أما أفكاره التي سيحملها إلى الندوة البرلمانية، فترفض المصادر الكشف عنها قبل أن يُعلن طوني عن برنامجه الانتخابي، وتكتفي بالقول إنها ستكون أفكار أكثر شبابية وانفتاح، وبالتأكيد واقعية وقابلة للتطبيق، وهي الأفكار التي تكونت لديه نتيجة حصيلة عمله اليومي واحتكاكه مع الشعب.

ربّما من المبكر الحكم على وريثَي المختارة وبنشعي، لكن المؤكد أن من حقهما أن نمنحهما فرصة التعبير عن ذواتهم، وأفكارهم. ولعلّ تجربة النائب سامي الجميل تشجّعنا على تقبّل فكرة التوريث السياسي، القائمة في لبنان على مبدأ "من شابه أباه ظلم".