كباقي مقاعد الأقليات في العاصمة، يحجز المقعد الدرزي في بيروت الثانية لنفسه حيزاً من الأهمية، ما يجعل منه قبلةً للمتنافسين على الأحجام التمثيلية الدرزية.

وهو المقعد اليتيم بين 11 مقعداً في الدائرة التي تضم كل من رأس بيروت، دار المريسة، ميناء الحصن، زقاق البلاط، المزرعة، المصيطبة، المرفأ، والباشورة، يتوزعون بين السنة والشيعة والأرثوذكس والإنجيليين. بينما لا يبلغ عدد الناخبين الدروز في بيروت الثانية أكثر من 5397 ناخب من أصل 347277 ناخب بيروتي.

تأتي أهمية هذا المقعد كونه في دائرة العاصمة بيروت، ويدخل في لعبة الأوزان والأحجام بين الرؤوس الدرزية، إذ إن هناك أكثر من جهة تتنافس على هذا المقعد، وهي كل من النائب وليد جنبلاط والذي يُعتبر الممثل الشعبي الأكبر على الساحة الدرزية، واعتاد على الفوز به عبر تحالفه مع تيار المستقبل مستفيداً من القانون الأكثري. وزير المهجرين طلال ارسلان والذي لطالما رأى في القانون الأكثري غبناً له ولحجم تمثيله، ويحاول جاهداً إثبات عكس المقولة التي تقول إن مقعده عادة ما يحصل عليه بمنّة من النائب وليد جنبلاط.

أما الجهة الدرزية الثالثة التي تدخل إطار المنافسة على المقعد الدرزي في بيروت فهي المعارضة الدرزية المتمثلة بالوزير السابق وئام وهاب والأحزاب والقوى المتحالفة معه ومنها الحزب القومي السوري الاجتماعي والحزب الشيوعي وحزب الله.

وجهة رابعة هي أبناء بيروت من الدروز الذين يطالبون بتمثيل حقيقي لهم ويرفضون فرض النواب عليهم من خارج العاصمة. علما أن هناك خلافاً تاريخياً بين دروز بيروت وجنبلاط على خلفية ملف الأوقاف الدرزية ومشروع بناء المجمع التجاري في الوقف الدرزي.

وتدخل هذا العام حلبة المنافسة بعد إقرار القانون الانتخابي جديد جهة خامسة هي المجتمع المدني، والذي تؤكد مصادره لـ"ليبانون ديبايت" أنه يؤمن بحقه في التمثيل على الساحة الدرزية كغيرها من ساحات الطوائف والمذاهب الأخرى. وهو القرار الذي اتخذه المجتمع المدني بعد انتهاء حكم المحادل الانتخابية، المتمثل بقانون الستين، إذ إن ما كان يحصل في بيروت سابقاً ليس بانتخابات بقدر ما هو تعيين.

وكغيره من المقاعد الجدلية، يحوم حول المقعد الدرزي في بيروت أسماء مرشحين عدة، وهو المقعد الذي يشغله نائب الحزب التقدمي غازي العريضي منذ العام 2000.

تؤكد مصادر التقدمي الاشتراكي لـ"ليبانون ديبايت" أن جنبلاط استبعد ترشيح العريضي للانتخابات النيابية المقبلة، وذلك لأن رئيس الحكومة سعد الحريري يرفض التحالف مع جنبلاط في حال ترشيح العريضي، لاعتباره أن الأخير قد طعنه. 
إضافة إلى أن هناك مشكلة ما بين العريضي والمختارة ترجمت عبر تقليص دوره وتحجيمه على الساحة الدرزية. وبينما كان يفضل الحريري ترشيح درزي بيروتي، يتجه جنبلاط لترشيح النائب السابق فيصل الصايغ، ويحاول إقناع الحريري به، مع الإشارة إلى أن أحد الاسماء التي يتناولها الشارع الدرزي كمرشح عن جنبلاط عن هذا المقعد هو الأمين العام السابق للاتحاد اللبناني لكرة القدم رهيف علامة.

وفي الوقت الذي برز فيه اسم العميد المتقاعد منير شعبان المقرب من وزير الداخلية نهاد المشنوق، وهو ابن عم الوزير السابق وئام وهاب، كأحد المرشحين المحتملين عن المقعد الدرزي في بيروت على لائحة وهاب وحزب الله وحركة أمل والقومي السوري، تؤكد مصادر حزب التوحيد لـ"ليبانون ديبايت" أن تبنّي ترشيح شعبان مرتبط بمدى قبول الثنائي الشيعي له.

وتستبعد مصادر درزية مستقلة تبني تحالف وهاب – حزب الله لشعبان على اعتبار أنه مقرب من الوزير المشنوق وبموقع مستشار له. وتطرح اسم رجل الأعمال جهاد ذبيان كمرشح قد يحظى بحظوظ أوفر على هذه اللائحة، وهو أحد "صقور المقاومة في الجبل"، كان سابقاً في الحزب التقدمي الاشتراكي. أما اليوم، ولاؤه الصافي لحزب الله. أما مرشح ارسلان فهو الوزير السابق مروان خير الدين.

لكن بين مرشحي وهاب وارسلان، من يتبنى حزب الله؟ تؤكد مصادر مقربة من الثنائي الشيعي لـ"ليبانون ديبايت" أن حزب الله يفضل تبني مرشح وهاب على مرشح ارسلان، باعتبار أن لحزب الله مصلحة بالتحالف مع وهاب أكبر من مصلحته بالتحالف مع ارسلان، كون وهاب يعتبر رأس حربة ومدافع شرس في صفوف محور الممانعة على عكس ارسلان الذي يتبع سياسة المهادنة مع جنبلاط.

ولم يتفق دروز بيروت بعد على اسم مرشحهم لخوض المعركة الانتخابية، والذي من المحتمل أن يكون على لائحة تضم العائلات البيروتية، ومن الأسماء المعروفة حتى اليوم المرشحان رفعت زهيري، جهاد زهيري، بينما يطرح بعض المخاتير اسم عضو المجلس المذهبي الدرزي علي العود.

ومن المدنيين يبرز اسم الأستاذ الجامعي غسان بو دياب، وهو الأمين العام لمرصد الحراك المدني. والناشط في حملة بدنا نحاسب هاني فياض، وهو منتمي للحزب القومي السوري الاجتماعي. ومن المتوقع أن يخوض المجتمع المدني الانتخابات في بيروت الثانية بلائحة أو أكثر تضم وجوه المجتمع المدني وشخصيات أكاديمية.

ترفض المصادر الدرزية التكهن بحظوظ المرشحين السابقين الذكر، وتجزم أن معركة بيروت وتحديدا المقعد الدرزي ليست بسهلة. فـ"الكل مُحرج، وعادة المقاعد غير الأساسية والتي لا يكون خلفها ثقل انتخابي كبير في أي دائرة لا يُعرف مصير نتيجتها إلا في اللحظات الأخيرة، لا سيما في ظل قانون انتخابي كالمعتمد حاليا". فالحاصل الانتخابي وتقسيم الأصوات التفضيلية سيلعبان دورهما بخلط الأوراق، علماً أن ليس هناك مرشح درزي سيربح بأصوات الدروز بل كله رهن التحالفات وتجيير الأصوات. وإن كان الصوت السني يعتبر من أبرز اللاعبين في هذه الدائرة ويشكل نسبة 62.14 في المئة من الأصوات، فإن للصوت الشيعي أيضاً أهميته ويشكل نسبة 20.6 في المئة من أصوات بيروت الثانية.