أربعة أشهر تفصل لبنان عن الاستحقاق الانتخابي المقرّر إجراءه في 6 أيار المقبل، وفق قانون جديد يتم اعتماده للمرة الأولى، لم يعرف حتى صانعوه أن يميزوا جينات خيره من شره بعد.

وبينما تتسابق الماكينات الانتخابية للأحزاب والتيارات السياسية لتفسير كيفية الاقتراع لقواعدها الشعبية، يجلس من لم تلحق به عدوى التصفيق ونجا من تسونامي التبعية أمام شاشات التلفزة محاولاً التقاط معلومة من هنا، وأخرى من هناك، علّها تساعده بفك شيفرات هذا القانون الهجين.

جولة استطلاعية على آراء الشارع اللبناني لاستنباط معلوماته حول القانون الجديد تُظهر أن أكثر من 70 في المئة من اللبنانيين لا يعرفون شروط الاقتراع وفق هذا القانون، وشبه إجماع بين هؤلاء على أن القانون "مُعقّد".

ولمعرفة هذه التفاصيل وتعريف الرأي العام اللبناني عليها، كان لـ"ليبانون ديبايت" حديث مع المدير التنفيذي للجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات عمر كبول الذي أكد على أن أكثر ما يهم الناخب هي آلية الاقتراع بطبيعة الحال. وبالتالي ما تغير في آلية الاقتراع وفق القانون الحالي هو أنه لم يعد لدينا ورقة الاقتراع العادية التي يمكن أن نزيد عليها أسماء ونشطب أخرى.

بل سيكون هناك ورقة اقتراع مطبوعة مسبقاً موجودة فقط لدى الجهة التي تدير العملية الانتخابية أي وزارة الداخلية، يسلمها رئيس القلم للمقترع فور دخوله، وهي قسيمة تضم كل اللوائح الموجودة في الدائرة، وكل لائحة تضم أسماء المرشحين. مع احتمال كبير أن تتضمن القسيمة شعار كل لائحة أو حزب إذا ما أرادت الوزارة التقيّد بالمعايير الدولية. علماً أن قسيمة الاقتراع قد تكون عبارة عن ورقة يصل حجمها إلى A3 أو A4 بحسب عدد اللوائح في كل دائرة.

وعلى الناخب أن يعرف أنه يصوّت للوائح ولا إمكانية لديه لاختيار أفراد من اللائحة أو تفضيل أفراد لائحة على أفراد لائحة أخرى. يمكن تفضيل مرشح واحد ضمن اللائحة التي يختارها المقترع حصراً، لأنه في حال قام الناخب بمنح صوته التفضيلي لمرشح من دون التصويت لأي لائحة، بديهيا يُحتسب صوته للائحة هذا المرشح. بينما إذا أعطى صوته للائحة وصوته التفضيلي لمرشح من لائحة أخرى، يُحتسب صوت اللائحة لا صوته التفضيلي لأنه حصرا يجب أن يمنح صوته التفضيلي لمرشّح من اللائحة التي اختارها.

وأي شيء إضافي يمكن أن يتركه الناخب على قسيمة الاقتراع، كالتشطيب وذكر أسماء وغيره، يُعتبر إشارة أو علامة تؤدي إلى إلغاء الصوت. أما صيغة اختيار اللائحة أو المرشح المفضل، على قسيمة الاقتراع، فلم تحسمها وزارة الداخلية بعد، وبطبيعة الحال ستكون إما عبارة عن إشارة (صح) أو ( X ) وهو ما يجب أن يكون موجود ضمن التعليمات المكتوبة على القسيمة.

كما أن شكل العازل سيتغير في العملية الانتخابية المقبلة، فلن يكون هناك ستارة، بل عازل يتم وضعه على الطاولة مصنوع من الفلّين يمكّن الناخب من الاقتراع، ويكون الناخب مكشوفاً لهيئة القلم من وراء العازل ولكن عملية التصويت التي يقوم بها تبقى محجوبة، فحرية الاقتراع محفوظة، كما يشير كبول. لكن بنفس الوقت يستطيع رئيس القلم أن يكشف محاولات الناخب بالتقاط الصور لقسيمة الاقتراع على عكس العازل القديم.

أما باقي الأمور خلال عملية الاقتراع، ستبقى على حالها وحتى الساعة لا زال المستند التعريفي هو بطاقة الهوية أو جواز السفر، والحبر السري. 

لكن على من تقع مسؤولية تدريب وتعريف الناخب على آلية الاقتراع وفق القانون الجديد؟ يجيب كبول أن المسؤولية مشتركة بين وزارة الداخلية، وهيئة الإشراف على الانتخابات، والأحزاب والماكينات الانتخابية.

وبشكل أساسي هيئة الإشراف التي من المفترض أن تبدأ فور توقيع المرسوم من قبل رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء بحملة التثقيف الانتخابي، كأن تخصص برامج وتقوم بتدريبات وتحاول نشر آليات الاقتراع وتشرحها للناخبين عبر وسائل الإعلام مع استخدام نماذج عن قسائم الاقتراع المطبوعة مسبقاً.

بموازاة عمل هيئة الإشراف، يفترض أن تقوم وزارة الداخلية بتمرين رؤساء وهيئات الأقلام على آلية الاقتراع، لأنه يوم الانتخابات تكون المسؤولية الأساسية على هيئة القلم.

وللجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات دور تثقيفي فعال في هذا المجال، إذ بدأت في ورشات عملها ولقاءاتها في مختلف المناطق اللبنانية لتعريف المواطنين على قانون الانتخاب الجديد منذ حزيران 2017، أي منذ اقرار قانون الانتخاب الجديد.