أثبت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه قناص للفرص بامتياز فعقب تفجير الرئيس الأميركي دونالد ترامب لقنبلة بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، ارتأى بوتين التحرك وزيارة مصر الحانقة من الخطوة الأميركية المدمرة لعملية السلام
 

تنطوي الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للقاهرة الاثنين المقبل، على دلالات تتجاوز حدود التباحث بشأن العلاقات بين البلدين، لتصل إلى حسم قضايا استراتيجية تؤسس لشكل العلاقات مستقبلا.

وأكد مصدر دبلوماسي لـ”العرب”، أن توقيت الزيارة في حد ذاته رسالة في غاية الأهمية بعد أن فجّر الرئيس الأميركي دونالد ترامب “قنبلة” بإعلانه القدس عاصمة لإسرائيل، الأمر الذي شكّل حرجا كبيرا للرئيس عبدالفتاح السيسي.

وأوضح اللواء علاء عزالدين رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية بالقوات المسلحة سابقا، أن توقيت زيارة بوتين “حساس للغاية”، في ظل توتر العلاقات العربية الأميركية بشكل غير مسبوق.

وأشار لـ”العرب”، إلى أن بوتين يريد استثمار التوتر العربي والإسلامي مع واشنطن ليكون الاتجاه شرقا، خاصة وأن موسكو أبدت معارضة للخطوة الأميركية المدوية.

وقال الكرملين، الخميس، إن الرئيس فلاديمير بوتين سيزور مصر في 11 ديسمبر الجاري، وسيجري محادثات مع الرئيس السيسي ويناقش العلاقات الثنائية والتجارة وقضايا الشرق الأوسط.

وذكر بيان لرئاسة الجمهورية في مصر أن الزيارة تأتي في إطار حرص البلدين على تدعيم علاقاتهما التاريخية والاستراتيجية.

وكان وفد روسي رفيع المستوى وصل الخميس إلى القاهرة قادما بطائرة خاصة للإعداد لزيارة بوتين.

وذكرت مصادر شاركت في استقبال الوفد الروسي، أن زيارة الوفد هدفها مراجعة جدول زيارة بوتين والاتفاقيات التي سيتم توقيعها، وعلى رأسها التعاون في المجالات العسكرية والطاقة، خاصة ما يتعلق بالتوقيع على اتفاقية إنشاء المفاعل النووي بمنطقة الضبعة.

وبحث الزعيمان الروسي والمصري في اتصال هاتفي، قبل ثلاثة أيام، دعم التعاون وآخر التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.

وعلمت “العرب”، أن الزيارة كانت متوقعا لها أن تتم منذ ستة أشهر تقريبا، للتوقيع على تدشين المحطة النووية المصرية المعروفة بـ”الضبعة” على البحر المتوسط، التي تتولى موسكو تشييدها.

لكن تم التأجيل لأسباب تتعلق بامتعاض موسكو من الاكتشافات الواعدة للغاز المصري في البحر المتوسط، لأنها سوف تؤثر على تجارة الغاز الروسي مع أوروبا، وتمّ حل هذه الأزمة بالاتفاق على شراء شركة غاز بروم الروسية 30 بالمئة من حقل “ظهر” المصري.

وعندما حدث تقارب بين القاهرة وموسكو في الأزمة السورية، واختارت روسيا مصر لرعاية اتفاقات هدنة تفاءلت دوائر كثيرة وبدا التفاهم بين البلدين يعود إلى نسقه.

وكان من المفترض أن يقوم وفد مصري رفيع بزيارة لموسكو في أكتوبر الماضي، للتوقيع على عقد محطة الضبعة، غير أن الزيارة تأجلت فجأة، وقالت مصادر وقتها لـ”العرب”، إن الزيارة كانت ترمي إلى وضع اللمسات الأخيرة لشكل العلاقات بين البلدين، والاتفاق على توقيع عقد مفاعل “الضبعة” النووي، وعودة السياحة الروسية لمصر.

وبدت العلاقات، خلال شهري سبتمبر وأكتوبر وإلى قبل نهاية نوفمبر الماضي، هادئة نسبيا، لم تشهد برودة ولم تزدد سخونة، كما كان متوقعا، وكأن كل طرف يراجع حساباته لاتخاذ موقف حاسم يؤسس لشكل العلاقات، أو هناك شيء ما يعكرها ويفرملها.

وقفزت العلاقات الأسبوع الماضي قفزة نوعية، بعد توقيع اتفاق مبدئي بين القاهرة وموسكو يقضي بتبادل استخدام القواعد العسكرية، خلال زيارة قام بها وزير الدفاع الروسي للقاهرة، وهو ما اعتبره مراقبون ضربة موجّهة للولايات المتحدة الحليف العسكري الأول لمصر حتى وقت قريب.

بعدها بأيام حط وزير الدفاع الأميركي في القاهرة، الأمر الذي بعث برسالة تشي أن واشنطن لن تترك ثمرة القاهرة تسقط في حضن موسكو، خاصة أن الأخيرة تمتلك ميزة مهمة في إطار لعبة النفوذ في المنطقة، والتي حققت بموجبها موسكو تفوّقا في غالبية الأزمات الإقليمية على حساب الولايات المتحدة.

وكشف المصدر الدبلوماسي لـ”العرب” أن إتمام زيارة بوتين في الوقت الراهن، يوحي أن مصر ستكون أكثر انحيازا لموسكو من ذي قبل، وأن طريقة التوازن التي اتبعتها خلال السنوات الماضية، للحفاظ على مسافة واحدة بين واشنطن وموسكو، لم تعُد مجدية.

وقال اللواء أحمد عبدالحليم، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية إن زيارة بوتين تهدف إلى توصيل رسالة مهمة بأن روسيا أصبحت موجودة بقوة في الشرق الأوسط ولها حلفاء أقوياء، بل إنها ماضية في المزيد من التواجد وإقامة علاقات قوية ومتوازنة مع أطراف أخرى لها وزنها بالمنطقة.