توتر سياسي داخلي , وإرباك إقليمي ودولي حول مصير القدس

 

الديار :

قرار الرئيس الاميركي ترامب بالاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لدولة اسرائيل لن يمر، ولا يساوي الحبر الذي كُتب فيه في ظل قرار الشعب الفلسطيني بالمواجهة مهما كانت التضحيات، وفي ظل اتجاه فلسطيني عام لاطلاق انتفاضة جديدة، واعلان الاذرع العسكرية لفتح والجهاد الاسلامي وحماس والشعبية النفير العام، والتصدي للجيش الاسرائيلي بكل الوسائل بما فيها السلاح، والاعلان عن يوم غضب في كل المناطق الفلسطينية (اليوم الجمعة)، وتحديداً في المسجد الاقصى. هذا بالاضافة الى انطلاق المواجهات بين الشعب الفلسطيني وقوات الاحتلال، وقد اسفرت عن سقوط 120 جريحاً فلسطينياً واعتقالات. كما اعلن المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الامم المتحدة رياض منصور ان دولة فلسطين قدمت شكوى حول القدس ضد الولايات المتحدة. كما بعثت القائمة بالاعمال بالانابة السفيرة فداء عبد الهادي ناصر رسائل الى رئيس مجلس الامن (لهذا الشهر اليابان) وللامين العام للامم المتحدة، كما وجهت دعوات لعقد اجتماع لمجلس التعاون الخليجي.
ورغم ان تحركات الشارع العربي كانت خجولة وليست بمستوى خطورة الحدث، فان البرلمان التونسي نظم حركة احتجاجية، وكذلك منظمات عراقية، وشهدت مدن باكستانية وتركية تظاهرات ضد قرار ترامب.
اما الرد البارز والموقف اللافت عبر خطوات عملية، فتمثل بكلام الامين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله الذي دعا الى تظاهرة نهار الاثنين في الضاحية الجنوبية عند الساعة الثالثة بعد الظهر، وحضّ الفلسطينيين على اطلاق انتفاضة فلسطينية جديدة ومغادرة كل التسويات وعمليات التطبيع داعياً الى تحويل تهديد ترامب الى فرصة لانتصار الشعب الفلسطيني. وطالب بوقف الحروب بين الدول العربية والتوجه نحو فلسطين، ودعا الى قمة اسلامية تعلن القدس عاصمة ابدية لفلسطين ووقف كل الاتصالات مع العدو وكل اشكال التطبيع واعلان انتهاء ما يسمى عملية السلام، وان يقال لترامب «لا عودة للمفاوضات دون العودة عن القرار». وطالب بممارسة كل اشكال التنديد والاستنكار، ويجب ان تسمع الادارة الاميركية والعالم كله اعتراضنا على هذا القرار.
وخاطب سماحته الحكام العرب والمسلمين بالقول «عليكم ان تفهموا انكم لا تساوون شيئاً على الاطلاق بالنسبة لترامب» معتبراً أن قرار ترامب شكل اهانة لكل دول العالم واعتداء على مشاعر المسلمين والمسيحيين وبأن اسرائيل لا تحترم المواثيق الدولية ونحن امام وعد بلفور جديد.
 

 

 

 الوضع الفلسطيني


تصاعدت هذه المواجهات بين الفلسطينيين وجنود الاحتلال، وقد خرج الفلسطينيون الى الشوارع.
وأطلقت القوات الإسرائيلية الرصاص المطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع ما أدى إلى إصابة العشرات من المتظاهرين الفلسطينيين، في الخليل وبيت لحم جنوبي الضفة الغربية، ونابلس شمالي الضفة، والقدس وبيت آيل وخان يونس وقلقلية.
وقال الهلال الأحمر الفلسطيني إن «المواجهات الدائرة مع قوات الاحتلال في محافظات الضفة وغزة أسفرت عن 49 مصابا». فيما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية إن هناك «9 إصابات وصلت إلى مجمع فلسطين الطبي برام الله، بينهم 5 مصابين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و3 مصابين بالرصاص الحي، وإصابة جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع».
وفي وقت لاحق أشار الهلال الأحمر الفلسطيني إلى سقوط أكثر من 108 جرحى خلال مواجهات في الضفة الغربية.
وأضافت وزارة الصحة أن «هناك فلسطينياً أصيب بجروح خطيرة إثر تلقيه طلقا ناريا في البطن خلال المواجهات مع الجيش الإسرائيلي شرق خان يونس».
وشهدت كل الأراضي الفلسطينية امس إضرابا عاما يشمل جميع مرافق الحياة، احتجاجا على قرار ترامب.
وكانت الفصائل الفلسطينية قد دعت إلى ثلاثة أيام غضب، بدأت امس وتنتهي اليوم احتجاجا على قرار ترامب.
كما أصيب 9 فلسطينيين بجروح جراء اصطدام شاحنة إسرائيلية بعدد كبير من المركبات في مدينة بيت لحم. وأكد المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية، المقدم لؤي ارزيقات، أن السائق لاذ بالفرار باتجاه شارع رأس بيت جالا، وأن الشرطة باشرت التحقيق بالحادث.
وذكر شهود عيان في المنطقة التي وقع في الاصطدام، أن الاصطدام كان متعمدا، وأن سائق المركبة مستوطن «أراد من خلالها إلحاق الضرر بالمواطنين»، وفق ما ذكرت وكالة «وفا».
وقد استخدمت القوات الاسرائيلية الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي، خاصة في قلقيلية وأريحا والخليل وبيت لحم والقدس.
وأدت المواجهات إلى إصابة فلسطينيين بجروح والعشرات بحالات اختناق على مدخل بلدة عزون قرب قلقيلية، وعلى المدخل الشمالي لبيت لحم، وعلى مدخل أريحا الرئيس، وفي منطقة باب العمود وعلى مدخل المسجد الأقصى في القدس المحتلة.
وعززت القوات الإسرائيلية من انتشارها وسط القدس ومحيط البلدة القديمة، وسيرت في شوارعها وطرقاتها دوريات عسكرية وشرطية، ونصبت حواجز تفتيش.
كما شهدت مدينة نابلس اعتصاما ومسيرة بمشاركة المئات، رفضا لقرار ترامب.
كما اندلعت مواجهات بين في عدد من نقاط التماس مع القوات الإسرائيلية، تحديدا شرق مخيم البريج وسط القطاع وشرق مدينة غزة.
كما دوت، صافرات الإنذار في المناطق الإسرائيلية المحيطة في غزة، وفي مستوطنات جنوب إسرائيل، مشيرا إلى أنباء عن إطلاق قذائف صاروخية على بلدات إسرائيلية من قطاع غزة.
من جهتها، قالت رويترز إن تطبيقا إسرائيليا للإنذار من الصواريخ يشير إلى إطلاق صواريخ على إسرائيل من مواقع مختلفة قرب قطاع غزة.
وعززت القوات الإسرائيلية من انتشارها وسط القدس ومحيط البلدة القديمة، وسيرت في شوارعها وطرقاتها دوريات عسكرية وشرطية، ونصبت حواجز تفتيش.
 

 هنية: لا وجود لاسرائيل على ارض فلسطين


بدوره، اعتبر رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، أنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، يعني نهاية مرحلة سياسية وبداية مرحلة جديدة، داعيا إلى «يوم غضب» الجمعة (اليوم) وإطلاق انتفاضة جديدة، وطالب الدول العربية بوقف نزاعاتها ومقاطعة البيت الأبيض.
هنية، الذي ألقى خطابا، بعد الإعلان الأميركي، قال إن بوسع الشعب الفلسطيني «أن ينطلق وينتفض في وجه المحتل»، واصفا ما يحصل بـ«المعادلة الجديدة والمرحلة السياسية الفارقة»، واتهم أميركا بممارسة «انحياز سافر وأعمى» متحدثا عن وجود ما وصفه بـ»التحالف الشيطاني الذي يقرر لوحده مصير القدس ومكانتها».
وتابع رئيس المكتب السياسي لحماس بالقول: «القدس موحدة لا شرقية ولا غربية، هي فلسطينية عربية إسلامية وهي عاصمة دولة فلسطين كلها... أقول اليوم إن فلسطين أيضاً واحدة وموحدة من البحر إلى النهر، لا تقبل القسمة لا على دولتين ولا على كيانين، وفلسطين والقدس لنا، لا نعترف بشرعية الاحتلال، ولا وجود لإسرائيل على أرض فلسطين ليكون لها عاصمة».
ورأى هنية أن عملية السلام «قُبرت مرة واحدة وللأبد» وتابع منتقدا الحديث عن صفقة سلام جديدة بالقول: «لا يوجد شيء صفقة قرن ولا ربع ولا نصف قرن، ويجب أن يكون الموقف واضحاً لا يحتمل التأويل ولا الغموض، ولا بد أن نخرج من نفق أوسلو المظلم»، وفقا لما نقل عنه المركز الفلسطيني للإعلام التابع لحماس، مطالبا السلطة الوطنية الفلسطينية بإعلان التحلل من تلك الاتفاقيات.
وطالب هنية بتحرك ميداني وإطلاق انتفاضة جديدة بالقول: «هذه السياسة الصهيونية المدعومة من أميركيا، لا يمكن مواجهتها إلا بإطلاق شرارة انتفاضة متجددة ومقاومة ضد الاحتلال.. وقال: «نريد انتفاضة شعبية كتلك التي فجرها أهلنا في القدس وفي الأقصى» مطالبا الدول العربية بوقف صراعاتها الداخلية والإعلان عن مقاطعة الإدارة الأميركية ووقف «الاتصالات والحديث عن التطبيع مع الاحتلال والحديث مع المثقفين الذين يحملون فكراً متصهيناً» وفق قوله.
وأكد هنية أن قيادة حماس «أعطت التعليمات لكل أبناء الحركة في كل أماكن وجودهم لإعلان نفير داخلي، والتهيؤ والتحضير لمتطلبات المرحلة المقبلة». وأضاف: «فليكن الجمعة يوم غضب وبداية تحرك واسع لانتفاضة أسميها انتفاضة حرية القدس والضفة، كما حررنا غزة قادرون وقادر هذا الشعب بإسناد أمته أن يحرر القدس.. فلتخرج جماهير شعبنا وأمتنا وليخرج كل أحرار العالم ليكون يوم غضب ويوم تجديد العهد».
 

 الردود العربية والدولية


وتواصلت ردود الفعل العربية والدولية المنددة بقرار ترامب.
جددت وزارة الخارجية الروسية التأكيد على موقفها بشأن القدس، مشيرة إلى أن موسكو تعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل والشرقية عاصمة لفلسطين.
وجاء في بيان لوزارة الخارجية الروسية، تعليقا على قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب حول القدس، أن «موسكو تنظر بقلق جدي إلى القرارات التي أعلنت عنها واشنطن».
وتابعت الخارجية: «ننطلق من أن التسوية الثابتة والعادلة للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي الذي طال أمده، يجب أن تحقق على أساس المرجعيات الدولية المعروفة، بما في ذلك قرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الشأن، والتي تنص على تسوية كافة الأمور المتعلقة بالوضع النهائي للأراضي الفلسطينية، بما فيها المسألة الحساسة المتعلقة بالقدس، من خلال مفاوضات فلسطينية - إسرائيلية مباشرة».
وأشارت الخارجية الروسية إلى أن القرار الأميركي «من شأنه أن يعقد الأوضاع في العلاقات الفلسطينية - الإسرائيلية وفي المنطقة بشكل عام. وانطلاقا من ذلك ندعو كافة الأطراف المعنية إلى ضبط النفس والتخلي عن خطوات من شأنها أن تؤدي إلى عواقب خطيرة تخرج عن السيطرة».
وأضافت الخارجية: «يجب إعارة اهتمام خاص لمسألة حرية وصول كافة المؤمنين إلى المقدسات في القدس».
كما أكدت الخارجية أن «الموقف المبدئي الروسي لا يزال ثابتا. وهو يتلخص في دعم تسوية فلسطينية - إسرائيلية طويلة الأمد، تضمن وجود إسرائيل بأمن وسلام ضمن حدودها المعترف بها دوليا، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني لإقامة دولته المستقلة».
كما قال حسين أمير عبد اللهيان، نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس بمثابة اللعب بالنار الذي لن يتحمله ترامب وسيحترق به نتنياهو.
وأضاف عبد اللهيان أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس سيؤدي إلى اشتعال نيران انتفاضة المسجد الأقصى من جديد.
وتابع الدبلوماسي الإيراني أن القدس هي القبلة الأولى للمسلمين وقضية فلسطين لن تحل إلا بإنهاء الاحتلال غير الشرعي، مشيرا إلى أن طهران ترفض مسألة حل الدولتين بشكل كامل لأن أرض فلسطين التاريخية ملك للشعب الفلسطيني فقط.
وأعرب عبد اللهيان عن دعم إيران بقوة للمقاومة الفلسطينية ووحدة جميع فصائلها.
 

 عباس وعبدالله الثاني يبحثان قرار ترامب


كما حذر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، خلال مباحثات أجرياها في عمان، من أن أي إجراءات تمس بوضع القدس القانوني والتاريخي تعتبر «باطلة».
وذكر بيان صادر عن الديوان الملكي أن عبدالله الثاني وعباس اجتمعا في عمان لبحث قرار واشنطن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأميركية إليها، معتبرين أنه «يشكل خرقا للقانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية».
وقال الرئيس الفلسطيني عقب اللقاء بحسب البيان، إنه في ضوء القرار «أمامنا خطوات كثيرة لنقوم بها من خلال الجامعة العربية وقمة (منظمة التعاون الإسلامي)».
وأكد أن قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب «مرفوض جملة وتفصيلا»، مضيفا أن واشنطن «بهذا الموقف الذي اتخذته أبعدت نفسها كثيرا عن العمل السياسي في الشرق الأوسط».
واشار الى أن «ما يجري الآن في كل العالم من رفض للقرار الأميركي بشأن القدس بما فيها الأراضي العربية وفلسطين والأردن، رسائل مهمة لترامب بأن قراره لا يمكن القبول به إطلاقا».
 

 عمدة لندن يطالب ترامب بعدم زيارة بريطانيا


كما دعا عمدة لندن صادق خان الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى العدول عن زيارته إلى المملكة المتحدة، عقب قراره الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وقال خان في مقابلة مع وسائل الإعلام البريطانية: «رئيس الولايات المتحدة الأميركية، لا يفهم مقدار الإهانة التي وجهها للعالم العربي».
وأضاف، «سمعت أنه ينوي زيارة لندن في شباط المقبل، ولكن ليس بصفته الرسمية، لذلك دعونا نرى ما الذي سيحصل حينها».
وأشار عمدة العاصمة البريطانية على أن بريطانيا وفرنسا وعددا من الدول الأوروبية الأخرى تدين خطوة »الاعتراف»، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن الاحتجاجات ضد قرار ترامب يجب أن تحمل طابعا سلميا، وأن لا تكون دافعا لاندلاع موجة عنف في منطقة الشرق الأوسط.
 

 السفارة الكندية ستبقى في تل أبيب


كما أعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستين ترودو، أن السفارة الكندية لدى إسرائيل ستبقى في تل أبيب.
وقال ترودو ردا على أسئلة الصحفيين خلال زيارته للصين: «نحن لن ننقل سفارة كندا من تل أبيب».
وأشار رئيس الوزراء إلى أن »كندا لديها سياسة طويلة الأمد بشأن الشرق الأوسط، تتمثل في أننا من الضروري أن نعمل على تحقيق حل الدولتين من خلال مفاوضات مباشرة، ولذلك نستمر بالتعامل بشكل بناء مع دول المنطقة وأصدقائنا وشركائنا حول العالم».
 

 أنقرة تدين


وذكّر رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم بقداسة القدس بالنسبة إلى أتباع الديانات السماوية، معتبرا أن أي تغيير في صفتها سيولّد عواقب أشبه ما تكون بقنبلة نزع مسمار أمانها.
وأوضح يلدريم أن تطبيق قرار ترامب على الأرض، «سيعني إدخال الشرق الأوسط في مأزق مستعص»، محذرا من أن تنهي هذه الخطوة المساعي الرامية إلى فض الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وذكّر يلدريم في هذه المناسبة بالقرارات الدولية والأممية المتمسكة بالحفاظ على صفة القدس، والمطالبة بقيام دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس، وأضاف: «من يزرع الريح يحصد العاصفة، والرئيس رجب طيب أردوغان قد حذر مرارا من مغبة هذه الخطوة».
وفي صدد الرد التركي والإسلامي على قرار ترامب، أشار يلدريم إلى قرب اجتماع زعماء بلدان منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول في الـ13 من الشهر الجاري بدعوة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للوقوف على الإجراءات اللازم اتخاذها على خلفية ما أعلنه ترامب.
 

 اسرائيل: دولتان قد تنقلان سفارتيهما الى القدس


الى ذلك صرح وزير شؤون القدس الإسرائيلي، زئيف إلكين، بأن عددا من الدول قد تحذو حذو الولايات المتحدة وتنقل السفارات إلى القدس.
وقال إلكين في حديث لوكالة «نوفوستي» الروسية، الخميس، إن «القدس عاصمتنا. وهي كانت ولا تزال عاصمتنا. وفي هذا السياق فإن ما أعلنه أمس الرئيس الأميركي أمر طبيعي. وآمل بأن يحذو حذوه زعماء دول أخرى».
وتابع قائلا إن «الاتصالات في هذا الخصوص تجري مع مختلف الدول. وأعلم أنه الآن خلال المحادثات بشأن الائتلاف الحاكم في النمسا يتم التطرق إلى موضوع نقل السفارة النمساوية إلى القدس. ويشترط ذلك أحد الأحزاب للدخول في الائتلاف. ويوم أمس كان إعلان من قبل جمهورية التشيك، قد يؤدي إلى مناقشة جدية حول نقل السفارة التشيكية إلى هنا».
وأضاف أن هذا الموضوع يبحث أيضا مع رؤساء برلمانات 5 دول أفريقية، يزورون إسرائيل حاليا. وأكد استعداد إسرائيل لمساعدة أي دولة سترغب في نقل سفارتها إلى القدس.
كما دعا الوزير روسيا إلى نقل سفارتها من تل أبيب إلى القدس، مذكرا بإعلان موسكو أنها تعتبر القدس الغربية عاصمة لإسرائيل.

 

 

الجمهورية :

لى وقع مواجهات في الأراضي المحتلة تنذر بانتفاضة فلسطينية جديدة تفاعلَ اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمةً لإسرائيل دولياً وعربياً، وقوبلَ لبنانياً بإدانة واسعة وبتشديدٍ رسمي على التضامن الكامل مع الشعب الفلسطيني في رفضِ هذه الخطوة وضرورة مواجهتها بموقفٍ عربي واحد فيما برَز موقف أميركي جديد ضد «حزب الله»، عبَّر عنه نائب وزير الخارجية الأميركي جون سوليفين مؤكّداً أنّ إدارة ترامب تطوّر استراتيجية خاصة للتصدّي لنفوذ الحزب، وأبدى خلال جلسةِ استماعٍ عقَدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب قلقَه من امتداد هذا النفوذ إلى «جنوب أميركا». وقال «إنّ حزب الله أصبح يشكّل مجموعة حاكمة محلية في جنوب لبنان، إضافةً إلى كونه منظمةً إرهابية تؤثّر على الأحداث في سوريا». وأضاف: «إنّ الحزب الذي تدعمه إيران يسعى أيضاً إلى بسطِ نفوذه في مناطق أخرى»، موضحاً «أنّ الإدارة الأميركية تُركّز على هذه القضية».

وأكّدت مصادر ديبلوماسية لـ«الجمهورية» أنّ قرار ترامب «سيتسبّب بردّة فِعل سلبية كبيرة في البلاد العربية والإسلامية، وردّةِ فِعل ديبلوماسية قوية لحلفاء أميركا الأوروبيين.

فالرئيس التركي هدّد فِعلاً بقطعِ العلاقات مع إسرائيل منذ اليوم الأوّل، ووزيرة العلاقات الخارجية الأوروبية استبَقت الأمر بتصريح يحذّر من اتخاذ قرارات تؤثّر على عملية السلام في المنطقة.

وكذلك فإنّ عملية السلام الفلسطينية ـ الإسرائيلية ستتعطّل وتُرجَأ إلى أجَلٍ غير مسمّى. والمدى الذي ستبلغه واشنطن بما قرّره ترامب سيتوقف على حدّة ردّات الفعل العربية والإسلامية والأوروبية من جهة، وعلى مصير إدارة ترامب في الأشهر المقبلة، نتيجةً لتحقيق المحقّق الخاص روبرت موللر من جهة أخرى».

واستبعَدت المصادر «أن تشارك دول أخرى واشنطن في هذه المغامرة غيرِ المدروسة، ما سيَجعلها يتيمةً في هذا المجال». وقالت: «بالنسبة إلى لبنان، فإضافةً إلى المفعول السلبي لقرار ترامب على القضية الفلسطينية، مِن غير المنتظر أن يتسبّبَ القرار باهتزاز إضافي في الأوضاع الأمنية والاقتصادية فيه بنحوٍ يُخرجها عن السيطرة».

جلسة وتوصية

لبنانياً، قال رئيس مجلس النواب نبيه برّي أمام زوّاره أمس إنه سعى منذ أمس الأوّل إلى عقدِ جلسةٍ نيابية خاصة بالقدس عند الخامسة مساء أمس، واتّصَل لهذه الغاية برئيس الحكومة سعد الحريري متمنّياً عليه أن يحضر ولو لساعة، لكنّ اضطرار الأخير للسفر إلى باريس للمشاركة في مؤتمر مجموعة دعمِ لبنان حالَ دون ذلك، فتقرّر أن تنعقد هذه الجلسة اليوم حيث ستنتهي بتوصيةٍ تحدّد الموقفَ من القرار الاميركي. وقد خصَّص بري عشر دقائق لمداخلةِ كلّ كتلة من الكتل النيابية في حال تحدّثَ باسمِها نائب أو اثنان.

وسيفتتح بري هذه الجلسة بعبارةٍ قالها الإمام موسى الصدر يوماً للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في أحد الاحتفالات، وهي «إنّ القدس تأبى أن تتحرّر إلّا على أيدي المؤمنين».

وقال بري أمام زوّاره: «بعد القرار الأميركي فإنّ المقاومة هي الخيار الأفضل للرد».

وسُئل: أليسَ مجدياً أن تبادر الدول العربية إلى قطعِ العلاقات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة؟ فأجاب: «لو كان الاميركيون يعلمون أنّ لدى العرب الجرأةَ على قطعِ العلاقات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة لَما كانوا اتّخَذوا مثلَ هذا القرار».

ورأى بري «أنّ ما أغرى الأميركيين ودفعَهم إلى مِثل هذا القرار هو أنّ «الوادي واطي». فعندما يكون الوادي منخفضاً جداً يكون الجبَل مرتفعاً جداً. وقال: «إنّ القرار الاميركي يأتي في سياق التمهيد لصفقة العصر، عبر سحبِ القدس من التفاوض، تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية برُمتِها لاحقاً».

وأشار بري الى انه اكّد للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اتصاله به لتهنئته بالكلمة التي ألقاها تعبيراً عن رفض إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل أنّ القرار الأميركي «هو احتلال جديد وتشجيعٌ على مزيد من الاستيطان، وأنّ الرد الفلسطيني ينبغي ان يكون بتعزيز الوحدة الوطنية الفلسطينية».

وكشفَت مصادر واسعة الاطلاع انّ ترامب عندما اتّصَل بقادة الدول العربية والإسلامية في شأن قراره إنّما أراد إعطاءَهم علماً بهذا القرار وليس للوقوف على رأيهم فيه. ولفتَت الى انّ الاتصالات الاميركية شملت لبنان ايضاً «لكن لم يُعرَف مستواها ولا الجهة التي تلقّتها».

من جهةٍ ثانية، أصرّ بري في الاتصالات الجارية لعقدِ الاتّحاد البرلماني العربي في المغرب من أجلِ اتّخاذ موقفٍ من القرار الاميركي على وجوب أن ينعقد هذا الاتحاد على مستوى رؤساء البرلمانات ملوّحاً بأنه لن يحضر هذا الاجتماع في حال غياب أيٍّ مِن هؤلاء الرؤساء.

نصرالله

ومن جهته، دعا الأمين العام لـ«حزب الله» السيّد حسن نصرالله إلى تظاهرةٍ بعد ظهرِ الاثنين المقبل في الضاحية الجنوبية لبيروت، منَبّهاً إلى أنّ المقدّسات الاسلامية والمسيحية بخطر في القدس، وخصوصاً المسجد الاقصى، بعد قرار ترامب.

وقال «إنّ إقامة الاعتصامات والتظاهرات وعقدَ اللقاءات وإصدارَ البيانات أمورٌ ضرورية رفضاً للخطوة الأميركية»، داعياً الى «استدعاء كلّ السفراء الاميركيين في كلّ عواصم العالمَين العربي والاسلامي وإبلاغِهم احتجاجاً رسميا».

وأكّد أنّ «أضعف الإيمانِ هو طرد سفراء إسرائيل ووقفُ كلّ خطوات التطبيع التي بدأت معها»، واقترَح على الفلسطينيين وقفَ المفاوضات مع اسرائيل إلى حين عودةِ ترامب عن قراره.

مؤتمر باريس

وفي هذه الأجواء، تتّجه الأنظار الى العاصمة الفرنسية حيث يُعقد اليوم مؤتمر «مجموعة الدعم الدولي من أجلِ لبنان» والذي يشارك فيه الحريري الذي وصَل الى باريس بعد ظهر أمس معتبراً أنّ هذا المؤتمر «سيشكّل محطّةً مهمّة لدعم الاقتصاد اللبناني وتعزيز صمودِه في مواجهة أزمة اللاجئين».

وأوضَح بيان الخارجية الفرنسية أنّ «الغرَض من هذا المؤتمر هو أن يعاود المجتمع الدولي تأكيدَ دعمِه للبنان وسيادته واستقراره وأمنِه». وسيفتتحُه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسيشارك في رئاسته وزيرُ أوروبا والشؤون الخارجية جان إيف لو دريان، ونائبةُ الأمين العام للأمم المتحدة السيّدة آمنة محمد "، كذلك سيَحضره الحريري، ويشارك فيه أيضاً كلّ مِن ألمانيا والصين والولايات المتحدة وإيطاليا وبريطانيا وروسيا والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومفوّضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي ومكتب المنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان».

«التيار» و«القوات»

إلّا أنّ كلام هذه المصادر الوزراية لا يبدو أنّه ينسحب على علاقة تيار «المستقبل» مع «القوات اللبنانية» من جهة، ولا على علاقة الأخيرة مع «التيار الوطني الحر» على رغم هدوء الجبهة الإعلامية على التفاهم مع «التيار» الذي كان مبنيّاً على تأييد العهد ردّاً من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، فيما لفتت أمس زيارة نائب «القوات» إيلي كيروز لبكركي حيث أثارَ مع البطريرك مار بشارة بطرس الراعي قضيةَ التصويب على «القوات»، معتبراً «أنّ الكلام عن الحِرص على لبنان والاستقرار فيه مسألةٌ أساسية وجيّدة، لكنّها لا تُبرّر الخَلل في التوازنات الوطنية الداخلية».

وفي هذا السياق أكّد جعجع لـ«وكالة الأنباء المركزية» أنّ «التفاهم يعني الشراكة، لا أن يضعَ فريق نفسَه في تصرّف آخَر، وأقترح هنا طرحَ التفاهم على الرأي العام وليَحكم بالعدل.

وليَعلم الجميع أنّ التفاهم الذي بُنيَ على تأييدِنا للعهد كان على أساس واضح جدّاً، يَرتكز إلى تشكيل فريق عملٍ مِن وزراء «القوات» و«التيار» في أوّلِ حكومة يتمّ تشكيلها، يعمل على رسم السياسات العامّة للعهد، وأمام هذا الطرح سنكون طبعاً «السِيبة» الأقوى الداعمة له، لكنّ دعمَ العهدِ لا يكون بأن يَرسم طرف واحد وتحديداً باسيل، كلَّ السياسات، وتقتصر مهمّة الطرف الآخر على التصفيق له والثناء عليه».

وعن اتّهام «القوات» بالسير ضدّ الحريري «لأنّها تحبّ دولةً أخرى أكثر منه»، أسفَ جعجع لأنّ «باسيل يُسوّق فكرةً مِن هذا النوع، فيما الموضوع في مكانٍ آخر». ورأى «أنّ لبَّ المشكلة كان أنّنا كنّا في مرحلة استقالة الحريري نُركّز على جوهر المشكلة الكامنة في أسباب وخلفيات الاستقالة».

وعن مستقبل التفاهم المسيحي في ضوء المطبّات الكثيرة التي تعترضه، تحدّثَ جعجع عن «سوء نيّة لدى البعض، فيما نحن متمسّكون به إلى أقصى حدّ، ومستمرّون في السعي إلى ترجمة مضمونِه فعلياً».

«التيار» لـ«الجمهورية»

«وردَّت» مصادر «التيار الوطني الحر» عبر «الجمهورية» على جعجع، فذكّرته «بأنّ التفاهم مع «القوات» كان على أساس أن تكون شريكةً وداعمة للعهد طوالَ مدّتِه» وسألته: «كيف يفسّر الانقلاب على الحكومة ورئيسها ومحاولة تطيير الحكومة الأولى في عهد الرئيس عون؟

أوَلا تُدرك «القوات» أنّ المسألة كانت أبعدَ بكثير من استقالة حكومة في ظلّ كلّ التعقيدات التي كانت ستَنتج عن إسقاط الحكومة وإقصاء الحريري عن العمل السياسي وإدخال البلد في مواجهة كبيرة كانت ستُنتج بالحدّ الأدنى شَللاً مؤسّساتياً وسياسياً وفي حدِّها الأقصى فتنةً وحرباً أهلية؟

هل هذا ما كان يتضمّنه الاتفاق مع «القوات»؟ وهل هذا يسمّى دعماً للعهد أم نسفاً له؟» وخَتمت المصادر: «إذا كانت «القوات» لا تعلم ما كانت تفعل فتلك مصيبة، وإن كانت تعرف أبعادَ مواقفِها فالمصيبة أكبر».

بكركي

وتعليقاً على ما يحصل على الساحة الوطنية عموماً، والمسيحيّة خصوصاً، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهوريّة» أنّ «البطريركيّة تتمنّى أن تُعزز الظروفُ التي نمرّ بها الوحدةَ الوطنية الداخلية، وأن نحتكمَ دوماً إلى العقلانية والتروّي والحوار لتغليبِ المصلحة الوطنية العليا». وقالت: «مِن واجب جميع الأطراف تحمُّلُ مسؤولياتهم تجاه المرحلة وتقديمُ الأفضل للبنان وشعبِه».

إلى ذلك، أوضَحت المصادر أنّ الراعي سيزور بلدةَ رميش الجنوبية في 17 الشهر الحالي للوقوف عند هواجس الأهالي ومطالبِهم، ولدعمِ مسيحيّي الأطراف وتثبيتِهم في أرضهم.

 

 

اللواء :

في لحظة إقليمية ودولية ولبنانية بالغة الخطورة، يفتتح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عند الساعة التاسعة والنصف من صباح اليوم، في مقر الخارجية الفرنسية اجتماع مجموعة الدول الداعمة للبنان يحضره وزراء خارجية الدول الخمس الكبرى الأعضاء في مجلس الأمن إضافة إلى نائبه الأمين العام للأمم المتحدة آمنة محمّد.

ويرأس وفد لبنان الرئيس سعد الحريري وعضوية وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل اللذان وصلا إلى باريس أمس.

وطلب الرئيس الحريري إضاءة السراي الكبير قبيل سفره، فأضيء قرابة منتصف الليل بالإضافة إلى جامع محمّد الأمين وكنيسة مار جرجس المارونية.

وبعد انتهاء الاجتماع يعقد وزير الخارجية الفرنسي لودريان مؤتمراً صحفياً بمشاركة الرئيس الحريري، يتناول فيه النتائج التي انتهى إليها المؤتمر.

وقالت مصادر لبنانية تابعت التحضير لمؤتمر باريس لـ«اللواء» ان هذا الاجتماع يحظى بعناية واهتمام خاص من قبل الرئيس الفرنسي الذي ستكون له كلمة وصفت بالهامة، يتحدث فيها عن الوضع اللبناني ويؤكد دعمه لامنه واستقراره، وتليها كلمة للرئيس الحريري الذي سيكون متسلحاً بقرار حكومي لبناني «طازج» أكّد التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس عن الصراعات الإقليمية، ويتوقع ان يشرح الحريري في كلمته الظروف الحسّاسة التي يمر فيها لبنان ويجدد التأكيد على ما جاء في البيان الوزاري الجديد.

ومن المقرّر ان تستمر أعمال المؤتمر حتى ظهر اليوم، وتتخلله مداخلات لرؤساء الوفود وكلمة لوزير الشؤون الأوروبية والخارجية الفرنسية جان ايف لودريان، وأخرى لنائبة الأمين العامم للامم المتحدة آمنة محمّد، ويختتم بصورة تذكارية للمشاركين.

وشددت المصادر على وصف المؤتمر بأنه اجتماع سياسي بامتياز، باعتبار انه لن يكون له أي طابع اقتصادي أو مالي، ولا يتوقع منه أي دعم أو مساعدة مادية للبنان، في حين كشف نائب المتحدث باسم الخارجية الفرنسية، انه من المتوقع ان يُشارك في المؤتمر ممثلون عن مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الدولي ومكتب المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان، بما يعطي إشارة الى ان المؤتمر سيتطرق إلى دعم اقتصادي ومالي لمواجهة موضوع النازحين السوريين في لبنان، وهو ما أشار إليه الحريري لدى وصوله إلى العاصمة الفرنسية، واصفاً المؤتمر بأنه «محطة مهمة لدعم الاقتصاد اللبناني، وتعزيز صموده في مواجهة أزمة اللاجئين».

وتوقعت المصادر ان يُؤكّد المؤتمر في البيان الذي سيصدر في ختام أعماله، تأييده لخطوات الحكومة اللبنانية بعد البيان الذي صدر عنها يوم الثلاثاء الماضي، وأدى إلى تراجع الرئيس الحريري عن استقالته، إضافة إلى تحديد وسائل لمساعدة لبنان ودعم استقراره وامنة وسيادته، بحسب تعبير الخارجية الفرنسية، وبحيث يكون هذا الدعم بمثابة مظلة دولية داعمة لاستقرار لبنان وحمايته من أزمات المنطقة.

ولفتت المصادر إلى انه قد ترد في البيان الختامي فقرة عن تأييد الاستقرار الاقتصادي اللبناني، في إشارة إلى أهمية انعقاد مؤتمر باريس-4 المتوقع عقده في الفصل الأوّل من العام المقبل، والذي سيكون له طابع مالي واقتصادي داعم للبنان في ظل الظروف الصعبة والمعاناة التي يتكبدها جرّاء أزمة النزوح السوري.

باسيل وجعجع

محلياً، كان من الطبيعي ان ينجرف الاهتمام عن الشأن الداخلي، باتجاه مؤتمر باريس والتطورات المتصلة بالقرار الأميركي بشأن القدس، فيما يتوقع ان تنشغل الساحة اللبنانية بعد ذلك في تتبع تطوّر العلاقة بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في ضوء مضاعفات السجال الذي خرج إلى العلن في ضوء الاتهامات التي وجهها الوزير باسيل إلى «القوات» بالخروج عن التفاهم ورد رئيس حزب «القوات» سمير جعجع عليه، بما وضع التفاهم بين الحزبين على المحك.

وفي رده على باسيل، أشار جعجع إلى ان تفاهم «القوات» والتيار نص على تشكيل فريق عمل مشترك يحدد سياسة العهد فرسمها باسيل وحده. وقال «للمركزية» التفاهم يعني الشراكة، لا ان يضع فريق نفسه في تصرف الاخر، واقترح هنا اذا لم يمانع الرئيس عون والوزير باسيل، وفي ضوء الافتئات في حقنا، طرح التفاهم على الرأي العام وليحكم بالعدل. وقال على رغم ذلك، ما زلنا جاهزين للالتزام بالتفاهم بحرفيته، اما خلاف ذلك، فالتأييد لن يكون الا لما يتناسب مع قناعاتنا.

وفي ما يتصل باتهام «القوات» بالسير ضد الرئيس الحريري لانها تحب دولة اخرى اكثر منه، آسف جعجع لكون باسيل يسوّق فكرة من هذا النوع فيما الموضوع في مكان آخر. وقال: «القوات» لم ولن تحب اي دولة في العالم على لبنان ولن تقدم مصالحها على المصلحة الوطنية العليا ، مشيرا الى «اننا كنا في مرحلة استقالة الرئيس الحريري نركّز على جوهر المشكلة الكامنة في اسباب وخلفيات الاستقالة فيما هم يحرفونها في اتجاه تسخيفها هربا من تنفيذ اسبابها واعتبارها غير موجودة وتصوير ان السعودية اجبرته على الاستقالة في حين اثبتت الوقائع انه لم يعد عنها الا بعدما حصّل ما طمح اليه وحقق جزءا من اسبابها، وما رده على نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم امس الا الدليل الى جدية التسوية الجديدة».

إلى ذلك، أوضحت مصادر وزارية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ«اللــواء» انه بعد معالجة الأزمة الحكومية يفترض أن يستكمل مجلس الوزراء مناقشة عدد من الملفات، وفي مقدمها ملف النفط الذي يتصدر هذه الملفات في ضوء الحديث عن تحريك له ووضعه على السكة الصحيحة.

 وقالت المصادر إن لا مبرر لأي عرقلة له خصوصا أن هناك التزاما إيطاليا بموضوع التنقيب عن النفط والغاز. كما أنه يتردد أن العمل جار لعودة مركز الشركات إلى بيروت إنفاذ لقرار متخذ سابقا.

 ووصفت المصادر موقف «القوات» في مجلس الوزراء بالمريح، وأنه «يمكن البناء عليه».

القرار الأميركي

وفي تقدير مصادر رسمية انه إذا كان من حق لبنان ان يكون البلد الأوّل القلق من نتائج القرار الأميركي بالاعتراف بالقدس الموحدة عاصمة للكيان الصهيوني مع مفاعيله السياسية، طالما انه ألغى إمكانيات حصول أي خرق سياسي للعملية السياسية المتعثرة اصلا لتحقيق السلام في المنطقة، وألغى حق العودة للفلسطينيين ولو الى حدود العام 1967، كما ألغى مفاعيل اتفاق أوسلو على علاته، فإنه ليس بالضرورة ان ينعكس القرار الأميركي سلباً على الوضع الداخلي اللبناني، وعلى التسوية السياسية الجديدة، الا في حال تصاعد التوتر الإقليمي وقررت إسرائيل المغامرة بعمل عسكري ما على الحدود اللبنانية - السورية، مع انه أمر مستبعد.

وبحسب هذه المصادر، فإن القرار الأميركي يفترض ان ينعكس مزيداً من التماس الداخلي والحكومي، لمواجهة أي ضغوط، وأن يؤدي ذلك إلى تحصين التسوية الداخلية لضمان بقاء الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي، وهي رأت في قرار الرئيس ترامب والضغوط التي يتوقع ان تمارسها الإدارة الأميركية على حزب الله ستعيد ترتيب أولويات الحزب، بحيث يربح الداخل أكثر ليتفرع للمواجهة السياسية مع الخارج، وهو ما عكسه بيان كتلة الوفاء للمقاومة الذي اكد الالتزام  ببيان مجلس الوزراء.

وفي هذا الصدد، قال مصدر وزاري من خارج فريقي الحكومة الأساسيين، ان العبرة في استمرار التسوية السياسية تبقى بالتنفيذ أولاً، والتزام التعهدات التي قدمتها القوى السياسية، كما انها رهن ما يمكن ان يتعرّض له لبنان من ضغوط كبيرة لاحقا بسبب بعض تفاصيل هذه التسوية، وبسبب ما استجد من تطورات اقلمية ودولية بعد قرار ترامب.

وفي هذا السياق، كان لافتا للانتباه تأكيد الرئيس ميشال عون، في حديث لقناة «روسيا اليوم» يوزع اليوم، ان حزب الله لا يستعمل سلاحه في الداخل اللبناني، مشيرا إلى ان القلق سياسي أكثر منه أمني، وأن استعمال الحزب للسلاح في الداخل لم يحدث الا مرّة واحدة، عندما أخذت الحكومة اللبنانية تدابير ضده.

واستبعد الرئيس عون قيام إسرائيل مجددا بحرب على لبنان، مؤكدا ان تل أبيب وبعد حرب تموز2006 لم تتمكن من اختراق الجبهة الداخلية اللبنانية.

وكان الرئيس عون أبلغ الرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال اتصال هاتفي اجراه معه قبل ظهر أمس، وقوف لبنان رئيسا وشعبا إلى جانب الشعب الفلسطيني في رفضه اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، مؤكدا التضامن الكامل في رفض هذه الخطوة وضرورة مواجهتها بموقف عربي واحد.

وخلال استقباله كاثوليكوس الأرمن، الارثوذكس آرام الأوّل على رأس وفد يمثل كافة الابرشيات الأرمنية في العالم، لفت عون إلى خطورة ما حصل عبر إعلان الرئيس الأميركي نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، وقال ان «القدس لا يمكن ان تكون خالية من المسيحيين ومن المعالم المسيحية، فكيف يمكننا ان نتخيل وجود المسيحيين في العالم من دون ان يكون لم كنيسة المهد وكنيسة القيامة ودرب الجلجلة ومدينة الرسل، هذا أمر خارج عن إطار الإنسانية والاديان السماوية الثلاث.

وفي اول تحرك عربي برلماني رسمي ردا على إعلان ترامب قراره بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس والإعتراف بالمدينة عاصمة لإسرائيل، دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة عامة عند الثانية والنصف من بعد ظهر اليوم ، مخصصة للبحث في قضية القدس الشريف.

كما أجرى اتصالا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس اكد فيه «موقف مجلس النواب اللبناني الذي يعتبر ان القرار الاميركي حول القدس هو ضد كل عربي ووطني وضد كل القرارات الدولية، وهو احتلال جديد لا يقل عن احتلال 1948 لانه يطاول جميع المسلمين والمسيحيين.

ولاحظت مصادر نيابية، ان هذه الدعوة ليست سابقة في تاريخ المجلس، وهو سبق اكثر من مرة ان عقد جلسات تضامنية مع القضية الفلسطينية ومع كثير من القضايا العربية المحقة، مشيرة إلى أن الجلسة ستخرج بتوصية يصوت عليها المجلس بهيئته العامة بالإجماع، تؤكد ما جاء في كلام الرئيس بري للرئيس الفلسطيني مباشرة على الهواء  وان القدس ستبقى عاصمة عربية  لفلسطين ، وهي لا تحتاج الى اجتماع هيئة مكتب المجلس لانها لا تتضمن جدول اعمال، وتوقعت ان تكون جلسة سريعة، كون الرئيس بري قد يطلب من كل كتلة انتداب من يمثلها في الموقف، في حال فتح باب الكلام.

وبالتزامن صدرت كثير من المواقف من قبل رؤساء ووزراء ونواب وسياسيين ادانت القرار، وحذرت من انعكاسه على المنطقة العربية ككل، وذهبت الى حد مطالبة العرب بقمة عربية طارئة،  والأمة الإسلامية والمجتمع الدولي بتحرك ضاغط بهدف سحب القرار الأميركي، ورأت فيه انتهاكا للقرارات والشرعية الدولية ومحاولة مكشوفة لفرض التوطين كأمر واقع.

اما الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله فدعا الى «اصدار إعلان فلسطيني وعربي يؤكد بأن الرئيس الاميركي أنهى «عملية السلام» وقضى عليها، وانه يجب إبلاغه برفض العودة إلى المفاوضات قبل تراجعه عن قرار اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وشدد على ضرورة صدور قرار ملزم للدول العربية والإسلامية يعتبر القدس عاصمة أبدية لفلسطين وغير قابلة للتفاوض».

وقال في كلمة متلفزة علق فيها على إعتراف الرئيس الاميركي ترامب بالقدس عاصمة للكيان الصهيوني: إننا أمام وعد بلفور ثان، مشدداً على ان اميركا لا تحترم القرارات والمواثيق الدولية ومصلحتهم هي الحاكمة.»

ودعا إلى تظاهرة شعبية كبرى يوم الإثنين المقبل في الضاحية الجنوبية للإحتجاج على هذا القرار الأميركي الظالم، معتبراً «اننا أمام عدوان أميركي سافر على القدس وأهلها وفلسطين وشعبها وقضيتها وعلى كل الأمة»، لافتاً «الى اننا معنيون بأن نتحمل المسؤولية إزاء هذا العدوان الأميركي على مقدساتنا» .

وأكد «أن الإنتفاضة الفلسطينية الجديدة وتصعيد العمل العسكري هو أخطر رد فلسطيني على القرار الأميركي، وانه على العالم العربي والإسلامي أن يقدم للاتفاضة الجديدة الدعم المالي والتسليحي للدفاع عن القدس».

وفي موقف أميركي جديد من حزب الله كشف نائب وزير الخارجية الأميركية جون سوليفين أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب تطور استراتيجية خاصة للتصدي لنفوذ «حزب الله»، معرباً في جلسة استماع عقدتها لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، عن قلقه من امتداد نفوذ الحزب ووصوله إلى «جنوب أميركا».

واعتبر أن «حزب الله» أصبح يشكل مجموعة حاكمة محلية في جنوب لبنان، إضافة إلى كونه منظمة إرهابية تؤثر على الأحداث في سوريا.

ورأى سوليفين أن «حزب الله» الذي تدعمه إيران، يسعى إلى بسط نفوذه في مناطق أخرى، موضحاً أن الإدارة الأميركية تركز على هذه القضية.

وكان مجلس النواب الأميركي فرض قبل أسابيع، حزمة عقوبات جديدة على «حزب الله».

محلياً، ردّ رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على «النقاط التي اثارها وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل بدءاً من اعتباره ان «القوات» خرجت عن التفاهم مع «التيار الوطني الحر»، الذي كان مبنياً على تأييد العهد، قائلاً: «مع انني رأيت في كلام الوزير باسيل جانباً ايجابياً من زاوية تمسكه بتفاهم معراب، الا انني لا يمكن للاسف الا ان اسجل مجموعة مغالطات وردت في حديثه لا يمكن القفز فوقها».

وفي حديث له، لفت جعجع إلى ان «التفاهم يعني الشراكة، لا ان يضع فريق نفسه في تصرف آخر، واقترح هنا اذا لم يمانع الرئيس العماد ميشال عون والوزير باسيل، وفي ضوء الافتراءات في حقنا، طرح التفاهم على الرأي العام وليحكم بالعدل. وليعلم الجميع ان التفاهم الذي بُني على تأييدنا للعهد كان على اساس واضح جداً يرتكز الى تشكيل فريق عمل من وزراء «القوات» و«التيار» في اول حكومة يتم تشكيلها يعمل على رسم السياسات العامة للعهد، وامام هذا الطرح سنكون طبعاً «السيبة» الاقوى الداعمة له.

 

 

الاخبار :

لم يعد الخلاف القائم بين التيار الوطني الحرّ وحزب القوات اللبنانية يتداول همساً أو محصوراً على مستوى الحكومة والوزراء أو على مستوى قيادات من الصّف الثاني. بلا شكّ، فجّرت أزمة الرئيس سعد الحريري وما سبقها وتلاها من مواقف العلاقة بين التيار والقوات، إلى الحدّ الذي خرج معه أول من أمس الوزير جبران باسيل راسماً معالمه، ما استدعى ردّاً من رئيس القوات سمير جعجع.

منذ عودة الحريري إلى لبنان، تحاول القوات حصر الحديث عن الخلاف مع التيار الوطني الحر أو تيّار المستقبل في خانة الشائعات التي تطلقها «ماكينة حزب الله الإعلامية». وفي كلّ مرّة، كانت القوات تنفي وجود تصدعات اضافية في العلاقة مع «الرابية»، حتى إنّها نفت، قبل أيام، ما نقلته «الأخبار» عن مصادر في التيار الوطني الحرّ، مشكّكةً في أن تكون هذه المعلومات مصدرها التيار الوطني الحر. إلّا أنّ إطلالة باسيل التلفزيونية وإعلانه انقلاب القوات على التفاهم و«هي مدعوة إلى المراجعة»، يقطعان الشّك باليقين بالنسبة إلى موقف التيار الوطني الحرّ حيال دور القوات في الأزمة الأخيرة، في الوقت الذي تكشف في<