رئيس الوزراء المصري الأسبق أحمد شفيق يعلن ترشحه استنادا إلى تفاقم الوضع الأمني في سيناء
 

سمح طموح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بتبنّي إصلاحات واسعة وبتحقيق قفزات اقتصادية وبتقديم رؤية أكثر حداثة لخطاب ديني محافظ يهيمن على المؤسسة الدينية الرسمية، لكن الإخفاقات الأمنية في شمال سيناء سمحت بتقدم منافس شرس قد يشتت مساعي السيسي للترشح لولاية رئاسية ثانية.

وعكس إعلان رئيس الوزراء الأسبق أحمد شفيق ترشحه للانتخابات، التي من المقرر إجراؤها في أبريل المقبل، قناعة لدى طبقة من المسؤولين والعسكريين السابقين بعجز الجيش والمؤسسات الأمنية عن تطبيق رؤية السيسي لصراع مع متشددين يدور منذ أكثر من ثلاثة أعوام في أقصى الشمال الشرقي للبلاد.

وتوعّد السيسي المتشددين باللجوء إلى “القوة الغاشمة” في خطاب ألقاه يوم الجمعة الماضي، مباشرة بعد مذبحة استهدفت مصلين في مسجد قرية الروضة بمنطقة بئر العبد قرب العريش، وراح ضحيتها أكثر من 300 شخص.

وكرّر السيسي نفس المصطلح الأربعاء، لكن هذه المرة ضمن إنذار ضمني وجّهه لرئيس أركان الجيش الفريق محمد فريد حجازي، وأمهله ثلاثة أشهر فقط لاستعادة الأمن في شبه جزيرة سيناء.

وقال السيسي في كلمة في حفل بمناسبة المولد النبوي “أنتهز هذه الفرصة وأُلزم الفريق محمد فريد حجازي أمامكم وأمام الشعب المصري كله: أنت مسؤول خلال ثلاثة أشهر عن استعادة الأمن والاستقرار في سيناء، أنت ووزارة الداخلية خلال ثلاثة أشهر تستعيد مصر، وبجهدكم وتضحياتكم أنتم والشرطة المدنية، الاستقرار والأمن في سيناء، و(أن) تستخدم كل القوة الغاشمة”. وأضاف “سنجعل بئر العبد مدينة يشار إليها بالبنان”.

ويبدو السيسي في حيرة كبيرة مع قرب انتخابات رئاسية هي بمثابة استفتاء على شرعية حكمه التي قامت أساسا على استعادة الأمن إلى جانب إحداث موجة تغيير اقتصادية واجتماعية ودينية. وكان من أكثر هذه الإصلاحات فاعلية تحرير سعر صرف الجنيه في نوفمبر 2016 وتنفيذ مشروعات ضخمة تشرف على أغلبها الهيئة الهندسية التابعة للجيش.

لكن عدم قدرة الأجهزة على تبني استراتيجية إصلاح أمني وهيكلي مواز بين صفوفها أخّرت كثيرا من حسم المعركة في واحدة من أكثر البقاع سخونة في المنطقة.

ولم يقف الأمر عند التداعيات الأمنية فقط لكن حكومة السيسي بدأت تدفع ثمنا سياسيا أيضا.

وقال شفيق الأربعاء لوكالة أنباء رويترز إنه يعتزم خوض الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، مضيفا أنه سيعود لمصر “خلال الأيام المقبلة”.

وتلقت رويترز فيديو يتضمن كلمة لشفيق يعلن فيها نيته الترشح للانتخابات. وقال شفيق في الفيديو “إنني أشرف بأن أعلن عن رغبتي في التقدم للانتخابات الرئاسية القادمة في مصر لاختيار رئيسها للسنوات الأربع القادمة”.

ويضع ترشح شفيق، إلى جانب تبرّم قطاع واسع من المجتمع المصري إزاء تفاقم الأوضاع في سيناء، السيسي تحت ضغط لإجراء إصلاحات في عقيدة عسكرية تقليدية تؤمن باستخدام القوة الثقيلة كأسهل الحلول. ومازال قادة كبار في الجيش والمؤسسات الأمنية المصرية يؤمنون بأن القوات التي حاربت إسرائيل عام 1973 هي نفسها القوات التي ستنجح في القضاء على الإرهاب في سيناء.

وسيحاول شفيق، الذي نافس الرئيس المنتمي إلى الإخوان محمد مرسي عام 2012 وحصل على قرابة 49 بالمئة من الأصوات، إثبات عكس خطاب السيسي، إذ من المتوقع أن يصبّ تركيز حملته على إظهار إخفاقاته خصوصا في الأمن وأن يعفي المؤسسات ولو مؤقتا.

وستكون المعركة الانتخابية على أشدها، إذ ينتمي الرجلان إلى المؤسسة العسكرية ولدى كلّ منهما داعمون في مؤسسات الدولة وقطاع الأعمال ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية.

ويقول خبراء في أوروبا “هذه الانتخابات ستحدد ما إذا كان السيسي رئيسا انتقاليا أم أن شعبيته مازالت قادرة على إبقائه في الحكم، لكن في كل الأحوال الواقع الأمني هو ما سيحدد النتيجة النهائية”.