موقف  عربي ضد حزب الله يحرج العهد

 

المستقبل :

وجه الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب، أمس في القاهرة، «رسالة حزم» إزاء التهديدات الإيرانية لدول المنطقة وتدخلاتها في الشؤون الداخلية لهذه الدول، مشدداً على أن إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع تجاه مدينة الرياض «بمثابة عدوان من قبل إيران وتهديد للأمن والسلم القومي العربي والدولي»، واصفاً «حزب الله» بأنه «إرهابي (...) يدعم الجماعات الإرهابية في الدول العربية»، وهو ما تحفظ عليه لبنان مؤكداً في الوقت نفسه التزامه «النأي بالنفس». 

جاء ذلك في قرار أصدره المجلس الوزاري العربي برئاسة جيبوتي (الرئيس الحالي) للمجلس تحت عنوان: «التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية».

وشرح المجلس في هذا السياق ما ينطوي عليه تطوير برنامج الصواريخ الباليستية «من طبيعة هجومية تقوض الادعاءات الإيرانية حول طبيعته الدفاعية، وما يمثله من تهديد داهم للأمن القومي العربي».

كما كلف المجلس المجموعة العربية في نيويورك بمخاطبة رئيس مجلس الأمن لتوضيح ما قامت به إيران من انتهاكات لقرار مجلس الأمن (2216)، بتزويد الميليشيات «الإرهابية» في اليمن بالأسلحة.

واعتبر «إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية باتجاه مدينة الرياض بمثابة عدوان من قبل إيران، وتهديد للأمن القومي العربي والدولي، وإبلاغ مجلس الأمن بضرورة القيام بمسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم الدوليين».

وقرر المجلس استمرار إدراج «بند التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول العربية» على أجندة منتديات التعاون العربي مع الدول والتجمعات الدولية والإقليمية، مطالباً الأمين العام لجامعة الدول العربية بمتابعة تنفيذ القرار وتقديم تقرير حول الإجراءات التي تم اتخاذها بهذا الشأن إلى الدورة المقبلة للمجلس.

ودان «بشدة» عملية إطلاق صاروخ باليستي إيراني الصنع من الأراضي اليمنية من قبل الميليشيات الموالية لإيران (الحوثي- صالح) والذي استهدف مدينة الرياض، واعتبار ذلك عدواناً صارخاً ضد المملكة العربية السعودية وتهديداً للأمن القومي العربي.

وأكد «حق المملكة العربية السعودية في الدفاع الشرعي عن أراضيها وفق ما نصت عليه المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، ومساندتها في الإجراءات التي تقرر اتخاذها ضد تلك الانتهاكات الايرانية» في إطار الشرعية الدولية.

كما دان «جميع الأعمال الإرهابية التي تقوم بها إيران في مملكة البحرين وآخرها تفجير خط أنابيب النفط البحريني واعتباره عملاً إرهابيا قامت به مجموعة مدعومة من إيران والحرس الثوري الإيراني».

واستنكر المجلس «التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين من خلال مساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية».

كما دان كذلك «مواصلة التصريحات على مختلف المستويات الإيرانية لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار، وتأسيسها جماعات إرهابية بالمملكة ممولة ومدربة من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي».

وأوضح أن ذلك «يتنافى مع مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية وفقاً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي» مؤكداً «دعم مملكة البحرين في جميع ما تتخذه من إجراءات وخطوات لمكافحة الإرهاب والجماعات الإرهابية للحفاظ على أمنها واستقرارها».

وأشاد المجلس «بجهود الأجهزة الأمنية بالمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين التي تمكنت منإاحباط العديد من المخططات الإرهابية وإلقاء القبض على أعضاء المنظمات الإرهابية الموكل اليها تنفيذ تلك المخططات والمدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني الإرهابي».

ودان كذلك استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث (طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى) وتأييد كافة الإجراءات والوسائل السلمية التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة طبقاً للقانون الدولي.

وطالب إيران «بايقاف دعم وتمويل الميليشيات والأحزاب المسلحة في الدول العربية وبخاصة تدخلاتها في الشأن اليمني والتوقف عن دعمها للميليشيات الموالية لها والمناهضة لحكومة اليمن الشرعية ومدها بالأسلحة وتحويلها إلى منصة لإطلاق الصواريخ على جيران اليمن وتهديد الملاحة البحرية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر».

وأوضح المجلس أن هذا الأمر «ينعكس سلباً على أمن واستقرار اليمن ودول الجوار والمنطقة بشكل عام ويُعتبر خرقاً واضحاً لقرار مجلس الأمن 2216».

من جانب آخر حمّل «حزب الله اللبناني الإرهابي الشريك في الحكومة اللبنانية مسؤولية دعم الإرهاب والجماعات الإرهابية في الدول العربية بالأسلحة المتطورة والصواريخ الباليستية».

وأكد ضرورة توقف حزب الله «عن نشر التطرف والطائفية والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وعدم تقديم أي دعم للإرهاب والإرهابيين في محيطه الإقليمي».

وقرر المجلس «حظر القنوات الفضائية الممولة من إيران والتي تبث على الأقمار الصناعية العربية باعتبارها تشكل تهديداً للأمن القومي العربي من خلال إثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعرقية».

الأمين العام للجامعة العربية، أحمد أبو الغيط قال في ختام الاجتماع الذي عُقد بطلب من السعودية: «لن نعلن الحرب على إيران في المرحلة الراهنة».

وأعرب أبو الغيط، عن أمله في أن «يتغير النهج الإيراني وأن تصل الرسالة إلى الإخوة في إيران والتي مفادها أن هناك غضباً وضيقاً عربياً».

وقال أبو الغيط: «بصفة عامة كان هناك تأييد من كافة الدول المُشاركة في الاجتماع للقرار.. كان هناك تحفظات من الوفد اللبناني تحديداً في ما يتعلق بدور حزب الله»، مضيفاً أن «الجانب العراقي وعد بأن يوافي الأمانة العامة غداً بكتاب يتضمن رؤيته للتحفظات».

وغاب وزير الخارجية جبران باسيل عن الاجتماع وتمثل لبنان بمندوبه الدائم لدى الجامعة العربية انطوان عزام.

واعترض الوفد اللبناني على ثلاث فقرات في القرار العربي يوصف فيها «حزب الله» بالإرهابي وعلى الإشارة إلى مشاركته في الحكومة.

وكان عزام ألقى كلمة شدد فيها على أن لبنان «سعى جاهداً إلى تحصين ساحته الداخلية من خلال إطلاق مسار حكومي هادف كضمانة لتماسك الكيان ضمن مؤسسات الدولة وبما يحفظ السلم الأهلي، توازياً مع القيام بكل ما يمكن لتقوية علاقات لبنان مع أشقائه العرب واتخاذ الموقف الواضح من كافة القضايا التي تحظى بالإجماع العربي من دون المس بوحدتنا الداخلية. أما القضايا الخلافية، فقد آثر لبنان الرسمي، وبالاستناد إلى موقفه المبدئي القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بالابتعاد عن كل ما يمكن أن ينقل التوتر الى ساحته الداخلية، ملتزماً النأي بنفسه لعدم قدرته على التأثير ايجاباً في الصراعات الدائرة من حوله، مكتفياً بتحمل الأعباء الإنسانية الناجمة عن تحوله إلى بلد نزوح بامتياز».

وقال عزام: «الجمهورية اللبنانية لن تبخل، ضمن الحدود الضاغطة لإمكاناتها وللهوامش المتاحة لقدرتها على التأثير، في توفير شتى أنواع التضامن والدعم لأي دولة عربية تحدق بها الأخطار والتهديدات، معولين على استمرار دعم الأشقاء العرب للبنان الذي لا ضمانة له وللعرب معاً خارج سيادة وكرامة واستقلال مؤسساته».

أضاف: «يبقى لنا أن نقول حول مسألة كيفية التصدي للتدخلات الخارجية في الدول العربية من أي جهة غير عربية كانت، بأن المسؤول عن نفاذ شتى أنواع التدخل الخارجي في شؤون دولنا العربية، هو التراجع في منظومة الأمن القومي العربي جراء التباعد والانقسام، هو الفراغ الذي لا تتردد أي من القوى الإقليمية والعالمية في العمل على استغلاله وملئه وفقاً لمصالحها، هي الانقسامات الداخلية ضمن البلد الواحد وصولاً إلى الحروب الأهلية الدامية، هو ضعف مؤسسات الدولة وتراجع سلطتها وهيبتها واضمحلال قدرتها على الدفاع عن سيادتها في وجه التدخلات الخارجية والاحتلالات. وبالتالي فإن آخر ما يجب أن تكون عليه كيفية التصدي لتلك التدخلات هو المزيد من التباعد والانقسام بين الأشقاء العرب والمزيد من الإضعاف لمؤسسات الدولة والمزيد من الإزكاء للتوترات الداخلية وتعريض السلم الأهلي للخطر، حيث لا يستفيد عندها سوى الاستباحات الخارجية لوطننا العربي».

واعتبر أبو الغيط، في كلمته خلال الاجتماع، أن إيران تسعى لتكون خنجراً في خاصرة المملكة العربية السعودية ودول الخليج. وقال إن الصاروخ الذي أطلقه الحوثي واستهدف الرياض في الرابع من الشهر الجاري، هو «الحلقة الأخطر في سلسلة من التجاوزات والتخريب ونشر الفتنة التي تقوم بها إيران في المنطقة، وليس أمامنا إزاء ذلك سوى أن نسمي الأشياء بمسمياتها ونقول إن الصاروخ هو رسالة واضحة من إيران أنها تسعى لنشر التخريب والفتنة والكراهية ورسالة عدائية للمملكة والدول العربية بأسرها، وحان الوقت لتخليص المنطقة من العنف والطائفية التي تقوم إيران بنشرها في المنطقة».

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أكد، في تصريح صحافي على هامش الاجتماع، أن إيران هي الراعي الأول للإرهاب في العالم، موضحاً أن هذا ليس تصنيف المملكة فحسب بل المجتمع الدولي الذي وضع إيران تحت نظام عقوبات صارمة من جانب الأمم المتحدة والولايات المتحدة وعدد من الدول الأخرى.

وقال: «إن المملكة العربية السعودية ممتنة للدول العربية التي استجابت لطلبها عقد الاجتماع الاستثنائي للنظر في تداخلات إيران العدوانية ضد الدول العربية».

أضاف «أن المملكة عانت كثيراً كما عانت الدول العربية من التدخلات الإيرانية منذ ثورة الخميني عام 1979»، مشيراً إلى أن إيران اقتحمت وحرقت السفارات واختطفت الديبلوماسيين وزرعت خلايا إرهابية والآن خلقت ميليشيات إرهابية كالحوثي و«حزب الله».

ولفت الجبير إلى أن إيران أطلقت صاروخاً باليستياً عن طريق عملائها في اليمن باتجاه مدينة الرياض الذي تم اعتراضه، واصفاً ذلك بأنه عمل إرهابي وعدواني على المملكة. وشدد على أن للمملكة حق الرد في الوقت المناسب، مؤكداً أن المملكة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التدخلات الإيرانية في شؤونها وفي مملكة البحرين ودعمها للإرهاب.

ورأى أن هناك تدخلات إيرانية في عدة دول في المنطقة منها لبنان والكويت والبحرين واليمن ومصر، مطالباً إيران بوقف تدخلاتها في شؤون دول المنطقة.

وكان الجبير قال في كلمته في الاجتماع إن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي أمام «العدوان الإيراني السافر» ولن تتوانى في الدفاع عن نفسها والحفاظ على أمن وسلامة شعبها.

وأشار إلى أن الإيرانيين والحوثيين لم يراعوا حتى «قبلة المسلمين ومهبط الوحي (مكة المكرمة) التي استهدفها الحوثيون بثلاثة صواريخ في اعتداء سافر على المقدسات الإسلامية واستفزاز لمشاعر المسلمين حول العالم».

وأكد أن «السكوت عن هذه الاعتداءات الغاشمة لايران عبر عملائها في المنطقة لن يجعل أي عاصمة عربية في أمان من هذه الصواريخ الباليستية».

وأشار الجبيرالى انتهاكات إيران المستمرة للقوانين الدولية وسيادات الدول وزرع «الخلايا الإرهابية» وتهريب الأسلحة والاعتداء على البعثات الديبلوماسية وحرمتها واغتيال الديبلوماسيين وخلق عملاء في المنطقة العربية «مثل الحوثيين وحزب الله واحتضانها للمنظمات الإرهابية داخل وخارج إيران مثل تنظيم القاعدة».

‏وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة دعا في كلمته لبنان إلى ضرورة تحمل المسؤولية الكاملة عن أعمال «حزب الله الإرهابي وما يقوم به من اعتداءات في الدول المجاورة في العراق وسوريا واليمن والبحرين».

وقال الشيخ خالد: «لبنان يتحمل مسؤولية ما يقوم به حزب الله باعتباره شريكاً في الحكومة» متسائلاً «هل يستمر لبنان في هذا الوضع». وأضاف «اننا لا نتحدث عن خلافات عربية بل تهديدات إيرانية للأمن القومي العربي» مؤكداً أن ايران لها أذرع كثيرة في المنطقة ومنها «حزب الله» الموجود في سوريا والعراق.

وجدد وزير خارجية جيبوتي محمود يوسف (رئيس الاجتماع) دعوة إيران للكف عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، مطالباً مجلس وزراء الخارجية العرب أن يضطلع بمسؤولياته وأن يتخذ موقفاً عربياً جماعياً للتصدي بكل حزم لحماية الأمن القومي العربي.

وقال يوسف في كلمته إن التهديدات والمخاطر التي تواجهها المنطقة «تتطلب حلولاً عاجلة ومعالجات ناجعة للتدخلات الإيرانية التي أخذت تستفحل في الآونة الأخيرة».

وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، في كلمته خلال الاجتماع، أن على إيران مسؤولية لا شك فيها، لاحترام سيادة الدول العربية والامتناع عن التدخل في شؤونها، والسعي لإقامة علاقات جوار أساسها احترام سيادة الدول العربية، ومبدأ المواطنة، وتجنب إذكاء النعرات الطائفية والعرقية والمذهبية.

وقال شكري إن المساس بأمن دول الخليج خط أحمر، والتزام مصر بدعم أمن واستقرار دول الخليج، هو تطبيق عملي لمبدأ راسخ من مبادئ الأمن القومي المصري، وهو الرفض القاطع لأي محاولة من أي طرف إقليمي لزعزعة استقرار الدول العربية والتدخل في شؤونها.

ورأى أن «أي تقويم دقيق وصريح للوضع العربي الحالي، يظهر بجلاء أن هناك محاولات مستمرة للتدخل في الشؤون الداخلية لعدد كبير من الدول العربية، فمن الخليج إلى ليبيا، ومن العراق وسوريا إلى اليمن والصومال، تتعدد المحاولات المرفوضة، من أطراف مختلفة، لزعزعة استقرار الدول العربية، سواء من خلال محاولة تحريك أطراف داخلية محسوبة على قوى إقليمية معينة، أو من خلال التواجد غير الشرعي لقوات عسكرية غير عربية على أراضي الدول العربية. وعلينا جميعاً مسؤولية واضحة للتصدي لجميع هذه التدخلات بدون استثناء».

وأكد شكري أن «على دول الجوار العربي، وفي مقدمتها إيران، أن تتخذ موقفاً واضحاً وحاسماً لتأكيد التزامها باحترام سيادة الدول العربية، والتزامها بعلاقات جوار قائمة على أساس الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية، وعن استخدام القوة أو التهديد باستخدامها، والتوقف فوراً ونهائياً عن تقديم أي دعم للميليشيات أو الجماعات المسلحة أو الكيانات الإرهابية في جميع الدول العربية».

 

الديار :


اجتمع مؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة وركز وزيرا الخارجية السعودي والبحريني على الهجوم على ايران والتدخل في الدول العربية، فيما سعت دول عربية أخرى الى التهدئة في البيان الختامي.
وقد جاء في البيان الختامي الذي أصدره وزراء خارجية العرب إدانة لإيران واتهامها بدعم منظمات إرهابية داخل دول عربية، ووصف البيان حزب الله بأنه حزب إرهابي.
وعندها اعترض المندوب اللبناني السفير انطوان عزام على الفقرات التي تصف حزب الله بالارهابي، معتبرا ان هنالك فرق بين المقاومة والإرهاب وان حزب الله يشترك في الحكومة اللبنانية وهو ليس حزب إرهابي.
وجاء اعتراض لبنان على البيان في شأن وصف حزب الله بالارهابي مناقضا الموقف السعودي ودول الخليج والدول العربية.
وبذلك، يكون موقف لبنان الرسمي، وفق تعليمات الوزير جبران باسيل الى المندوب اللبناني في القاهرة ضد الموقف السعودي والخليج من حزب الله، ورفض لبنان تسمية حزب الله بأنه حزب إرهابي.
والسؤال الآن هو، ماذا سيكون موقف السعودية، وما هو موقف الرئيس سعد الحريري المستقيل، والجواب يأتي الأسبوع القادم.
 

 

 

 سليماني في مدينة البو كمال


وفي الوقت الذي أدان فيه مؤتمر وزراء خارجية دول عربية تدخل ايران كان اللواء قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني يعلن من سوريا تحرير مدينة البو كمال الاستراتيجية على الحدود السورية - العراقية من كامل عناصر «داعش». 
وظهرت المفارقة واضحة، قائد فيلق القدس الإيراني يعلن انهاء داعش وضربها الضربة القاضية وتحرير مدينة البو كمال السورية. فيما وزراء الخارجية العرب في بيانهم الختامي اعلنوا ادانة ايران لتدخلها في سوريا وبقية الدول العربية.

وكان عقد وزراء الخارجية العرب، اجتماعاً طارئاً بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة، تحت عنوان سبل التصدي للتدخلات الايرانية في المنطقة. ويأتي هذا الاجتماع الطارئ بناء على طلب سعودي، أيدته كل من الإمارات والبحرين والكويت.
وفي السياق، أعلن الأمين لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط أن «اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة أدان التدخلات الإيرانية، مشيراً إلى أن الخطوة المقبلة قد تكون لجوء الجامعة لمجلس الأمن «لمواجهة التدخلات الإيرانية»، مشيراً إلى أن الدول العربية «لن تعلن الحرب على إيران في المرحلة الحالية وأن الهدف هو مناشدة الدول وإدانة تصرّفاتها».
وأشار أبو الغيط إلى «أن الصواريخ التي تستهدف دولاً عربية صُنعت في إيران» لافتاً إلى أن المجلس الوزاري العربي لم يتخذ قراراً بعد باللجوء إلى مجلس الأمن بل قرر أحاطته علماً ببعض المواقف العربية»، مضيفا «أن الدول العربية وافقت على البيان ما عدا لبنان الذي تحفظ بشأن الفقرات المتعلّقة بحزب الله». ولفت الى «إن الدول العربية لن تعلن الحرب على إيران في المرحلة الحالية»، معتبراً أن الهدف هو مـناشدة الدول وإدانة تصرّفاتها.
 

 اعتراض لبنان


وفي المقابل، اعترض لبنان على ذكر حزب الله ووصفه بالإرهابي في البيان الختامي، مع الاشارة إلى وجود الحزب في الحكومة، كما تضامن العراق مع لبنان في اعتراضه على ذكر حزب الله وتوصيفه بالإرهابي.
وكانت الجلسة العلنية لوزراء خارجية الدول العربية في القاهرة التي دعت إليها السعودية انتهت وعقدت جلسة مغلقة.
بدوره، قال وزير الخارجية السعودية عادل الجبير في كلمة له خلال الجلسة إن الاستجابة لحضور هذه الجلسة يدلّ على استشعار للمخاطر الصاروخية لإيران على حد تعبيره.
واعتبر أن «الصاروخ البالستي الأخير الذي استهدف الرياض يعكس الاعتداءات الإيرانية عبر جماعة أنصار الله اليمنية، مطالباً «بتحمّل المسؤولية القومية للتصدّي للسياسات العدوانية الإيرانية»، مضيفا أن الممارسات الإيرانية العدوانية جعلت المجتمع الدولي يصنّف إيران بالدولة الأولى الراعية للإرهاب في العالم بحسب قوله، متّهماً الإيرانيين «بانتهاج سياسة اغتيال الدبلوماسيين وخلق عملاء لهم في المنطقة».
ودعا الجبير إلى اتخاذ «قرار صارخ للتصدي للانتهاكات الإيرانية للأمن القومي العربي».
من جهته، وصف وزير خارجية البحرين خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة حزب الله «بالإرهابي»، متهماً إيران بأن «لها أذرع في المنطقة أهمها حزب الله الموجود في بلدان عدة»، كما قال.
ورأى آل خليفة أن ارتباط بلاده بالأسطول البحري الأميركي يحقق نتائح أكثر من العمل العربي المشترك، مضيفاً أن «المسألة ليس استهدافاً لأحد، بل نحن من نتعرّض للاستهداف ونريد التصدّي له بالعمل المشترك».
 

 كلمة لبنان


وقد اكد المندوب الدائم المناوب لدى جامعة الدول العربية انطوان عزام ممثل لبنان بتكليف من وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، موقف لبنان الرسمي التمسك بالنأي بلبنان، ورفض التدخل في شؤون الدول الاخرى، ورفض تدخل اي دولة في شؤونه، كما ان لبنان يدين ايّ اعتداء على ايّ دولة عربية، كما يرفض توصيف حزب الله بـ«الارهابي» لانه مكون اساسي من الشعب اللبناني.
ومما جاء في كلمة عزام: تمسّك لبنان بـ «المعادلة المتوازنة» القاضية بتحصين ساحته الداخلية «من خلال اطلاق مسار حكومي هادف كضمانة لتماسك الكيان ضمن مؤسسات الدولة وبما يحفظ السلم الأهلي»، توازيا «مع القيام بكل ما يمكن لتقوية علاقات لبنان مع أشقائه العرب واتخاذ الموقف الواضح من كافة القضايا التي تحظى بالاجماع العربي دون المس بوحدتنا الداخلية».
وقال: وبالاستناد الى موقف لبنان المبدئي القاضي بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بالابتعاد عن كل ما يمكن أن ينقل التوتر الى ساحته الداخلية، ملتزما النأي بنفسه لعدم قدرته على التأثير ايجابا في الصراعات الدائرة من حوله، مكتفيا بتحمل الأعباء الانسانية الناجمة عن تحوله الى بلد نزوح بامتياز.
اضاف: نجدّد تمسك لبنان بهذه المعادلة المتوازنة ولنعرب لأشقائنا العرب عن ادانتنا لكل ما طاولهم من اعتداء على صفو أمنهم، وعن تضامننا الكامل معهم بكل ما يمس أمن واستقرار بلادهم، اذ ما يمسهم يمسنا قبلهم، كيف لا والمواطنون اللبنانيون يعيشون في تلك الدول الشقيقة في بلادهم الثانية، ويساهمون تحت سقف قوانينها وأنظمتها بنهضتها وتطورها والتي بات استقرارها ونموها صنوا لأمنهم ورخائهم. كيف لا وقد اضطلعت هذه الدول بدور الراعي والداعم الأول لاقتصاد لبنان واعادة اعماره، وبالتالي فاننا نبقى على يقين بأن من ساهم بلا حدود في ترسيخ السلم الأهلي في لبنان يستحيل عليه إلا وأن يتفهم مقتضيات الوفاق الوطني ومستلزمات العيش المشترك فيه.
اضاف: الجمهورية اللبنانية لن تبخل، ضمن الحدود الضاغطة لامكاناتها وللهوامش المتاحة لقدرتها على التأثير، في توفير شتى أنواع التضامن والدعم لأي دولة عربية تحدق بها الأخطار والتهديدات، معولين على استمرار دعم الأشقاء العرب للبنان الذي لا ضمانة له وللعرب معا خارج سيادة وكرامة واستقلال مؤسساته.
وتابع: يبقى لنا أن نقول حول مسألة كيفية التصدي للتدخلات الخارجية في الدول العربية من أي جهة غير عربية كانت، بأن المسؤول عن نفاذ شتى أنواع التدخل الخارجي في شؤون دولنا العربية، هو التراجع في منظومة الأمن القومي العربي جراء التباعد والانقسام، هو الفراغ الذي لا تتردد أي من القوى الاقليمية والعالمية في العمل على استغلاله وملئه وفقا لمصالحها، هي الانقسامات الداخلية ضمن البلد الواحد وصولا الى الحروب الأهلية الدامية، هو ضعف مؤسسات الدولة وتراجع سلطتها وهيبتها واضمحلال قدرتها على الدفاع عن سيادتها في وجه التدخلات الخارجية والاحتلالات. وبالتالي فان آخر ما يجب أن تكون عليه كيفية التصدي لتلك التدخلات هو المزيد من التباعد والانقسام بين الأشقاء العرب والمزيد من الاضعاف لمؤسسات الدولة والمزيد من الاذكاء للتوترات الداخلية وتعريض السلم الأهلي للخطر، حيث لا يستفيد عندها سوى الاستباحات الخارجية لوطننا العربي.
وختم: لا خلاص لنا الا بالتفهم بين بلداننا العربية وبتعزيز الأمن القومي العربي وبتطوير البناء المؤسساتي لدولنا.
وبعد صدور البيان الختامي، اجرى الوزير باسيل سلسلة اتصالات بنظرائه العرب لشرح موقف لبنان من البيان الختامي من بينهم وزراء خارجية 3 دول خليجية، فضلا عن وزراء خارجية كل من مصر، تونس، الاردن، العراق والجزائر.

 

 

ايران: السعودية تغذي الارهابيين


من جهة اخرى، قال وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إن «السعودية تدعم الإرهابيين»، معتبرا ان «اتهامات المملكة الموجهة لإيران تثير السخرية». 
وقال ظريف، في تغريدة نشرها أمس على حسابه في موقع «تويتر»: «نعمل مع شركائنا الأتراك والروس على تطوير نظام وقف إطلاق النار، الذي حققناه في سوريا وإعداد حوار شامل بين السوريين».
وأضاف ظريف: «الأمر الذي يثير السخرية يكمن في أن المملكة العربية السعودية تتهم إيران بزعــزعة الاستقرار في الوقت الذي تغذي بنفسها الإرهابيين وتشن حربا ضد اليمن وتحاصر قطر وتشعل نيران الأزمة في لبنان».
 

 الجيش السوري يحرر بالكامل مدينة البوكمال


الى ذلك أعلن «الإعلام الحربي المركزي» السوري ومصادر ميدانية أن القوات السورية الحكومية حررت أمس الأحد بالكامل مدينة البوكمال في محافظة دير الزور شرق سوريا من قبضة تنظيم «داعش». 
وقال «الإعلام الحربي المركزي» في تغريدة نشرها امس على حسابه في «تويتر»: «الجيش السوري وحلفاؤه يحررون مدينة البوكمال على الحدود السورية العراقية في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي بشكل كامل».
وشدد في هذا السياق على أن «الجيش السوري وحلفاءه قد طردوا داعش من آخر معقل له على الأراضي السورية».
بدوره، أكد قائد ميداني سوري في حديث لوكالة «سبوتنيك» الروسية تحقيق هذا التقدم المهم، موضحا: «الجيش السوري قضى على فلول مسلحي تنظيم داعش الذين تسللوا إلى مدينة البوكمال بإسناد من طائرات التحالف الدولي ضد داعش الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية التي وفرت غطاء لهم مكنهم من العودة إلى البوكمال  بعد يومين من إعلان الجيش السوري رسميا استعادة المدينة».
وأشار القائد العسكري إلى أن وحدات الهندسة تقوم حاليا بعمليات التمشيط لتفكيك العبوات الناسفة والمفخخات والألغام التي خلفها مسلحو «داعش» داخل البوكمال.

 

 

الحمهورية :

فيما الجميع ينتظر عودة الرئيس سعد الحريري من باريس ليُبنى على الشيء مقتضاه في مصير استقالته، وبالتالي مستقبل الاوضاع الداخلية، وسط مؤشرات تدل الى إصراره عليها ودفعه في اتجاه تعديل التسوية التي أنتجت انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتولّيه هو رئاسة الحكومة، إتخذ مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية العرب موقفاً يجمع من جهة على مواجهة التدخلات الايرانية في الدول العربية، ويصنّف من جهة ثانية «حزب الله» المشارك في الحكومة «تنظيماً ارهابياً»، الامر الذي تحفّظ عنه لبنان وأكّد «التزامه النأي بنفسه لعدم قدرته على التأثير إيجاباً في النزاعات الدائرة من حوله». وفيما ينتظر ان يكون لعودة الحريري وموقف الجامعة تداعياتهما على الواقع السياسي الداخلي، قالت مصادر سياسية «انّ المرحلة الجديدة الحبلى بالنزاعات، والتي يتداخل فيها اللبناني بالاقليمي والدولي، تُبقي كل الاحتمالات مفتوحة، سواء نحو تسويات سياسية أو نحو امتحانات أمنية». واضافت: «لا أحد يستطيع حتى الآن الجزم كيف ستتطور الاحداث، إذ كلما طالت الازمة بلا حل كلما ازدادت الاخطار الامنية، لأنّ الطرفين المعنيين بالوضع لديهما القدرة على تحريك قوى خارجية لتأزيم الوضع اللبناني».

في ظلّ الاصرار الاميركي ـ الفرنسي على «مواجهة أنشطة «حزب الله» وايران المزعزعة للاستقرار في المنطقة»، وفي موازاة الاتصالات والمساعي الفرنسية لحلّ الازمة اللبنانية، تقاسمت القاهرة وباريس المشهد السياسي أمس، فيما ظل لبنان يترقّب عودة رئيس الحكومة سعد الحريري الذي أمضى يومه الباريسي الثاني أمس بلقاءات مع قريبين منه، بعد اجتماعه السبت مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على أن يزور مصر غداً للقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، قبل ان يعود الى بيروت للمشاركة في الاحتفال بعيد الاستقلال والادلاء بالمواقف التي كان وعد بأنه لن يعلنها الّا في لبنان.

فقد حمّل اجتماع وزراء الخارجية العرب، الذي انعقد في القاهرة امس،»حزب الله» الإرهابي المشارك في الحكومة اللبنانية مسؤولية التدخّل في الشؤون العربية وتدريب الإرهابيين وتأسيس جماعات ارهابية وتمويلها من قبله ومن قبل ايران»، ودانَ إطلاق صاروخ من اليمن في اتجاه الرياض، معتبراً ذلك «تهديداً للامن القومي العربي»، ومؤكداً «حق السعودية في الدفاع عن اراضيها».

وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط: «إنّ المجلس الوزاري العربي لم يُقرر بعد اللجوء الى مجلس الأمن، وانّ القرار جاء لإحاطة مجلس الأمن الدولي بموقف الدول العربية وهذه المرحلة الأولى. ولعلّ في مرحلة تالية نجتمع مرة أخرى للجوء الى مجلس الأمن وطرح مشروع قرار عربي على المجلس». وأعلن انّ «الوفد اللبناني تحفّظ عن البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب».

في المقابل، أكد مندوب لبنان الدائم في الجامعة العربية السفير انطوان عزام، أنّ «لبنان الرسمي آثَر، وبالاستناد الى موقفه المبدئي القاضي بعدم التدخّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بالابتعاد عن كلّ ما يمكن أن ينقل التوتر الى ساحته الداخلية، مُلتزماً النأيَ بنفسه لعدم قدرته على التأثير إيجاباً في الصراعات الدائرة من حوله، مكتفياً بتحمّل الأعباء الانسانية الناجمة من تحوّله الى بلد نزوح بامتياز».

في هذا الوقت برز موقف سعودي جديد على لسان وزير الخارجية عادل الجبير، أعلن فيه انّ بلاده أيّدت الحريري منذ البداية ولاحقاً، «لكن التحديات تغيّرت اليوم، والرجل لم يعد قادراً على الحكم كما يشاء»، نافياً ما تَردّد من انّ السعودية «تريد زعيماً سنياً آخر» غير الحريري.

واعتبرت مصادر مشاركة في الاتصالات القائمة «انّ المعركة التي خاضها لبنان منذ اعلان الحريري استقالته كانت بلا خسائر، وأثبتت انّ الكرامة الوطنية هي الحصانة مهما كان حجم التحديات».

وقالت لـ«الجمهورية»: «المرحلة الوطنية انتهت ودخلنا في المرحلة السياسية وهي تفوق بدقتها المرحلة الاولى، ولبنان خاض معركة وهو يدرك انه لا يمكن ان تكون بلا أثمان، فلا احد يخوض معركة من دون تكاليف وأثمان». واشارت الى «انّ الجميع ينتظرون ما سيقوله الحريري لكي يتّضح كثير من الامور».

القاهرة

وعلى إيقاع استعار المواجهة السعودية ـ الايرانية وارتفاع منسوب المناخ التصعيدي في المنطقة، تتجه الانظار الى ما سيعلنه الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله مساء اليوم، حيث سيتناول في كلمته تطورات المنطقة والأوضاع الراهنة.

وقالت مصادر سياسية: «انّ المرحلة الجديدة الحبلى بالنزاعات، والتي يتداخل فيها اللبناني بالاقليمي والدولي، تبقي كل الاحتمالات مفتوحة، سواء نحو تسويات سياسية أو نحو امتحانات امنية»، واضافت: «لا احد يستطيع حتى الآن الجزم كيف ستتطور الاحداث، إذ كلما طالت الازمة بلا حل كلما ازدادت الاخطار الامنية، لأنّ الطرفين المعنيين بالوضع لديهما القدرة على تحريك قوى خارجية لتأزيم الوضع اللبناني».

أبو الغيط في بيروت

وفيما يصل أبو الغيط الى بيروت صباح اليوم للقاء عون ظهراً ومسؤولين آخرين، أوضحت مصادر ديبلوماسية عربية لـ»الجمهورية» انه ليس موفَداً من مؤتمر وزراء الخارجية العرب، لكنّ المصادفة شاءت ان يكون في لبنان غداة هذا المؤتمر، وهو سيضع المسؤولين اللبنانيين في نتائجه وسيشارك أيضاً في مؤتمر دعت اليه منظمة «الإسكوا» في بيروت.

وقد أنجزت دوائر القصر الجمهوري جدول اعمال اللقاء المنتظر بين عون وابو الغيط، والذي سيتناول موقف البنان الداعي الى تزخيم عمل الجامعة العربية انطلاقاً من المواقف التي أطلقها في زيارته لمقرّها في شباط الفائت، وسيذكر باقتراحاته الداعية الجامعة العربية الى قيادة عمل عربي مشترك هدفه الأول ترميم العلاقات بين الدول العربية وإنهاء الخلافات بالوسائل الديبلوماسية ونبذ استخدام السلاح في فَض الخلافات العربية ـ العربية.

وكان عون تلقى اتصالاً من الامين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتييريس الذي اكّد اهتمام المنظمة الدولية بالوضع في لبنان ومتابعة التطورات التي يشهدها عن كثب، مشدداً على دعم الاستقرار الامني والسياسي فيه. ورَدّ عون منوّهاً «بالجهود المبذولة لعقد اجتماع لدول الاعضاء في المجموعة في باريس قريباً».

من باريس الى بيروت

وتزامناً مع الحراك الذي شهدته باريس بعد انتقال الحريري اليها، يترقب قصر بعبدا عودته الى بيروت في الساعات الـ 48 المقبلة، وعلى أبعد تقدير قبَيل الاحتفال بعيد الإستقلال، حيث من المقرر ان يشارك الى جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري في العرض العسكري الذي يقام في التاسعة صباح الأربعاء.

وعليه، فإنّ اللقاء المرتقب بين عون والحريري سيكون مساء غد الثلثاء او بعد العرض العسكري، حيث من المتوقع، حسب أحد السيناريوهات المتداولة، ان يتوجّه عون وبري والحريري الى القصر الجمهوري، لكنّ هذا السيناريو غير محسوم لأسباب امنية واخرى تتصل ببرنامج تحرّك الحريري غير المعلن رسمياً في الفترة الفاصلة بين وجوده في باريس وموعد عودته الى بيروت.

بري

وسُئل رئيس مجلس النواب نبيه بري عن الاتصال الذي تلقاه من الحريري، فأجاب: كان الاتصال قصيراً واطمأنّيت عنه وهنّأته بالسلامة، واتفقنا على ان نتكلم في بقية الامور عندما يعود ونلتقي».

وحول ما يمكن للحريري ان يطرحه، قال بري: «لا معلومات اكيدة حول ما يحمله الرئيس الحريري، كل كلام تناول مسألته هو نوع من التبصير».

مبادرة فرنسية؟!

وعلمت «الجمهورية» انّ فرنسا، وبعدما نجحت مبادرتها في تأمين انتقال الحريري الى باريس، طوّرت مبادرتها في اتجاه التفاوض لبلورة خطوط عريضة لتسوية سياسية تقبل بها كل من السعودية وايران. لكنّ الاتصالات الاولية في هذا الشأن لم تعط نتائج مشجعة، لأنّ مطالب الطرفين لا تزال بعيدة الواحدة عن الاخرى.

في هذا الوقت، وبعد الحديث عن احتمال زيارة موفد خاص لماكرون الى بيروت وطهران، اكدت اوساط بعبدا وبيت الوسط لـ»الجمهورية» انهما لم تتبلغا أيّ زيارة من هذا النوع. لكنّ مصادر ديبلوماسية لبنانية، وأخرى حكومية، لفتت الى «انّ لبنان يعوّل كثيراً على الدور الفرنسي بعدما نجح ماكرون في إخراج الحريري من الرياض بمبادرة منه تجاوباً مع رغبة لبنان وبناء لحوافز فرنسية خاصة، وأخرى تتصل بحجم العلاقات بين البلدين».

وأضافت: «لفرنسا علاقات مميزة مع طهران وبيروت والرياض، فهي نظّمت عقوداً تجارية في مجالات عدة مع طهران، والعاصمتان الإيرانية والفرنسية أبدتا حرصَيهما على الإستمرار في بناء هذه العلاقات على رغم الإعتراضات الأميركية التي تجاوزتها باريس رغم حدّة موقفها من تدخلات إيرانية خارج حدودها، ولا سيما في أحداث سوريا واليمن والبحرين ومناطق التوتر الأخرى التي تخوض فيها طهران مواجهات متعددة».

وقالت المصادر نفسها: «الرئيس الفرنسي خاض مواجهة حادة مع طهران والرياض من اجل توفير مخرج لقضية الرئيس الحريري، وما شهده خط الرياض ـ باريس خلال عطلة نهاية الأسبوع ليس سوى ترجمة لتفاهم سياسي يشكّل الحريري طرفه الثالث، ولا بد ان تترجم عودته الى بيروت الخطوط العريضة لهذا التفاهم إنطلاقاً من طريقة تعاطيه مع استقالته والمرحلة التي تليها والشروط التي سيتمسّك بها على خلفية مضمونها السياسي بعيداً عن شكلها وتوقيتها».

«القوات»

على صعيد آخر، قالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ»الجمهورية» انها «تنتظر كل من أظهر حرصه ومحبته وغيرته على الرئيس الحريري ان يترجمها وطنياً وسياسياً في ملاقاته لتحصين الواقع السياسي اللبناني»، وأبدت اعتقادها «انّ عودة الحريري كفيلة بكشف وفضح كل من كان يستغلّ استقالته ويستخدمها تحقيقاً لمآربه، وبالتالي نصرة أهداف «حزب الله» على حساب الأهداف الوطنية ومصالح لبنان العليا».

واعتبرت «انّ معالم المرحلة الجديدة أصبحت واضحة لجهة انّ الحريري سيطرح بلورة فعلية للتسوية الحالية، على ان تلتزم القوى المعنية بتطبيق بنودها خصوصاً لجهة النأي بالنفس التي ليست مجرد موقف نظري ولفظي، بل كناية عن انسحاب فعلي من أزمات المنطقة والكَف عن استخدام لبنان منصّة عسكرية حيناً وسياسية أحياناً وإعلامية في كل وقت للانقضاض على السعودية والإمارات والدول الخليجية والعربية خدمة لمصالح غير لبنانية وبعكس ما تقتضيه المصلحة اللبنانية الفعلية، بالإضافة الى سلاح «حزب الله» الذي يجب الاعتراف بأنه يجب البدء بوَضع آلية لاستيعابه تدريجاً في الجيش، والوصول خلال فترة معقولة الى دولة ذات سيادة فعلية مُمسكة بقرارها الاستراتيجي والأمني والعسكري والخارجي».

وأضافت المصادر: «لا يفترض بأيّ طرف ان يعتقد انّ بإمكانه تمييع الأمور في المرحلة المقبلة، اذ انّ الأحداث في المنطقة تتسارَع، وكل تأخير في الخروج بموقف لبناني جامع لجهة النأي بالنفس ووضع آلية لاستيعاب سلاح «حزب الله» ضمن الدولة سينعكس على المصلحة اللبنانية العليا وضرراً وتأخراً في قيام دولة فعلية».

فرنسا والفاتيكان

وظلّت المواقف الدولية، وعلى أعلى المستويات، تطالب بضمان استقرار لبنان وعدم انجرار الوضع الى مزيد من التدهور، ما يؤكّد أنّ المظلة الدولية التي حَمته سابقاً، منذ بداية الأزمة السورية، وصولاً الى الفراغ الرئاسي، ما زالت مستمرّة.

ومن المعلوم مدى التنسيق بين فرنسا والفاتيكان من أجل حماية لبنان، وهذا ما ظهر جلياً من خلال استنفار باريس منذ وقوع أزمة استقالة الحريري الى استقباله في الإليزيه أمس الأول، إضافة الى تخصيص قداسة البابا فرنسيس لبنان وشعبه بتحية خاصة بعد صلاة التبشير. وقال: «أريد ان أذكر هنا اليوم، خصوصاً الشعوب التي تعيش آلام الفقر بسبب الحروب والأزمات.

أجدّد ندائي من القلب الى المسؤولين الدوليين لبذل كل الجهود لإحلال السلام وخصوصاً في الشرق الاوسط، وأتوجّه بتفكيري بنوع خاص الى الشعب اللبناني العزيز وأصلي من اجل أمن هذا البلد لكي يستطيع ان يتابع رسالته، وان يكون رسالة احترام وعَيش واحد مشترك لكل بلدان المنطقة والعالم».

الشدياق نقيباً للمحامين

على صعيد آخر، إنتُخِب أمس اندريه الشدياق نقيباً للمحامين في بيروت بـ 2459 صوتاً، مقابل 1492 صوتاً للمرشح عزيز طربيه، مع تسجيل 203 أوراق بيضاء.

شارك في المعركة أكثر من 4000 محام لانتخاب نقيب جديد و4 أعضاء جدد في مجلس النقابة خلفاً للذين انتهت ولايتهم. وشهدت المعركة انسحابات بالجملة، أبرزها لمرشح «القوات اللبنانية» فادي مسلم، ومرشح «التيار الوطني الحر» فادي بركات بعد فوزه بالجولة الاولى.

وبعد فوزه، قال الشدياق لـ»الجمهورية»: «الإنتخابات ديموقراطية، كلّ من شارك فيها حَكّم ضميره سواء صَوّت لي أو لم يدعمني». وأضاف: «الوقت الآن للعمل والمباشرة بتكوين مكتب جديد للمجلس، بعدها يتم توزيع المهام والمباشرة بصلاحياتنا»

 

 

اللواء :

في الوقت الذي كان مؤتمر وزراء الخارجية العرب، في القاهرة، يعلن موقفاً تصعيدياً بوجه «التهديدات والتدخلات الايرانية» في القضايا والشؤون العربية.

أعلن الرئيس سعد الحريري، من باريس، التي وصلها السبت الماضي، انه سيزور القاهرة غداً ويقابل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.

ولئن أدرجت الزيارة في إطار «شكر صديق» والتداول معه في مرحلة ما بعد قرار مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية الذي ادان إيران على نحو غير مسبوق وحمل حزب الله «الارهابي» مسؤولية دعم «الجماعات الارهابية» في الدول العربية، وهو «الشريك في الحكومة اللبنانية» التي قدم الرئيس الحريري استقالتها في 4 ت1 الجاري، فإن مصادر مطلعة ربطت بين تغريدة الرئيس الحريري حول شكره للرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون وزيارته الى القاهرة لشكر الرئيس السيسي أيضاً..

وقال الرئيس الحريري في تغريدته «أشكره على دعمي، لقد أظهر تجاهي صداقة خالصة، وهذا ما لم انساه ابداً»..

وأشار إلى ان فرنسا أثبتت مرّة جديدة كبر دورها في العالم وفي المنطقة، وهي تبث تعلقها بلبنان واستقراره.

الحريري في القاهرة غداً

وفيما يؤثر الرئيس الحريري عدم الإدلاء بأي مواقف سياسية، خلال اقامته في العاصمة الفرنسية، لاحظت مصادر متابعة، انه هو الذي اثار موضوع استقالة الحكومة، لدى خروجه من قصر الاليزيه، حيث عقد خلوة مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، تجاوزت الوقت المحدد لها بنصف ساعة إلى نحو 40 دقيقة، بما يعني ان الاستقالة ما زالت قائمة ما لم تتأمن ظروف تسوية سياسية جديدة، تأخذ بالاعتبار المستجدات التي حصلت والموقف العربي المتصاعد ضد إيران وحلفائها في المنطقة العربية، وهو ما سينعكس سلباً على مساعي تحقيق هذه التسوية، لا سيما بعد اعتراض لبنان على بعض البنود التي تتناول «حزب الله» في البيان الختامي لاجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة والذي وصف الحزب بـ«الارهابي».

وقبل عودته إلى بيروت والمتوقعة مساء غد الثلاثاء أو صباح الأربعاء للمشاركة في احتفال عيد الاستقلال، مثلما أبلغ الرئيسين ميشال عون ونبيه برّي فور وصوله إلى باريس صباح السبت، أعلن الرئيس الحريري في تغريدة له عبر «تويتر» انه سيزور القاهرة الثلاثاء للقاء الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي وصفه «بالصديق»، فيما ترددت معلومات انه سيزور أيضاً البحرين وقبرص، بينما نفت مصادر كويتية رسمية ما تردّد من احتمال زيارته الكويت في الوقت الراهن.

وعلمت «اللواء» ان زيارة الحريري للقاهرة ستكون لشكر الرئيس السيسي ومصر على وقوفها إلى جانب لبنان وإلى جانبه شخصياً في الأزمة التي مر بها، خاصة، وأن هذه الزيارة كانت مقررة في الخامس من تشرين الثاني الحالي، لكنه اضطر إلى تأجيلها بشكل طارئ بسبب ظروف إعلان استقالته من الرياض، حيث كان يفترض ان يلتقي السيسي في شرم الشيخ بالتزامن مع وجود الرئ<