الخطورة تكمن في سعي حزب الله لإلحاق لبنان بالمشروع الإيراني التوسعي في المنطقة على حساب البلدان العربية وخاصة في الخليج
 

لم تعد الأسباب الحقيقية التي تقف وراء إستقالة الرئيس سعد الحريري والتي صاغها في بيان الإستقالة الذي أعلنه من العاصمة السعودية الرياض هي الحدث الأبرز وهي تغيب شيئًا فشيئًا عن التداول في معظم الوسائل الإعلامية وعن ألسنة الشخصيات البارزة والمؤثرة التي تتعاطى مع هذا الملف وتراجعت إلى نقطة الصفر وباتت عودة الرئيس الحريري إلى ربوع الوطن وكيفية هذه العودة دون أن تتسبب بأي إحراج له ولأي طرف معني بالإستقالة هي الحدث. 
وبات العنوان الأبرز الذي يتصدر الإعلام اللبناني والعربي والعالمي هو إيجاد مخرج لائق لعودة الحريري دون أن يخدش العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية والبحث جار لوضع خارطة طريق للحد من تفاعلات هذه الإستقالة والتقليل من حدة التداعيات السلبية التي تركتها على الساحة الداخلية والساحة الإقليمية وما نجم عن ذلك من إهتزاز للعلاقة بين الرئيس سعد الحريري ومن ورائه السعودية وبين شركائه في الحكم بدءًا برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري وباقي الأطراف السياسية والحزبية المشاركة في الحكومة وفي مقدمتهم حزب الله وباقي المكونات في فريق الثامن من آذار. 

إقرأ أيضًا: رسالة إسرائيلية مزدوجة لروسيا وإيران
فالأسباب التي دفعت بالرئيس سعد الحريري إلى تقديم إستقالته والمتعلقة بالسلاح الغير شرعي والخارج عن سلطة الدولة ويخضع لسلطة دويلة حزب الله وربط مشكلة هذا السلاح بالأزمات الإقليمية وتعريض البلد إلى أخطار الحروب المحدقة به والمشتعلة حواليه والتي قد تنتقل إليه بسبب إنخراط حزب الله في أتون هذه الحروب التي يدور رحاها في سوريا والعراق وخصوصًا في اليمن الذي يعتبر الحديقة الخلفية للسعودية. 
على أن الخطورة في هذا السياق تكمن في سعي حزب الله لإلحاق لبنان بالمشروع الإيراني التوسعي والمتعاظم في المنطقة على حساب البلدان العربية وخاصة في الخليج. 
وهذه كلها وقائع أوردها الرئيس الحريري في بيان الإستقالة، إضافة إلى الأداء السياسي الملتبس على الساحة الداخلية من قبل الأفرقاء المشاركة في الحكومة والذي يخترق حدود العلاقة اللائقة بإسقاطه السلوكيات الدستورية والأخلاقيات في التعامل مع رئيس الحكومة والتي بلغت درجة الإهانة. 
فوزير الخارجية جبران باسيل يقود سياسة البلد في الخارج فاتحا البازارات على حسابه بما يخدم مصالحه الإنتخابية ومشروع حليفه حزب الله، فيلتقي وزير خارجية سوريا وليد المعلم ويعقد الإتفاقات ويتخذ القرارات دون الحصول على موافقة رئيس مجلس الوزراء ولو كان ذلك متعارضًا مع السياسة العليا للبلد. 

إقرأ أيضًا: المنطقة على أبواب مرحلة جديدة
كذلك فإن وفدا قوامه نواب ووزراء من التيار الوطني الحر وحزب الله وحركة أمل يقوم بزيارة العاصمة السورية دمشق رغم إعتراض الرئيس الحريري على هذه الزيارة التي تتعارض مع مبدأ سياسة النأي بالنفس دون مراعاة علاقته بقاعدته الشعبية وروابطه مع الدول العربية وخصوصا الخليجية منها والتي تأتي السعودية في مقدمتها، ويضاف إلى ذلك وضع العصي في دواليب عمل الحكومة في ما يتعلق بمعالجة الكثير من الأزمات والمشاكل التي تعني المواطن في حياته اليومية والبلد بوجه عام. 
ومع ذلك فإن الرئيس الحريري كان يلجأ في الكثير من الأحيان إلى معالجة الأمور بالتغاضي عن التجاوزات والتسامح واللجوء إلى سياسة تدوير الزوايا إلى أن طفح الكيل خلال لقائه بالدكتور علي أكبر ولايتي مستشار الولي الفقيه الذي طلب إليه صراحة بضرورة إلحاق لبنان بركاب المشروع الإيراني الذي يقع على طرفي نقيض مع مصالح السعودية فكان القشة التي قصمت ظهر البعير ودفعته دفعا لزيارة الرياض والإعلان عن بيان إستقالته من منزله هناك. 
أما رد المراجع اللبنانية المعنية بقبول الإستقالة أو رفضها ودراسة أسبابها ومعالجتها فإنها نقلت الأزمة من مربع المعالجة بالحد الأدنى من الخسائر لكافة الأطراف إلى مربع التجييش على مستوى المنظمات العربية والدولية لإطلاق الرئيس الحريري من الإقامة المفروضة عليه في السعودية والعودة إلى وطنه الأم لبنان وحولت الأنظار من ضرورة معالجة أسباب إستقالة الرئيس الحريري إلى المطالبة بعودته.