هذا التنوع من المجلات التي كانت تتصدر المحلات والدكاكين – قبل مرحلة المكتبات – كان يشكل رافدا ثقافيا مهما
 

بداية كانت المجلات المتوفرة لنا ونحن صغار عبارة عن قصص المغامرات المصورة كرتونيا والمتمثلة في «سوبرمان» و«الرجل الوطواط» حيث كانتا وأمثالهما زادا يتناسب مع تخيلات الصغار مع بدايات القراءة. لاحقا شجعنا بعض المدرسين الفلسطينيين على اقتناء مجلاتهم والاشتراك فيها، وخاصة مجلة «الأشبال» التي تخاطب الأطفال عن الحراك الثوري والمقاومة في فلسطين، وكنا كطلبة نكتب فيها بعض الخواطر والمحاولات الشعرية ونستمتع بإعادة قراءتها عندما تنشر فيها.

في مراحل لاحقة دخل إلينا سيل هائل من المجلات العربية من كل مكان، فالمجلات اللبنانية كـ «الصياد»

و«الحوادث» و«الجمهور» و«طبيبك معك» والتي كانت تثري الفكر بمختلف التحليلات والمتابعات السياسية والاجتماعية المميزة. من الكويت كانت تصلنا أسبوعيا مجلة «النهضة» التي تتناول الأخبار والقضايا الاجتماعية بشكل عام وكانت – كوسيلة تسويقية - توضع صورة لفتاة جميلة على غلافها مع مقابلة لها في الداخل، مع أنه كان يتم وضع حبر أسود على الصورة أحيانا، كما كانت تمزق بعض الصفحات من المجلة لأسباب رقابية.

المجلة الشهرية الأهم كانت «العربي» وهي المصدر الأبرز ثقافيا وفكريا، وأتذكر أنني جمعت كل أعدادها منذ بداية صدورها من مختلف المصادر، وكانت تحتوي – أيام رئيس تحريرها أحمد زكي – على مواضيع جادة ومتنوعة في مختلف المجالات. كما كانت تخصص في كل عدد تغطية مفصلة عن منطقة أو مدينة عربية تحت عنوان «اعرف وطنك أيها العربي»، إضافة لإصدارها ملحقا مخصصا للصغار تحت عنوان «العربي الصغير».المجلة الشهرية «قافلة الزيت» الرزينة بمادتها الثقافية والعلمية كانت متابعة أيضا، وتتميز إضافة لذلك بتغطيتها الفعاليات والبرامج الاجتماعية وكذلك المناطق والمعالم التاريخية في المنطقة إضافة لأخبار شركة أرامكو.

إضافة إلى التنوع المعرفي الذي كانت توفره هذه المجلات العربية المتعددة، فقد كانت توفر أيضا منصة للتواصل والتعارف بين قرائها من الجنسين – قبل ظهور الفيسبوك ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، حيث يقوم كل واحد بإرسال معلوماته الشخصية كالاسم والعنوان وصورته وكذلك هواياته والتي قد تكون المراسلة والتعارف وجمع الطوابع والعملات، وخاصة الورقية منها كما يحلو للبعض.

هذا التنوع من المجلات التي كانت تتصدر المحلات والدكاكين – قبل مرحلة المكتبات – كان يشكل رافدا ثقافيا مهما ومنفتحا على مختلف المصادر والاتجاهات دون أي تقييد أو أحادية. وكانت تمثل محتويات هذه المجلات مادة للنقاشات والاقتباسات في النشاط المدرسي كالصحف الحائطية والمسابقات الثقافية المدرسية والحوارات والنقاشات مع المعلمين المتعددي الجنسيات.