أجّج «اشتباك» تركي- أميركي آخر توتراً في علاقات الجانبين، إذ تجاهلت أنقرة تجميد واشنطن منح غالبية تأشيرات الدخول الى اراضيها في سفارتها في انقرة، بعد توقيف موظف تركي في القنصلية الأميركية في إسطنبول الأسبوع الماضي، واستجوبت موظفاً آخر في القنصلية.
واستدعت وزارة الخارجية التركية السكرتير الثاني في السفارة الأميركية في أنقرة، فيما حضّ وزير العدل التركي عبد الحميد غل الولايات المتحدة على مراجعة قرارها، مؤكداً حق بلاده في «محاكمة مواطن تركي».
في كييف، وصف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان القرار الأميركي بـ «المزعج جداً»، مشيراً إلى أن مسؤولي الخارجية التركية أجروا اتصالات بنظرائهم الأميركيين في هذا الصدد.
وأعلنت السلطات التركية «دعوة» موظف ثان في القنصلية الأميركية في إسطنبول إلى مكتب المدعي العام في المدينة، للإدلاء بشهادته بعد توقيف زوجته وابنته، لاستجوابهما في اتهامات بارتباطهما بجماعة الداعية المعارض فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة العام الماضي.
وأفادت وكالة «الأناضول» الرسمية للأنباء بأن الادعاء العام في إسطنبول اعتبر أن الموظف، وهو تركي، «لا يحظى بحصانة ديبلوماسية».
أتى ذلك بعد ساعات على إعلان السفارة الأميركية في أنقرة أن «أحداثاً أرغمت الحكومة الأميركية على إعادة تقويم مدى التزام تركيا حماية أمن البعثة الأميركية وأفرادها»، و «تجميد كل خدمات التأشيرات لغير المهاجرين، في كل المنشآت الديبلوماسية والقنصلية في تركيا»، من أجل «تقليص عدد الزوار خلال فترة التقويم».
وكانت السفارة تشير إلى توقيف الموظف في القنصلية الأميركية ميتين توبوز الأسبوع الماضي، لاتهامه بالتجسس وبـ «محاولة إطاحة الحكومة والدستور في تركيا»، في إطار «صلته» بجماعة غولن.
وسارعت السفارة التركية في واشنطن إلى الردّ، إذ أصدرت البيان ذاته للسفارة الأميركية في أنقرة، مع تغيير اسم البلدين، ويتضمّن إجراءات مشابهة ضد المواطنين الأميركيين.
ودعا عبد الحميد غل الولايات المتحدة إلى «مراجعة» قرارها، وزاد: «من حقنا محاكمة مواطن تركي لجريمة ارتكبها في تركيا». واستدعت الخارجية التركية السكرتير الثاني في السفارة الأميركية في أنقرة فيليب كوسنيت، وأبلغته أن تجميد إصدار التأشيرات سبّب «توترات لا داعي لها»، داعية إلى إلغاء القرار.
وحذرت جمعية رجال الأعمال والصناعيين الأتراك من أن الخلافات بين أنقرة وواشنطن ستمسّ العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأكاديمية بين البلدين، داعية إلى تسوية فورية لـ «أزمة التأشيرات» عبر ديبلوماسية هادئة.
ووضع مراقبون قرار واشنطن في إطار ردّ على توقيف أنقرة أميركيين وملاحقتهم قضائياً، بينهم موظف تركي في القنصلية الأميركية في أضنة، اتُهم بدعم «حزب العمال الكردستاني»، والقس أندرو برانسون المشرف على كنيسة في مدينة إزمير، بتهمة الانتماء إلى جماعة غولن.
وربط أردوغان إطلاق القس الأميركي أو ترحليه، بتسليم واشنطن غولن. لكن محللين يربطون الأمر أيضاً باتهام السلطات الأميركية 19 شخصاً، بينهم رجال أمن أتراك رافقوا أردوغان خلال زيارته الولايات المتحدة في أيار (مايو) الماضي، بضرب محتجين أمام السفارة التركية في واشنطن.
وبدأت في تركيا أمس محاكمة 143 عسكرياً سابقاً اتُهموا بالضلوع في مواجهات وقعت على جسر في إسطنبول، خلال محاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، ما أوقع عشرات القتلى.
على صعيد آخر، ألغت محكمة استئناف في إسطنبول حكماً بالسجن 25 سنة على النائب أنيس بربر أوغلو من «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، وأمرت بإعادة محاكمته، بعد إدانته بالتجسس وإفشاء أسرار دولة، إثر تسريبه إلى صحيفة معارضة تسجيلاً يُظهر نقل أجهزة الاستخبارات التركية أسلحة إلى متشددين في سورية.
من جهة أخرى، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن بلاده وموسكو اتفقتا على إنتاج مشترك لصواريخ «أس-400» الروسية الصنع، والتي أبرم الجانبان عقداً لتزويد تركيا بها. واستدرك أن احتمال امتناع موسكو عن «الامتثال» سيدفع أنقرة إلى توقيع اتفاق مع دولة أخرى في هذا الصدد.