قوى الرابع عشر من آذار فقدت مبادرتها التاريخية عندما رضخت لإرادة التحالف العوني- الحزب اللهي بانتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية
 

أولاً: الأمل في استنهاض قوى وطنية صاعدة

حركة المبادرة الوطنية التي جرى الحديث عن قُرب إطلاقها على يد أمين عام تيار الرابع عشر من آذار الدكتور فارس سعيد بصحبة الدكتور رضوان السيد (مستشار سابق للرئيس السنيورة وناشط إسلامي في الأوساط الوطنية والإسلامية)، تحمل في طيّاتها بذور أمل في استنهاض التيار الوطني العريض الذي أفرزته تظاهرة ١٤ آذار عام ٢٠٠٥، وأفضت للخروج العسكري السوري من لبنان، إلاّ أنّ إمكانات نجاحها تقارب حدّ المعجزة، فهي إذا كانت ستراهن مرة أخرى على تجميع و"لملمة" ما تبقّى من هذا التيار، فإنّها ستُصاب مرة أخرى بالخيبة والخذلان والخسران، ذلك أنّ قوى الرابع عشر من آذار (المستقبل والقوات تحديداً) فقدت مبادرتها التاريخية عندما رضخت لإرادة التحالف العوني- الحزب اللهي بانتخاب الجنرال عون رئيساً للجمهورية، وهي اليوم عاجزة عن بلورة مبادرة وطنية خلاّقة خارج التطاحن الطائفي المستعرّ هذه الأيام، والمفيد أنّ مبادرة وطنية ذات جدوى لا يمكن أن تولد وتكتب لها الحياة إلاّ بقامات وطنية لم يسبق لها أن خضعت لمنطق التسويات والمراهنات واستدراج العروض لقطف الحصص والمغانم التي لا تلبث أن تذهب هباءً ولا يبقى سوى الخواء والخذلان.

إقرا أيضا: مباركٌ للمرأة السعودية... وأولُّ الغيث قطرة

ثانياً: نقد تجربة ١٤ آذار ومراجعتها

من صعوبات إطلاق المبادرة الوطنية التي تصل إلى حدّ الاستعصاء، هي مقدرة حملة هذه المبادرة على مراجعة تجربة ١٤ آذار السابقة، ونقد سلبياتها والتّمسُك ببعض إيجابيّاتها . وهنا لا بُدّ من التّمييز بين المراجعة "العدمية" التي تنال من هذه التجربة وتعدم نجاحاتها، وبين المراجعة "العلمية" التي تعترف بتراث حركة ١٤ آذار ونضالاتها، مع مراعاة عدم التّستُر على أخطاء التجربة ، والحرص على بيان انحرافاتها وثغراتها ومكامن ضعفها ، لتتمكّن الحركة الوليدة من النهوض بمسؤوليات قيادة وطنية لا طائفية، تحمل بعزمٍ وإصرار هموم الاستمرار في النضال الوطني الديمقراطي، لبناء دولة ذات سيادة غير مُنتقصة وحقيقية، تحرس كياناً ثابت الأركان في وجه أعاصير المنطقة التي تكاد لا تهدأ .