فقد أهله الاتّصال معه بعد 15 دقيقة فقط من خروجه من ثكنة فؤاد شهاب
 

دفعت المُؤسّسة العسكريّة أثماناً غاليةً على مذبحِ الإرهابِ القادمِ من خلفِ الحدود، ومحاربته، ففي ظروفٍ أمنيّةٍ صعبةٍ كان يُعاني منها لبنان، وظروف غامضة اختفى الجنديّ شحادة الفليطي بعد مرور 15 دقيقة فقط من خروجه من ثكنة فؤاد شهاب منذ أكثر من أربعِ سنوات، ولم يُكشف مصيرهُ حتّى الآن.

فأين وكيف اختفى الفليطي، ماذا يقول أهله، وماذا تقولُ المصادر المعنيّة؟

تروي إيمان عزّ الدين لـ"ليبانون ديبايت" قصّة زوجها المفقود. ففي تاريخ 17/9/2013 خرج الجنديّ شحادة ديب الفليطي - فوج التدخّل الأوّل، بعد أن أخذ مأذونيّة (48 ساعة) بسبب تواجد ابنه في المستشفى لأسبابٍ صحيّةٍ، في تمام الساعة الـ7:14 من مساءِ اليوم المذكور. 

تكلّم مع زوجته عبر تطبيق واتساب، أخبرها بأنّه استقلّ "الفان" ويتوجّه إلى المستشفى، ويحتاج لفترةِ ساعتين كي يصل إلى المستشفى، وبعد 15 دقيقة من تلك المحادثة، فقدت العائلة الاتّصال بابنها، الذي أُغلق هاتفه في تمام الساعة السابعة والنصف مساءً.

ومنذ تلك اللّحظة وحتّى الساعة، ما زالت الأخبار مقطوعةً عن الفليطي. حاولت العائلة اللّجوء للإعلام، للتظاهر، لوزارة الدفاع، لوزير العدل أشرف ريفي في ذلك الحين، ولأمين عام تيّار المستقبل أحمد الحريري... ولكن من دونِ جدوى، ومن دون الوصولِ لأيّ معلومة تُبرّدُ قلب زوجته، طفليه خضر (7 سنوات) ووائل (6 سنوات) وقلب والدته التي توفّيت بحسرةِ غيابه بعد عامٍ ونصف من اختفائه، بمرض السرطان، الذي لم تجد عائلة الفليطي سبيلاً لعلاجِها منه بعد توقيف راتب ابنها.

تؤكّد عز الدين أنّ المُؤسّسة العسكريّة جمّدت راتب زوجها عقب اختفائه، وهو التجميد الذي ترى فيه مصادر معنيّة بالملفّ أنّه حصل بسبب شكوكٍ دارت حول الفليطي، تُشير إلى احتمال انشقاقِهِ عن المؤسّسة العسكريّة والتحاقه بالمجموعات المسلّحة.

ترفض عائلة الفليطي هذه الفكرة، وتقول إنّه لا يمكن لمن خدم المؤسّسة العسكريّة عشر سنوات أن يُقدِم على الانشقاقِ عنها، وتلفت زوجته بأنّ هذا الاحتمال مُستبعد فـ"لم يكن شحادة ذو فكرٍ متعصّب وكان بعيداً عن السياسة والتطرّف، ولو أنّه انشقّ فعلاً عن الجيش لكان أعلن انشقاقه بفيديو مصوّر، أو كان على الأقل اتّصل بنا واطمأن عن أطفاله، إلّا أنّه لم يتّصل بنا من لحظةِ اختفائه".

تُشدّد عز الدين على أنّ ما من مصادر لا عسكريّة ولا سياسيّة ولا أمنيّة أخبرتهم بفرضيّة انشقاق الفليطي، وتُطالب المعنيين بـ"الكشفِ عن مصير الفليطي بعد 4 سنواتٍ من المعاناة والانتظار، مهما كانت سيناريوهات غيابه، سواء أكان مسجوناً، أم مستشهداً أم منشقّاً".

وتكشف مصادر مقرّبة من عائلة الفليطي أنّ شهود عيان أفادو يومها بأنّ الفليطي تمّ إنزاله من فان نقل الركّاب على الطريق الممتدّة بين السفارة الكويتية وغاليري سمعان، وتمّ أخذه بسيّارةٍ سوداء اللون زجاجها عازل للرؤية، ومن دون نمر، وأنّ هناك مصادر معنيّة أخبرتهم بعد فترةٍ من اختفائه أنّ الفليطي مُحتجز في وزارةِ الدفاع مع عسكريّين آخرين من عرسال تدور حولهم الشكوك، الأخبار التي تنفيها مصادر وزارة الدفاع.

إذاً، في عزّ الاهتراء الأمنيّ اختفى العسكريّ شحادة الفليطي، في منطقةٍ معروفةٍ أنّها أمنيّة بحكم الانفجارات التي طالتها في تلك الفترة. ولا بدّ أنّ كاميرات المراقبة التقطت وِجهة الفليطي يومها، والمطلوب اليوم من المعنيّين الكشف عن مصيره أيّاً كان. فمن حقّ عائلته معرفة ذلك... إن كان طيّباً لينتظروه، وإن كان ميّتاً ليحتضنوا جثّته، وإنّ كان منشقّاً ليتبرأوا منه ويطالبوا بمحاكمته.

 

 

ليبانون ديبايت