أعادَ الخِلاف تسليطَ الضوء على المجلس الأعلى السّوريّ اللّبنانيّ
 

"التّفاوض مع سورية".. مادّةٌ خلافيّةٌ جديدة دَسِمَة لإذكاءِ نارِ الخِلافاتِ اللّبنانيّة – اللّبنانيّة، فبينما يرفضُ فريقٌ لبنانيّ أيّ شكلٍ من أشكالِ "التّطبيعِ" مع النّظامِ السّوريّ، يُصرُّ الفريقُ الآخر على ضرورةِ التّفاوضِ لحلِّ الملفّاتِ العالقةِ بين البلدين.

أعادَ هذا الخِلاف المُرتبط بالعلاقاتِ بين سورية ولبنان، تسليط الضّوءَ على المجلس الأعلى السّوريّ اللّبنانيّ الّذي أُنشِئ عقب الحربِ الأهليّة اللّبنانيّة في إطارِ توقيعِ "مُعاهدةِ الأخوّة والتّعاون والتّنسيق" بين البلدين في عام 1991، وأُوكِلَت إليهِ مهام إدارة الملفّ اللّبنانيّ السّوريّ. وراحَ يسألُ البعض لماذا لا تُوكل مهمّة التّفاوض مع سورية لهذا المجلس لإخراج الحكومةِ اللّبنانيّة من خندقِ الحرج.

وهو المجلسُ المعروف عنه، أنّه مُتوقّف عن العملِ فعليّاً لا قانونيّاً، من ساعةِ تبادلِ السّفراء الدّبلوماسيّينَ في البلدين.

يُؤكّدُ الكاتبُ والمُحلِّل السّياسيّ راجح خوري في حديثٍ لـ"ليبانون ديبايت" أنّ الكلامَ عن إعادةِ إحياء هذا المجلس ليس لصالحِ لبنان، فـ"بالشكلِ المجلس اسمه المجلس الأعلى السّوريّ اللّبنانيّ، بينما في المضمونِ فيسمّى هذا المجلس فعليّاً بالمجلس الأعلى السّوريّ". على اعتبارِ أنّ هذا المجلس أُنشِئ في زمنِ الوِصايةِ السّوريّة على لُبنان، ووظيفتهُ السّياسيّة لم تكن يوماً لصالحِ لُبنان.

ورأى خوري أنّ على الطّرف اللّبنانيّ "المُستعجل" على التّفاوضِ مع سوريا بشكلِها الحاليّ، تحت حجّة الملفّات العالقة، عليه أن يتروّى قليلاً ريثما تتوضّح الصّورة التي سيكونُ عليها مُستقبل سوريا عقب الحلّ السّياسيّ الّذي تتحدّث عنه الدّول الكبرى. لأنّ رسم العلاقات مع سورية قبل معرفةِ خارطة مُستقبلها له أن يُهدّد العلاقات اللّاحقة بين البلدين عقب انتهاء الأزمة.

ووضع الانقسام الحاصل في الحكومة اللّبنانيّة في إطارِ الصّراعِ السّياسيّ الدّاخليّ، "علماً أنّ التّفاهمَ الدّاخليّ أهمّ بكثيرٍ من العلاقاتِ مع الدّول الأخرى". ولفتَ إلى أنّ كلّ القضايا التي يُقَالُ عنها مُلحّة يمكن تعليقها، وما يُحكَى عن ضرورةِ التّبادلِ التّجاريّ "ليس بدقيقٍ فالحدودُ مفتوحةً، وأبوابُ التّهريبِ مفتوحةً على مِصرعيها".

بينما يرفض الأمين العام للمجلسِ الأعلى السّوريّ اللّبنانيّ نصري خوري، ما يُحكى عن حالةِ الموتِ السّريريّ للمجلس، ويُؤكّد أنّ "طِوالَ هذهِ الفترة لم تتوقّف الأمانة العامّة عن القِيامِ بالمهامِ المُلقاة على عَاتِقِهَا، ولكن بصمت، وهي تُتابع معظم المواضيع العالقة رسميّاً مع الدّولتين عن طريقِ إمّا اجتماع اللّجانِ الفنيّة المُشتركة أو اجتماعات وزاريّة إن أمكن، لمعالجة المُوضوعاتِ المُلحّة المُتعلّقة بالموضوعاتِ الاجتماعيّة والاقتصاديّة والزّراعيّة التي تُطرَحُ من قِبَلِ أحد البلدين لمتابعتِها ومعالجتها".

ويُشدّدُ على أنّ هناك اجتماعاتٍ عديدةٍ عُقدت في المراحل السّابقة لأكثر من لجنة على مستوى مُدراء عامّين ومعاوني وزراء في سورية ولبنان في مُختلفِ القِطاعات. و"حتّى إنّ الزّيارات الّتي قامَ بها بعض الوزراء لسورية مؤخّراً، هي بالتنسيقِ مع الأمانةِ العامّة"، وينفي أمينُ عام المجلس الأعلى السّوريّ اللّبنانيّ ما يُقالُ عن أنّ قرارات المجلس لم تكن يوماً لصالحِ لُبنان، ويصفُها بالكلامِ السّياسيّ، كون القرارات "كانت وما تزال تُؤخَذُ بالتّوافق".

إذاً، ونحن نبحثُ عن مخرجٍ للحكومةِ اللّبنانيّة لتفادي الحرجِ الحاصل، وبالتالي تقليص الهوة بين الأطرافِ المُتعارِضَة، اصطدمنا بمادّةٍ يبدو أنّها مادّة أيضاً للجِدَال وباباً للاختلافِ والخِلاف بين اللّبنانيّين، الذين يبدو أنّهم اتّفقوا على ألّا يتّفقوا أبداً.

وعَلِمَ "ليبانون ديبايت" أنّ وفداً وزاريّاً يتحضّرُ لزيارةِ سورية في الأيّام المُقبلة، للبحثِ في ملفّ التّبادلِ التّجاريّ، الأمرُ الّذي له أن يُعيدَ استئناف حدّةِ الخِلاف الحكومي من جديد.

 


 ليبانون ديبايت