لاحظتْ أوساط عبر "الراي" الكويتية أنه في ما خص معركة الجرود وصفقة "حزب الله" مع "داعش"، فإن هذا الملف له وجهان واحد داخلي وآخر خارجي:

في الشقّ الداخلي، برزتْ الخطوة الاحتوائية لرئيس الحكومة سعد الحريري الذي أكد انه هو ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون سمحا بانتقال مسلّحي "داعش" من المقلب اللبناني الى المقلب السوري بعدما فرَض هجوم الجيش اللبناني على التنظيم الإرهابي إبداءه الاستعداد لكشف مصير العسكريين التسعة الأسْرى لديه (منذ 2014) "ولكن نقلهم بالحافلات الى شرق سوريا كان بقرار من "حزب الله" والسوريين".

وفي مقابل خطوة الحريري، كانت دعوة عون لإجراء التحقيقات الضرورية لتحديد المسؤوليات في ملف خطْف العسكريين إبان أحداث عرسال 2014 ومآل مصيرهم . وقد أثارت هذه الدعوة مخاوف من إمكان أن تتحوّل منصة "لتصفية حسابات سياسية" بـ "مفعولٍ رجعي" مع خصومٍ لـ "حزب الله" ولـ "التيار الوطني الحر"، وسط مطالباتٍ متصاعدة بأن يتوسّع التحقيق ليَشمل تشكيل "حزب الله" وحلفائه "جبهة رفْض" لأيّ تفاوُض مع "داعش" لمبادلة العسكريين قبل أن يُقتلوا، وصولاً الى الصفقة التي أبرمها الحزب مع قتَلة الجنود وأثارتْ امتعاض أهالي العسكريين وناشطين وأطراف سياسيين عدة، لا سيما بعد البيان الذي أصدره الحزب وتضمّن تعاطُفاً مع الإرهابيين وعائلاتهم على خلفية عرْقلة التحالف الدولي طريق القافلة التي تقلّهم في اتجاه الحدود السورية - العراقية، وهو الأمر الذي قابَله "حزب الله" بهجومٍ دفاعي تصاعُدي ركّز على تحميل المسؤولية لمَن لم يعطِ الأوامر للجيش بعد أسْر العسكريين "بأن يندفع على الفور وراء الآسِرين".

وفي الشقّ الخارجي من هذا الملفّ، تَبرز نقطتان متداخلتان. الأولى "إطلاق النار" السياسي من "حزب الله" ضدّ التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب وتحديداً الولايات المتحدة لقطْعها الطريق على الحافلة، في خطوةٍ اعتُبرت بمثابة "تصويبٍ" غير مباشر من الحزب على ملامح "الغضبة" العراقية بوجه الصفقة مع "داعش" والتي شكّلتْ معطى بالغ الأهمية ذات ارتدادات على وحدة الموقف العراقي الموالي لإيران وتالياً على تَماسُك "هلال النفوذ" الإيراني في المنطقة.

والنقطة الثانية وضْع إيران عرْقلة طريق قافلة "داعش" في خانة رغبة الأميركيين "في التأثير سلباً على انتصار الحكومة اللبنانية و"حزب الله" في المعركة ضدّ الإرهاب.

وأثارت هذه القراءة الإيرانية التي عبّر عنها الناطق باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي قلقاً لدى أوساط سياسية في بيروت من أن تكون طهران التي باغتتْها التحولات المفاجئة في العراق، كما ظهورُها بمَظهر العاجز عن ضمانِ تنفيذ صفقةٍ حدودها "أرض سوريّة إلى أرض سوريّة"، تتّجه إلى تكريس نفوذها في لبنان و"سورية المفيدة" عبر الضغط على لبنان الرسمي للتطبيع مع نظام الأسد من خلال حملة متدحْرجة يقودها "حزب الله".

 

 

 

(الراي الكويتية)