قال لي صديقي أن الدعوة إلى بناء دولة كدولة الإمام علي مستحيلة وشيئا خياليا...
 

 لأنك يا شيخ تدعو بكتاباتك دوما لإقامة دولة العدالة بصورة الدولة التي أقامها الإمام علي ( ع ) يا شيخ أنت تدعو لفعل أمر مستحيل إنجازه وكل إنسان يفكر بالمستحيل فهو مخلوق خيالي لا طبيعي ولا يصح الإقتداء به .
قلت له : " لماذا ترى الأمر مستحيلاً ؟"
قال :"  أولاً  لا يمكن أن نبني دولة في عصرنا الحديث من دون أن يكون في صندوقها موازنة مالية دائماً ولا يصح صرفها بالكامل كل يوم كما كان يفعل الإمام علي ( ع ) حيث كان يوميا ينفق على الناس المحتاجين كل ما في بيت مال المسلمين .

إقرأ أيضا : أيها الإسلاميون ... لذلك لا أؤمن بدولتكم !
ثانيا : ولا يمكن أن نبني دولة في عصرنا الحديث من دون أن ترتبط هذه الدولة بشبكة البنوك الربوية التي يُحَرِّم الإمام علي ( ع ) الإرتباط بها  بناء لأمر الشريعة .
ثالثا : لا يمكن بناء دولة اليوم في عصرنا الحديث من دون مؤسسات إدارية وأنظمة وقوانين ودستور لم تكن في عهد دولة الإمام علي ( ع ).
رابعاً : ولا يمكن بناء دولة في عصرنا الحديث من دون إنتخابات عامة يحق لكل فرد بالغ راشد أن ينتخب وأن يترشح لأي منصب بالدولة في وقت كانت الإنتخابات في عهد الإمام علي ( ع ) تقتصر على المبايعة من رؤوس العشائر وأعيان القبائل فكان الحكم حكما قبليا عشائريا في حقيقة الواقع .
إذن ياشيخ أنت بدعوتك هذه تشبه السلفيين السنة الذين يريدون إستنساخ دولة النبي ( ص ) ودولة الخلفاء يريدون إعادتنا إلى القرون الوسطى فما هكذا الظن بك ياشيخ الإعتدال والتنور والحداثة !"

إقرأ أيضا : لماذا خلقنا الله ؟
قلت له :
" أولا : كلامك سليم وصحيح لا غبار عليه ويدخل إلى العقل كما تدخل السكين في الزبدة.
ثانيا : ومن قال لك بأنني أؤمن باستنساخ صورة الدولة التي أقامها النبي ص والخلفاء ؟! 
ومن قال لك بأنني أؤمن بأن الدولة فكرة دينية لا إنسانية بشرية ؟!
ومن قال لك أنني لا أؤمن بضرورة الدولة العصرية الحديثة دولة القانون والدستور والأنظمة والمؤسسات كما أؤمن بضرورة الماء والهواء تماماً ؟!
بالتأكيد أنك تفهم كتاباتي فهما غير صحيح فيا صديقي أنا أؤمن بضرورة الماء والهواء وبنفس الحجم أؤمن بضرورة إقامة الدولة العصرية الحديثة دولة المواطنة والدستور والقوانين والمؤسسات الإدارية لكنني في الوقت نفسه أؤمن بأن سيرة النبي ( ص ) وسيرة الإمام علي ( ع ) سيرتهما صالحة لكي نقتدي بها بمبادئ مارسوها هي من أعظم المبادئ التي تساهم في بناء الدولة العادلة هي أنبل وأشرف المبادئ التي تنبع منها الدولة العادلة .
أولاً : كمبدأ يحرم شرعاً الإعتقالات الإحترازية .
ثانيا : كمبدأ يحرم شرعاً فرض الإقامة الجبرية .
ثالثا : كمبدأ يحرم شرعاً التعذيب الجسدي للمعتقل مهما كانت تهمته ولو كان صدره خزان معلومات .

إقرأ أيضا : اختلاف علماء الدين رحمة أم نقمة ؟
رابعاً : كمبدأ حرام شرعا الإغتيال وكل إغتيال غدر وكل غادر له لواء يُعَرف به يوم القيامة يقوده لجهنم .
خامساً : كمبدأ حرام شرعاً الحرب الإستباقية لغزو الشعوب لمصادرة أموالها واستعباد أبنائها .
سادساً : كمبدأ حرام شرعاً تجويع المعارض السياسي للحاكم .
سابعاً : كمبدأ حرام شرعا قتل الأسير وواجبنا مع الأسير أن نمن عليه بالحرية قربة إلى الله أو نطلق سراحه مقابل فدية مالية قال الله { إما مَنَّا وإما فداء } .
ثامنا : كمبدأ لا شرعية لأي حاكم إن لم يبايعه المجتمع بحرية بملء إرادته واختياره 
من دون تهديد ولا وعيد ولا خوف ولا إكراه وإلا كان حاكما طاغوتاً .
واليوم حلت الإنتخابات محل المبايعة حيث يحق لكل بالغ راشد أن يشارك في اختيار من يمثله في السلطة السياسية والتشريعية وهذا أمر بديهي لا يناقش فيه إلا عديم المعرفة سلفي التفكير سواء كان شيعيا أم سنيا .
ثامناً : كمبدأ يجب أن يخضع الحاكم  للإنتقاد والإعتراض عليه جهراً وعلانية ً بكل الوسائل مهما كان شأنه بالتقوى والعلم من دون أن يتعرض المعارض السياسي لأي نوع من أنواع التهديد والتعذيب والإعتقال والنفي والإقامة الجبرية والأذى الجسدي والمعنوي ."
قال لي صديقي: " إذن لست مختلفا معك بأي مبدأ من هذه المبادئ العظيمة."