أصبحت وزارة الاتّصالات ساحةً مُناسبةً لتنفيذِ الصّفقات
 

ما زال قطاع الاتّصالات يشهد فوضى عارمة، غسلَ المعنيّون أيديهم مِنها، وكأنّهم مِنها براء. فرفع الباعة أسعار بِطاقات التّشريج المُسبقة الدّفع مِن دونِ سابق إنذار، وراح اللّبنانيّ الذي يدفع أغلى فاتورة اتّصالات في العالم مُقابل أسوأ خدمة يتخبّط مع زياداتٍ ما كانت "لا عالبال ولا عالخاطر".

تراوحت الزّيادات بين 3 و5 آلاف ليرة على البطاقة الواحدة من أيّ فئةٍ كانت، وهي الزّيادات التي تبرّأت منها الشّركات المُشغّلة وأعلنت أنّها لم ترفع الأسعار واضعةً المسؤوليّة على أصحاب المحالّ التّجاريّة. بينما أعلن وزير الاتّصالات جمال الجراح في بيانٍ له أنّ السّعر الرسميّ للبطاقات هو "3.30$ + 22.50$ = 25.80$" وأكّد أنّ هذا "التّلاعب واستغلال المواطنين" سبق صدور قانون السّلسلة التي فرضت مبلغ 2500 ل.ل. ما يعني أنّ هذه الزّيادات حاصلة لا محالة، وبالتالي يعني قوننة التّلاعب والاستغلال الحاصل اليوم. ولفت الجراح إلى أنّه بصددِ الاجتماع مع الشّركات المُشغّلة لدراسةِ إمكانيّة تخفيض الضّريبة إلى 1000 ليرة بدلاً من 2500 ليرة لبنانيّة.

وفي اتّصالٍ مع نائبة جمعية حماية المستهلك ندى نعمة، أكّدت أنّ الجمعيّة خارج هذه المُعادلة، وهي تقفُ مكبّلة اليدين على اعتبارِ أنّ الإجراءات الضريبيّة شَمِلَت بطاقات التشريجِ المُسبقة الدّفع، أمّا الفوضى الحاصلة قبل صدور القانون كما أكّد الوزير، فلا يمكن وضع حدّ لَها إلّا عبر نزولِ وزارة الاقتصاد إلى الشّارع لمكافحةِ ارتفاع الأسعار ومُعاقبة المُخالفين، وعبر إعلان الشّركات المُشغلة عن أسعارها بشكلٍ واضح. وأشارت نعمة في حديثها لـ"ليبانون ديبايت" أنّ سيلَ الشّكاوَى على ارتفاعِ أسعارِ بطاقات التّشريج لم يهدأ منذ أكثر من خمسةِ أيام.

إلّا أنّ هذا الغلاء المُفاجئ وتبرّع الجراح بمحاولةِ تخفيضِ الضّريبة المُقرّرة بعد موافقته عليها بمجلسِ النوّاب، يُعيدُ تقليب الصّفحات ليسلّط الضّوء على شركةٍ تَردّد اسمها منذ أشهرٍ في قطاعِ الاتّصالات لا سيّما بطاقات التّشريج المُسبقة الدّفع.

فمنذ تسلّم الوزير الجراح لوزارةِ الاتّصالات بدأ الحديث عن إعادةِ ترتيبِ قِطاع الاتّصالات، وضمن هذا التّرتيب تقع أسعار وطرقِ توزيعِ بطاقات التّشريج، وهي البطاقات التي كانت تُوزّع من قِبَلِ وكلاء مُعتمَدين من الشّركاتِ المُشغّلة، يبيعون هذه البطاقات للتّجار الكِبار والذين يصرفونها إلى أصحاب المحالّ التّجاريّة. ليتحوّل من بعدِ هذهِ الدّورة التّجاريّة الطّويلة سعر البطاقة المُقدّر بـ34,095 ل.ل (من دونِ احتسابِ كلفة الضّريبة على القيمةِ المُضافة) إلى 39,000 ل.ل.

وزارة الاتّصالات الجديدة وبحكمِ التّسوية السّياسيّة الأخيرة التي شَمِلَت رئاستي الجمهوريّة والحكومة، أصبحت ساحةً لتنفيذِ الصّفقات المُشتركة على غِرار غيرها من القِطاعات. ويُردّد في أروقةِ هذا القِطاع وزواريبه أنّ التّحالف بين تيّاري الرئاسة (التّيار الوطنيّ الحرّ وتيّار المستقبل) أسس محسوبون عليه شركةً تُسمّى "كانترا" (محسوبة على أحدِ قُطبي التّسوية، الذي يرى فريِقه في قِطاع الاتّصالات بيئة مُناسبة لجني الأموال)، ومُنِحَت الحقّ الحصريّ بتوزيعِ البطاقات مُسبقة الدّفع بدل الوكلاء.

وهي الشّركة نفسها التي خلق تسلّمها لعملِها بدايةَ العام الجاري بلبلةً في أوساطِ الوكلاء الذين بلّغتهم الشّركات المُشغّلة باستلامِ الشّركة لمهامهِم، وعاد وسُحِبَ اسم الشّركة من التّداول في العَلن و"استمرّ عملها في الظلّ عبر اتّفاقيّة بينها وبين الوكلاء على اعتبار أنّها لا يمكن أنّ تأخذ الحقّ الحصريّ للتوزيع من دونِ إجراءِ مُناقصةٍ قانونيّةٍ". كما يُؤكّد مصدر مُتابع لـ"ليبانون ديبايت".

ويتخوّف المصدر من أن تكون سلسلةِ الرُّتب والرّواتب والضّرائب، ذريعةً لرفعِ سعر البطاقات من خلالِ رمي بعض القنابل الدّخانيّة التي تفلت يد شركة "كانترا" في قطاعِ الاتّصالات، وتُمهّد بالتالي لاستلامِ مَهامها في الضّوء. ويسأل المصدر إن كان ما يرمي إليه وزير الاتّصالات عبر تخفيضِ الضّريبة من 2,500 إلى 1000 ليرة بعد موافقته المُسبقة هو وفريقه السّياسيّ على هذه الضريبة، هو بابٌ لإظهارِ "كانترا" كمنقذٍ له أن يستلمَ سوق البطاقات المُسبقة الدّفع ويقلّص الضّريبة من 2500 إلى 1000 ليرة وبالتالي يُخلّصُ المُواطن من 1500 ل.ل زيادة.

 

 

ليبانون ديبايت