أزمة ثقة بين حزب الله وبين الشعب العراقي وحكومته

 

المستقبل :

هو النصر المبين لا يخبو نجمه مهما حاولوا طمس وجهه الشرعي وتخاطفوا وهجه الوطني لحسابات حزبية وإقليمية وفئوية. نصر ليس كمثله نصر، تحرير عزّ له مثيل، بثلاثية «الشرف والتضحية والوفاء» فقط تحقق لا فضل فيه إلا للجيش اللبناني ولو كره الكارهون. من «أمر اليوم» المجيد أمس بزغ «فجر الجرود» ومن القائد الأعلى للقوات المسلحة جاء إعلان «الانتصار على الإرهاب» بالسلاح الشرعي، وبحمى الشرعية وحدها يبزغ «فجر.. الدولة» القوية القادرة حيث لا دويلات مصطنعة ولا معادلات مبتدعة «مثنى وثلاث ورباع» تستطيع أن تحل محلها في الذود عن سيادة الوطن وتحرير أراضيه.. وما مشهد الورد والأرز المتناثر من قاع البقاع إلى بحنين الشمال وزغاريد النسوة وأهازيج الكبار والصغار تهليلاً بقوافل آليات الجيش اللبناني وجنوده العائدين منتصرين من أرض المعركة، سوى عبرة لمن يعتبر.

ولمناسبة انتهاء عملية «فجر الجرود» وانتصار الجيش الحاسم على الإرهاب، وجّه قائد الجيش العماد جوزيف عون أمس «أمر اليوم» إلى العسكريين ليؤكد عودة «هذه المنطقة العزيزة إلى كنف السيادة»، وليقول لهم: «إنّ هذا الإنجاز الباهر في مسيرة 

الجيش الذي صنعتموه بكفاءتكم القتالية وبروح البطولة والشجاعة التي رافقت خطواتكم في الميدان، قد طوى مرحلة أليمة من حياتنا الوطنية».. وبانتصارهم هذا «أصبحت الثقة بالوطن أكثر جلاءً وبات الأمل بالانفراج الواسع أكثر وضوحاً».

ومن اليرزة إلى بعبدا، انتقلت فاعليات النصر ليتوّجها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بإطلالة على اللبنانيين ليزف إليهم «انتصار لبنان على الإرهاب» داعياً إياهم إلى «أن يفاخروا بجيشهم وقواهم الأمنية»، متوجهاً بالتهنئة إلى قيادة الجيش والعسكريين «صانعي هذا النصر». وأضاف مخاطباً «اللبنانيين والعالم» بفخر واعتزاز القائد الأعلى للقوات المسلحة: «لبنان انتصر على الإرهاب وكان نصره كبيراً ومشرفاً، هذه البقعة (الحدودية) التي كانت بؤرة للإرهاب ومنطلقاً للعمليات الانتحارية عادت إلى حضن الوطن بفضل الجيش اللبناني الذي أثبت في هذه المعركة النظيفة أنه الجيش القوي، الجيش الوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من أرضنا، وتميّز بمستوى قتال مهني لفت أنظار العالم»، داعياً المواطنين إلى ألا يسمحوا لأجواء «التشنجات السياسية والتجاذبات التي سادت في الأيام الأخيرة» أن تنسيهم إنجاز الانتصار الذي حققه جيشهم.

ثم ألقى قائد الجيش من منبر القصر الجمهوري كلمة استعرض فيها مسار العملية العسكرية ومراحلها منذ فجر 19 الجاري وحتى انتهاء «فجر الجرود» أمس، مشيراً إلى أنّ المعركة بدأت بمرحلة تحضيرية شملت تضييق الخناق على المسلحين قبل أن تنطلق «الساعة صفر» بمراحلها الثلاث ميدانياً «فكان الإرهابيون في وجهنا إما أن يُقتلوا وإما أن يفروا باتجاه الأراضي السورية»، ليحين موعد بدء المرحلة الرابعة والأخيرة من المعركة التي كان مخططاً لانطلاقها عند الساعة السابعة من صباح يوم الأحد الفائت من خربة داوود إلى وادي مرطبيا، غير أنّ اتصال المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم بقائد الجيش لإعلامه بموافقة الإرهابيين على شرط كشف مصير العسكريين المخطوفين دفع بالمؤسسة العسكرية إلى وقف العمليات حرصاً على جلاء الحقيقة في هذه القضية وانطلاقاً من تفضيل «ربح المعركة من دون خوضها». وإذ أكد تحقيق هدف تحرير الأرض من الإرهابيين بانتظار نتائج فحوص الحمض النووي لإعلان تحقيق الهدف الثاني من المعركة، ختم عون قائلاً: «أعلن انتهاء العمليات العسكرية (...) حقق الجيش الانتصار وبزغ فجر الجرود».

في الغضون، وبينما لفتت الانتباه أمس الأنباء الصحافية التي تحدثت عن اتجاه الولايات المتحدة الأميركية إلى قطع علاقاتها العسكرية بلبنان، جاء خبر اتصال قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل مساءً بقائد الجيش اللبناني لتهنئته على نجاح عملية «فجر الجرود» ليقطع الشك باليقين دحضاً لهذه الأنباء المغلوطة، سيما وأنّ فوتيل نوّه بأداء الوحدات العسكرية اللبنانية في هذه العملية مؤكداً للعماد عون «استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني بالأسلحة والعتاد لتطوير قدراته وتعزيز مهماته».

وتزامناً، كانت مصادر عسكرية قد كشفت لـ«المستقبل» أنّ المسؤولين في اليرزة تلقوا صباح أمس مع بدء شيوع الأنباء عن قطع العلاقات العسكرية الأميركية بلبنان اتصالاً من السفارة الأميركية في بيروت نفى خلاله المعنيون في السفارة هذه الأنباء نفياً قاطعاً، مؤكدين استمرار الدعم العسكري للجيش اللبناني. لتعود قناة «الحرة» الأميركية ليلاً إلى نقل تصريح رسمي عن مسؤول في الخارجية الأميركية ينفي فيه جملة وتفصيلاً التقارير التي تحدثت عن أن الولايات المتحدة اتخذت قراراً بوقف الدعم العسكري للبنان واسترجاع خمسين دبابة حديثة سلمت للقوات المسلحة اللبنانية مؤخراً، قائلاً: «اطلعنا على هذه التقارير وهي ليست صحيحة على الإطلاق»، وأردف: «الجيش اللبناني يدافع بنجاح عن حدود لبنان ويقاتل «داعش» ومتطرفين آخرين على الجبهات وهو المدافع الشرعي الوحيد عن سيادة لبنان وأمنه واستقراره»، مضيفاً: «الجيش اللبناني شريك قيّم في القتال ضد «داعش» ونؤكد استمرار تلتزام الولايات المتحدة بتعزيز قدراته عبر تقديم التدريب والمعدات التي يحتاجها لتعزيز قدرته على حماية لبنان والحفاظ على استقراره»، وختم المسؤول الأميركي: «نصفق لعزم الجيش اللبناني على مواجهة المتطرفين وسنستمر بدعم جهوده في محاربة هذا التهديد المشترك وحماية الشعب اللبناني».

 

الديار :

يوم الوفاء للامام السيد موسى الصدر ونهجه تحول امس في ذكرى تغييبه الى استفتاء شعبي بكل معنى الكلمة للرئيس نبيه بري وحركة «امل»، فاحتشد عشرات الآلاف في ساحة الاحتفال والطرق المؤدية اليها، وتقاطرت الوفود الشعبية من مختلف المناطق لا سيما الجنوب والبقاع الى الضاحية الجنوبية التي خصصت هذا العام لتكون ساحة للذكرى.
والى جانب هذا الحشد الشعبي الضخم، برز الحضور الرسمي والسياسي الشامل والجامع رغم التجاذبات والسجالات الاخيرة التي دفعت الرئيس بري الى عنونة خطابه الشامل بالدعوة الى الوحدة والاحتفال بالانتصار على الارهاب بفضل الجيش والمقاومة.
ولم يترك الرئيس بري صغيرة او كبيرة الا وتطرق اليها اكان على الصعيد الوطني او الداخلي ام على الصعيد الاقليمي والدولي، فكان خطابه مجموعة في قالب واحد عنوانه لبنان واللبنانيين جميعاً.
ولان المناسبة بحجم الوطن بدأ الرئيس بري خطابه بالكلام عن الامام الصدروقضيته، مجددا العهد والوعد بانه سيبقى اول اولوياتنا في ضمان حق الحرية له ولرفيقيه واعلن انه يدرس مع عائلة الامام ولجنة المتابعة خطوات ترتبط بالقانون الدولي والمنظمات ذات الصلة وفق معيار مصلحة القضية والحفاظ على ثوابتها واولها ان الإمام ورفيقيه احياء يجب تحريرهم.
وفي خطابه الشامل حدد الرئيس بري البوصلة للعناوين الاساسية، ووجه رسائل باتجاهات عدة، مؤكداً اننا في مركب واحد ننجوا معاً ونغرق معاً».
ووضع الاصبع على الجرح داعياً الى وقف ما يحصل ومتسائلاً «ماذا يحصل الان؟ بدلا من ان نكون في عرس وطني قامت به المقاومة والجيش يحاولون التنصل حتى من النصر».
ورد على منتقدي تفاوض المقاومة الذي ادى الى تحرير الجرود من الارهابيين، مؤكداً بان المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الذي قام بالتفاوض لم يخطُ خطوة على الاطلاق الا بعد ان ابلغ سلفا بمجرد ان اخذ علما من الاخوة في المقاومة بالموضوع، واعطى علما بذلك لفخامة رئيس الجهمورية ودولة رئيس الحكومة».
وقال «ان ما حصل هو بفضل الجيش والمقاومة فلماذا لا نريده»؟
ودعا الجميع «الى وقف اختبارات القوة والسير على حافة السكين وسياسة عض الاصابع والسياسات الشعبوية والرهان على اخضاع الآخرين، وحكم لبنان بفئوية سياسية، فنحن جميعا في مركب واحد ننجوا معا او نغرق معاَ، ومعنيون بترسيخ وحدتنا وتوحيد طاقاتنا واحترام الدستور وقيام الدولة وادوارها».
وسأل: «علام نختلف؟ على اننا انتصرنا؟ الجميع يعرف البئر وغطائه. كفى مزايدة هؤلاء الشهداء في الجيش والمقاومة استشهدوا من اجلنا جميعا فلنرتفع الى مستوى شهادتهم».
ورفض تحميل المسؤولية للرئيس تمام سلام والحكومة او للعماد جان قهوجي، وقال هذا مضحك للغاية، وشر البلية ما يضحك، الحكومة السابقة هي نفسها الحكومة الحالية ما عدا «واحد حط وواحد نط» نفس المكونات موجودة في الحكومتين، والفرق الكتائب نطت والقوات جاءت.. كلها اعذار لكي لا يقال اننا انتصرنا».
واكد بشكل حاسم قائلاً: انه الانتصار الثاني، الانتصار الثاني ونص كمان، فنلحتفل جميعا يدا واحدة وكتف على كتف: خط عرسال العربي والوطني انتصر على الارهاب بفضل الجيش والمقاومة فلماذا لا نحتفل».
وحرص الرئيس بري على تهنئة لبنان شعباً وجيشاً ومقاومة بتحرير الجرود الشرقية من الارهاب، مذكراً ايضاً بتحرير جرود القلمون بالتعاون مع الجيش السوري وقبلها تحرير مناطق القصير، كما حيا القوى الامنية الساهرة على امن المواطن من خلال العملية المستمرة لمكافحة الارهاب وخلاياه.
وشدد على العلاقة بين لبنان وسوريا، داعيا للانتباه الى «ان كلا البلدين هو حاجة استراتيجية وبشرية للاخر، عدا عن ان سوريا تشكل العمق العربي والجغرافي والمنفذ البري الوحيد للبنان... نحتاج معها لمصلحة الى بناء شراكة كما مع مصر وكذلك التنسيق مع دول الجوار في ما يتعلق بالنفط والغاز، وتأكيد ترسيم الحدود البحرية مع العدو الاسرائيلي».
وقال «كما شكرنا الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا على مساعدتها، فانه من باب اولى ان ننسق خرائط العمليات الامنية والعسكرية بين لبنان وسوريا بما مكننا من هزيمة الارهاب وتجفيف مصادره وتنظيف المناطق الحدودية...».
واضاف: «ان اسلوب دفن الرأس بالرمل او التراب في العلاقة مع سوريا هو استمرار لمحاولة استغباء الرأي العام بينما ينخرط جميع المسؤولين كسماسرة او مقاولين في شركات اعادة اعمار سوريا، وهم الذين كانوا قد تخلوا عن المقاومين في الحرب على الارهاب والعدوانية عبر كل جهات الحدود».
ودعا الرئيس بري الى المشاركة اليوم في احتفال النصر في بعلبك في الساحة التي دعا اليها السيد حسن نصرالله، وهي ساحة القسم ايضا لحركة المحرومين.
وقال ان الانتصار على الارهاب يستدعي بناء ثقافة الاعتدال على قاعدة بيان الازهر الشريف ودعوة المرجع الاكبر الإمام السيستاني.
وتطرق الى الشؤون الداخلية والمعيشية فقال «ان سلسلة الرتب والرواتب ليست منّة من احد بل هي حق لمستحقيها»، منبهاً من ابتلاعها عن طريق زيادة الاسعار والاقساط المدرسية، وداعيا الحكومة الى ان تحاسب وتراقب.
وجدد التأكيد على تعزيز دور الهيئات الرقابية ورفع اليد عن القضاء.
ودعا الى سياسة اليد الممدودة بين ايران والدول العربية وخصوصاً السعودية ودول الخليج، قائلاً «اليس ذلك أقل كلفة واكبر رصيدا من المناكفات والحروب المجانية؟».

 

الجمهورية :

أعلنَ لبنان رسمياً الانتصارَ على الإرهاب، وسيحفر يوم 30 آب 2017 في الوجدان اللبناني علامة مضيئة لا تُنسى. وجاء الإعلان من على المنصّة الرئاسية التي أطلّت على مشهد لبناني جديد انطوَت فيه صفحة إرهاب الجرود، وقاربَته كصفحة جديدة تضع اللبنانيين أمام امتحان مدّها بكلّ عناصر التحصين الداخلي. في وقتٍ يتحضّر لبنان للمشاركة في عرس الشهادة الكبير الذي سيقام للعسكريين الشهداء، بعدما اقترَب الحسم النهائي لنتائج فحوص الـDNA. وإذا كان لهذا الانتصار صداه الإيجابي داخلياً فإنّه شكّلَ فرصةً جديدة لجلاء الصورة، سواء حول عملية «فجر الجرود» أو علاقات لبنان الخارجية، التي تصدّرَها تقدير المجتمع الدولي وفي مقدّمته الولايات المتحدة الاميركية، لانتصار الجيش والتهنئة التي تلقّاها لبنان على كلّ مستوياته الرسمية. وفي هذه الأجواء، تبنّى مجلس الامن الدولي بالإجماع قراراً بتمديد مهمة «اليونيفيل» لمدة عام، وذلك بعد خلافات مع واشنطن التي كانت تريد تعزيز المهمة بشكل جوهري. ودارت نقاشات محتدمة حتى لحظة التصويت على القرار لتقريب وجهات النظر بين الاميركيين والأوروبيين، خصوصاً بزعامة فرنسا وايطاليا، المساهمتين الكبريين في هذه القوة.

في هذا الوقت إستمرّ التصعيد الاميركي ضدّ «حزب الله»، وقالت السفيرة الاميركية في الامم المتحدة نيكي هايلي بعد التصويت أن «غيوم الحرب تتراكم في جنوب لبنان والقرار يطلب من اليونيفيل مضاعفة الجهود حتى لا يكون هناك من أسلحة وارهابيين في هذه المنطقة»، لافتةً الى أنّ «الوضع يبقى بمنتهى الصعوبة في جنوب لبنان وخصوصاً مع تكدّس سلاح خارج عن سيطرة الحكومة اللبنانية».

وشددت على أن «الولايات المتحدة لن تبقى مكتوفة الأيدي بينما يعزز «حزب الله» نفسه استعداداً للحرب».

من جهتهما، أكدت فرنسا وإيطاليا أن ولاية اليونيفيل حافظت على جوهرها رغم إدخال تعديلات على لهجة نص القرار بطلب من واشنطن.
وجاء في إحدى فقرات نص القرار الذي تم تبنيه أنه سيُطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس النظر في سبل تعزيز جهود اليونيفيل في ولايتها وقدراتها الحالية.

الانتصار

الى ذلك، تَبادلَ لبنان التهاني بالانتصار، وشدَّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على يد الجيش وحدّد أولوية تلاقي اللبنانيين في هذه المرحلة. وكذلك فعَل رئيس مجلس النواب نبيه بري في احتفال ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر، فنظرَ بعين التقدير إلى الجبهتين في الجرود اللبنانية، متوجّهاً بالتحية المزدوجة الى تضحيات العسكريين وكذلك المقاومين، مؤكّداً في الوقت ذاته على العلاقة اللبنانية ـ السورية.

فيما حدّد قائد الجيش العماد جوزف عون للعسكريين في «أمر اليوم» أولويات ما بعد «الإنجاز الباهر الذي حقّقتموه والذي طوى مرحلةً أليمة من حياتنا الوطنية، كان يَجثم فيها الإرهاب على جزءٍ غالٍ من ترابنا الوطني».

وفي وقتٍ ينتظر لبنان إقامة يومٍ وطنيّ للعسكريين الشهداء، أنهى «حزب الله» استعداده لاحتفال اليوم في بعلبك، حيث سيلقي امينه العام السيد حسن نصرالله خطاباً، قال قياديّ في الحزب إنه «خطاب على مستوى الانتصار الكبير الذي تَحقّق، وعلى مستوى عيد التحرير الثاني، وانتصار محور على محور، والانتصار على الارهاب والتكفير في العراق وسوريا ولبنان». وأكّد أنه «سيضع الانتصار في سياق الصراع مع العدوّ الاسرائيلي والتكفيري، والدفاع عن لبنان في وجه إسرائيل»، من دون ان يتناول التفاصيل المحلية.

واشنطن تبارك

وباركت واشنطن عملية الجيش ضدّ الارهابيين، واتّصل قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال جوزف فوتيل بقائد الجيش العماد جوزف عون مهنّئاً على نجاح عملية «فجر الجرود» وأداء الوحدات التي شاركت فيها. وأكّد له استمرار الدعم الأميركي للجيش اللبناني بالأسلحة والعتاد لتطوير قدراته وتعزيز مهمّاته.

وشكرَ العماد عون لفوتيل اتصالَه وتهنئته ومواصلة الدعم الأميركي، وأكّد له أنّه كان للمساعدات الأميركية التي قُدّمت للجيش الدورُ الفاعل والأساس في نجاح هذه العملية.

مصدر عسكري

وكان مصدر عسكري رفيع قد أكّد لـ«الجمهورية» أنّ الدعم الدولي للجيش ما زال قائماً ولم يتبدّل شيء بعد انتهاء المعركة»، وأنّ «الأميركيين سيتابعون برنامج التسليح الذي بدأ منذ أعوام، وأبلغوا قيادةَ الجيش بهذا الأمر، ولا صحّة لا من قريب أو بعيد بأنّهم أوقفوا التسليح وسَحبوا معدّات عسكرية، فهم لم يَسحبوا «برغياً واحداً».

وتحدّث عن «زيارات قريبة لوفود عسكرية أميركية الى قيادة الجيش، ما يَدحض كلّ الشائعات التي تُبَثّ وهدفُها ضربُ معنويات المؤسسة العسكرية»، وقال إنّ السفيرة الأميركية اليزابيت ريتشارد «على اتّصال دائم بالقيادة، تُعزي كلّما سقط شهيد، وتتابع مجريات المعركة وتزور اليرزة دوريّاً».

وتحدّث المصدر «عن وصول دفعات جديدة ونوعية من الأسلحة الأميركية الى الجيش قريباً تتضمن طائرات «السوبر توكانو» وملّالات «البرادلي»، وأنواعاً أخرى». وقال: «ما ينطبق على الأميركيين ينطبق على البريطانيين الماضين في تدريب وتجهيز أفواج حماية الحدود، وسيستمرّون بمنحِ الجيش معدّاتِ المراقبة المتطوّرة والأسلحة الضرورية». وأكّد أنّ «الشراكة بين الجيش اللبناني والأميركيين والبريطانيين إستراتيجية، ونال الجيش تهانئَ دولٍ عدّة».

الميدان

وواصَل الجيش انتشارَه على الحدود اللبنانية والتمركزَ في النقاط التي كانت المجموعات الارهابية تحتلّها، بالتوازي مع إقامة نقاط ثابتة ومتنقّلة ودوريات في المنطقة، وخصوصاً في منطقة رأس بعلبك حيث قوبِلت بترحيب شعبيّ ملحوظ.

يأتي ذلك في وقتٍ ظلّت عملية إجلاء مسلحي «داعش» محلَّ تساؤلات، وسط مطالباتٍ بالاقتصاص من قتَلة العسكريين، فيما نفّذ طيران التحالف الدولي غاراتٍ لقطعِ الطريق أمام قافلة «داعش» التي رَحلت من الحدود السورية ـ اللبنانية، لمنعِها من الوصول إلى البوكمال، وسط استمرار الاعتراض العراقي على صفقةِ الجرود التي قضَت بنقلِ الإرهابيين الى الحدود العراقية. وهو ما حملَ السيّد نصرالله إلى إصدار بيان باسمِه موجّهٍ إلى العراقيين، قال فيه: «معركتُنا واحدة وانتصارنا على «الدواعش» وحلفائهم سيكون تاريخيا».

البواخر

على صعيد آخر، باتت مناقصة بواخر الكهرباء في عهدة إدارة المناقصات لدراستها وإبداء رأيها فيها ووضعِ ملاحظاتها عليها. على أنّ إحالة الملف إليها والتي تمّت قبل أيام، لم تقترن حينها بقرار مجلس الوزراء الذي يحدّد المطلوبَ منها فعلاً، بل تأخّر ومن ثمّ أحيلَ إليها في وقتٍ لاحِق، علماً أنّ القرار مؤرّخ بتاريخ 24 آب 2017 وجاء في 3 صفحات فولسكاب تضمَّنت مقدّمة حول موضوع المناقصة، والمستندات المرتبطة بها، وحول قرار مجلس الوزراء في جلسة 17 آب 2017 الذي طلب فيه الى وزير الطاقة «إعدادَ دفتر شروط لاستقدام معامل لتوليد الكهرباء بقدرة حوالى 400 ميغاوات لـ3 أشهر و400 ميغاوات لـ6 أشهر من تاريخ فضّ العروض، وعرض الدفتر خلال اسبوع على المجلس لإقراره، على ان يتضمّن كفالة تأمين مؤقّت بقيمة 50 مليون دولار لكلّ 400 ميغاوات، وتأميناً نهائياً وغرامات التأخير عن مهلة التسليم المحددة بـ 90 يوماً للقسم الأوّل و180 يوماً للقسم الثاني من تاريخ فضّ العروض».

كذلك تضمّنت إشارةً الى انّ وزارة الطاقة وعملاً بقرار المجلس، أعدّت دفتر الشروط المعدّل. حيث نصّ قرار مجلس الوزراء وفق الصيغة النهائية التي وضَعتها الامانة العامة (والتي أحيلت إلى إدارة المناقصات) على «الموافقة على إدخال بعض التعديلات على دفتر الشروط الخاص باستدراج عروض لاستقدام معامل توليد الكهرباء وفق إطار أعمال تحويل الطاقة» وفقاً لما يلي:

- تمديد مهلة تقديم العروض من اسبوعين الى 3 أسابيع.

- على العارض أن يقدّم ضمن عرضِه كتابَ ضمان بقيمة 50 مليون دولار اميركي عن القسم 1 (محطة دير عمار)، و50 مليون دولار اميركي عن القسم 2 (محطة الزهراني).

- على كلّ عارض ان يتعهّد بإنجاز كافة الاشغال كحدّ أقصى خلال مدة 90 يوماً للمعمل الاوّل، و180 يوماً للمعمل الثاني.

- يمكن للوزارة مصادرة الكفالة في حال تخلّف العارض أو امتنَع عن تقديم كتاب الضمان النهائي، أو في حال امتنَع عن توقيع العقد.

- يقوم الوزير بإحالة دفتر الشروط المذكور الى ادارة المناقصات في التفتيش المركزي متضمّناً هذه الملاحظات لبيان الرأي وفقاً لأحكام قانون المحاسبة العمومية، وعلى إدارة المناقصات إبداء رأيها به خلال مدة أقصاها 48 ساعة.

- يمكن للعارض الذي ترسو عليه الصفقة، في أيّ مرحلة من مراحل تنفيذ العقد، أن يقدّم عرضاً يتضمّن المشتقات «الهيدروكربونية»، على ان يرفع الوزير المختص هذا العرض الى مجلس الوزراء للتقرير بشأنه».

مشروع اشتباك

وقالت مصادر وزارية لـ«الجمهورية»: «نصُّ القرار كما أحيلَ إلى إدارة المناقصات، يتضمّن التباسات، وكأنّ هناك عَوداً على بدءٍ في المناقصة وتكرارَ ذاتِ الأسلوب الذي اعتُمد مع المناقصة السابقة.

فالقرار لم يَلحظ ملاحظات الوزراء، ولا مآخذ إدارة المناقصات، ما يعني عودةَ الأمور الى حيث كانت، والمريب في القرار أنه يُضيّق الهامش أمام إدارة المناقصات والذي يتيح لها وضعَ التعديلات والملاحظات حول دفتر الشروط، وفقاً لقانون المحاسبة العمومية وغيرِه من القوانين ذات العلاقة.

بل حدّد لها سلفاً وحصراً التعديلات المطلوبة منها، وضيَّق عليها المدى الزمني وحشَرها بمهلة ٤٨ ساعة استباقاً لأيّ توسّعٍ منها في ممارسة صلاحياتها. وأُجِّلت الخيارات الأخرى الى ما بعد رسوِّ التلزيم، واللافت أنّه تمّ حصرُ هذه الخيارات بنوع المحروقات فقط».

وتخوّفَت المصادر ممّا يبيّته «حزب كارادينيز»، في إشارة منها إلى الشركة التركية المؤجّرة للبواخر والمرتبطين بها محلياً، وقالت: «لا علاقة لنصّ القرار كما أحيلَ إلى إدارة المناقصات بتصريحات الوزراء قبل جلسة مجلس الوزراء وبَعدها، ولا بالاعتراضات والانتقادات والتعديلات التي طلبوها. وهو أمرٌ قد يفتح البابَ على اشتباك جديد قد يكون أشدَّ وطأةً من الاشتباك السياسي الكهربائي الذي دار حول المناقصة السابقة».

وبحسب الأجواءِ المحيطة بإدارة المناقصات، فإنّها تتّجه إلى مقاربة كافّة الأسباب والملاحظات والاعتراضات والالتباسات، وتحديدٍ صريح لأيّ شوائب ومخالفات قانونية أو مالية أو إجرائية تعتري المناقصة الجديدة، بحيث تُغلّب المصلحة العامة والعرضَ الأنسب على معيار تأمين الكهرباء بأسرع وقتٍ ممكن وبأيّ ثمن، علماً أنّ قراءةً أوّلية للملفّ بيَّنت خَللاً موصوفاً تجلّى في اكتشاف مخالفات ماليّة وضريبية، بما يَجعل وزارة المالية معنيةً بالتدقيق مليّاً فيها.

طعنُ «الكتائب»

إلى ذلك، نجح حزب الكتائب في جمعِ تواقيع 10 نوّاب، وتقدَّم أمس بالطعن في قانون الضرائب أمام المجلس الدستوري. وسجّلَ رئيس الحزب النائب سامي الجميّل الطعنَ بقلمِ المجلس في انتظار أن يعقد المجلس الدستوري جلسةً عند العاشرة صباح اليوم للبحث في الطعن المقدّم، والذي وقّع عليه النواب: سامي الجميّل، خالد الضاهر، إيلي ماروني، فادي الهبر، سامر سعادة، سليم كرم، فؤاد السعد، بطرس حرب، دوري شمعون ونديم الجميّل.

وأوضَح الجميّل أنّ الطعن لا يُطاول سلسلة الرتب والرواتب، وقال «إنّ الكتائب أكّدت منذ البداية أنّ الدولة قادرة على تأمين موارد السلسلة من دون المسّ بجيوب المواطنين».

وشرَح حرب لـ«الجمهورية» الأسبابَ الموجبة التي دفعته إلى التوقيع على الطعن، واختصَرها بعنوانين: عجز السلطة عن ممارسة واجبِها في مراقبة وضبطِ الأسعار في الأسواق، واستمرار الهدر والإنفاق غير المجدي في الدولة، وتمرير الصفقات التي تنطوي على سمسراتٍ مكشوفة، تؤدّي إلى هدر المال العام.

وعن الفترة التي قد يَستغرقها، في تقديره، البتُّ في الطعن، قال: «إنّ المدّة المنطقية ينبغي ألّا تتجاوز الشهر».

وأشارَ كرم لـ«الجمهورية» إلى أنّ السلسلة التي أُقرّت بموجب قانون الضرائب التمويلية، ستؤدّي إلى إفلاس الدولة، على غرار ما حصَل في اليونان. ورأى أنّه مِن الأفضل إعادة دراسة الضرائب بشكل أوضح، «خصوصاً أنّ الكلّ بات يَعلم ما هي مصادر الفساد في الدولة».

من جهته، رأى الهبر أنّ إيرادات السلسلة كان من المفترض أن تتأمّن من خلال سياسة تقشفية تتَّبِعها الحكومة وليس من جيوب الشعب. وقال لـ«الجمهورية»: «المطلوب اليوم اتّباعُ سياسةٍ تقشّفية، وإذا أخفَقت هذه الحكومة في الحدّ من الإنفاق غير المجدي فلتستقِل».

ويتبيّن من الطعن المقدّم أنّ المطلوب إبطالُ القانون برُمَّته، وليس موادّ محدّدة فيه. وبالتالي، فإنّ الأسئلة المقلقة التي طرَحتها أوساط ماليّة واقتصادية، ماذا سيصيب الماليّة العامة للدولة إذا تمَّ إلغاء الإيرادات، وتمَّ الإبقاء على الإنفاق الإضافي الذي يفرضه تنفيذ قانون السلسلة ؟ 

 

 

اللواء :

طغى الدولي والإقليمي على العنصر المحلي في تداعيات «نصر الجرود» الذي سجّله لبنان، عبر جيشه الوطني وقواه المسلحة والأمنية وقراره الرسمي بإزاحة «الارهاب الداعشي» ومسميات أخرى عن أرضه في الجرود الشرقية «بهزيمة مرة» وإن انتهت المرحلة الدامية والاخيرة باستسلام عناصر «التنظيم» وترحيلهم ضمن اتفاق سمح بكشف مصير العسكريين اللبنانيين الذين كانوا في الأسر لدى «داعش» وعددهم تسعة جنود، سبق «للتنظيم الارهابي» ان قتلهم، بعد أسابيع قليلة على اسرهم، فإن هذا لا ينتقص من احتفال لبنان الرسمي «باعلان الانتصار على الارهاب» على لسان الرئيس ميشال عون محاطاً بوزير الدفاع يعقوب صرّاف وقائد الجيش العماد جوزيف عون.
وفيما هنأ الرئيس عون قيادة الجيش على هذا الإنجاز، اهدى «النصر إلى جميع اللبنانيين الذين من حقهم ان يفاخروا بجيشهم وقواهم الأمنية»، داعياً لحماية الانتصار بأن «لا يترك اللبنانيون أجواء التشنجات السياسية والتجاذبات والتراشق بالتهم ان تنسيهم إنجاز الانتصار»، ومواصلة حماية لبنان، معلناً ان لبنان سيكون في وداع «الجنود الشهداء وسيبقى وفياً لشهادتهم»، بعدما أثبت «الجيش اللبناني في هذه المعركة النظيفة انه الجيش القوي، والوحيد الذي استطاع هزيمة داعش وطرده من ارضنا».
وخلافاً للأجواء التي اوحت بتداعيات سلبية على الجيش بعد المعركة، التي زعم ان الجيش نسق خلالها مع الجانب السوري تلقى العماد عون بعد زيارة بعبدا اتصالاً هاتفياً من قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال joseph votel، هنأه خلاله على نجاح العملية، مؤكداً استمرار الدعم الأميركي للجيش وردّ قائد الجيش بأن المساعدات الأميركية كان لها الدور الفاعل والأساس في النجاح.
وبالتزامن مع الغضب العراقي من الصفقة التي قضت بإبعاد مسلحي داعش سلمياً إلى مناطق خارج الجرود اللبنانية، وباتجاه البوكمال على الحدود السورية – العراقية، قال المتحدث باسم التحالف الدولي الكولونيل ريان ديلون (لفرانس برس) ان التحالف الدولي بقيادة واشنطن شن أمس ضربتين جويتين لعرقلة تقدّم حافلات تقل مسلحي داعش المتجهة إلى شرق سوريا، موضحاً انه نجم عن ذلك احداث فجوة وتدمير جسم صغير.
واحدث الموقف العراقي الرافض للصفقة رداً على الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، الذي قال ان مسلحي داعش انتقلوا من أرض سورية لأرض سورية.. أي من القلمون الغربي السوري إلى دير الزور السورية، وليس من أرض لبنانية إلى أرض عراقية، حيث ان غالبية مقاتلي القلمون الغربي السوري من السوريين، ولم يكن قد بقي منهم في الأرض اللبنانية الا افراداً قليلة جداً..
وفي تطوّر دبلوماسي، من شأنه ان ينعكس إيجاباً على الاستقرار الإقليمي للبنان تبنى مجلس الأمن الدولي أمس بالإجماع قراراً بتمديد مهمة قوة الأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) لمدة عام وذلك بعد خلافات مع واشنطن التي كانت تريد تعزيز ولاية المهمة بشكل جوهري. وجرت نقاشات محتدمة حتى التصويت على القرار لتقريب وجهات النظر بين الأميركيين والاوروبيين خصوصاً بزعامة فرنسا وإيطاليا، المساهمتين الأكبر في هذه القوة، بحسب دبلوماسيين.
ويؤكد القرار على الإذن الممنوح للقوة الدولية باتخاذ جميع ما يلزم من إجراءات في مناطق انتشارها لضمان عدم استخدام منطقة عملياتها للقيام بأنشطة معادية.
كما يؤكد على ضرورة نشر فعال ودائم للجيش اللبناني في جنوب لبنان والمياه الإقليمية من أجل التنفيذ الكامل لأحكام القرار 1701.
ويعرب القرار عن المخاوف من احتمال أن تؤدي انتهاكات وقف الأعمال العدائية إلى نشوب نزاع جديد. ويحث إسرائيل على التعجيل بسحب جيشها من شمال قرية الغجر. ويشدد على إنشاء منطقة منزوعة السلاح بين الخط الأزرق ونهر ‏الليطاني، ما عدا عتاد وأسلحة الحكومة اللبنانية ‏والقوة الدولية.
وسط هذه الاجواء، المحلية والإقليمية والدولية يبدأ الرئيس سعد الحريري صباح اليوم زيارة رسمية إلى فرنسا يلتقي خلالها رئيس الجمهورية إيمانويل مَكرون في قصر الإيليزيه ويعرض معه آخر التطورات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.
كما يلتقي الرئيس الحريري خلال زيارته رئيس الوزراء أدوار فيليب ورئيس مجلس الشيوخ جيرار لارشيه ووزير الخارجية جان إيف لودريان ووزير الاقتصاد برونو لومير ووزيرة الجيوش (الدفاع) فلورانس بارلي.
وقال مصدر لبناني لـ«اللواء» ان الرئيس الحريري سيشكر الموقف الفرنسي في مجلس الأمن الذي دعم توجه الحكومة اللبنانية في ما خص عدم تعديل مهمات «اليونيفيل» وفقاً للقرار 1701، فضلاً عن طلب الدعم العسكري واللوجستي للجيش اللبناني الذي أظهر كفاءة قتالية، وحرفية في طرد «الارهاب الداعشي» من أراضيه، معلناً الانتصار في هذه الحرب.
إعلان نصر
وساهم إعلان الرئيس ميشال عون وقائد الجيش العماد جوزف عون من قصر بعبدا، انتصار لبنان على الإرهاب، واهدائه إلى جميع اللبنانيين، ودعوته اياهم إلى حمايته بوقف التراشق والتجاذبات، في تهدئة الساحة الداخلية، خصوصا بعد انضمام الرئيس نبيه برّي، في احتفال حركة «امل» بالذكرى الـ39 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه، إلى استهجان تحميل الرئيس تمام سلام وحكومته مسؤولية ما جرى في عرسال عند اختطاف العسكريين، واصفا هذا الإتهام بأنه «مضحك وشر البلية ما يضحك»، الأمر الذي دفع مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية لـ «اللواء» إلى توقع ان يترك ما جرى من مواقف، سواء في قصر بعبدا، أو على طريق المطار لاحقاً، انعكاسات إيجابية على الساحة المحلية، لا سيما خلال عطلة عيد الأضحى المبارك، وما بعده، في حين أن الساحة الأمنية يفترض بها أن تكون قد تنفست الصعداء بعد تطهيرها من الارهابيين، وإن كان ذلك لا يمنع من بقاء الأجهزة الأمنية والعسكرية في المرصاد للخلايا النائمة والتي قد تطل برأسها كلما تهيأت لها الفرص، بحسب ما نبّه العماد عون في «امر اليوم» للعسكريين.
وأوضحت المصادر أن أي تخوف من حادث أمني يبقى قائماً، مؤكدة أن المؤسسات الأمنية ستبقى متيقظة وستنسق في ما بينها لابطال أي تخريب محتمل، وكشف، في هذا السياق، انه تمّ اقفال جميع المعابر الحدودية والمنافذ التي يمكن للارهابيين سلوكها.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن قرار تحرير الجرود، هو قرار لبناني مائة في المائة، وهو أراح إلى جانب لبنان كلّه منطقة رأس بعلبك والقاع التي عانت ما عانته على مدى السنوات الخمس الماضية من الإرهاب، على ان تنصب اهتمامات المرحلة المقبلة على إنهاء هذه المنطقة.
وشددت على أن جميع القوى السياسية أعلنت التفافها حول الجيش وتأييدها لكل خطواته بعدما منحته الضوء الأخضر للقيام بما يراه مناسباً، وتحديد التوقيت لمعركته، وبالتالي فان هذا الالتفاف يفترض أن يستثمر النصر الذي تحقق سياسياً، باستمرار الاحتضان للجيش ودعمه، وترك أجواء التشنجات السياسية والتجاذبات، بحسب ما دعا الرئيس عون في إعلان الانتصار على الإرهاب.
اما الكلام عن اجراء تحقيق في ما سمي «بالتقصير» بشأن مصير العسكريين المخطوفين والذين باتوا شهداء، فقد أوضحت المصادر نفسها أن أي تحقيق في حال قيامه يجب أن يتم وفق الأصول، أي أن يبدأ داخل المؤسسة العسكرية، وهو امر مستبعد، إلا أن مصادر كشفت بأن ستة من اهالي العسكريين سيتقدمون بشكوى أمام المحكمة العسكرية ضد مجهول بتهمة الإهمال والتقصير، مما أدى إلى خطفهم وبالتالي استشهادهم.
فحوصات D.N.A
وفي هذا السياق، أكدت مصادر موثوق بمعلوماتها أن 80 بالمائة من نتائج فحوصات الحمض النووي التي تجري حالياً في الجامعة اليسوعية، اصبحت مؤكدة، وانها تعود للعسكريين المخطوفين، الا ان المعلومات عن الموعد الرسمي لاصدارها غير واضحة بعد، رغم أن هناك من يرجح ذلك خلال الايام المقبلة.
وأوضحت هذه المصادر أن عدد العسكريين الذين كانوا في قبضة تنظيم «داعش» كانوا عشرة توزعوا على الشكل الآتي:
– 9 عسكريين خطفوا في 2 آب 2014.
– عسكري واحد اضل طريقه أثناء المعارك وقتل على يد الارهابيين.
– واحد من العسكريين التسعة التحق بـ«داعش» وقتل لاحقاً، وهو عبدالرحمن دياب.
وفي المعلومات المتوافرة انه تم التعرف على رفات 6 شهداء وبقي 4 لم تصدر النتائج بشأنهم بعد.
اما الجثة التي عثر عليها مؤخراً والتي تردّد انها تعود للجندي الشهيد عباس مدلج، فيتم التدقيق بها لأنها تعرّضت إلى الضرر نتيجة العوامل الطبيعية وبقائها في العراء.
وافيد انه بعيد انتهاء فحوصات الحمض النووي سيقام وداع وطني ويوم حداد للعسكريين من دون حاجة إلى قرار من مجلس الوزراء.
وفي السياق، نفى حسين يوسف والد الجندي الشهيد محمّد يوسف ما تردّد بأن أهالي العسكريين الشهداء سيرفضون تسلم جثامين ابنائهم. وأكد انهم سيتسلمون هذه الجثامين، لكنهم سيطلبون الانتقام من الارهابيين بالاقتصاص من الارهابي الداعشي عمر ميقاتي المعروف بـ«أبي هريرة» والموقوف في سجن الريحانية، باعدامه، خصوصاً وان هناك صوراً وأدلة تثبت ضلوعه ومشاركته بذبح الجندي الشهيد عباس مدلج والجندي الشهيد علي السيّد.
إلى ذلك، أكّد المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أن «عناصر داعش الذين رحلوا لم يكونوا بموقع المشارك بل المطالب للنجدة ليس اكثر»، مشيراً إلى أن «حذاء آخر عسكري من الشهداء اهم من كل الذين رحلوا».
وفي حديث تلفزيوني له، أوضح إبراهيم «اننا وصلنا للرقم 13 بالوسطاء لنحصل على العسكريين الشهداء عندما كانوا احياء، إنما كان كل وسيط نطلب منه دليلاً يذهب ولا يعود».
وأعلن أن «مصادرنا اخبرتنا وزودتنا بصور عن جثامين الشهداء».
ولفت إلى «اننا سنعالج مخيم عين الحلوة بالطريقة التي يريدها رئيس الجمهورية»، مشيراً إلى انه «أياً يكن الحل المفروض القيام به نحن جاهزون للقيام به لحفظ الأمن اللبناني»، مؤكداً «استمرار العمل على مكافحة الشبكات الارهابية مع كل الاجهزة».
برّي
وفي خطابه في المهرجان الجماهيري الحاشد الذي اقامته حركة «امل» في الذكرى التاسعة والثلاثين لتغييب الامام موسى الصدر على طريق المطار، طالب الرئيس برّي «الجميع بوقف لاختبارات القوة والسير على حافة السكين وسياسة عض الأصابع والسياسات الشعبوية والرهان على إخضاع الاخرين وحكم لبنان بفئوية سياسية، فنحن جميعاً في مركب واحد ننجو معاً او نغرق معاً».
وبعد أن تناول العلاقة بين لبنان وسوريا، داعياً الجميع إلى الانتباه إلى أن كلا البلدين هو حاجة استراتيجية وبشرية للآخر، استهجن برّي تحميل الرئيس تمام سلام وحكومته مسؤولية ما جرى في عرسال عند اختطاف العسكريين وقال «هذا مضحك للغاية، وشر البلية ما يضحك. الحكومة السابقة هي نفسها الحكومة الحالية ما عدا «واحد حط وواحد نط»، نفس المكونات موجودة بالحكومتين، «نطت» الكتائب وجاءت «القوات»، هذا هو الفرق. لماذا يضعون الحق على الرئيس سلام، وساعة الحق على العماد قهوجي، لماذا؟ هل نسيتم الظروف آنذاك حيث كانت مشارف حمص كلها بيد «داعش»، هل نسيتم اننا كنا نخشى فتنة مذهبية وطائفية؟ لماذا؟ كلها اعذار لكي لا يقال اننا انتصرنا. هذا ليس صحيحاً، الذي يعرف يحرّف الحقائق و«اللي ما بيعرف بيقول كف عدس».

 

الاخبار :

في استمرار لمنطق العلاقة الاستراتيجية مع سوريا، أكّد الرئيس نبيه برّي أمس أن «العلاقة بين لبنان وسوريا هي حاجة استراتيجية لمصلحة البلدين»، مشيراً إلى أن «سوريا تشكل العمق الجغرافي والمنفذ البري الوحيد للبنان».
وفي احتفال حاشد أقامته حركة أمل في ذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه، شدد رئيس المجلس النيابي على «ضرورة البناء مع سوريا»، مؤكّداً أن «لبنان كما سوريا، هما هدفان للعدو الإسرائيلي».

وبعد أن استهل كلمته بدقيقة صمت على أرواح شهداء الجيش والمقاومة، تحدّث برّي عن الإمام الصّدر، عائداً إلى تاريخ الإمام المغيّب. وقال إن «الصدر، الذي، يوم تخلت الدولة عن واجب الدفاع، زرع أثماراً على تلال الوطن، أفواجاً مقاومة بأسناننا وأظافرنا»، موجّهاً إليه السلام «لأنه كسر لنا جدار الصمت، وجعلنا نقول ما في قلوبنا». وتابع: «سلام له وعليه، لأنه أيقظ فينا الأيام، وعلمنا أن كل عدوان يستدعي المقاومة حتماً. سلام له وعليه لأنه جعلنا ندرك أن إرهاب إسرائيل هو نفسه وذاته لعملة الإرهاب التكفيري الذي ضغط ويضغط على الوطن من الشمال والشرق».
و«جدد العهد والوعد» للإمام الصدر، ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدرالدين، قائلاً: «سنبقى نحفظ حلم فلسطين وأماني شعبها».


 

 


ثم شرح بعضاً من تطوّرات قضية الإمام، و«صعوبة ذهاب لجنة التحقيق في قضية الإمام الصدر في ليبيا لعدم استقرار البلد هناك»، منوهاً بـرغبة اللجنة في الذهاب إلى ليبيا. وكشف أنه طلب من اللجنة التريّث، «إلى أن يستتب الوضع هناك».
وأكد أن «الإمام ورفيقيه ما زالوا أحياءً»، لافتاً إلى أن «المجلس العدلي بانتظار عمل المحقق العدلي الذي يعمل بكل شجاعة. وإن قضية هنيبعل القذافي أمام المجلس، وأمام قاضي التحقيق في بيروت بجريمة خطف طبيب لبناني عام 2016، وقد استطاع الهروب من سجون ليبيا، وتدار العصابة من إخوة هنيبعل». وتابع أن «توقيف هنيبعل القذافي ليس لأنه ابن معمر القذافي، وتوقيفه ليس تعسفياً، فهو من قال إن الإمام تم احتجازه في منطقة جنزور من ضواحي طرابلس الغرب لمدة سنتين، وبعد ذلك، نقل إلى منطقة لا يعرفها». وطالب بـ«توفير الأجهزة الأمنية كل المعلومات للجنة المكلفة، وتطبيق القضاء اللبناني وحماية كل قاضٍ يعمل على هذه القضية»، وقال: «على الإعلام اللبناني الحر تحمل المسؤولية من دون انحياز وافتراء أو تفلت من ميثاق الشرف اللبناني». كذلك طالب المعنيين في ليبيا بـ«عدم التحجج بالذرائع، وجامعة الدول العربية بتنفيذ الالتزام بقضية الإمام الصدر، ومثلها الهيئات الدولية والأهلية، خصوصاً أننا أمام إرهاب متمادٍ». وختم هذا الجزء من الكلمة بالقول «إن الحق منطقنا، وتحرير الإمام قضيتنا، ولا أحد يجربنا».
وعرض بري لـ«جملة قضايا على الصعيد الوطني»، متحدثاً بـ«اسم جماعة أثبتت حضورها في مواجهة إسرائيل منذ 6 شباط 84». ثمّ قدّم «التهاني للبنان شعباً وجيشاً ومقاومة، بما أنجزته عملية فجر الجرود البطولية في تحرير الجرود الشرقية، وعملية المقاومة الشجاعة في تحرير القلمون الغربي، بالتعاون مع الجيش العربي السوري ونيلها تحرير القصير، وما قاموا به من تحرير مناطق لبنان الشرقية من الإرهاب».
ودعا إلى «إطلاق مشاريع التنمية في البقاع، خصوصاً في المنطقة التي جمد الإرهاب تطورها في السنوات الماضية»، مؤكداً أن «دعم كل عمل جماعي يحقق أمن المخيمات ويحفظ علاقاتها مع محيطها، وأن تبقى المخيمات بمنأى عن أي صراع داخلي». وخاطب شعب فلسطين قائلاً: «هل نسيتم فلسطين؟»، مطالباً إياهم بـ«الوحدة».
وأكد «النضال بالوسائل الديمقراطية، منوهاً بما حققه لبنان من خلال انتخاب الرئيس ميشال عون وتشكيل حكومة وإقرار قانون انتخابي،