أكد مراقبون أن حزب الله يواصل تكريس سياسته في الحرب المعلنة على المتطرفين في لبنان بالإمعان في حشر نفسه في معركة “فجر الجرود” التي أطلقها الجيش قبل أسبوع لكسب نقاط جديدة في حربه على داعش، الذي طلب من النظام السوري فسح المجال له للانسحاب من جرود لبنان
 

أجمع المسؤولون اللبنانيون على التنويه بقدرات الجيش اللبناني العالية التي أظهرها أثناء الهجوم الذي شنه لطرد تنظيم داعش من جرود بعلبك ورأس العين في شمال شرق لبنان.

وفيما تحاول المنابر الرسمية اللبنانية على تأكيد دور الجيش في هذه المعركة تسعى المنابر القريبة من حزب الله إلى تأكيد أن الإنجازات التي حققها الجيش ترجع إلى التنسيق الجاري مع حزب الله في هذا الشأن، رغم أن مصادر عسكرية لبنانية كررت تأكيدها بعدم وجود هذا التنسيق.

ويدور نقاش في الداخل اللبناني حول كيفية استثمار سقوط معاقل النصرة وداعش في سهل البقاع اللبناني بين رؤية تريد تأكيد أولوية قرار الدولة اللبنانية في مسائل الحرب والسلم وأخرى تريد جعل قوات حزب الله أساسا في هذا المضمار.

وتعتبر منابر حزب الله أن الجيش اللبناني رفض الاعتراف بالتنسيق معه خشية أن يؤثر الأمر على العلاقات العسكرية اللبنانية الأميركية. ومعروف أن واشنطن تدعم الجيش اللبناني بالتدريب والعدة والسلاح وتراقب عن كثب عملياته الحالية لمكافحة الإرهاب ضد داعش.

وبينما صدر عن الجيش اللبناني ما يفيد عن إعادة انتشار في المناطق التي قضي فيها على متطرفي داعش والاستعداد لهجوم أخير في باقي المناطق التي يتحصن بها، تحدثت معلومات عن طلب داعش للتفاوض مع الجانب اللبناني لتنظيم انسحاب لقوات التنظيم إلى خارج الأراضي اللبنانية.

وأكدت المعلومات أن لبنان رفض البدء بأي مفاوضات قبل أن تصله معلومات عن مصير الجنود اللبنانيين المختطفين على يد داعش.

وقال مسؤول من تحالف عسكري موال للرئيس السوري بشار الأسد الخميس، إن “داعش طلب من الجيش السوري وحزب الله السماح له بالانسحاب من الحدود السورية مع لبنان إلى محافظة دير الزور بشرق سوريا”.

وأضاف المسؤول، الذي لم يكشف عن هويته، أن “التنظيم طلب التفاوض والانسحاب وأن الجانب السوري وحزب الله وافقا على ذلك”. ويحاول الجيش السوري وحزب الله إخراج التنظيم من منطقة القلمون الغربي على الحدود مع لبنان.

وبدأ الهجوم السبت الماضي، بالتزامن مع حملة للجيش اللبناني على جانب لبنان من الحدود لإخراج مقاتلي الدولة الإسلامية من منطقة رأس بعلبك بالشمال الشرقي.

وكان الجيش اللبناني قد أطلق السبت الماضي، عملية “فجر الجرود” للسيطرة على مناطق رأس بعلبك والقاع والفاكهة شرق البلاد من داعش، وبالتزامن أطلق حزب الله عملية “وإن عدتم عدنا” للسيطرة على مرتفعات القلمون الغربي في سوريا.

وتقدم التحالف العسكري الموالي للأسد والجيش اللبناني صوب الحدود السورية اللبنانية كل من جانبه. وقال الجيش اللبناني إنه لا ينسق هجومه مع حزب الله ولا الجيش السوري.

وانتقل في هذا الشهر العشرات من مقاتلي جبهة النصرة والآلاف من اللاجئين السوريين من لبنان إلى مناطق تسيطر عليها المعارضة في سوريا في إطار اتفاق تفاوض عليه حزب الله والحكومة السورية وجبهة النصرة.

وبالتزامن مع تلك التطورات الميدانية، أكد الرئيس اللبناني ميشال عون نجاح عملية “فجر الجرود” ضد تنظيم داعش في شرق البلاد.

وقال عون، في مستهل جلسة مجلس الوزراء إن “الجيش أظهر فاعلية كبيرة وحرر القسم الأكبر من الأراضي اللبنانية المحتلة من داعش، ولم تبق سوى مساحة صغيرة سيعمل الجيش على تحريرها”.

وأضاف أن “الجيش لقي دعما رسميا وشعبيا واسعا، والكل قال إننا فخورون بالجيش”، مشددا على “ضرورة تأمين حاجات الجيش من العتاد والتجهيزات اللازمة”.

وزار رئيس الحكومة سعد الحريري وقائد الجيش جوزيف عون الأربعاء، على متن طوافة عسكرية رأس بعلبك لتفقد العمليات هناك.

وأكد الحريري في تصريحات صحافية أن الجيش “سيتمركز في كل الأماكن التي حررت من الإرهابيين وستقام مراكز مراقبة وتحصينات يحدد الجيش حاجته على ضوئها، وعلينا أن نعمل كحكومة لتأمين هذه الحاجات”.

وأشار الحريري الى ملف العسكريين المخطوفين بالقول إن “قضية العسكريين المخطوفين أولوية لدينا وعندما نحصل على أي معلومات لن نخفيها عن أحد والأمر يستوجب علينا العمل بكل صمت في الوقت الحاضر”.

وأوضح أن الحكومة قدمت مكافآت لمعرفة مصير العسكريين و”نحن نقوم بكل ما يمكن في هذه المسألة الحساسة بالنسبة إلينا”.

وكان الجيش قد قام بتثبيت الخط الحدودي مع سوريا من خلال إعادة الانتشار في المناطق المتاخمة للحدود السورية والتي حررها من المتطرفين.

وبحسب مصادر عسكرية، فإن الجيش يستعد لإطلاق المرحلة الأخيرة من “فجر الجرود”، وسط تأكيدات رسمية بعدم وجود أي نية لوقف العملية إلى حين طرد المتطرفين من المنطقة بشكل كامل.

وقدر الجيش اللبناني قبل المعركة عدد مقاتلي التنظيم بنحو 600 مقاتل وأنه سيطر على قرابة 120 كيلومترا مربعا. وتبلغ المساحة الإجمالية للمنطقة الجبلية التي كان داعش يسيطر عليها بنحو 300 كيلومتر مربع في شرق لبنان وفي سوريا.

وتشير المعلومات إلى أن تعزيز المساعدات العسكرية ستتفعل بعد انتهاء المعارك، ويتوقع أن تزيد الولايات المتحدة مساعداتها للجيش، فضلا عن تعزيز التعاون في العديد من القواعد العسكرية في لبنان، ولا سيما مطار حامات والقاعدة البحرية في عمشيت ومطار رياق.