الجيش يتحضّر لعملية عسكرية في جرود عرسال  , ولبنان يئن خوفا من العقوبات الاميركية

 

المستقبل :

على بُعد أيام من الأول من آب المجيد، عيد المؤسسة الجامعة بثلاثية «الشرف والتضحية والوفاء» لجميع اللبنانيين، والمظلة الشرعية الحامية بكل عزم واستبسال لسيادة الأرض من الحدود إلى الحدود، اتجهت الأنظار خلال الأيام الأخيرة إلى التعزيزات العسكرية والتدابير الاحترازية المتسارعة التي يتخذها الجيش عند جبهة «القاع - رأس بعلبك» الحدودية على وقع تمشيط مدفعي متصاعد يستهدف مواقع إرهابيي «داعش» في جرود المنطقة حيث رصدت «تحركات مشبوهة لهم في سياق متزايد ومتزامن مع اندلاع المعارك مؤخراً في المنطقة الجردية المحاذية لعرسال»، حسبما أوضحت مصادر عسكرية رفيعة لـ«المستقبل»، مؤكدةً في المقابل أنّ «الجيش اللبناني يستعد حالياً لإطلاق معركة تطهير جرود القاع ورأس بعلبك من الوجود الإرهابي خلال 72 ساعة» باعتباره المسؤول الأول والأخير عن هذه المهمة الواقعة ضمن نطاق أراضٍ وجرود لبنانية 100% بخلاف واقع الحال إزاء تلك المعارك التي دارت ضد «جبهة النصرة» في منطقة جردية متداخلة جغرافياً بين لبنان وسوريا ولم يكن الجيش اللبناني معنياً مباشرةً بها إلا ضمن إطار «تحصين الحدود ومنع تسرب أي من المسلحين إلى القرى والبلدات اللبنانية». 

وإذ أعربت عن ثقة القيادة بجهوزية الجيش واستعدادات وحداته المرابطة عند الجرود اللبنانية لتطهيرها ودحر الإرهابيين عنها، لفتت المصادر العسكرية إلى أنّ التحصينات المُحكمة والتعزيزات العسكرية المُتخذة في القاع ورأس بعلبك تأتي في سياق الاستعداد لـ«ساعة الصفر» إيذاناً بانطلاق المعركة التي سيخوضها الجيش اللبناني لتحرير أراضٍ جردية لا يوجد أي التباس في لبنانيتها، وهو ما يقع ضمن إطار واجباته ودوره في حماية الحدود والسيادة.

ورداً على سؤال، ذكّرت المصادر بأنّ معارك الجرود الأخيرة ضد «جبهة النصرة» كانت قد انطلقت أساساً من داخل الأراضي السورية وتحديداً من جرود فليطا، وبالتالي لم يكن للجيش اللبناني أي مهمة أو دور فيها باستثناء حماية الحدود اللبنانية والمدنيين اللبنانيين والنازحين السوريين، أما المعركة المُرتقبة في جرود رأس بعلبك والقاع فالجيش اللبناني هو الوحيد المعني بها وهو من يقودها إمرةً وتخطيطاً وتنفيذاً، مع إشارتها في هذا المجال إلى أنّ هذه المعركة ستقع ضمن نطاق جغرافي خالٍ من أي مدنيين أو نازحين بشكل سوف يريح الوحدات العسكرية في مواجهة المجموعات الإرهابية التي لن يكون في مقدورها التلطي خلف أي تجمعات أو مخيمات مدنية للتواري عن مرمى نيران الجيش اللبناني. 

وأمس برزت الزيارة التفقدية التي قام بها رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك للوحدات العسكرية المنتشرة في مناطق القاع ورأس بعلبك وعرسال، حيث نوّه بالجهود التي بذلتها هذه الوحدات خلال الأيام الماضية «لناحية ضرب خطوط تسلّل الإرهابيين باتجاه بلدة عرسال أو مخيمات النازحين، وبالتالي تأمين حماية الأهالي وإبعادهم عن ساحة الاشتباكات، بالإضافة إلى تأمين وصول المساعدات الغذائية والطبية لهذه المخيمات بالتنسيق مع الصليب الأحمر اللبناني والصليب الأحمر الدولي». 

وفي معرض تأكيده أنّ «حرب الجيش ضدّ الإرهاب ستبقى مفتوحة حتى تحرير آخر شبر من الحدود الشرقية»، جزم ملاك بأنّ «المعركة القادمة ستكون فاصلة وسينتصر الجيش فيها لا محالة كما انتصر سابقاً في جميع المواجهات التي خاضها ضدّ التنظيمات الإرهابية، وذلك بالاستناد إلى الكفاءة القتالية لوحداتنا، وإلى ثقة اللبنانيين على اختلاف مكوّناتهم بالمؤسسة العسكرية وإجماعهم على دورها الوطني».

عون

وفي سياق متقاطع، جدد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تأكيد التزام لبنان بتطبيق القرار الدولي 1701 «التزاماً كاملاً بكل مندرجاته»، مشدداً خلال استقباله المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ على أهمية وقف الانتهاكات الإسرائيلية لهذا القرار من جهة، وعلى ضرورة «دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للجيش اللبناني في حربه ضد الإرهاب» من جهة أخرى.

ونقل زوار قصر بعبدا لـ«المستقبل» أنّ عون يعرب عن ثقة مطلقة بقدرات الجيش في محاربة الإرهاب سواءً في الداخل أو عند الحدود، مؤكداً أن الوحدات العسكرية ستقوم بواجباتها على أكمل وجه في المنطقة الحدودية لا سيما لناحية مهمة تحرير جرود السلسلة الشرقية في رأس بعلبك والقاع بوصفها أراضٍ لبنانية 100% يقع على عاتق الجيش اللبناني واجب تطهيرها من المجموعات الإرهابية.

الحريري

في الغضون، اختتم رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري أمس زيارته الرسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد سلسلة اجتماعات ولقاءات عقدها خلال الساعات الأخيرة في مبنى الكابيتول وفي مقر إقامته في فندق «فور سيزنز». في حين كان قد زار مقرّ صندوق النقد الدولي حيث اجتمع مع مديرة الصندوق كريستين لاغارد ثم عقد معها اجتماعاً موسّعاً حضره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إلى جانب عدد من أعضاء الوفد اللبناني المرافق، تم خلاله التركيز على «أهمية استقرار وسلامة القطاع المصرفي في لبنان وأهمية مواكبة صندوق النقد للتشريعات التي سيُصدرها الكونغرس الأميركي والتأكد من أنها لن تؤدي إلى عدم استقرار في القطاع المصرفي اللبناني»، فضلاً عن التطرق إلى تداعيات النزوح السوري على لبنان بحيث كانت وجهات النظر متطابقة لا سيما وأنّ الصندوق كان قد أصدر توصية مُطابقة لرؤية وتوجه الحكومة اللبنانية إزاء هذا الملف، علماً أنّ رئيس الحكومة طالب خلال الاجتماع بأن يُجري صندوق النقد «دراسة لتحديد الآثار السلبية للنزوح السوري على موازنة الدولة اللبنانية».

 

الديار :

النصرة استسلمت وانتهت في جرود عرسال وداعش على الطريق، لكن التوقيت بيد قيادة الجيش اللبناني التي استكملت استعداداتها الميدانية بانتظار ساعة الصفر.
المعركة «حتمية» ورئيس الاركان في الجيش اللبناني اللواء حاتم ملاك تفقد قطعات الجيش المنتشرة على خطوط التماس مع داعش، وكذلك المواقع التي استهدفت بالقصف من قبل داعش صباح امس، وقد رد الجيش اللبناني من مواقعه في البقاع الشمالي على تحركات داعش في جرود رأس بعلبك الذين حاولوا اقامة الدشم والتحصينات، كما استهدف المتبقين في قسم من جرود عرسال، وكذلك جرود القاع فيما ساد الهدوء التام عرسال وجوارها منذ بدء سريان وقف النار صباح الخميس. وفي هذا الاطار، علم ان قائد الجيش العماد جوزف عون سيزور واشنطن في 12 آب لاستكمال مباحثات الزيارة الاولى لجهة ما يحتاجه الجيش من اسلحة وذخائر في ظل قرار اميركي واضح باستمرار تقديم الدعم للجيش اللبناني. وهذا الدعم والتأييد ترجما في كلام الرئيس الاميركي دونالد ترامب اثناء استقباله للوفد اللبناني. وفي موازاة هذه الاجواء، واصل المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم متابعة تنفيذ اتفاق سحب المسلحين من جرود عرسال، واكد ان العمل جار على قدم وساق، وكل شيء يسير وفق المرسوم له، وعلم ان اللواء ابراهيم زار دمشق ووضع القيادة السورية بكافة تفاصيل الاتفاق، وجرى بحث بكل النقاط المتعلقة بحسن سير التنفيذ.
وعلم انه تم البدء بتفكيك عدد كبير من الخيم الموجودة في مخيم وادي حميد، وتجميعها بشاحنات ونقلها الى نقطة قريبة من عرسال، مما يؤشر على اقتراب البدء بتنفيذ الاتفاق، وقد تزامنت هذه الاجراءات مع دخول 10 آليات للجيش الى اطراف وادي حميد للانتشار بعد خروج المسلحين منه، مع استكمال كل التحضيرات اللوجستية للرحيل. ويبقى انتظار الموافقة على «القوائم» لاخراج المسلحين نحو الاراضي السورية، حيث بدأت فرق عسكرية مسح الطريق الذي ستسلكه الحافلات وازالة العوائق، وستسلك القوافل طريق جبلي باتجاه فليطا ومنه الى حمص.
هذه الاجراءات تزامنت مع توسيع «بيكار» الاتصالات بين القيادات العسكرية اللبنانية وقيادات امنية في المقاومة لتأمين سلامة التنفيذ. ولذلك تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة ميدانية من الامن العام والجيش اللبناني لتطبيق الاتفاق مع النصرة وسرايا اهل الشام عبر الاتي: انسحاب من يرغب من المدنيين والمسلحين الى ادلب في الشمال السوري بالنسبة لجبهة النصرة والى القلمون الغربي فيما يخص سرايا اهل الشام ضمن مبادرة محمد رحمة الملقب بأبو طه العسالي نسبة الى بلدة عسال الورد وبالتنسيق والمتابعة مع لجنة «سرايا اهل الشام» برئاسة السوري «ابو الخير» التي دأبت منذ صباح امس على متابعة وتسجيل اسماء الراغبين بالعودة الى ادلب بالمتابعة والتعاون مع رؤساء لجان المخيمات في عرسال البلدة والمخيمات الاربعة في وادي حميد والملاهي وبالتعاون واشراف الصليب الاحمر الدولي الذي يقوم بمراقبة ومتابعة ادق التفاصيل لما يجري من قبول او رفض للاتفاق في جميع المخيمات حرصاً على سلامة التطبيق والتنفيذ، وبما يتناسب مع خيارات النازحين والمسلحين طوعاً ورغبة كما نص الاتفاق.
وافادت معلومات  عن تأخير طرأ على عملية توقيت تحديد ساعة صفر المغادرة بعدما تجاوز عدد المسلحين المنسحبين والمغادرين مع المدنيين الثلاثة آلاف، ومن المتوقع ان يصل العدد الى ما بين خمسة الى ستة  آلاف ممن سيغادرون الاراضي اللبنانية في عرسال وفقاً للاتفاق الذي رعاه اللواء عباس ابراهيم ويسهر على تطبيقه خطوة خطوة وعلمت الديار ان الاتفاق الذي سيطبق وفق خطوات ثلاث ووفق لوائح اسمية متفق عليها مع الجيش السوري، الأتفاق الأول مع جبهة النصرة وهو على دفعتين ويشمل البند الاول منها ابو مالك التلي مع بعض عناصره واتباعه وخاصته ومقربين منه وهي تقضي بخروجه الى احدى الدول وعلى الارجح تركيا.
البند الثاني ويقضي بانسحاب مسلحي جبهة النصرة الى ادلب بالشمال السوري مع عائلاتهم اما الاتفاق الثاني ويشمل سرايا اهل الشام، فان 236 عنصراً سينسحبون الى بلدة الحيبة السورية الواقعة تحت سيطرة الجيس السوري الحر، بعد ان رفض الجيش السوري انتقالهم الى القلمون لانغماسهم بلعبة الدم والقتل. اما الباقون ممن وافق الجيش السوري على اسمائهم من سرايا اهل الشام سيعودون الى قرى القلمون في حوش عرب رنكوس وعسال الورد، وسيعودون في قافلة جديدة كانت قد سبقتها ثلاث قوافل وهؤلاء سيستفيدون من نظام المصالحات.
اما داعش الذي يحاول فتح ثغرة في جدار المفاوضات المسدودة بعد هزيمة النصرة وحياد اهل الشام ويصطدم فتح قناة التفاوض برفض الجيش اللبناني أي اتصالات عبر وسطاء قبل معرفة وكشف مصير العسكريين المحتجزين لدى داعش منذ 2014 بعدما بات محاصراً من جميع الجهات، وتحديداً من حزب الله والجيشين اللبناني والسوري، وبات في موقع الضعيف جداً وغير القادر على وضع اي شرط في ظل اوضاعه العسكرية المنهارة.
وليلا، علم انه تم الانتهاء من تسجيل الاسماء وبدأت التحضيرات لتجهيز سيارات الاسعاف و«البولمانات» على اساس اللوائح لبدء تنفيذ الاتفاق، كما تم تفكيك عدد كبير من الخيم الموجودة في مخيم وادي حميد، ونقلت بشاحنات الى نقطة قريبة من عرسال.
 

 

 بري: جلسة تشريعية جديدة


اما بشأن الموازنة والسلسلة، فقد اكد الرئيس نبيه بري امام زواره ان الاولوية للمجلس هي عقد جلسة تشريعية سيحدد موعدها بعد عودة رئىس الحكومة الى بيروت، والمعلوم ان هناك جدول اعمال لم يناقش ويقرّ في الجلسة السابقة.
واوضح الرئىس بري ان هناك جلسة تليها ستخصص للاسئلة والاجوبة وقال: فور انتهاء لجنة المال من الموازنة سأحدّد في اليوم الثاني، موعد جلسة مناقشتها.
 

 هل يوقع رئيس الجمهورية على قانون «السلسلة» ؟


لم تظهر حتى الآن اشارات واضحة ما اذا كان رئىس الجمهورية العماد ميشال عون سيوقع قانون السلسلة ام سيردّ القانون الى المجلس. واوضح مرجع بارز ان هذا من حق رئىس الجمهورية واذا لم يوقع فهذه مسؤوليته وقد فعل المجلس ما استطاع.
وحول الغلاء وزيادة الاقساط اجاب المرجع ان لا علاقة لهذه الزيادة والغلاء بسلسلة الرواتب بل ان من واجبات الحكومة ان تمارس مراقبة الاقساط وغير ذلك.
مصادر قصر بعبدا اكدت ان مشروع السلسلة لم يصل الى بعبدا بعد وما زال في السراي الحكومي بانتظار توقيعه من الرئيس سعد الحريري بعد عودته من واشنطن، وعندما يصل الى بعبدا سيتم درسه لان هناك ارقاما بحاجة الى تقييم، وملامستها مع الوضع الاقتصادي القائم، كما ان هناك ردود فعل مختلفة على السلسلة لا يمكن الا ان ينظر بها الرئيس ميشال عون خصوصا انه استقبل وفودا اقتصادية مالية ونقابية وضعت ملاحظاتها عنده ولا يمكن تجاهلها والقفز فوقها وعلى ضوء ذلك سيأخذ رئىس الجمهورية القرار.
وتابعت المصادر، موقف رئيس الجمهورية معروف لجهة اقرار الموازنة اولا كونها تحدد السلامة المالية للدولة، والنفقات والواردات، حتى ان فتح الدورة الاستثنائىة للمجلس النيابي تضمن اولا مناقشة الموازنة واقرارها قبل أي شيىء آخر.
في الايام المقبلة سيتحدد مسار سلسلة الرتب والرواتب الذي يبدو انها مشروع خلافي جديد بين الرئاستين الاولى والثانية مع دعوة مصادر متابعة للملف الى انتظار الايام المقبلة لتحديد كيف سيرسو هذا الملف الهام الذي كان موضع انقسام حاد رغم اقراره من المجلس النيابي.
 

 التعيينات


وفي ظل «القلق» السائد حول السلسلة فإن ملف التعيينات يطبخ على نار هادئة وسط محاصصة شاملة بين الكبار ويقوم الاقطاب السياسيون بتزكية للاسماء مع نسف الالية المتبعة في مجلس الوزراء لجهة اقتراح كل وزير 3 اسماء للمركز الشاغر على ان يختار مجلس الوزراء اسماً من بينها. اما الطريقة التي ستتبع بالتعيينات الحالية فستترك الاختيار لزعيم كل طائفة وعلم ان الرئيس سعد الحريري ابلغ من يعنيهم الامر انه «سيمشي» بمن يسميه النائب جنبلاط في التعيينات الدرزية رغم الخلاف بينهما، وهذا ما سيسهل عودة المياه الى مجاريها بين المستقبل والاشتراكي، وعلم انه سيتم تعيين وائل خداج مفتشا عاما ماليا مع استبعاد الاسم المقترح من الوزير ارسلان، وسيتولى المستقبل تسمية المراكز السنية والتيار الوطني تسمية المراكز المسيحية اما الثنائي الشيعي فسيسمي الحصة الشيعية مع تأكيد الرئيس بري على ضرورة احترام الآلية المتبعة في مجلس الوزراء.
وعلم ان القوات اللبنانية والمردة سيحصلان على مركز او مركزين فقط، مع استبعاد شامل لكل القوى والشخصيات الاخرى. حتى ان رأي مجلس الخدمة المدنية لن يتم الاخذ به بعد  سقوط الالية المتبعة.

 

 

الجمهورية :

جبهة جرود عرسال على أهبة ان تطوي صفحة إرهابيي «جبهة النصرة» نهائياً، والساعات المقبلة حاسمة على صعيد تنفيذ اتفاق إخراج الارهابيين منها، وسط مؤشرات جدية تؤكد أنّ الأمور تتم وفق ما هو مرسوم لها، ما يعني انّ التنفيذ سيتم قريباً، وفق ما اكد مصدر امني رفيع لـ«الجمهورية»، في وقت يبدو البلد كله في انتظار تحقيق الهزيمة الكاملة للارهابيين، التي تكتمل بتحرير جرود رأس بعلبك والقاع من إرهابيي «داعش»، والجيش اللبناني قابض على الزناد في هذه المعركة. في هذا الوقت، جدّد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، أمام المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، تأكيده على التزام لبنان تطبيق القرار 1701 بالكامل.

إذا كان شهر آب المقبل مرشّحاً لأن يكون شهر الحسم عسكرياً في جبهة جرود راس بعلبك ويكتمل فيه عيد الجيش، فإنه في المقابل يبدو مزدحماً بجملة محطات، بدءاً من سلسلة الرتب والرواتب وبَت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في امر القانون المتعلق بها لناحية نشره او ردّه الى المجلس النيابي، وكذلك بجلسة تشريعية قريبة للمجلس النيابي بجدول الاعمال الذي تأجّل من الجلسة السابقة، تليها جلسة اسئلة واجوبة، وايضاً بزيارة البطريرك الماروني مار بشارة الراعي الى دير القمر في السادس من آب، وصولاً الى القمة الروحية المسيحية التي تقرر ان يعقد مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك في الديمان خلال النصف الاول من آب، على أن يليها في وقت ليس ببعيد قمة روحية مسيحية شاملة لكل الطوائف.

وعلمت «الجمهورية» انّ البطاركة سيصلون الى لبنان يوم 8 آب، على ان يزوروا في اليوم التالي رئيس الجمهورية، ويلي ذلك في 10 آب انعقاد مجلس البطاركة الكاثوليك في الديمان، وبجدول اعمال يبحث اوضاع مسيحيي الشرق في ظل الحروب المشتعلة ودورهم في مرحلة التسويات وما بعدها، مع التأكيد على أهمية الحضور المسيحي المشرقي.

ومن المعلوم انّ اجتماع مجلس بطاركة الشرق الكاثوليك، كان يعقد سابقاً لمدّة أسبوع كامل، وكل سنة في دولة، الّا انّ ظروف بعض بلدان الشرق فرضت توقّفه عن الاجتماع لسنتين، وتقرّر عقده هذا العام في لبنان بمشاركة البطاركة الأرثوذكس على غرار الإجتماعات السابقة إضافة الى ممثّل عن الطائفة الإنجيلية.

ويكتمل النصاب السياسي مع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن، حيث يفترض ان ينصرف الاهتمام مجدداً الى الملفات الداخلية، اضافة الى ملفات اخرى ضاغطة طَفت على السطح في الايام الاخيرة، والتي اظهرت تعرّض المواطن اللبناني لهجوم إرهابي من نوع آخر، من جبهة غليان الرفع الجنوني لأسعار السلع والمواد الغذائية من دون حسيب او رقيب، وكذلك سياسة الابتزاز التي بدأتها بعض المدارس بزيادة الاقساط المدرسية لأرقام خيالية.

وقال مرجع سياسي لـ«الجمهورية»: «الوضع الامني الذي استجَد لا يجب ان يصرف النظر عن متابعة شؤون الناس، بل يوجب الانصراف الى اولوية التحصين الداخلي على كل المستويات. واولى المهام هنا، العمل بوَحي اتفاق بعبدا وتنشيط العمل الحكومي في شتى المجالات وتفعيل الانتاجية التي ينبغي ان يلمسها المواطن، ولعلّ المهمة الاساس في هذه المرحلة هي منع الاعتداء على المواطنين في لقمتهم ومعيشتهم وزيادة الاعباء عليهم، من قبل التجّار والفلتان في رفع الاسعار، وكذلك زيادة الاقساط المدرسية، وهنا مسؤولية الحكومة في أن تمارس دورها الرقابي الحازم وتوجِد العلاج الرادع لهؤلاء».

وتتوجه الانظار الى مجلس الوزراء المُرجّح انعقاده الاسبوع المقبل، خصوصاً انّ التطورات الامنية الاخيرة تفرض نفسها على جدول أعماله، بالاضافة الى ملف الكهرباء. وعلى ما اكد احد الوزراء لـ«الجمهورية» سيكون ضيفاً استثنائياً على مجلس الوزراء سواء أحالَ وزير الطاقة تقريره الذي يفترض ان يعدّه بناء على تقرير ادارة المناقصات في شأن ملف البواخر الذي اشار الى مجموعة ثغرات تعتري المناقصة وتحول دون فتح العروض، او العرض الوحيد المقدّم من شركة تركية في هذا الخصوص، او عبر توجّه بعض الوزراء، الذين يعارضون الصفقة، الى إثارة الموضوع في الجلسة، من باب ما أحاط هذه المسألة في الايام الاخيرة وصولاً الى المؤتمر الصحافي لوزير الطاقة وما تضمّنه من انتقاد لإدارة المناقصات وهجوم على قوى سياسية، من دون ان يأتي على ذكر المخالفات التي لحظتها الادارة، وتحول دون انطباق مناقصة البواخرعلى أحكام استدراج العروض.

وقال مصدر وزاري لـ«الجمهورية»: «انّ الصورة في ملف البواخر باتت شديدة الوضوح بعد صدور تقرير إدارة المناقصات، واي كلام حول هذا الموضوع ومن اي موقع صدر، لا يؤخّر ولا يقدّم.

وبالتالي، بات مجلس الوزراء هو المرجع الصالح لاتخاذ القرار النهائي في هذا الشأن، ونقطة على السطر. ومن الطبيعي الّا يكون قرار مجلس الوزراء الّا مع مصلحة الدولة وماليتها، ورافضاً لأي صفقات تعاني الخلل القانوني، او تلك التي تشتمّ منها رائحة مصالح خاصة».

جرود عرسال

أمنياً، ثبت وقف إطلاق النار المعلن في جبهة جرود عرسال من دون خروقات، فيما بَدا انّ اتفاق إخراج إرهابيّي «النصرة» وعائلاتهم من المنطقة الى ادلب في سوريا، بلغ مراحل متقدمة، لَخّصتها جهات سياسية وامنية بأنّ المسألة دخلت في عملية إتمام اللوجستيّات المطلوبة في حالة من هذا النوع، ولا سيما لناحية إحصاء عدد الارهابيين مع عائلاتهم، وتأمين وسائل النقل الذي سيتمّ دفعة واحدة.

ودخل عامل جديد كاد يهدّد الاتفاق بانتكاسة، بعدما خطف الارهابيون ثلاثة عناصر من «حزب الله» تاهوا في منطقة جردية قريبة من مربع «النصرة» الذي يحاصره الحزب. وفرض هذا التطور اتصالات سريعة ابلغت خلالها قيادة الارهابيين بضرورة الافراج عنهم على الفور لأنهم لم يكونوا في مهمة قتالية. وعلى رغم الجو الإيجابي الذي نقله الوسطاء عن قيادة المسلحين لم يعلن حتى ليل امس عن الإفراج عنهم.

وفي سياق متصل، اكدت مصادر فلسطينية ان لا علاقة لمخيم عين الحلوة بالاتفاق في جرود عرسال، نافية ما تردد عن تحضيرات في المخيم لإخراج عدد من الفلسطينيين مع «النصرة» الى ادلب.

وقال مسؤول حركة «حماس» في صيدا ايمن شناعة لـ«الجمهورية» لا أساس من الصحة لهذا الكلام الذي يستبطِن محاولة لزَجّ الفلسطينيين في الأزمة السورية وتردداتها، علماً انّ جميع الفصائل ملتزمة بما تعهّدت به أمام المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم في لقائها معه في صيدا».

جرود راس بعلبك

يأتي ذلك في وقت يستمر فيه الترقّب سيّد الموقف في منطقة راس بعلبك والقاع، فيما يواصل الجيش إجراءاته الامنية المشددة بالتوازي مع استمرار الوحدات العسكرية باستهداف «داعش» في الجرود بالمدفعية. في وقت عَمّت رأس بعلبك والقاع وغيرهما من بلدات المنطقة مسيرات تضامن شعبية مع الجيش.

وقال مرجع أمني رفيع لـ«الجمهورية»: «انّ الجيش استكمل التحضيرات العسكرية والانتشار، الّا انّ قرار بدء المعركة لم يتخذ بعد بانتظار الايام المقبلة والتطورات الميدانية».

واذ لفت الى «انّ وتيرة القصف ارتفعت مؤخراً بسبب تحرّكهم بشكل اوضح، خصوصاً بعد فتح جبهة عرسال»، اكد انّ الجيش «وكما أعلن مراراً، مهمّته حماية المدنيين ومنع الارهاب من التمدّد، وهو بالمرصاد لأي تحرك لإرهابيي «داعش» ويستهدفهم باستمرار.

«القوات»

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية» إنّ «معركة جرود رأس بعلبك تختلف عن معركة جرود عرسال في الشكل والمضمون:

ففي الشكل، جرود رأس بعلبك هي جرود لبنانية، فيما جرود عرسال مثلثة الأضلع بين لبنانية ولبنانية - سورية وسورية. وبالتالي، لا يمكن للدولة اللبنانية ان تدخل في مواجهة على ارض سورية وتقاتل إلى جانب الجيش السوري المعزول سوريا وعربيا ودوليا، لا سيما انّ هذا الجيش كان أوّل مَن باشَر بالمعركة من خلال طيرانه ومدفعيته. فالمعركة في جرود عرسال لم تكن للأسباب المذكورة جائزة إطلاقاً لدخول الجيش اللبناني الذي كان يوفّر الحماية المطلوبة للحدود على أكمل وجه.

وفي المضمون، قتال الجيش اللبناني يمثّل كل الشعب اللبناني، وهو يقاتل دفاعاً عن لبنان والحدود اللبنانية والمصلحة اللبنانية العليا، فيما قتال «حزب الله» هو قتال فئوي حتى لو استفاد لبنان هذه المرة على هامشه وبشكل استثنائي، لأنّ الهدف الأساس لقتال الحزب تحقيق المصلحة العليا للمحور الذي ينتمي إليه، وكل معاركه تندرج في سياق مصلحة محور الممانعة لا المصلحة اللبنانية».

واكدت المصادر «انّ كل الشعب اللبناني يقف صفاً واحداً خلف الجيش اللبناني الذي وحده يحمي السيادة الوطنية، والدولة لا يمكن ان تستعيد فعاليتها إلّا بحصرية السلاح داخلها».

«الكتائب»

واكد حزب الكتائب «ضرورة تمّسك الدولة اللبنانية بسيادتها الكاملة على اراضيها، من خلال قرار سياسي واضح تتخذه الحكومة بتكليف الجيش اللبناني حماية الحدود والداخل».

وقال مصدر كتائبي مسؤول لـ«الجمهورية»: «تثبت التجارب التاريخية التي مرّ بها لبنان منذ العام ١٩٦٩ انّ تلكؤ الحكومة عن اتخاذ قرار حاسم بممارسة دورها في حماية الارض والناس والمؤسسات ينعكس سلباً على منطق الدولة وعلى فاعلية مؤسساتها وعلى وحدة اللبنانيين».

اضاف: «انّ التباين في المواقف حيال ما شهدته جرود عرسال وما يمكن ان تشهده جرود رأس بعلبك والقاع، يؤكد مرة جديدة انّ الجيش اللبناني وحده يمكن ان يحظى بالاجماع الوطني في أي خطوة عسكرية او تدبير يراه مناسباً للدفاع عن لبنان».

وذكّر المصدر بموقف النائب سامي الجميّل «من مسألة حرب الجرود عندما سأل الحكومة عمّا اتخذته من تدابير للقضاء على الارهابيين؟ وعمّا اذا كانت هناك غرفة عمليات مشتركة بين الجيشين اللبناني والسوري والجهات المسلحة التي خاضت معركة عرسال؟. وقد ردّ رئيس الحكومة بنَفي وجود مثل هذه الغرفة، وبالاعلان صراحة عن انّ الجيش اللبناني هو الذي سيقوم بالعملية».

وتابع المصدر: «لكن، وبكل أسف، تبيّن انّ من قام بالعملية ليس الجيش اللبناني، وانّ الجيش السوري قد شارك بدباباته في المعركة على الاراضي اللبنانية. وعوض ان تتحرر جرود عرسال من الارهابيين السوريين عاد الجيش السوري الى جزء من الاراضي اللبنانية».

ورفض المصدر «النظرية الحكومية التبريرية القائلة إنّ المعارك دارت على «أراض متنازع عليها» بين لبنان وسوريا، متمسّكاً بلبنانية الجرود. ودعا «الى انتشار كامل للجيش اللبناني في الجرود واستكمال ترسيم الحدود لإزالة ايّ التباس في هذا المجال».

واكد انّ الحزب «لا يفرّق بين قرى مسيحية وقرى اسلامية، وبالتالي فإنّ الجيش اللبناني يبقى في نظره الجهة الوحيدة التي تحظى بإجماع اللبنانيين، والتي يمكنها ان تزرع الامان والاستقرار في نفوسهم».

 

 

اللواء :

انتهى الأسبوع الأخير من تموز على محطات ثلاث:
1- إختتام زيارة الرئيس سعد الحريري والوفد المرافق له إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد لقاء مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير الخارجية تيلرسون، ونواب وشيوخ في الكونغرس، فضلاً عن زيارة مقر صندوق النقد الدولي، واجتماعه مع مديرة الصندوق كريستين لاغارد، ثم توسع بمشاركة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة.
والاهم في المحادثات دور صندوق النقد بالحؤول دون ان تؤدي التشريعات التي ستصدر عن الكونغرس الأميركي إلى عدم استقرار القطاع المصرفي اللبناني..
كما تناولت المحادثات مع الصندوق نتائج النزوح السوري على لبنان، وكان ثمة اتفاق على ضرورة تنفيذ برنامج استثماري في البنى التحتية كوسيلة لتحفيز النمو، وخلق فرص جديدة، إضافة إلى دراسة تحديد الآثار السلبية للنزوح السوري على موازنة الدولة اللبنانية.
2- المحطة الثانية، تتعلق بمعارك عرسال، والنتائج التي أسفرت عنها، ميدانياً وسياسياً ودبلوماسياً، والترتيبات الجارية لإنهاء الوضع، المشابه للجرود، في جرود رأس بعلبك والقاع والفاكهة، وينظم حزب الله جولة للاعلاميين اليوم في المنطقة.
3- اتفاقية نقل ما تبقى من مسلحي «النصرة» وعائلاتهم إلى أدلب، مقابل الإفراج عن مقاتلين لحزب الله محتجزين لدى «النصرة».
وفي هذا الإطار، كشف اللواء إبراهيم ان العمل جارٍ على قدم وساق لناحية تنفيذ اتفاق جرود عرسال، وكل شيء يسير وفق المرسوم له.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ«اللواء» ان هذه المواضيع ستكون على جدول أعمال الأسبوع السياسي الطالع، لا سيما في محطتين رئيسيتين: الاحتفال بعيد الجيش في الأوّل من آب، وما سيحمله هذا الاحتفال من مواقف، والمحطة الثانية، جلسة مجلس الوزراء التي يتوقع ان يتحدّد موعدها في الساعات المقبلة على ان تكون يوم الأربعاء أو الخميس من الأسبوع المقبل.
وفي ما خصّ مشروع سلسلة الرتب والرواتب لم يصل بعد إلى دوائر قصر بعبدا وعندما يصل يجري الرئيس عون دراسة معمقة حول الأرقام الواردة. وقالت مصادر مقربة من رئاسة الجمهورية أن رئيس الجمهورية كان يفضل إقرار الموازنة قبل السلسلة من دون أن تشرح ماهية الموقف الذي سيتخذه حول المشروع.
وافيد أن الرئيس عون عازم على مزاولة النشاط الرسمي في المقر الصيفي لرئاسة الجمهورية في بيت الدين وذلك بعد منتصف الشهر المقبل ريثما يتم الانتهاء من مهرجانات بيت الدين.
وفيما غادر أمس رئيس الوفد الوزاري المرافق لرئيس الحكومة عائداً إلى بيروت، يفترض ان يغادر الرئيس الحريري واشنطن اليوم، بعدما اختتم زيارته رسمياً، أوضحت مصادر الوفد اللبناني، ان الزيارة حققت أهدافها، لناحية النقاط الأربع التي ركز عليها خلال محادثاته مع المسؤولين الأميركيين، وهي:
– تعزيز الشراكة مع الولايات المتحدة في المجالات السياسية والاقتصادية.
– دعم لبنان في مواجهة أزمة النزوح السوري، وهو ما تأكد من خلال الموازنة الجديدة التي رصدتها الإدارة الأميركية لمساعدة النازحين.
– الحصول على ضمانات مؤكدة لدعم الجيش بالعتاد والسلاح، وهو ما سيترجم من خلال الزيارة التي سيقوم بها قائد الجيش العماد جوزف عون لواشنطن في 12 آب المقبل.
– أما مسألة العقوبات، فقد لمس الرئيس الحريري انه من المستحيل إلغاؤها أو تأجيلها طالما سلكت طريقها نحو التشريع في الكونغرس والذي يتوقع التصويت عليها قبل نهاية أيلول المقبل، إلا ان الرئيس الحريري تلقى – بحسب مصادر الوفد- ضمانات بتحييد الاقتصاد اللبناني، ولا سيما القطاع المصرفي عن هذه العقوبات التي ستكون موجهة ضد «حزب الله» ومؤسساته.
اتفاق الانسحاب
في هذه الاثناء، بقي وقف اطلاق النار الذي تم التوصل اليه بين «حزب الله» و«جبهة النصرة» بوساطة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم صامداً، حيث سيطر هدوء على كافة محاور القتال في جرود عرسال، لم تشهده المنطقة منذ سنوات.
وفيما اكد اللواء ابراهيم ان العمل جار على قدم وساق على خط المفاوضات، وكل شيء يسير وفق المرسوم له، اشارت معلومات الى ان لجنة من فتح الشام وصلت الى عرسال برئاسة «ابو الخير» لتسجيل اسماء النازحين السوريين من المسلحين والمدنيين الراغبين بالعودة الى ادلب في الشمال السوري، وطلبت اللجنة من رؤساء المجموعات في المخيمات رفع لوائح الاسماء باسرع وقت ممكن الى الامن العام.
ورجحت المعلومات ان يتخطى عدد الاسماء المسجلة اكثر من ثلاثة آلاف نازح، وبالتالي ستصبح هناك حاجة الى حافلات وطرق معبدة بدلا من طريق الجرود الوعرة، وان تكون عملية الانتقال عن طريق القاع، معبر الجيوسية، او المصنع.
ورصدت امس بدء اعمال تفكيك خيم بعض المخيمات في وادي حميد والملاهي، القريبة من عرسال، تمهيدا لعملية اخلاء المسلحين.
وخلافً للهدوء على محاور جرود عرسال، كثف الجيش اللبناني ضغطه المدفعي على جبهات القتال في جرود رأس بعلبك والقاع، وسط تعزيزات عسكرية مكثفة، بانتظار ساعة الصفر التي سيحددها الجيش، والذي اعطى تعليمات بأن يكون على أهبة الاستعداد، والرد بعنف على المسلحين.
وقصف الجيش بالمدفعية مواقع مسلحي تنظيم «داعش» في جرود القاع ورأس بعلبك بعد رصد تحركات مشبوهة، وعمل على تعزيز آلياته وعناصره في المحيط، فيما اعلنت قيادة الجيش ان مركزاً تابعاً لها في مرتفع حرف الجرش في رأس بعلبك تعرض لسقوط قذيفتي هاون مصدرها المجموعات الارهابية المنتشرة في جرود المنطقة، وردت قوى الجيش بقصف مصدر اطلاق النيران من دون تسجيل اصابات في صفوف العسكريين.
وفي خطوة لافتة، تفقد رئيس الاركان في الجيش اللواء الركن حاتم ملاك الوحدات العسكرية المنتشرة في مناطق القاع ورأس بعلبك وعرسال، واطلع على الاجراءات الميدانية المتخذة، ثم اجتمع بالضباط والعسكريين وزودهم بالتعليمات اللازمة.
واكد ملاك ان حرب الجيش ضد الارهاب ستبقى مفتوحة حتى تحرير آخر شبر من الحدود الشرقية، لافتا الى ان المعركة المقبلة ستكون فاصلة، وسينتصر الجيش فيها لا محالة، كما انتصر سابقا في كل المواجهات التي خاضها ضد التنظيمات الارهابية، ودعا العسكريين الى مزيد من اليقظة والاستعداد الاقصى للقيام بالمهمات المرتقبة في القريب العاجل.
قلق دولي
وفي السياق، اشارت مصادر ديبلوماسية غربية الى ان المعركة التي خاضها حزب الله في الجرود، اثارت قلقا دوليا من احتمال ان تمهد لاضفاء شرعية لبنانية على سلاح الحزب المصنف ارهابيا اميركيا وخليجيا واوروبيا، وقد عبر عن هذا القلق البيان المشترك للسفارتين الاميركية والبريطانية في بيروت، والذي اكد ان «الجيش اللبناني هو المدافع الشرعي الوحيد عن لبنان».
ورجحت المصادر، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء «المركزية» ان يكون السفير البريطاني هيوغو شورتر والمنسق الخاص للامم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ اللذان زارا امس قصر بعبدا، كلا على حدة، حملا للرئيس ميشال عون الذي يعتزم نقل نشاطه الرسمي في المقر الصيفي في بيت الدين منتصف الشهر المقبل، حرص المجتمع الدولي على اعتبار المؤسسة العسكرية دون سواها، حامية استقرار لبنان وأمنه وشريكته في الحرب على الارهاب، وكذلك تحذيراً من اي تسليم رسمي لبناني بسلاح حزب الله وبثلاثية الجيش والشعب والمقاومة.
واوضحت المعلومات الرسمية عن زيارة شورتر بأنه نقل للرئيس عون الموقف البريطاني من الاحداث التي شهدتها الحدود اللبنانية – السورية خلال الايام الماضية، فيما نقلت السيدة كاغ رسالة شفهية من الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس ثم قدمت عرضاً مفصلاً عن المناقشات التي جرت في مجلس الأمن خلال مناقشـة التقرير الدوري حول تطبيق القرار 1701. وإن الرئيس عون أبلغ ممثلة الأمم المتحدة ان لبنان ملتزم التزاماً كاملاً بتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، لأنه يُدرك المخاطر المحتملة التي تنجم عن انتهاكه.
وفي حين أشار إلى أن مجلس الوزراء قرّر في جلسته الأخيرة طلب التمديد لقوات «اليونيفل» سنة إضافية، شدّد عون على أهمية دعم الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للجيش في حربه ضد الإرهاب، لافتاً إلى تحقيق خطوات مهمة سوف تعيد الاستقرار والأمن إلى الحدود اللبنانية – السورية التي عانت خلال الأعوام الماضية من الاعتداءات الإرهابية.
وفي معلومات «اللــواء» ان السيدة كاغ لم تتناول خلال لقائها الرئيس عون، معركة عرسال، ولا حتى أي اقتراح بشأن توسيع مهمة «اليونيفل» لتشمل الحدود الشرقية، حسبما طالبت كتلة «المستقبل» النيابية، قبل معرفة ما إذا كان سيطرح أثناء عرض موضوع التمديد لهذه القوات في مجلس الأمن.

 

الاخبار :

العمل على إنهاء احتلال «جبهة النصرة» لقسم كبير من جرود عرسال ـــ وفق «التسوية» التي وافق عليها التنظيم الإرهابي ـــ جارية على قدم وساق. وقوع ثلاثة من مقاتلي حزب الله في الأسر، بعدما ضلّوا الطريق ليل أول من أمس وانتهوا في أيدي مقاتلي «النصرة»، لا يُرجَّح، بحسب مصادر أمنية، أن يؤثر على نجاح التسوية.

وإن كان سيدفع التنظيم الإرهابي إلى محاولة تحسين بعض الشروط، كالمطالبة بإطلاق موقوفين لدى السلطات اللبنانية، مقابل إطلاقهم مع خمسة آخرين وقعوا في الأسر قبل أكثر من عامين، إضافة إلى تسليم جثتي شهيدين للحزب سقطا في معارك الجرود الأخيرة.
ليلة أمس، كان من المفترض أن يتسلّم الجانب اللبناني لوائح بأسماء من تريد «النصرة» خروجهم من مقاتليها إلى إدلب مع عائلاتهم.


 

 

المصادر الأمنية ترجح أن عدد المغادرين قد يزيد على خمسة آلاف مدني ومسلّح، سيخرجون تحت حماية الجيش في الأراضي اللبنانية، وبضمانة حزب الله داخل الأراضي السورية.
وبالتوازي، يتسلم الجيش اللبناني أيضاً لوائح بأسماء أكثر من 200 مقاتل من تنظيم «سرايا أهل الشام»، سيتوجه قسم منهم مع عائلاتهم إلى مدينة الرحيبة (في القلمون الشرقي)، فيما يعود من بقي منهم إلى بلداتهم الواقعة تحت سيطرة الدولة السورية ضمن التسويات التي تعقدها مع المقاتلين الذين يلقون سلاحهم.
مع إغلاق ملف احتلال «النصرة» لمعظم جرود عرسال، تتجه الأنظار إلى ما بقي من جرود يسيطر عليها تنظيم «داعش» الإرهابي. وتبلغ مساحة هذه المنطقة نحو مئتي كيلومتر مربع (نحو ضعفي المساحة التي كانت تحتلها «النصرة»)، وتمتد من أطراف وادي حميّد (شمال شرق عرسال) مروراً بجرود رأس بعلبك، وصولاً إلى جرود بلدة القاع شمالاً، من الجهة اللبنانية. بعد إنهاء التسوية مع «النصرة» وتفكيك مخيمات النازحين في وادي حميد، سيعمد الجيش اللبناني إلى إغلاق معبر وادي حميد، ما يعني عملياً قطع آخر شريان حياة لـ«داعش» الذي بات محاصراً من مواقع الجيش اللبناني غرباً، وحزب الله جنوباً (من فليطة إلى حدود وادي حميد) وشمالاً (من معبر جوسية إلى البريج على طريق دمشق ــــ حمص الدولي)، والجيش السوري وحلفائه شرقاً لجهة قارة والجراجير ويبرود.
ويسيطر نحو 500 مقاتل من التنظيم الإرهابي على سلسلة من الجبال والتلال الحاكمة داخل هذا المربع المحاصر، أهمها حليمة قارة التي تعتبر أعلى قمة في المنطقة (2500 متر)، ويقع نحو نصفها داخل الأراضي اللبنانية.
مصادر مطلعة استبعدت أن يوافق «داعش» على الانسحاب من دون قتال، مشيرة إلى أن التنظيم «لن يفاوض إلا تحت النار».


 


لذلك، كل المؤشرات على الأرض، من الجهة اللبنانية، تدل على أن الجيش يتحضّر لخوض معركة الحسم ضد آخر الجيوب الإرهابية على الأراضي اللبنانية. إذ عمل على تعزيز مواقعه على التلال المقابلة لتلك التي يسيطر عليها «داعش»، واستقدم في اليومين الماضيين تعزيزات كبيرة إلى المنطقة. كذلك عمل على إنشاء خط انتشار ثانٍ في سفوح التلال لسدّ أي منافذ يمكن أن يتسلّل عبرها إرهابيو «داعش»، في ظل توافر معلومات مؤكدة بأن التنظيم الإرهابي، بعد تضييق الخناق عليه، يخطّط لـ«تسريب» انتحاريين عبر الممرات الجبلية والوديان لتنفيذ عمليات انتحارية في البلدات القريبة، ولا سيما ذات الغالبية المسيحية، في محاولة لإرباك الجيش والضغط على الدولة اللبنانية.
خلف خطوط انتشار الجيش، خطط المقاومة جاهزة للانتشار، دفاعياً، في بعض النقاط الحساسة بالتنسيق مع المؤسسة العسكرية إذا تطلب الأمر مؤازرة، فيما أهالي رأس بعلبك والقاع والجوار بمختلف انتماءاتهم الحزبية، قوميين وعونيين وسرايا مقاومة وحتى قواتيين، يتولون زمام الأمور داخل بلداتهم.