بغضّ النظر عن التحالفات والمعطيات، إلّا أنّ قضاءَ جبيل دخل مرحلةً انتخابيةً جديدة، خصوصاً بعد إعلان رئيس بلدية جبيل زياد الحوّاط تقديمَ إستقالته رسميّاً من البلدية من أجل خوض السباق النيابي
 

يبدو هذا الأمرُ عادياً لأنّ حواط يشيّع منذ مدّة نيّته الترشّح، حتّى إنه كان يفكّر في عدم خوض الإنتخابات البلدية العام الماضي من أجل التفرّغ للمعركة النيابية، لكنّه يتحوّل الى مؤشّرٍ لبوصلة المعركة المقبلة نتيجة عوامل عدّة تتعلّق بقانون النسبية والتحالفات بين «القوّات اللبنانية» و»التيار الوطني الحرّ».

ويمثل آل الحوّاط تاريخياً عصبَ «الكتلة الوطنية» في جبيل، حيث كان جان الحواط (عمّ زياد) أمينها العام، وفي انتخابات 2005 النيابية، صوّت الكتلويون للائحة العماد ميشال عون، لذلك تحوّل معظمُهم في جبيل وكسروان الى صفوف «التيار». ومع ترشيح شخصيّة من آل الحواط فإنّ لوائح «التيار» ستفقد عدداً لا بأس به من الناخبين.

لكن، الأهمّ هو أنّ «القوات اللبنانية» هي مَن تبنّت ترشيحَ زياد الحوّاط الذي يؤكّد لـ«الجمهورية» أنّ «الإستقالة من البلدية أتت بعدما أخذت الضوء الأخضر من الدكتور سمير جعجع، وأنّ الحزب تبنّى ترشيحي وبذلك سأصبح مرشحَّهم في بلاد جبيل، ومن المبكر الحديث عن الإسم الثاني الحليف»، معتبراً أنّ «مسألة مَن سيخلفه على رأس البلدية تُحلّ داخلياً».

سيترك هذا الترشيح إنعكاساتٍ كثيرة على الساحة الجبيلية، خصوصاً بين «القوات اللبنانية» و«التيار الوطني الحر»، ويُعتبر خرقاً مهماً في جبيل التي كانت تمثّل منطقة نفوذ للعونيين، ومع إنّ الحسابات البلدية مغايرة عن النيابية، إلّا أن نسبة التصويت في إنتخابات بلدية جبيل زادت عن الـ70 في المئة مع أنه لم تكن هناك معركة بل مرشّحة واحدة في وجه لائحة الحواط.

ويعطي ترشيحُ الحوّاط مؤشراً الى عدم إمكانية خوض «القوات» و»التيار» المعركة على لائحة واحدة، خصوصاً أنّ الحواط لم يأخذ عونيّاً على لائحته البلدية، في وقت أقام العونيّون منذ فترة بلديةَ ظلّ في جبيل كرسالةٍ للحوّاط.

ومن جهة ثانية، فإنّ آل الحواط كانوا على علاقة وطيدة بالمكوِّن الشيعي، ونتيجة الخلاف بين حركة «أمل» و»التيار الوطني الحرّ» فإنّ الحواط قادرٌ على أخذ نسبة لا بأس بها من أصوات الشيعة خصوصاً أنّ المعركة فقدت حدّتَها السياسية بعد تبدّل التحالفات وإنتخاب «المستقبل» و»القوات» عون لرئاسة الجمهورية.

ومن أجل تأمين الأرضيّة لدعم مرشحهم الجديد، عُقد في معراب إجتماع لقواتيّي جبيل، خُصّص للبحث في آخر المستجدات الإنتخابية، خصوصاً أنّه كانت هناك مطالبات بأن يكون المرشّح حزبيّاً وليس متحالِفاً مع «القوات»، في حين أنّ تبنّي «القوات» ترشيح الحواط يُلغي فرصَ دعم أيّ مرشّح آخر سواء كان حزبياً أو مستقلّاً لأنّ الأصوات التفضيلية ستصبّ على مرشّح واحد من أجل تأمين فوزه.

ضمّ قانون الإنتخاب الجديد جبيل الى كسروان بحيث أصبحتا دائرةً واحدة تتألف من 8 نواب، 5 في كسروان، و3 في قضاء جبيل الذي يضمّ نائبين موارنة وآخر شيعي. ويبلغ عدد الناخبين في جبيل نحو 82 ألف ناخب يتوزّعون كالآتي: 63 ألف ناخب مسيحي، 17 ألف ناخب شيعي، و2000 ناخب سنّي.

وصوّت في انتخابات 2009 نحو 65 في المئة، وحصدت لائحةُ «التيار» و»حزب الله» معدلاً وسطياً نحو 28 ألف صوت، فيما نالت لائحة «14 آذار» نحو 20 ألف صوت، أي نحو 41 في المئة لـ«14 آذار» و59 في المئة لـ«التيار» وبالتالي فإنّ خرق لائحة «التيار» بمقعد أكيد، والمعركة على المقعد الثاني.

وتدور الحساباتُ في الوسط الكسرواني والجبيلي، في ظلّ الحديث عن 3 لوائح ممكن أن تتشكل، لائحة لـ»القوات» وحلفائها، لائحة لـ»التيار»، ولائحة للمستقلّين.

ويؤكدّ الكثير من المراقبين أنّ «التيار» سيعيش أزمةً حقيقية خصوصاً إذا ما شكّلت «القوات» لائحةً قد تضمّ إضافة الى الحواط في جبيل، النائب السابق فارس سعيد، وأسماء بارزة في كسروان، مثل النائب السابق منصور غانم البون، رئيس المؤسسة المارونية للإنتشار نعمة افرام، نقيب المقاولين مارون الحلو، مرشح «القوات» شوقي الدكاش، في حين أنّ البعض يتحدّث عن إتصالات بين البون والنائب السابق فريد هيكل الخازن من أجل تأليف لائحة ثالثة مستقلّة وتحظى بدعم بعض العائلات إضافة الى بعض الأحزاب.

أما «التيار الوطني الحر» وعلى رغم أنه يُعتبر الطرف الأقوى إلّا أنه ينظر بريبة الى تحرّكات «القوات» التي تزداد في الدائرة التي يعتبرها ملعبَه، وينتظر أن تتبلور الصورة أكثر وأكثر من أجل حسم خياراته، وهو الذي بات يعلم أنه سيفقد في هذه الدائرة بين 2 و4 نواب.

وبالتالي، فإنّ فرص تأليف «التيار» و«القوات» لائحة واحدة تنعدم، و ترشيح «القوات» للحواط، قد يؤجّج التنافس القواتي- العوني، في حين أنّ ضمّه الى لائحة التحالف بين الطرفين إذا تمّ، سيُفقد «التيار» مقعداً، في حين أنّ مقعداً آخر قدّ يخرقه المستقلّون، لذلك يرى البعض أنّ من الأفضل تواجد كل على لائحة، على رغم غموض النتائج.